علي التركي يكتب: كيف تدار المواقع الإخبارية متناهية الصغر؟ «52»

تعتمد المواقع الإخبارية متناهية الصغر، على إستراتيجيتين أساسيتين؛ «التواجد، والاستقرار»، فهي لا تريد تحقيق أي أهداف كبيرة، فقط تريد التواجد في السوق وتحقيق أي عائدات إعلانية إن أمكن.

وتتسم تلك المواقع بالطابع العائلي، ورغم اعتمادها في المقام الأول على الأخبار والنصوص الصحفية، إلا أنها لا تمارس العمل الصحفي.

ولا تعتمد مثل تلك المواقع، على كيان مؤسسي أو محررين ومراسلين، بل هي مجرد مشروعات صغيرة، الهدف من ورائها التربح عبر إعلانات «جوجل»، أو ممارسة صحفية على سبيل الهواية وليس الاحتراف، لكن هذا لا يعني أنها ليست جزءًا من الصناعة أو سوق المنافسة.

- حجم الميزانية

لا تتعدى ميزانية، تلك المواقع، حدود الـ15 ألف جنيه على أقصى تقدير، وأحيانًا تكون الميزانية «صفر»، بالاعتماد على جهود الأفراد والشركاء، مثلما يحدث كثيرًا بتجمع عدد من الصحفيين أو هواة الصحافة ويقررون إنشاء موقع.

- المنافسة

لا يمكن لهذه المواقع، منافسة البوابات الإخبارية الكبرى، بأية حال من الأحوال؛ لأن مجرد محاولة الدخول إلى المنافسة يتطلب أموالًا طائلة على الأقل في الدعاية والترويج، والكثير من الصحفيين، وإمكانات تقنية أخرى.

وغالبًا ما يكون تصنيف تلك المواقع متراجعًا جدًا، نظرًا لقلة عدد القراء نسبيًا، ويكفي فقط دخول 5 آلاف زائر يوميًا، لتعتبر الإدارة نفسها حققت الأهداف.

- البنية التحتية والتقنية

لا تمتلك هذه البوابات الإخبارية مقرات، بل تدار أحيانًا من المنزل أو الشارع، ويتعاون فيها الأصدقاء، وبعض أفراد العائلة.

وتعتمد على التصميمات الجاهزة، والمدونات، والاستضافات المجانية، وحال الاستعانة بالاستضافات المدفوعة الأجر يتم حجز مساحة صغيرة مع مئات المواقع في سيرفر واحد، لأن عدد الزيارات لا يتعدى 5 آلاف زائر في أقصى الأحوال.

- الإدارة والهيكل التنظيمي

لا يوجد فيها أي تنظيم إداري من أي نوع، وتعتمد على النمط العسكري في الإدارة، فهناك شخص واحد متحكم في كل الأمور، ويصدر التعليمات لكل فريق العمل داخل الموقع.

ويتحكم هذا الشخص، في طريقة النشر، ومعايير المحتوى، وقد يكون هو نفسه منتج المواد المنشورة.

ووفقًا لهذه النوعية، يقوم الأفراد بأكثر من وظيفة في الوقت الواحد، ولكل منهم دور في مكونات الموقع «الجانب الإداري، والتقني، والتحريري، والتسويقي».

كما أن مدة العمل لا تزيد على بضع ساعات يوميًا، وبشكل عشوائي جدًا، وقد لا يضخ الموقع أي محتوى لأيام.

- نوعية المحتوى ومصدر الأخبار

تعتمد مثل تلك المواقع، على الأخبار الصفراء، والمثيرة، والمتعلقة بالمشاهير، والأكثر تداولًا؛ على أمل الحصول على عدد من الزوار المهتمين بمثل تلك المواضيع، بل أحيانًا تهتم بالصور والأخبار الإباحية.

ويمكن «تسمية المحتوى»، الذي تنشره تلك المواقع بـ«الصحافة الشعبية، أو صحافة المواطن»، فهي مثل التدوينات التي ينشرها النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، و«تويتر».

وتصل نسبة المحتوى المنقول إلى 100%، رغم محاولات التغيير في الصياغة، وإعادة الكتابة، بشكل مختلف لنفس المعلومات، إلا أنها دائمًا ما تقوم بالسطو على الأخبار من المواقع الأخرى.

وتفتقر هذه المواقع، إلى المصداقية والحيادية في التناول، وكل المعايير وأخلاقيات العمل الصحفي، كما تفتقر تلك إلى السلامة اللغوية، وحُسن الصياغة، وتضرب بكل المعايير عرض الحائط.

- دورة العمل

«دورة العمل» في المواقع، ذات الميزانية المحدودة، بدائية للغاية، وتعتمد على عدد محدود جدًا من الأشخاص، يقومون بكل شيء؛ من الحصول على المعلومات حتى النشر.

- أسلوب التسويق

تستغل في أغلب الأحيان مثل تلك المواقع امتلاكها لعدد من الصفحات على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، التي بها عدد كبير من المعجبين؛ لجلب الزوار.

كما يخصص مُلاك تلك المواقع كل الميزانية، للإعلانات الممولة على شبكات التواصل، بهدف جلب زائر سريع، يستطيع من خلاله الحصول على الربح عبر إعلانات الإنترنت.

ولا تمتلك هذه المواقع أية استراتيجيات للتسويق، ولا تستهدف جمهورًا بعينه، ولكن الهدف بالنسبة لها، دخول أي جمهور للضغط على الإعلانات، وتحقيق الربح.

- معدل الزيارات

«معدل الزيارات» متواضع للغاية، ولا يتعدى 5 آلاف زيارة يومية، ولا يمتلك أي قارئ ثابت.

- الإيجابيات والسلبيات

تسببت تلك المواقع، في تشويه سمعة المواقع الإخبارية، والصحافة الإلكترونية، بشكل عام، نظرًا لافتقارها المعايير المهنية كافة.

والإيجابية الوحيدة؛ تتمثل في كون تلك المواقع، نواة حقيقية للصحافة الشعبية، وصحافة المواطن، ودعمًا للتدوين.