وتنتاب الإدارة العليا للموقع «الملاك»، حيرة شديدة، هل ستعتمد على القيادات والكوادر الداخلية؟ أم تستعين بعناصر وجهات خارجية للمساعدة في إنجاح تلك العملية؟ أم تعتمد على فريق من الكوادر الداخلية والجهات الخارجية؟
ولكل نمط من الأنماط الثلاثة إيجابيات وسلبيات، فلو اخترنا القيادات الداخلية للموقع للقيام بعملية «التطوير»، سيكون من الصعب عليهم إحداث تغيير حقيقي في سياسات العمل، لأنهم لا يرون الصورة كاملة وعلى حقيقتها، كما أنهم يرتبطون بعلاقات إنسانية تمثل لهم حرجًا في تقييم أفراد فريق التحرير.
كما أن الاعتماد على جهات وأفراد وخبراء من الخارج، سيجعلهم يعملون في إطار منعزل عن فريق العمل الداخلي، وسيواجه أي إجراء لهم بنبرة رفض عالية، وهو ما سيلزم الإدارة العليا «ملاك الموقع» بالتدخل باستمرار لفرض التغيير على القيادات الداخلية، وهو ما قد يزيد من نبرة الرفض، كما أن الجهات الخارجية قد لا تستطيع تشخيص المشكلات التي تعرقل عمل الموقع بدقة بعيدًا عن تعاون فريق العمل الداخلي معهم.
أما الخيار الوسطي فسيكون تكوين فريق من خبراء من الخارج، وعدد من القيادات والمديرين والمحررين من الداخل، لتحقيق أكبر استفادة ممكنة وتقليل حدة الرفض.
وسنستعرض معًا كل نمط من الأنماط الثلاثة على حدة على النحو التالي:
النمط الأول: «التطوير» من الداخل
غالبًا ما تعتمد على هذا النمط، المواقع الإخبارية التي تعتمد على أسلوب فردي في الإدارة، والتي يسيطر عليها أشخاص بعينهم، ويريدون دائمًا التحكم بزمام الأمور.
ويعاب على إجراء عملية «التطوير» داخليًّا فيها عدم الحيادية، ففي الغالب ما يكون الفريق الذي توكل إليه المهمة قريبًا من أحد الأقسام وبعيدًا عن أخرى، ولديه علاقات مودة مع بعضها وعداء مع البعض الآخر.
كما يبدو قائد «التطوير» داخليًّا دائمًا متحيزًا لأفكار وسياسات معينة، وهو ما يعني وجود مقاومة قوية من الفئات المتضررة من تلك السياسات، وهو ما يعرقل مسيرة العمل.
وهذا لا يعني أن هذا النمط غير صالح للتنفيذ، بالعكس لكل موقع سماته الخاصة، كما أن «التطوير» الداخلي يختصر الكثير من الوقت، باعتبار أن القادة داخل الموقع يعرفون جيدًا المشكلات التي يتعرضون إليها.
وفي هذا النمط تلعب الإدارة العليا «ملاك الموقع» الدور الرئيسي في عملية «التطوير»، فهي صاحبة السلطة الوحيدة، والقرار النهائي، وهي من تمنح الصلاحيات وتسلبها.
ويأتي تنفيذ هذا النمط في 3 سيناريوهات تختلف فيما بينها في 5 معايير رئيسية على النحو التالي:
حجم رضا فريق العمل.
سرعة تنفيذ عملية «التطوير».
حجم النتائج المباشرة.
مستوى مقاومة فريق العمل.
مدى التزام فريق العمل بالقواعد الجديدة.
مستوى المشاركة الإبداعية في عملية «التطوير».
ونستعرض معًا السيناريوهات الثلاثة لإجراء عملية «التطوير»، اعتمادًا على الكوادر الداخلية على النحو التالي:
السيناريو الأول: انفراد الإدارة العليا بعملية «التطوير»
هنا تستأثر الإدارة العليا «ملاك الموقع» بعملية «التطوير»، وتقوم بعملية التخطيط والتنظيم وجمع الخلفيات وتحديد الأهداف لكل العناصر داخل الموقع.
وتمتلك الإدارة العليا في هذا السيناريو سلطة إصدار كل القرارات المتعلقة بعملية «التطوير»، وتجري بنفسها عملية الاستطلاع لكشف المشكلات التي يعاني منها الموقع، اعتمادًا على التقارير والمعلومات التي يجلبها مديرو التحرير ورؤساء الأقسام.
وتقع على الإدارة العليا المسؤوليات التالية:
تقييم الوضع الحالي وأهم السلبيات والإيجابيات.
تحليل السوق، واكتشاف الفرص المتاحة.
وضع أهداف جديدة تحقق المواءمة مع الظروف الجديدة للسوق.
تغيير الأهداف الاستراتيجية العامة للموقع.
تغيير الأهداف التكتيكية الخاصة بإدارة التحرير.
تغيير الأهداف التشغيلية الخاصة بإدارة الأقسام.
وضع الاستراتيجيات التي ستتبع خلال عملية «التطوير».
تغيير الخطط وبرامج العمل وسياسات النشر.
وضع أسس ولوائح لضمان جودة المنتج الصحفي.
تحديد المنتجات الصحفية الجديدة التي ستنفذ في الفترة المقبلة.
التهيئة المبدئية لفريق العمل وتفادى مقاومتهم.
تهيئة فريق العمل فنيًّا ومعنويًّا ونفسيًّا لضمان مساندتهم ودعمهم للتطوير.
وضع برامج تدريبية لفريق العمل لتنمية مهاراتهم وتعديل أنماطهم السلوكية واتجاهاتهم.
وضع برنامج عمل للفريق المساعد لها في إدارة عملية «التطوير».
إجراء التعديلات اللازمة على الهيكل التنظيمي والوظيفي.
الإشراف على متابعة التطبيق الفعلي لعملية «التطوير».
حل أي مشكلات قد تطرأ أثناء عملية التطبيق الفعلي لعملية «التطوير».
تقييم مدى نجاح عملية «التطوير» في تحقيق الأهداف المنشودة.
المزايا والعيوب
ولهذا السيناريو عدد من المزايا والعيوب على النحو التالي:
المزايا
فاعلية نسبية وسرعة في تنفيذ برنامج «التطوير».
تحقيق نتائج ملموسة في وقت قصير.
العيوب
يولد إحساسًا بعدم الرضا لدى فريق عمل الموقع.
يولد مستوى عاليًّا من المقاومة لعملية «التطوير».
عدم التزام فريق العمل بمتطلبات مشروع «التطوير».
انخفاض دافعية وحماس العاملين وتجاهلهم عملية «التطوير».
قلة مشاركة فريق العمل بأعمال إبداعية.
السيناريو الثاني: الإدارة العليا بمشاركة فريق الموقع
وهنا ترى الإدارة العليا «ملاك الموقع» أهمية مشاركة المستويات التنظيمية داخل الموقع في عملية «التطوير»، لضمان أكبر نسبة نجاح ممكنة في تحقيق الأهداف، مع الاحتفاظ بحقها في اتخاذ القرار المناسب والنهائي الذي ستسير عليه عملية «التطوير».
يعتمد هذا السيناريو، على أن فريق الموقع ذو كفاءة وأهلية للمشاركة بشكل جيد في عملية «التطوير»، وأنه ذو تأثير قوي على مصير الموقع المستقبلي، وبالتالي يكون من المهم كسب جهوده وخبراته وتفاعله في تنفيذ الخطط والبرامج.
وهنا تقوم الإدارة العليا بتشخيص المشكلات التي يعاني منها الموقع، ووضع تصورات متعددة لحلها والأهداف الجديدة لعملية «التطوير»، ثم تطرحها للمستويات الإدارية الأدنى لدراساتها واختيار أنسب البدائل والمقترحات التي تساعد في النهوض بالموقع وتحقيق الأهداف الجديدة.
وقد يمتد دور أفراد الموقع إلى دراسة المشكلات نفسها، والمشاركة في وضع أهداف عملية «التطوير»، وطرح البدائل وسبل الحل.
المزايا والعيوب
ولهذا السيناريو عدد من المزايا والعيوب على النحو التالي:
المزايا
يحقق أفضل النتائج.
يدعم رضا فريق العمل عن عملية «التطوير».
يضعف روح المقاومة لدى فريق العمل لعملية «التطوير».
نسبة عالية من الالتزام بقواعد العمل الجديدة.
سعي مستمر من طرف العاملين إلى الإبداع والابتكار.
العيوب
نتائج عملية «التطوير» تظهر بعد وقت طويل.
يفتقر إلى السرعة في تنفيذ عملية «التطوير».
استهلاك وقت وجهد كبيرين من فريق العمل.
السيناريو الثالث: تفويض فريق العمل بـ«التطوير»
وهنا يقتصر دور الإدارة العليا، على منح السلطة للمستويات التنظيمية لتحديد خطة «التطوير»، ويكون لأفراد فريق العمل الدور الرئيسي في تنفيذ المهام كافة من تحديد المشكلات والبدائل والحلول، واتخاذ القرارات التي يعتقدون أنها مناسبة لحل مشكلاتهم.
وتمنح الإدارة العليا لفريق العمل تفويضًا كاملاً في اتخاذ القرارات المناسبة ومناقشة المشكلات، وصلاحيات ومهام ومسؤوليات واسعة.
المزايا والعيوب
ولهذا السيناريو عدد من المزايا والعيوب على النحو التالي:
المزايا
يحقق نتائج مرتفعة نسبيًّا ومرضية للإدارة العليا.
فاعلية عالية في تنفيذ خطوات «التطوير».
يدعم رضا فريق العمل عن عملية «التطوير».
يضعف روح المقاومة لدى فريق العمل لعملية «التطوير».
العيوب
يفتقر إلى السرعة في تنفيذ عملية «التطوير».
استهلاك وقت وجهد كبيرين من فريق العمل.
نسبة متوسطة من الالتزام بمتطلبات «التطوير».
قلة الأداء الإبداعي من فريق العمل.
نسبة الرضا لدى العاملين متغيرة بسبب عدم وجود سلطة عليا إلزامية.
للتواصل:
علي التركي
مدير عام تحرير موقع «البوابة نيوز»
Ali_turkey2005@yahoo.com
مقالات تهمك:-
مبادرة لإنقاذ الصحافة الإلكترونية «1»
لماذا «جوجل» منقذ الصحافة الإلكترونية؟ «2»
لماذا تخسر المواقع الإخبارية مع «جوجل»؟ «3»
كيف تربح المواقع الإخبارية؟ «4»
الكيان المؤسسي في المواقع الإخبارية.. الفريضة الغائبة «5»
فن صناعة المواقع الإخبارية.. «التخطيط» «6»
تصور مبدئي لإنشاء موقع إخباري ناجح «7»
شركات الإنترنت وتدمير «صحافة الفيديو».. «8»
كيف تحمي موقعك من النصابين؟ «9»
«مسمار جحا» في قانون الصحافة «11»
«أنا منافق إذا أنا موجود».. «12»
عن أزمة الصحافة.. كيف تصنع بطلًا من ورق؟ «13»
العلاقة بين الصحفي والمصدر «تجارة رقيق».. «14»
«التصميم التجاوبي» والمواقع الإخبارية «15»
«الذهنية الورقية» تحرق المواقع الإخبارية «16»
الصحافة الورقية «ماتت».. والإلكترونية مريضة بـ«التوحد»! «17»
«الصحافة» و«فيس بوك» صراع دائم وهدنة مؤقتة «18»
عبدالله كمال ونبوءة المحتوى المتعمق في المواقع الإخبارية «19»
هل تستطيع «الذهنية الإلكترونية» صناعة صحيفة ورقية؟ «20»
كيف جعلت الصحافة الإلكترونية «العلم في الراس والكراس»؟ «21»
لماذا تلجأ المواقع الكبرى إلى «الزيارات الوهمية»؟! «22»
المعايير الرئيسة لتقييم جودة المواقع الإخبارية «23»
لماذا كتاب «صناعة المواقع الإخبارية»؟ «24»
"صناعة المواقع الإخبارية".. مهام فريق التسويق «25»
صناعة المواقع الإخبارية.. التسويق لا يعني الزيارات فقط! «26»
10 أخطاء تسويقية تقع فيها المواقع الإخبارية؟ «27»
الخطة التسويقية للمواقع الإخبارية «28»
كيف نختار المعلومات الصالحة للنشر؟ «29»
دراسة السوق وتحديد الأهداف التسويقية للمواقع الإخبارية «30»
استراتيجيات ومحاور خطة التسويق في المواقع الإخبارية «31»
6 مهام رئيسة لقيادات المواقع الإخبارية «32»
«دورة النشر» في المواقع الإخبارية «33»
هل اجتماعات التحرير مضيعة للوقت؟ «34»
المشكلات التحريرية في المواقع الإخبارية «35»
السياسة التحريرية.. لعنات وتجاوزات «36»
4 عناصر تتحكم في السياسة التحريرية «37»
كيف نضع السياسة التحريرية للموقع؟ «38»
المحتوى الصحفي القصير.. المشكلات والتحديات «39»
المحتوى المتعمق.. نكون أو لا نكون! «40»
كيف نختار موضوعات الـ«Top Story»؟ «41»
المراجع التحريري.. المهام والصلاحيات والمسئوليات «42»
المراجع اللغوي.. المهام والمسئوليات والصلاحيات «43»
سكرتير التحرير.. المهام والصلاحيات والمواصفات «44»
رئيس القسم ونوابه.. المهام والصلاحيات والمواصفات «45»
مدير التحرير.. الواجبات والمسئوليات «46»
رئيس التحرير.. المهام والمسئوليات والصلاحيات «47»
الاستراتيجيات الصغيرة.. كيف يفكر مديرو المواقع الإخبارية؟ «48»
كيف يفكر مديرو المواقع الإخبارية الكبرى «49»
كيف يفكر مديرو المواقع الإخبارية المتوسطة؟ «50»
الميزانيات الكبيرة تصنع مواقع صغيرة أحيانًا! «51»
كيف تعمل المواقع الإخبارية متناهية الصغر؟ «52»
كيف تدار المواقع الإخبارية الصغيرة؟ «53»
كيف تدار المواقع الإخبارية المتوسطة؟ «54»
التنظيم المؤسسي للمواقع الإخبارية «55»
10 خطوات لإعداد الهيكل التنظيمي للمواقع الإخبارية «56»
بعد 7 سنوات.. نتائج هجرة المصريين إلى «فيس بوك» «57»
تقييم التسويق في المواقع الإخبارية.. حجم الجمهور «59»
هل زيادة الزيارات تعني نجاح المنظومة التسويقية للمواقع الإخبارية؟ «60»
تقييم الجوانب التحريرية في المواقع الإخبارية «61»
عفوًا.. السياسة التحريرية لا تعني تنفيذ رغبات الملاك؟! «62»
«المحتوى هو الملك».. تقييم المواد الصحفية في المواقع الإخبارية «63»
6 محاور رئيسية لتقييم المواقع الإخبارية «64»
المواقع الإخبارية.. الفارق بين «التطوير» و«التغيير» و«التنمية الإدارية» «65»
عوامل نجاح استراتيجية تطوير المواقع الإخبارية «66»
5 عوامل تفرض التطوير على المواقع الإخبارية «67»
أنواع عمليات التطوير في المواقع الإخبارية «68»
أهمية التخطيط لعملية «التطوير» في المواقع الإخبارية «69»
عوامل إنجاح عملية التطوير في المواقع الإخبارية «70»
لماذا تفشل عملية التطوير في المواقع الإخبارية؟ «71»
4 محاور لعملية «التطوير» في المواقع الإخبارية «72»
10 مراحل لإجراء عملية «التطوير» داخل المواقع الإخبارية «73»
مزايا وعيوب تطوير المواقع الإخبارية بواسطة إدارة التحرير «74»