السبت 21 سبتمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

حوارات

المناضل الشيوعي ألبيرآريه في حواره مع "البوابة نيوز"(3-3):الإعلام المصري ظلم اليهود.. في يوم من الأيام ستُعاد كتابة التاريخ من جديد.. وحارة اليهود لم يكن فيها ضباط جيش أو راقصات أو بلطجية أو منة شلبي

المناضل الشيوعي ألبير
المناضل الشيوعي ألبير أريه
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
اتماما لما بدأناه في حوارنا مع المناضل الشيوعي ألبير أريه، الذي تحدث في الجزئين الأول والثاني عن أوضاع الطائفة اليهودية في مصر منذ عام 1945 وعما حدث لهنرى كورييل وشحاته هارون وعلاقته بيوسف درويش وما آل إليه حال اليهود في مصر، نبدأ معه الجزء الثالث والأخير بتساؤل عن تعامل الإعلام المصرى مع اليهود أثناء خروجهم مصر هل أنصفهم أم انقلب ضدهم؟، أجاب: "الإعلام ظلم اليهود، مانصرهمش".
لم يرغب أريه في الحديث عن الإعلام المصرى أكثر من ذلك، لكن بعد عدة لحظات من الصمت قال: "من المفارقات الغريبه كان تناقض عبد الناصر في تعامله مع اليهود، فعلى عكس انفتاحه في علاقته الدولية ومقابلته لشخصيات يهودية كبيرة كان في الداخل اليهود بيتم الضغط عليهم علشان يخرجوا بلا رجعة، كمان عبد الناصر كان مستمر في اتصالاته مع قوى السلام في إسرائيل والمنظمات اليهودية إلى كانت بتدعوا للسلام وبتطالب بحل سلمى للموقف وأحمد حمروشي هو إلى قام بالاتصالات دى مع الجانب الإسرائيلي وبعد كده مع عصام السرطاوى والى انتهت باغتيال السرطاوى وكورييل، لكن بعدها الفلسطينيون اتواصلوا على طول مع القيادات الإسرائيلية الكبرى وعملوا اتفاقية أوسلو بعد ما كان التواصل بيتم مع قوى السلام بس في إسرائيل". 

عندها سألته عن الوضع الإسرائيلي وقت الحرب، يوضح: "في إسرائيل كان في قانون بينص إن أي شخص يتصل بمنظمة التحرير الفلسطينية يتسجن، وفعلا في ناس قاموا بالاتصال واتسجنوا ومع الأسف واحد منهم جه وزار مصر بعد كامب ديفيد، كان راجل يسارى وعضو سابق في الحزب الشيوعى الإسرائيلي لكن ماحدش قابله غيرى أنا وشحاته هارون، لأن كان في قرار في التجمع بمنع أي اتصال بأى شخصية إسرائيلية لأن ده تطبيع، فأنا عرفته القرار وهو تفهم الموقف واحترمه وبعد كده كان بينه وبين منظمة التحرير الفلسطينية تواصل وإتحكم عليه بالسجن، كان اسمه "فايلر"، خبير زراعى، وكان دايما في رأس السنة لما يسافر بره يبعتلى كارت معايده بس مش من إسرائيل، عمره ما بعتلى حاجه من إسرائيل". 
يستعيد أريه ذكرياته، يكمل مبتسمًا: "انت عارف أيام أحداث غزة وأنا بقلب على الفيس بوك لقيت زوجته على الفيس ومشتركة في حملة داخل إسرائيل ضد العدوان على غزة، بس دلوقتى مايقدروش يسجنوها لانهم لغو خلاص قرار المنع بعد اتفاقية اسولو، كمان ياسر عرفات أول ما عمل احتفال في غزة بانشاء السلطة الفلسطينية دعى واحد اسمه "يوري افنيري" كان من أنصار السلام في إسرائيل وقعد على يمينه كرد اعتبار إنهم كانوا هما إلى بيتصلوا بينا وبيتحبسوا في إسرائيل بسببنا، وبعدها تواصلنا بالجانب الصهيونى، لكن في ناس هنا في مصر هاجموا ياسر عرفات وقالوا ازاى يعمل كده، لكن حتى الآن كل إلى بيخرج في مظاهرة ضد إسرائيل بيضرب والراجل خرج في مظاهرات ضد الجدار العازل وانضرب". 

هل هناك كيفية لتكريم الرموز اليهودية أمثال شحاته هارون وهنرى كورييل ويوسف درويش، سألته فقال: "مش عاوزين حاجة، عاوزين الناس بس تبطل تشتم فيهم، شحاتة إلى حد ما ماحدش بيشتم فيه، ما زال محتفظ بصورة اليهودى الوطنى المحترم، لكن هنرى كورييل مازالوا بيشتموه وفى ناس قاصدين ده". 
وماذا عن مدى تغير المفاهيم لدى الشعب المصرى بخصوص اليهود؟، أجاب إجابة واضحة وصريحة: "لما نبطل نزور التاريخ ونحترم الرأى الآخر، وقتها الناس هاتبتدى تفهم كل الفروق، في يوم من الأيام التاريخ هايتعاد كتابته من جديد".
استوقفته لتوضيح قصة خروج والدته، باعتبارها واحده ممن خرجن من مصر بتأشيرة "الخروج بلا عودة"، حكى: "أول مرة سافرت وأنا كنت في المعتقل، وكان سفرها لأسباب طبيه وخدت موافقه من الكومسيون الطبي ورجعت، لكن بعد ما أنا طلعت كانت عاوزه تسافر فرنسا علشان تشوف بنتها هناك، ولما قدمت تسافر فترة وترجع رفضوا فإضطرت تسافر بلا عودة، ومن المواقف الظريفة إن أمى كانت بتحب تنام على القطن وكان معاها ملايات قطن وكنت أنا هاشحنهم في جمرك السبتية فوجئت إنهم رافضين وبيقولوا ماينفعش الملايات دى تخرج بره البلد دي حجات إستراتيجية بعد كده حطتهم معاها في الشنطة وسافرت بيهم.. كان اليهود لما بيسافروا الحكومة بتاخد حاجتهم وتسيبلهم 5 دولارات بس، ولما امى ماتت وصت أن ماحدش يصلى عليها، قالت مش عاوزه حاخام يصلى عليه، وادفنت زى المسيحين لابسه لبسها وفى تابوت على عكس اليهود تماما".
استفسرت عن سبب رفضها لصلاة أي حخام عليها، أوضح: "هي كانت رافضة، مش عاوزه حد يصلى عليها، كمان أمى كانت السبب في إنى عمرى ما دخلت معبد، علشان لما دخلت المعبد وأنا صغير قالولها ابنك يقعد مع الرجالة مايقعدش مع الستات، فقالت المكان إلى ماعرفش أخد فيه ابنى ماروحوش تانى".

قبل أن نختم حوارنا كان لا بد أن نعرف رأيه في مسلسل "حارة اليهود"، الذي يُذاع حاليًا، يقول أريه: "العمل الدرامى لازم يكون عارف إنه مرتبط بظروف تاريخيه لازم يحترمها، عايز قصه خياليه مافيش مانع بس تحاول تخليها في إطار معقول، لو كانوا مثلا اختاروا حى السكاكينى أو باب الشعرية أو غمره أو العباسية كانت تبقى معقوله، لأنه كان في اختلاط حقيقي بين المسلمين واليهود والمسيحيين وعايشين مع بعض وكمان المستوى الاجتماعى كان هايبقى ماشي أكتر، لكن هو حب يحط اسم يشد "حارة اليهود" الاسم يجذب بس ده مش سليم، كان ممكن يعملها في حتة تانية، حارة اليهود ولا كان فيها أغنيا ولاقرائيين، القرائيون كانوا في حارة لوحدهم مش مع الربانيين، لانهم ماكانوش معترفين بيهم، ولا بيعملوا احتفالات ولا رقصات وبيت دعارة، بيوت الدعاره كانت في كلوت بك، وكمان في 48 كان قانون الدعارة اتلغى قبلها بسنة".

في الختام سألته عن ذكرياته مع الحارة، وأخذ يحكي: "في نهاية صيف ١٩٤٧ انتشر وباء الكوليرا، أساسا كان في الشرقية وفى مناطق معسكرات الجيش الانجليزى، وكانت حكومة النقراشى باشا سلبية تتكتم على أنباء الوباء، وقامت منظمة الحركة الديموقراطية للتحرر الوطنى بمبادرة تكوين لجان شعبية لمكافحة الوباء، ومعظم أعضاء اللجان كانوا من الشباب ومن طلبة الجامعات وتم توزيعهم على الاحياء الشعبية، وكان نصيبنا انا وزميل آخر حارة اليهود، كان عمرنا ١٨ سنة وكنا طلبة في سنة أولى جامعة، كان من المستبعد دخول الحارة بدون موافقة الطائفة اليهودية، السيدة روزيت كورييل زوجة هنرى كورييل اتصلت بالطائفة لتسهيل مهمتنا، كانت المرة الأولى اللي ندخل فيها حارة اليهود، كنا عارفين أن مدخلها من شارع الموسكى وكانت مفاجاءة لنا منظر الحوارى الضيقة والبيوت القديمة".

يواصل: "كنا مسلحين بكمية من زجاجات الفنيك وبخاخات وعلب فلت لمكافحة الذباب، مهمتنا كانت المرور على العمارات وبالتحديد على المراحيض في كل شقة، الطريقة الوحيدة للمكافحة كانت النظافة، كانت مهمة صعبة لشابيين خريجى مدرسة الليسيه ومن سكان ميدان الإسماعيلية (التحرير حاليا) وبيتكملوا اللغة الفرنسية في بيوتهم، مساهمة الطائفة كانت استعمال المركز الاجتماعى لتخزين الفنيك والفلت واعطائنا بالطو أبيض، الحارة كانت عبارة عن حوارى، معابد قديمة ودكاكين فقيرة وحرف ومركز اجتماعى حديث بيوزع المساعدات وتعليم الفتيات وبعض الأعمال مثل الحياكة، تصوروا حى بلدى فقير سكانهم لا يختلفون عن أي فقراء مصريين، الاختلاف الوحيد كان الدين".

يتابع: "تمت مهمتنا الأولى، السكان ما كانوش بيرحبوا بينا: اثنين شكلهم خواجات داخلين بيوتهم، لكن تدريجيا وبمساعدة شاب موظف في المركز الجو اتحسن وبطلوا يقولوا انتو جايين تتفرجوا على فقرنا، واليوم كان يفوت بسرعة، الاشراف على نظافة المراحيض، توزبع الفنيك والقضاء على الناموس والذباب ونظافة الشوارع، اصبحنا اصدقاء المكوجى والقهوجى والأهالي يقبلوا يتصوروا، كانت تجربة فريدة اكتشاف الفقر بعيدا عن الكتب والتحدث مع ناس لا يعرفون غير اللغة العربية".

ويختم أريه: "كانوا مصريين اختلافهم الوحيد الديانة لم اقابل مسيحيين أو مسلمين، لأن في ١٩٤٧ سكان الحارة كانوا جميعا يهود، لم نقابل اغنياء أو بلطجية أو راقصات أو ساقطات أو ضباط جيش أو بنات حلوين مثل منة شلبى أو متحدثين باللغة الفرنسية أو عناصر شيوعية أو صهيونية أو أحد من عائلة العدل، انتهت مهمتنا مع وباء الكوليرا والطائفة شكرتنا وفهمتنا أن كان يستحسن الابتعاد عن الحارة، وفى الغالب تقارير بوليسية كانت وصلت، والدى ووالدتى مثل الاغلبية الساحقة ليهود القاهرة لم يدخلوا الحارة.ّ. الله يسامح مزورى التاريخ".

الجزء الأول
الجزء الثالث