عنوان المقال "بلطجي الإسماعيلية" وأقول لكم منذ البداية حتى نكون على نور إن هذا العنوان كاذب، لأن الحقيقة هي أنه ليس بلطجي واحد الذي يجوب شوارع هذه المحافظة بل عشرات البلطجية معروفون بالإسم ومسجلون لدى وزارة الداخلية ويتحركون بأريحية وأمان، والمؤكد هو أن الإسماعيلية قد تبدلت تماما، أتذكر عندما عدنا من الهجرة عام 1974 كانت الإسماعيلية هي آخر المدن النظيفة في مصر حسب وصف الكاتب أنيس منصور في حينها، كان إسمها الأشهر هو باريس الصغرى حيث الحدائق والهدوء والأرواح الجميلة التي تسكنها.
أقول تبدلت لأننا لم نشهد في مصر قاتلا يجز رقبة مواطنا في الشارع ثم يحمل الرأس المقطوع ويتمشى وكأن شيئا لم يحدث، هذا المشهد المروع عشناه في الشارع البحري ويومها قامت الدنيا ولم تقعد وقلنا رب ضارة نافعة فقد انتبه رجال الأمن لخطورة الموقف وسوف يتخذون إجراءات رادعة لضبط الأمن في الشارع الإسماعيلي وبالفعل كان للغربال شدة سرعان ما ارتخت.
تحملنا في حي عرايشية مصر ما يسمونه بشارع الكفار وقد أسموه بذلك نظرا للقسوة المبالغة التي يتعامل بها نفر من هذا الشارع، تحملنا لأن الحرب على الإرهاب كانت قائمة وكان لا صوت يعلو على صوت مواجهة الإرهاب وانا بالطبع مع ذلك فلا يوجد ماهو أهم من الأمن القومي المصري، كان الإرهابي الأخطر هشام عشماوي يختبىء في مدينتنا ونحن لا نعلم.
جاء مؤخرا الفيديو الذي حصل على التيرند بإمتياز وهو فيديو بلطجي الإسماعيلية الذي يدخل محل حلاقة مع آخر فيغلق الآخر باب المحل بشكل مدروس بينما ينهال البلطجي بالسيف على الحلاق تقطيعا وكأنه في غزوة جاهلية، الجديد في موضوع بلطجي الإسماعيلية هو أنه يخرج من مدينة ريفية مناضلة إسمها التل الكبير، تلك المدينة التي واجه فيها الزعيم أحمد عرابي الإنجليز وهم يحاولون دخول مصر لاستعمارها.
ومثلما تبدلت مدينة الإسماعيلية تبدل الريف بشكل مرعب، وعن السرقات تحدث كما شئت لم تعد في الإسماعيلية مزرعة آمنة، تراجعت قيمة العمل وتقدمت رذيلة الكسب الحرام بالسرقة.
نعود إلى بلطجي الإسماعيلية صاحب الفيديو الأخير لنرى أن المتهم كان يحمل سيفا أو في تعريف آخر يحمل سنجة وهي سلاح فتاك قاطع للرقاب، هذا السلاح يصنعه حدادون فما المانع من محاسبة الحداد الذي صنع ومعاقبته تماما مثل معاقبة من استخدم هذا السلاح؟.
همومنا كبيرة في موضوع البلطجة والبذاءة وانتشار القبح في مدينة الإسماعيلية التي كانت مرشحة وبقوة لتكون وجهة سياحية عظيمة تدر اقتصادًا رائعًا من سياحة اليوم الواحد باعتبارها هي الأقرب لمحافظة القاهرة.. إنعدام الأمن يدمر الاقتصاد الذي هو الشغل الشاغل لجمهوريتنا الجديدة، فماذا نحن فاعلون حتى يطمئن الناس في بيوتهم وفي الشارع أيضا؟.