رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة ستار

«Monos».. دراما فوضوية عن حروب الظل

Monos
Monos
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تشير كلمة "Monos" إلى فكرة الكيان الفردي، سواء كان هذا الكيان مادياً أو مجازياً، شيء موجود في حد ذاته فعلا أم افتراضا؛ لكن في فيلمه الروائي الطويل الثاني "Monos" المشارك ضمن الاختيارات الرسمية خارج المسابقة الدولية لمهرجان القاهرة السينمائي في دورته 41، يشير المخرج الكولومبي أليخاندرو لاندز إلى أن هذه الكلمة تشير أيضا إلى المجموعة بشكل مجرد.
"Monos" هى وحدة عصابات مكونة من ثمانية مراهقين يقطنون أحد الأماكن الجبلية بمكان ما في أمريكا الجنوبية، يشرف عليهم أحد الأشخاص المخيفين يُدعى "الرسول"، نكتشف من خلال الدروس والتعليمات التي يلقنها لهم هذا الرسول أنهم يعملون لحساب جهة تسمى "المنظمة"، لا نراها ولا نعرف الكثير عنها طوال أحداث الفيلم. مهمة هذه الفرقة الأساسية والتي يحمل أعضائها أسماء لشخصيات خيالية، مثل: "بيج فوت، رامبو، بوم بوم، دوج، وولف، سنفور"، مهمتهم الأساسية هي حراسة سيدة تُدعى "سارة واطسون"، سجينة أمريكية يبدو أنها محتجزة للحصول على فدية، بالإضافة إلى بقرة تسمى "شاكيرا" قال لهم الرسول انها مستعارة من متبرع ما وطلب منهم رعايتها والاستفادة من حليبها فقط، وأمرهم قبل مغادرته بالانتظار وتلقي التعليمات عبر جهاز الراديو.
عقب رحيل "الرسول" نرى الوجه الآخر الفوضوي والعنيف لهولاء المراهقين الذين ينغمسون في نشواتهم وطفوسهم الغريبة والتي تنتهي بقتل البقرة وقائد المجموعة، ليتعين عليهم اخفاء الحقيقة أثناء ارسال التعليمات للرسول عبر الراديو لتجنب تعرض أحد أفرادهم للاعدام، لتأتي التعليمات الجديدة بتعيين "بيج فوت" قائداُ للمجموعة، وتصبح الأمور أكثر فوضى مما كانت عليه في السابق. تنتقل مجموعة "القرود / Monos" لاحقا إلى منطقة الغابات بعد أن حاولت الرهينة الهرب، وينجح "بيج فوت" في التمرد على المنظمة بعدما قام بقتل "الرسول" وتدمير جهاز الارسال، لتأخذ دراما الفيلم منحى وحشي ومخيف.
ليس من الواضح ما إذا كانت المجموعة تسعى لخرق القواعد بحثًا عن هدف محدد، أو أنهم يخضعون لبعض الانهيارات الجماعية التي تسبق الانهيار، لكن "لاندز" يستمر في تكثيفه لحالة الفوضى حتى نهاية الفيلم وسط أجواء جنونية وغامضة تشبه إلى حد كبير عوالم " Apocalypse Now" لفرانسيس فورد كوبولا، و"Aguirre, the Wrath of God" لفرنر هرتزوج، و"Lord of the Flies" لهاري هوك.
وعززت الألوان التي صممها مدير التصوير جاسبر وولف، من الحالة العامة للفيلم، فالاستخدام الواسع للون الأزرق يزيد من انفصال ابطال الفيلم عن الواقع مع توالي الأحداث، كما اضفتى الألوان القريبة للصدأ من تعزيز القسوة والوحشة للمكان والشخصيات، بالإضافة إلى استخدام اللون الأخضر في بعض المشاهد لإضفاء الشعور بالراحة النفسية للشخصيات. فعندما هربت شخصية "رامبو" من ذلك المعسكر الوحشي وجدت نفسها داخل منزل أحد العائلات المحلية التي تسكن الغابات، حيث قدموا لها الرعاية والعطف لفترة وجيزة قبل أن تعثر الفرقة على مكانها ويقوموا بتصفية العائلة.
أراد "لاندز" أن يصنع فيلماً عن الحرب، وبالتحديد حرب العصابات وحروب الظل التي تستمر لعقود متتالية. ربما يكون الفيلم بالنسبة له رمزيًا عن وطنه، كولومبيا، البلد الذي يستيقظ من حلم عنف لا نهاية له ولكن بشكوك مزعجة أن بذرة العنف الجديد موجودة دائمًا.
"Monos" هو دراما فلسفية وجسدية مهمومة بالعنف والصراع لكن على نطاق إنساني حميم، يترك عقلك في نهايته مفتوحا أمام كل الاحتمالات، هل سينتهي المطاف بهولاء المراهقين ضحايا أم منتصرين؟ وما العواقب إذا قرر أي منهم الانسحاب في وقت ما؟ هذه الأسئلة المتناثرة طوال أحداث ملحمة الفوضوي تعري وتكشف الوجه المظلم لوطنه من الداخل.