طبقان في رمضان لاتخلو منهما المائدة، ومهما تنوعت الأصناف فلهما دورهما الأساسي سواء في إفطار جماعي أو من يفطرون بمفردهم نتيجة ظروف ما، وهما طبق السلطة وطبق المخلل، فالسلطة قيمته الغذائية معروفة وحاضرة على المائدة معظم أيام العام أما "الطرشي" كما يطلق عليه المصريون يعد من سمات مائدة الشهر الكريم منذ بدايته وحتى اليوم الأخير، وتروج صناعة وبيع المخللات بجميع أنواعها في المحلات والأسواق، وعلى الطرقات ويتفرغ البعض لبيع المخلل طوال الشهر الكريم.
"الطرشي" كلمة فارسية تعني الثمار المملحة، التي توضع في إناء مغلق حتى تتحول إلى حالة حمضية وبالعربية تسمى "المخلل" أي الثمار الموضوعة في الخل والملح حتى تخللها، وبالتركية "تورشو"، وباليونانية القديمة "تورسي"، وعرف الإنسان المخلل منذ آلاف السنين، ولكن لا يوجد تاريخ محدد، وسجلت الآثار الفرعونية القديمة تناول المصريين المخلل في وجباتهم، وظل منتشرا في عموم البلاد واشتهر في العصر البطلمي حيث كانت الملكة كليوباترا تهتم بأكل المخلل واعتبروه حينها أحد عناصر القوة.
يقول "محمد صابر" صاحب محل لبيع المخللات، أن رمضان شهر خير وعطاء بالنسبة لهم قائلًا" الحمد لله اللي بنكسبه في 30 يوم قد مكسب السنة كلها"، مشيرًا إلى أن الشعب المصري أكول بطبعه ويهتم بمقبلات الطعام وفواتح الشهية وخاصة المخللات، وتابع أن أشهر أنواع المخلل في رمضان هو الزيتون والليمون والبصل وأن ساعات العمل الذروة من بعد العصر وحتى قبل آذان المغرب بلحظات.
وأضاف "محمد"، أنه على الصعيد الخاص لا يمكنه تصور شكل مائدة رمضان بدون طبق المخلل الشهير، وله حضور قوي في هذا الشهر ويحظى بحب الكثيرين خاصة مع وجود الكثير من الحلوى في هذا الشهر والعصائر التي تحتاج إلى بعض المخللات الحارقة لمواجهة ميوعة السكريات، مشيرًا إلى أنه هناك أنواع كثيرة من الطرشي أو المخلل ويباع في أكياس وفي أوان زجاجية وبلاستيكية بحسب نوع المخلل، وهناك النوع الحار الذي تضاف له دقة الفلفل (الشطة) وهناك النوع العادي، والبعض يحرص على تناول مياه الطرشي التي تكون مزيجا من الخل والمياه والملح وبعض البهارات وبواقي الخضروات.
ولفت إلى أن "صناعة المخلل بسيطة ولكنها خطيرة في نفس الوقت بسبب انتشار الغش في صناعته باستخدام مواد حارقة أو غير مسموح بها من أجل الإسراع في تخليل الخضروات، ولذلك نصح بشراء المخلل من المحلات والتجار المعروفين حرصا على سلامة الناس".
أما عن الاستعدادات، فقا أن جميع العمال يعملون باستمرار وعلى قدم ساق طيلة الشهر الكريم وقبل قدومه بحوالي شهرين، موضحًا أنهم يسعون إلى توفير كافة أنواع المخللات وتخليلها بالماء والملح فقط بدون أي إضافات كيمائية، مضيفًا أنه يقوم بتجهيزها قبل شهر رمضان في برطمانات خاصة بها، لعرضها على الزبائن للإستخدام بشكل مباشر.
وأضاف "صابر"، أن فترة التخليل تختلف ما بين نوع وآخر، موضحًا أن فترة تخليل الخيار تتراوح ما بين ساعة إلى ساعتين ونصف، أما اللفت تصل فترة تخليله إلى حوالي أسبوع، مشيرًا إلى أن الجزر يأخد فترة كبيرة حتى يتم تجهيزه للزبائن، والتي تصل إلى حوالي 10 أيام.
وتابع قائلًا، أما عملية تخليل البصل والزيتون تتراوح ما بين أسبوعين إلى شهر، موضحًا أن هناك عدة طرق حديثة لعمليات التخليل التي تعتمد على أكثر من نوع والتي يأتي أبرزها تخليل الزيتون مع الجزر، مضيفا أنه يتم هذا الأمر من خلال نزع نواة الزيتون وتهيئة الجزرة للتخليل، على أن يتم حشو الجزر بداخل الزيتون بطريقة جيدة.
وأوضح أنه يتم تخليل العديد من أنواع الفواكه التي يتم تخليلها وعرضها للمواطنين، ويأتي أبرزها الفراولة والبرتقال والمانجو، ولها طرق تخليل تختلف عن الطرق التقليدية المعروفة في الأسواق، مؤكدا أنها لا تكون بشكل جيد مثلما تأتي بطعمها المعروف، أما عن أسعار المخللات، قال إن سعر كيس المخلل يبدأ من 10 جنيهات، وتصل إلى 60 جنيها، مضيفًا أن أسعار البرطمانات تختلف على حسب رغبة الزبائن ونوع المخلل الذي يرغبون فيه.