لعل «القدر»
يكون رحيمًا بالصحفيين، ولا يمنح مجلس النواب الوقت لتمرير قانون الصحافة والإعلام
الجديد، ليتسنى لنا الوقت؛ للوقوف على عدد من السلبيات التي تنص عليها مواد
القانون، وتؤثر بشكل جذري على مستقبل المهنة.
استفزني
كثيرًا كم الإشادات التي صاحبت مُوافقة مجلس الوزراء على القانون الجديد، وأكثر ما
يُقلق العاقل في بلدنا، هو سماع عبارات الإطراء، فكل الإنجازات في وطننا تتحقق
بعيدًا عن عبارات المَديح، وكل المصائب تُرتكب وسط مُوجات الثناء.
بتحليل
دقيق، ستجد أن كثيرًا من مواد القانون الجديد، جاءت منصفة للصحفي، فيما يتعلق
بحقوقه المالية والأدبية، ومنحه بعض المزايا، في حالة الخلاف مع مؤسسته، وحاولت
قدر الإمكان «حلحلة» بعض الخلافات الشائكة التي تُعرقل عمله، إلا إننا كالعادة نُصطدم
بـ«مسمار جحا»، الذي دائمًا ما يُعكر صفو كل شيء جميل، فيصبح كـ«اللطخة في ثياب
ناصع البياض»، وتأتي المادتين «9»، «42» لتجسد أبشع صور المعاناة المُستقبلية لكل
صحفي، فيما عدا «الصحف القومية» بالطبع.
الحكومة
في القانون الجديد، حافظت على منهج بيروقراطي، توارثته من أسلافها، وهو «ترقيع ثوب
عتيق خير من استعارة آخر»، فلجأت إلى الكثير من مواد قانون «96 لسنة 1996» لتنظيم
الصحافة مع وضع بعض اللمسات، بما يتوافق مع الدستور، وذلك سيرًا على منهج مصري
أصيل «النحت أسلوب حياة».
دائمًا
ما تظهر أهداف المُشرع في بعض الكلمات التي تتكرر أكثر من مرة في القانون، وفي
حالتنا بمنتهى السهولة ستكتشف ذكر كلمة مثل «الحظر» 12 مرة، و«الحبس» 5 مرات،
و«الغرامة» 12 مرة، وهو ما يشير إلى اتجاه واضح لتقييد عملية النشر وتنظيمها في
الوقت نفسه، صحيح أن الوسط الصحفي يُعاني من فوضى واسعة منذ ثورة 25 يناير؛ وذلك
بسبب هرولت الكثير من التيارات والقوى السياسية لإنشاء صحف ومواقع إخبارية للدفاع
عن وجهة نظرها، وهو أمر بديهي للغاية في أي بلد يشهد حراكًا سياسيًا واسعًا.
في
اعتقادي.. لا توجد أزمة كبيرة في أغلب مواد القانون، رغم عبارات التقييد، لكن
الطامة الأولى في المادة «9»، التي تنص: «للصحفي أو الإعلامي الحق في تلقى إجابة
على ما يستفسر عنه من معلومات وبيانات وأخبار، وذلك ما لم تكن هذه المعلومات والبيانات
أو الأخبار سرية بطبيعتها أو طبقًا للقانون».
لاحظ أن كلمة
«سرية» ليس هناك ضرورة لكتابتها، فالمادة لا تنص على منع أخبار الأمن القومي أو
شيء من هذا، بل اكتفت بوصف المعلومات بالسرية، وكأن من وضع هذا القانون لا يعرف أن
كل مؤسسات الدولة تعتبر أي معلومات يطلبها الصحفي سرية، ومن المنتظر فيما بعد أن
تكون الإجابة النموذجية لأي مسئول «عفوًا هذه المعلومات سرية»، وبالتالي لن تحصل
على شيء، وستضطر لكتابة معلومات غير دقيقة، فتُحاكم وتُحبس أو تُغرم.
لذا من
الضروري طالما سنُحاكم على كلمة تنشر، أن يقتصر حجب المعلومات فقط على ما يخص
الأمن القومي، ويُفضل أن تكون ما يخص القوات المسلحة فقط، باعتبار أن عبارة الأمن
القومي «فضفاضة»، فمرور المادة بهذا الشكل، سيكون كارثة مهنية، ويكون الصحفي فيها
مجرد «بوسطجي»، ينقل بيانات الحكومة فقط!!.
ثم تأتي
الكارثة الأكبر المتمثلة في المادة «42»، والمتعلقة بملكية الصحف والمواقع
واشتراطات إصدارها، التي اعتبرها قاسية، وضربة قاضية للصحافة الإلكترونية، ومستقبل
النشر، فاشتراط إيداع «نصف مليون جنيه»؛ لإصدار موقع إخباري، سيهدد حياة الكثير من
الصحفيين، صحيح أن هذا الشرط يحفظ حقوق الصحفيين المالية، ودليل على جدية مؤسسي
الموقع، لكنه سيتسبب في إغلاق مئات المواقع التي تعتمد على ميزانيات منخفضة، والتي
توفر أكثر من 60% من فرص العمل للصحفيين، وبالتالي ندرة فرص العمل، ما يعني تحول
مئات الصحفيين إلى عاطلين، فأغلب الشواهد تشير إلى أن 80% من الصحفيين في مصر،
يعتمدون على المواقع الإخبارية، كمصدر أساسي للدخل.
أسئلة قد تتبادر في الأذهان، هل تستطيع تقييد المواقع الإخبارية بهذه المادة؟، مؤكد لن
يحدث، فليس هناك إطار واضح للتعامل مع مئات المواقع التي تملأ الفضاء الإلكتروني،
وكيف ستتعامل الدولة مع المواقع التي تبث أخبارها من الخارج؟، وكيف سيكون التصرف
إذا لجأ الناشرون للمدونات مرة أخرى؟، ظني أن هذه المادة تحتاج لمراجعة مرة أخرى؛
لأنها ستُجبر أصحاب المواقع لمخالفة القانون، واستخدام طرق ملتوية للنشر، وقد يتم إغلاق الكثير من المواقع التي تمتلك جمهورا خاصا بها وإليكم بعض
منها على سبيل المثال لا الحصر:
2- «في الجول»، ثاني أكبر وأهم موقع رياضي في مصر.
3- «محيط»، أول موقع إخباري في مصر والوطن العربي، ويرجع له الفضل في انتشار الصحافة الإلكترونية.
4- «فايف مصر»، و«نجوم مصر»، من مؤسسي الصحافة الشعبية.
5- «فيس مصر»، من أهم المواقع الإخبارية في الفترة الحالية.
6- «العربية نيوز»، من أهم المواقع الإخبارية في الفترة الحالية.
7- «الفجر»، من أهم المواقع الإخبارية لأكثر من 5 سنوات.
8- «العاصمة»، من المواقع المتميزة في الفترة الحالية.
9- «في الفن»، من أهم المواقع الفنية.
10- «إعلام دوت أورج»، من أهم المواقع في الفترة الحالية.
11- «لهن» من أهم المواقع المتخصصة في أخبار المرأة والأسرة والطفل.
12- «الآن»، من المواقع التي صنعت حالة إعلامية متميزة في الفترة الحالية.
للتواصل:
علي التركي
مدير عام تحرير موقع «البوابة نيوز»
Ali_turkey2005@yahoo.com
مقالات تهمك:-
مبادرة لإنقاذ الصحافة الإلكترونية «1»
لماذا «جوجل» منقذ الصحافة الإلكترونية؟ «2»
لماذا تخسر المواقع الإخبارية مع «جوجل»؟ «3»
كيف تربح المواقع الإخبارية؟ «4»
الكيان المؤسسي في المواقع الإخبارية.. الفريضة الغائبة «5»
فن صناعة المواقع الإخبارية.. «التخطيط» «6»
تصور مبدئي لإنشاء موقع إخباري ناجح «7»
شركات الإنترنت وتدمير «صحافة الفيديو».. «8»
كيف تحمي موقعك من النصابين؟ «9»
«مسمار جحا» في قانون الصحافة «11»
«أنا منافق إذا أنا موجود».. «12»
عن أزمة الصحافة.. كيف تصنع بطلًا من ورق؟ «13»
العلاقة بين الصحفي والمصدر «تجارة رقيق».. «14»
«التصميم التجاوبي» والمواقع الإخبارية «15»
«الذهنية الورقية» تحرق المواقع الإخبارية «16»
الصحافة الورقية «ماتت».. والإلكترونية مريضة بـ«التوحد»! «17»
«الصحافة» و«فيس بوك» صراع دائم وهدنة مؤقتة «18»
عبدالله كمال ونبوءة المحتوى المتعمق في المواقع الإخبارية «19»
هل تستطيع «الذهنية الإلكترونية» صناعة صحيفة ورقية؟ «20»
كيف جعلت الصحافة الإلكترونية «العلم في الراس والكراس»؟ «21»
لماذا تلجأ المواقع الكبرى إلى «الزيارات الوهمية»؟! «22»
المعايير الرئيسة لتقييم جودة المواقع الإخبارية «23»
لماذا كتاب «صناعة المواقع الإخبارية»؟ «24»
"صناعة المواقع الإخبارية".. مهام فريق التسويق «25»
صناعة المواقع الإخبارية.. التسويق لا يعني الزيارات فقط! «26»
10 أخطاء تسويقية تقع فيها المواقع الإخبارية؟ «27»
الخطة التسويقية للمواقع الإخبارية «28»
كيف نختار المعلومات الصالحة للنشر؟ «29»
دراسة السوق وتحديد الأهداف التسويقية للمواقع الإخبارية «30»
استراتيجيات ومحاور خطة التسويق في المواقع الإخبارية «31»
6 مهام رئيسة لقيادات المواقع الإخبارية «32»
«دورة النشر» في المواقع الإخبارية «33»
هل اجتماعات التحرير مضيعة للوقت؟ «34»
المشكلات التحريرية في المواقع الإخبارية «35»
السياسة التحريرية.. لعنات وتجاوزات «36»
4 عناصر تتحكم في السياسة التحريرية «37»
كيف نضع السياسة التحريرية للموقع؟ «38»
المحتوى الصحفي القصير.. المشكلات والتحديات «39»
المحتوى المتعمق.. نكون أو لا نكون! «40»
كيف نختار موضوعات الـ«Top Story»؟ «41»
المراجع التحريري.. المهام والصلاحيات والمسئوليات «42»
المراجع اللغوي.. المهام والمسئوليات والصلاحيات «43»
سكرتير التحرير.. المهام والصلاحيات والمواصفات «44»
رئيس القسم ونوابه.. المهام والصلاحيات والمواصفات «45»
مدير التحرير.. الواجبات والمسئوليات «46»
رئيس التحرير.. المهام والمسئوليات والصلاحيات «47»
الاستراتيجيات الصغيرة.. كيف يفكر مديرو المواقع الإخبارية؟ «48»
كيف يفكر مديرو المواقع الإخبارية الكبرى «49»
كيف يفكر مديرو المواقع الإخبارية المتوسطة؟ «50»
الميزانيات الكبيرة تصنع مواقع صغيرة أحيانًا! «51»
كيف تعمل المواقع الإخبارية متناهية الصغر؟ «52»
كيف تدار المواقع الإخبارية الصغيرة؟ «53»
كيف تدار المواقع الإخبارية المتوسطة؟ «54»
التنظيم المؤسسي للمواقع الإخبارية «55»