علي التركي يكتب: فن صناعة المواقع الإخبارية.. «التخطيط» «6»

«إذا تعلّمت من الفشل، فأنت لم تفشل أبدا»، فـ«إذا عرفنا كيف فشلنا نفهم كيف ننجح»، و«النجاح يأتي نتيجة التخطيط الجيد والمُثابرة»، خصوصًا إذا كنا نتحدّث عن وسيلة تتغير معالمها بين ليلةٍ وضحاها، عن «فن صناعة المواقع الإخبارية» نتحدث. 
في حلقات سابقة، تحدّثنا عن بعض المشاكل التي يتعرض لها النشر الإلكتروني، لكن رأينا أنه من المهم، شرح أهم عناصر نجاح المواقع الإخبارية، وهو «التخطيط»، فبِدونه تبدو الأشياء عشوائية، يصعب تعديل مسارها، وسط الطريق، فالرحلة للتميز، قد تبدو طويلة، لكنها ستكون مُرهقة للغاية، ومن المستحيلات، لو تمت بعيدًا عن خطوات واضحة، تحفظ لها «التميز»، وتحقق لها النجاح وتُقصر المسافات.
قبل أن تقرأ 
المواقع الإخبارية، ليست جميعًا سواء، فلكل منها استراتيجية، تسعى لتنفيذها، بعضها يهتم بتبني سياسات إعلامية مُعينة، تهدف لإيصالها لجمهور مُعين؛ لتكوين رأي عام ظاهر، حيال القضايا السياسية والاقتصادية، وهذا ينطبق على «مواقع الأحزاب» وغيرها.
وهناك أيضًا، المواقع الهادفة للربح، التي تسعى لجذب أكبر عددٍ ممكن من الجمهور، يمكن من خلاله، إرضاء رغبات المُعلنين، الذين يسعون للوصول إليه، ومن ثمة تحقيق الأرباح.
دعونا نبدأ 
متفقون على أنه «قبل الرماء تملأ الكنائن»، لذا فتحديد الأهداف من إنشاء أي موقع أو توسعات في المنظومة المؤسسية، يعد ركيزة أساسية للنجاح، فالعشوائية لن تجلب النجاح أبدًا، ونحن لا نصنع المواقع، لكي يقال إننا مُلاكُها، بل نؤسسها لكي تتميز وتستمر.
الأهداف 
تعتمد أهداف أي موقع على «ثلاثة عناصر»، «مطالب المُلاك»، و«رغبات القُراء»، و«احتياجات المُعلنين»، لذا يتم وضع الخطة، لتحقيق أفضل إنجاز، وفقًا لتصورات «العناصر الثلاثة»، عبر تكوين خلفية دقيقة وشاملة، وغير مُنحازة، حول نِقاط القوة والضعف، سواء في المؤسسة القائمة، أو المراد تأسيسها، وآليات تعزيز جوانب القوة، وتغيير مواطن الضعف. 
الخطّة 
بعد وضع الأهداف، تبدأ المهمة الأصعب، في وضع الخطة التفصيلية، التي تشرح كيفية التحرك لإنجاحها، والتي تختلف حسب وضع المؤسسة، فالبناء مُختلف عن التطوير، و«التفكير» في التأسيس بعيد تمامًا عن الرغبة في إجراء توسعات، وإنشاء مواقع جديدة تابعة لمؤسسة واحدة. 
وأيًا كان الموقف، فالمؤكد أن الخطط الناجحة لا تسير من أعلى لأسفل، بل بمشاركة كل العاملين فيها، وهنا تأتي أهمية طرح الخطط على فريق العمل؛ لإبداء وجهات النظر المختلفة، لوضعها في الاعتبار، ولضمان نجاحها، فتحديد الأهداف المُسبقة، يجنب الموقع، الوقوع في موقف ردّ الفعل من الأحداث، بدلًا من أن يكون دافعًا لها. 
يجب أن ترصد «الخطة الجديدة»، كافة العراقيل والمُشكلات، التي قد تواجه الموقع الجديد، وتضع مقترحات لحلها، وتقدر حجم الاستجابات التفاعلية، من قبل فريق العمل، الذي سيُنفذ تلك الخطة، مع الوضع في الاعتبار، السلوك الإنساني للصحفيين، من «غيرة غير حميدة، ومُنافسة غير شريفة... إلخ»، التي تحتاج لدقة وعناية فائقة في التعامل، فالصحفي الذي يقابل وزيرًا في الصباح، من الصعب توجيه إرشادات له في المساء. 
لذا فعند وضع الخطوط العريضة، لكيفية التحرك نحو أهداف المؤسسة، يجب الأخذ في الاعتبار رسم خارطة الطريق، التي تساعد كل الصحفيين؛ لتحسين أدائهم وأفكارهم، لضمان المساهمة المخلصة من العاملين، فالعمل الجماعي يوفر الجهد والوقت. 
الخلفية 
تبدأ الخطة، بجمع الخلفية اللازمة، والتي تتضمن الإجابة على سيناريوهات، منها ماذا لو لم تتحقق الأهداف؟، وجمع المعلومات عن المواقع المنافسة، للموقع الجديد، والتي ترغب في تحقيق نفس الأهداف، وكيفية تحقيق ميزة تنافسية عليهم، مع الوضع في الاعتبار، والخطط المستقبلية لتحقيق مزايا تنافسية أخرى، ففي الوقت الذي يسعى المنافس في تحطيم الميزة التنافسية لموقعك، يجب أن تكون قد فكرت في مزايا أُخرى تُحقق فيها الغلبة. 
يجب أن تتضمن الخلفية، معلومات على كل المعلومات الممكنة عن المنافسين الأساسيين والمحتملين، ونصيب كل منهما في السوق، من حيث عدد الزوار، وكم الإعلانات، وأي موقع فيهم زاد نصيبه؟، وأيهم نقص؟، ولماذا؟، مع الوضع في الاعتبار أن المزايا التنافسية تتغير باستمرار، في سباق المنافسة.

الجمهور 
ثم يتم تحديد الجمهور المستهدف، وشرح مفصل عن سماته وميوله، والأخبار التي يفضلها، ويبحث عنها، والتي تختلف حسب توجه موقع لآخر، وسبب زيارته للمواقع المنافسة، مع الاهتمام بأخبار الأقليات، فلو كان الموقع شامل، سيكون من الضروري جدًا الاهتمام بأخبار «الأقليات الدينية»، والسياسية، والرياضية، والثقافية، والعرقية». 
يجب العلم، أن الأقليات تتفاعل بقوة مع أخبارها، فقد يحقق حوار صحفي مع ناشئ مغمور في ناد من الأقاليم، حجم زيارات  أضعاف حوار يتحدث عن أشهر لاعب كرة قدم في مصر، وهكذا مع الأقليات الأخرى، سواء الدينية أو الفنية أو السياسية.
المعلنون 
وتأتي المرحلة الأخيرة في تحديد المعلنين المستهدفين، وحجم الأموال التي تضخ في الأسواق، والجمهور الذي يرغبون فيه، وآليات وضع الإعلان على الموقع... إلخ.
«في الحلقة القادمة»، نستعرض عمليًا، كيفية وضع خطة لموقع إخباري شامل أو متخصص؟، وكيفية تحديد الجمهور المستهدف والمعلنين؟.