«التسويق»، النافذة التي يخرج منها المُنتج الصحفي من «المصنع»، متوجهًا إلى «العميل» القارئ، وهو أيضًا بمثابة «كشك» الصحف، الذي يعرض فيه الإصدارات المختلفة أمام الجمهور؛ لينتقوا منه ما يريدون، وفقًا لاحتياجاتهم واهتماماتهم.
ويلعب فريق «التسويق»، الدور الأكبر في الترويج للموقع، وزيادة حصته من الزوار، وإشهار الاسم، «العلامة التجارية» له، ما يساعد في حجز مكان مميز في سوق المنافسة بين المواقع الإخبارية، وبناء مجتمع خاص من الجمهور، وعلاقة وجدانية مع إدارة التحرير، وارتباط قوي.
ويكشف «التسويق»، أوجه القصور في عملية إنتاج المواد الصحفية، ويحقق لمديري المواقع الإخبارية؛ التوازن بين القدرات الداخلية، سواء «البشرية أو التقنية أو المادية»، واحتياجات ومتطلبات الجمهور من معلومات، يريدون الحصول عليها، والطريقة التي يريدها لعرض المواد الصحفية التي تنشرها، وكذلك معرفة المنافسين المحتملين والأساسيين، الذين يعملون على جلب الجمهور نفسه.
ومن هنا، سنجد أن «التسويق»، نشاط تنافسي بين المواقع الإخبارية، وأيضًا إداري؛ يحتاج إلى تخطيط، وتنظيم، وتنسيق، ورقابة على ردود أفعال الجمهور؛ بهدف تحديد الرغبات التي يظهرها المستخدمون، ومن ثم تحويلها إلى إدارة التحرير، لإنتاج مواد صحفية، تحقق تلك الرغبات والمتطلبات.
و«التسويق» ليس مجرد توظيف مجموعة من الأفراد؛ لمشاركة أخبار وروابط المواقع على صفحات التواصل الاجتماعي، أو عبر المنتديات، والإعلانات الممولة، لكن هناك مهام رئيسة لفريق التسويق، في أي موقع نرصدها على النحو التالي:
الترويج
أولى مهام فريق التسويق، الترويج لأهداف الموقع، والتعريف بتوجهاته، وسياساته، وتعريف الجمهور بها، وذلك عبر إبراز الصفات المميزة للخدمة الإخبارية، التي تقدمها، والتي يتميز بها عن باقي المواقع.
ويعمل الفريق على بناء علامة تجارية خاصة للموقع، وإقناع الجمهور بترك المواقع الأخرى، والاعتماد على الخدمة التي يقدمها وتمتاز بالمصداقية، وتحترم قراءها.
وتشمل «مهمة الترويح» كل الأنشطة، بما فيها الإعلان الذي يقوم به فريق التسويق؛ لعرض المنتج الصحفي على الجمهور، والتعريف به، والمزايا التنافسية التي يتمتع بها كـ«المصداقية والموضوعية، وطريقة العرض.. إلخ»؛ بهدف إقناعهم بتصفح الموقع، سواء الآن أو فيما بعد.
وتزداد فرص نجاح فريق التسويق بالموقع، كلما كانوا قادرين على فتح منافذ جديدة لجذب القراء إلى الموقع، وجعل المنتج الصحفي، رائجًا بين أوساط متعددة من شرائح الجمهور المستهدف.
التوزيع
وذلك عبر نشر أخبار الموقع، في أماكن وجود الجمهور المستهدف، سواء كانت في مواقع التواصل الاجتماعي أو المنتديات، أو عبر الإشعارات على تطبيقات المحمول أو الرسائل النصية.. إلخ.
وتتضح خلال عملية التوزيع، استراتيجية التسويق للموقع، من خلال أسلوب تعريف الجمهور، بطريق النشر، ونوعية الأخبار، التي تعمل إدارة التحرير على فرضها، ومدى احترام تلك الاستراتيجية للقراء، وقدرة فريق التسويق على إقناعهم، بأهمية تصفح الموقع، دون ابتزاز أو ابتذال، فالهدف ليس مجرد الحصول على أكبر عدد من الزوار، وبالتالي إغراقهم بالروابط والرسائل، بل إيصال صورة ذهنية صحيحة، عن الموقع وخدمته الصحفية.
الاتصال
وهنا يسعى فريق التسويق؛ لخلق لغة حوار وعلاقة فعالة بين «الموقع» و«الجمهور»، عبر الاستماع إلى آرائهم وتعليقاتهم وشكواهم.
ويكون فريق التسويق، مستعدًا للرد على استفسار القراء، في أي وقت، والاستجابة بشكل فوري، لأن ذلك يزيد من ارتباطهم بالموقع، ويحسن من الصورة الذهنية العامة عن الخدمات الصحفية المقدمة.
وعملية الاتصال، تتطلب من فريق التسويق، الفهم الجيد لوسائل الاتصال، وطبيعة الاختلافات الثقافية، والفكرية، والعادات والتقاليد للجمهور، وبالتالي إشراكه في الجهود التسويقية، وإلا سيتخذ موقفًا معاديًا.
التحليل
وهنا يعمل «فريق التسويق»؛ على تحليل ردود أفعال الجمهور «الإيجابية والسلبية»، حيال المحتوى الصحفي المنشور، والسياسة التحريرية، والتوجهات التي تتبناها إدارة الموقع.
ويعمل أيضًا خلال هذه المهمة؛ على وضع تصور واقعي عن رغبات ومتطلبات الجمهور، واحتياجاته الأساسية والثانوية، وأفضل الوسائل لتحقيقها.
ويقدم تصورًا وتحليلًا عن الوضع التنافسي للموقع، ونقاط القوة، والضعف، ومقارنة الخدمة الصحفية المقدمة، بنظيرتها في المواقع المنافسة.
بناء الثقة
عملية بناء الثقة بين «الجمهور» و«الموقع»، لن تتحقق بين يوم وليلة، بل تحتاج إلى وقت طويل، لكنها مثل بناء المنازل تحتاج إلى أساس قوي؛ لوضع الأحجار فوق بعضها، وإلا ستنهار في أي لحظة.
لذا يجب أن يعمل فريق التسويق، على بناء الثقة مع الجمهور، اعتمادًا على المصداقية بالدرجة الأولى، فالقارئ يمتلك من الذكاء، ما يجعله ينفر من التلاعب بعقله وأفكاره، وغير قابل للخداع.
وبالتالي؛ ستكون أي محاولة لنشر روابط مثيرة لا تحمل مضمونًا حقيقيًا، يعبّر عن العناوين المنشورة، ستكون مجازفة حقيقية بمستقبل الموقع، قد تدفع القارئ إلى تسخير كل جهده؛ لفضح تلك الأساليب الملتوية.
التأثير
الهدف الأساسي لـ«فريق التسويق»، ليس وضع الموقع أمام أعين القراء، عبر «الترويج والتوزيع والاتصال» فقط، بل داخل عقولهم، وجعلهم يتذكرون اسم الموقع جيدًا، ويتكون بداخلهم حافز دائم لتصفحه، وبالتالي يكون جزءًا مؤثرًا في حياتهم وتصرفاتهم، وعاملًا أساسيًا في تكوين ثقافتهم وآرائهم واتجاهاتهم وأفكارهم.
ويجب أن يعمل «فريق التسويق»، بشكل مستمر على التواصل مع الجمهور؛ للتأثير عليهم «نفسيًا وعاطفيًا وفكريًا»، وخلق شعور بالثقة، والراحة، والمصداقية، حيال المواد المنشورة على الموقع.
وكلما كان فريق التسويق؛ قادرًا على إحداث التأثير في نفوس القراء، مثّل ذلك ميزة تنافسية كبيرة للموقع أمام المنافسين.
الانتقاء
لن يستطيع «فريق التسويق»، الترويج لكل الأخبار التي ينشرها الموقع، وقد تصل في المواقع الكبرى لأكثر من 2000 موضوع يوميًا، وهنا تأتي مهمة الانتقاء، كأحد المهام التي يقوم بها الفريق.
لذا تظهر قدرة «الفريق»؛ في كيفية اختيار الموضوعات المرشحة للترويج، التي قد تجلب زوارًا، وتحدث حالة على شبكات الإنترنت، وهنا تكمن قوة الملاحظة، وسرعة البديهة للعاملين في ذلك القسم.
«بعض المواقع»، تقوم إدارة التحرير فيها، بتحديد الموضوعات المرشحة للترويج، وفقًا لرؤيتهم، وهذا قد يعد صحيحًا في بعض الأحيان، وخطأ في الغالب؛ لأن فريق التسويق، هو الوحيد القادر على متابعة نبض ومزاج رواد الإنترنت، في هذا التوقيت تحديدًا.
جزء من كتاب «صناعة المواقع الإخبارية» عن دار روافد للنشر يوليو 2017
للتواصل:
علي التركي
مدير عام تحرير موقع «البوابة نيوز»
Ali_turkey2005@yahoo.com
مقالات تهمك:-
مبادرة لإنقاذ الصحافة الإلكترونية «1»
لماذا «جوجل» منقذ الصحافة الإلكترونية؟ «2»
لماذا تخسر المواقع الإخبارية مع «جوجل»؟ «3»
كيف تربح المواقع الإخبارية؟ «4»
الكيان المؤسسي في المواقع الإخبارية.. الفريضة الغائبة «5»
فن صناعة المواقع الإخبارية.. «التخطيط» «6»
تصور مبدئي لإنشاء موقع إخباري ناجح «7»
شركات الإنترنت وتدمير «صحافة الفيديو».. «8»
كيف تحمي موقعك من النصابين؟ «9»
«مسمار جحا» في قانون الصحافة «11»
«أنا منافق إذا أنا موجود».. «12»
عن أزمة الصحافة.. كيف تصنع بطلًا من ورق؟ «13»
العلاقة بين الصحفي والمصدر «تجارة رقيق».. «14»
«التصميم التجاوبي» والمواقع الإخبارية «15»
«الذهنية الورقية» تحرق المواقع الإخبارية «16»
الصحافة الورقية «ماتت».. والإلكترونية مريضة بـ«التوحد»! «17»
«الصحافة» و«فيس بوك» صراع دائم وهدنة مؤقتة «18»
عبدالله كمال ونبوءة المحتوى المتعمق في المواقع الإخبارية «19»
هل تستطيع «الذهنية الإلكترونية» صناعة صحيفة ورقية؟ «20»
كيف جعلت الصحافة الإلكترونية «العلم في الراس والكراس»؟ «21»
لماذا تلجأ المواقع الكبرى إلى «الزيارات الوهمية»؟! «22»
المعايير الرئيسة لتقييم جودة المواقع الإخبارية «23»
لماذا كتاب «صناعة المواقع الإخبارية»؟ «24»
"صناعة المواقع الإخبارية".. مهام فريق التسويق «25»
صناعة المواقع الإخبارية.. التسويق لا يعني الزيارات فقط! «26»
10 أخطاء تسويقية تقع فيها المواقع الإخبارية؟ «27»
الخطة التسويقية للمواقع الإخبارية «28»
كيف نختار المعلومات الصالحة للنشر؟ «29»
دراسة السوق وتحديد الأهداف التسويقية للمواقع الإخبارية «30»
استراتيجيات ومحاور خطة التسويق في المواقع الإخبارية «31»
6 مهام رئيسة لقيادات المواقع الإخبارية «32»
«دورة النشر» في المواقع الإخبارية «33»
هل اجتماعات التحرير مضيعة للوقت؟ «34»
المشكلات التحريرية في المواقع الإخبارية «35»
السياسة التحريرية.. لعنات وتجاوزات «36»
4 عناصر تتحكم في السياسة التحريرية «37»
كيف نضع السياسة التحريرية للموقع؟ «38»
المحتوى الصحفي القصير.. المشكلات والتحديات «39»
المحتوى المتعمق.. نكون أو لا نكون! «40»
كيف نختار موضوعات الـ«Top Story»؟ «41»
المراجع التحريري.. المهام والصلاحيات والمسئوليات «42»
المراجع اللغوي.. المهام والمسئوليات والصلاحيات «43»
سكرتير التحرير.. المهام والصلاحيات والمواصفات «44»
رئيس القسم ونوابه.. المهام والصلاحيات والمواصفات «45»
مدير التحرير.. الواجبات والمسئوليات «46»
رئيس التحرير.. المهام والمسئوليات والصلاحيات «47»
الاستراتيجيات الصغيرة.. كيف يفكر مديرو المواقع الإخبارية؟ «48»
كيف يفكر مديرو المواقع الإخبارية الكبرى «49»
كيف يفكر مديرو المواقع الإخبارية المتوسطة؟ «50»
الميزانيات الكبيرة تصنع مواقع صغيرة أحيانًا! «51»
كيف تعمل المواقع الإخبارية متناهية الصغر؟ «52»
كيف تدار المواقع الإخبارية الصغيرة؟ «53»
كيف تدار المواقع الإخبارية المتوسطة؟ «54»
التنظيم المؤسسي للمواقع الإخبارية «55»