علي التركي يكتب: كيف تحمي موقعك من النصابين؟ «9»

تقول الأسطورة: «قواعد اللعبة ليست في صالح الأكفاء دائمًا.. تلك القواعد تخصم من رصيد الفرص المتاحة للمهرة، وتلقي بالمناصب في جحور أنصاف الموهوبين»، حكمة تداولها أصدقائي على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، دفعتني إلى الحديث عن عمليات النصب والخداع، التي غالبًا ما يتعرض لها صُناع المواقع الإخبارية، خصوصًا مع بدايات انطلاق مشروعهم، لجهلهم - مع الاعتذار عن التعبير- ببعض التقنيات وقواعد اختيار فريق العمل، خصوصًا في المشروعات الإعلامية محدودة الميزانية التي لا تتحمل ذلك.

صحيح أن البعض يرفع شعار «ليس الذنب ذنبي، إنه ذنب الذي سكب النفاق والغش والخديعة في النهر»، لكن كما قال عملاق الأدب العربي، «عباس العقاد»: «في حياتنا البشر مثل الحروف: البعض يستحق الرفع، والبعض يحترف النصب، وهناك من يُستاهل الضم، والبقية يستحقون الكسر».. لذا في أثناء تنفيذ المحددات الرئيسية للموقع الإلكتروني، وقبل الوقوع في فخ المرضى والنصابين ننوه إلى أبرز التدابير التي يجب اتخاذها ونقدم سُبل الاحتراز منها:

التصميم

سنرصد معًا بعض مظاهر النصب التي قد تتعرض لها مع بداية مشروعك لإنشاء موقع إخباري، وتكون مع الانطلاقة الأولى في فكرة التصميم، فغالبًا ما يتعرض أصحاب المواقع الإخبارية لعمليات نصب باتت ممنهجة من قبل المصممين والمبرمجين، فبمجرد أن ينطق المصمم بكلمتين باللغة الإنجليزية حتى يخر له مالك الموقع ساجدًا، وتبدأ عبارات الإطراء المبالغ فيها، وسط حالة من البهجة الممزوجة بالسخرية ترتسم على وجه المصمم، الذي تمكن من خداعك وإقناعك بأن التصميم الجديد يستحق آلاف الجنيهات، رغم أنه لا يساوي شيئًا، وكل ذلك يحدث وأنت سعيد.

يجب أن تعلم أن هناك العشرات، بل الآلاف من التصميمات الجاهزة، التي لا يتعدى ثمنها الـ«50 دولارًا»، أي ما يقرب من 450 جنيهًا على أقصى تقدير، وهي متاحة للشراء عبر الإنترنت، لذا يجب أن تقرر من البداية كيف تريد أن يكون شكل موقعك الجديد؟ وما هي لغة البرمجة التي تفضلها؟ وتقرأ جيدًا عن مزايا كل لغة على حدة، ويكون لديك اقتناع كامل قبل اتخاذ القرار، فلا تذهب إلى المصمم دون قراءة جيدة، ومشورة من الأصدقاء عن الأسعار والمواصفات، فـ«كل شيء يحتاج إلى العقل، والعقل يحتاج إلى المشورة، واستعن برأي نصيح أو نصيحة حازم».

السيرفر

إشكالية حجز السيرفر، من أهم المشكلات التي تواجهك في بداية مشروعك، ونشدد على أن القراءة المسبقة، عن الشركات الكبرى والمعتمدة دوليا، ستكون عونا لك، لاختيار الأفضل، وتتيح لك الفرصة في المفاضلة بين العروض المختلفة، من حيث الإمكانيات والأسعار. 

التعاقد

وقبل أن ننتقل إلى مظهر آخر، غالبًا ما يحتار مالك الموقع ما بين التعاقد مع أشخاص أم شركات، لتنفيذ التصميم، ولكل خيار ستجد له مزايا وعيوبًا، فالأشخاص غالبًا مقلقون، خصوصًا أنهم سيكونون مؤتمنين على أرقام سرية خاصة بـ«الدومين»، و«كود التصميم»، في حين تبدو الشركات أكثر ضمانة، لكنها في الوقت نفسه تطلب أموالا طائلة، وغير مستحقة في أغلب الأحيان، لكن ما دام لديك خلفية مُسبقة فستكون معك حجج في التفاوض، خصوصًا أن نوعية «البرمجة» و«مدى دقة الكود المستخدم» قد يؤثران على «عملية أرشفة المحتوى الصحفي» على مواقع البحث الإلكتروني.

التسويق

التسويق هو المنظومة الداخلية الأكثر جذبا للنصابين داخل موقعك، وحتى الآن لم أرَ موقعًا إخباريًا واحدًا لم يقع فريسة لهم، وذلك بسبب الرغبة العارمة من أصحاب الموقع في الدخول بالمنافسة سريعًا، وجذب جمهور عريض في فترة زمنية قصيرة، وهو ما يفسر لماذا تجد قسم «التسويق» له سطوة كبيرة داخل الكثير من المواقع، ويفسر أيضًا كيف أصبح بعض العاملين في هذا القطاع مديري مواقع كبرى، وليست لهم علاقة بالصحافة من قريب أو بعيد.

منظومة التسويق الجيدة يجب أن تكون طويلة الأمد، وتعتمد على تحليل مستمر خصوصًا عبر تقارير«Google Analytics»، و«Alexa»، التي تقدم خدمة جيدة عن سمات الجمهور داخل موقعك واهتماماته.

وقد يكون دليلًا سهلًا وسريعًا للحفاظ على الجمهور الحالي وأداة لوضع استراتيجية لجذب جمهور جديد، هذا بالإضافة إلى بعض النصائح عن فن التعامل مع محركات البحث، وآليات تحسينه هو ما يعرف بـ«seo»، وهي سهلة وبسيطة للغاية، ولا تحتاج إلى خبير ويمكنك تعلمه بسهولة عبر تلك المواقع: «http://www.seos7.com»، «http://www.seo-ar.net».  

وبالنسبة لشراء الزيارات، التي للأسف جعلت كثيرًا من المواقع فريسة للنصابين، وإن كنت أرفضها، لكنها متاحة بشكل مباشر على الإنترنت عبر مواقع «pop up» بسعر ألف دولار لكل مليون زيارة، وهي بمثابة إعلانات مدفوعة الأجر، تساعدك في جلب جمهور إلى موقعك، لكنه غير فعال، فغالبًا ما يفتح القارئ موقعك دون إرادته.

صفحات التواصل

أيضًا من عمليات النصب التي تتم عبر منظومة التسويق، فبعضها يتعلق بعدد المعجبين والمتابعين لصفحاتك على مواقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، و«تويتر»، و«إنستجرام»، و«جوجل بلس»، وغالبًا ما يلجأ «النصاب» إلى إبهارك، عبر زيادة المتابعين بأعداد مهولة، في وقت قصير، وغالبًا ما يستخدم بعض البرامج والألاعيب لفعل ذلك، وفي النهاية ستكون لديك صفحة ضخمة بلا متابعين، ويكون وقتها حصل النصاب على المال ولاذ بالفرار، ويفضل أن يتم بناء الصفحات بشكل تصاعدي بطيء دون استعجال، وهو ما يمنحك مع مرور الوقت قارئا متفاعلا بشكل كبير مع صفحتك.

«محركات البحث»

ومن الحالات التي قد تتعرض لها، من النصابين، هو الحديث الدائم عن محركات البحث، فغالبًا ستسمع أشياء غريبة، مثل «يجب أن تفعل كذا وكذا.. ولا تفعل كذا وكذا»، خوفا من سخط تلك المحركات على موقعك، وغالبًا ما يستخدمون ذلك مستغلين جهلك، لترهيبك على مستقبل مشروعك، لكن يمكنك قراءة بعض المقالات المنتشرة على صفحات الإنترنت، للتأكد من كذبهم، والنجاة منهم، وغالبًا ما يكون تأثير أي موقع على «جوجل» يتوقف على عاملين رئيسيين هما «نوعية البرمجة ومدى سلامة الكود المستخدم - وكلمات البحث»، لكن لا شيء آخر مؤثرًا نهائيًا.

وسنتحدث في حلقتنا المقبلة عن كيفية اختيار فريق العمل، وبعض الشخصيات التي يجب الحذر منها، فهناك فن في اختيار فريقك، يرتكز في الأساس، على السلوك الإنساني، أكثر من المجهود المهني.