الجمعة 25 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

خبراء اقتصاديون وأمنيون يرسمون خارطة طريق للبلاد

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عبرت مصر بعد ثورة 30 يونيو الماضية مرحلة هامة من تاريخها المعاصر، لتنطلق نحو الخروج من أزماتها في المجالات المتعددة، وتباينت آراء السياسيين والمحللين إزاء الحلول العاجلة للخروج من المأزق خلال المرحلة الانتقالية.
الخبراء والمتخصصون في كل مجال يرسمون لنا طريقة الخروج من الأزمة ويقدمون روشتة علاج لأمراض مصر التي استشرت في جسدها الاقتصادي المنهار.
مصر بحاجة إلى مشاركة جيدة من قبل المواطنين والقوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني، وذلك لن يتم إلا في ظل وجود حوار سياسي شامل، يحتاج إلى عدة خطوات هامة.
الدكتور أحمد غنيم، الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية يقول لـ“,”البوابة نيوز“,”: إن الوضع الاقتصادي في هذه الفترة ليس على قائمة الأولويات، وبدأ يظهر أن هناك دولة قانون تنهار بشكل كبير، وهذا مؤشر سلبي، فنحن عبثنا باقتصاد السوق والخصخصة في ظل نظام شابه الفساد والعوار.
وهناك عدة خطوات لا بد من القيام بها من خلال عدة مشاريع: الأول: الاكتفاء الذاتي من السكر، حيث إن مصر تقدم دعما للسكر بمقدار 730 مليون دولار سنويا، وهو المبلغ الذي يمكن توفيره من خلال التوسع في زراعة البنجر، وإنشاء مصانع لتكرير السكر منه، وذلك بمشاركة القطاعين العام والخاص، ما يسهم في توفير أموال الدعم التي تقدمها الدولة، وتشغيل آلاف الشباب في هذا المشروع، وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
والمشروع الثاني: من خلال إصلاح قطاع الغاز الطبيعي؛ لأن مصر حينما تقوم بتصدير مواردها الطبيعية مثل الغاز الطبيعي كمورد خام، تخسر مليارات الدولارات، كما تفقد خبرات لا تجد عملاً لها في الداخل، فتهاجر للخارج للبحث عن بديل، وبالتالي يمكن تجنب ذلك من خلال ثلاث مراحل.
يقول الدكتور رشاد عبده، أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية: لا بد من العمل على جذب أكبر قدر ممكن من الاستثمارات الأجنبية، ما يسهل إنشاء العديد من المصانع والشركات، ومن ثم خلق فرص عمل جديدة وزيادة القدرات التصديرية وارتفاع الوارد من العملات الأجنبية، وهو ما يترتب عليه سد انخفاض الاحتياطي النقدي.
ونوّه عبده إلى ضرورة معالجة الخلل الموجود بميزان المدفوعات التجاري، فمن غير المعقول أن تكون قيمة صادراتنا حوالي 16 مليار دولار، في حين أن الواردات تتخطى 30 مليار دولار، وسد هذا العجز في ميزان المدفوعات يتطلب زيادة الصادرات وتهيئة المناخ لحل المشاكل مع الاستثمارات وتزويد الإنتاج، كما ينبغي أن يكف الشعب المصري عن السلع الاستفزازية التي تكلف خزينة الدولة وترفع من قيمة الواردات، وهو ما يحتاج إلى توعية إعلامية كافية وأن يخاطب المسئولون الشعب بصدق ووضوح لوضع الشعب في الصورة وإطلاعهم بحجم المشكلة ليكف عن شراء هذه السلع.
اندثار الصناعة
لا يختلف أحد على أن الصناعة هي عماد التقدم الحقيقي لأي دولة ترغب في النهوض، إلا أن الصناعة المصرية على مدار السنوات الأخيرة تلقت ضربات قاتلة منذ عهد الانفتاح وصولا إلى الخصخصة وتسريح العمال؛ لأن مصر بها 1075 مصنعا يعاني من ديون متعثرة، إضافة إلى مشروعات عديدة تستحق وصف “,”مع وقف التنفيذ“,” مثل البرنامج النووي بالضبعة وفوسفات أبو طرطور وغرب خليج السويس، والكارثة الكبرى هي أن بعض الصناعات الأساسية على شفا الانهيار وحافة الاندثار مثل الغزل والنسيج والحديد والصلب والأسمدة والسيارات والجلود، كل هذه الأزمات المتراكمة تحتاج لإغاثة سريعة إذا أرادت مصر الثورة أن تلحق بركب التقدم.
وتقول الدكتورة أمنية الشيخ، إخصائية جودة وحدة الجودة القومية بمركز تحديث الصناعة: إن دراسة مشكلات كل قطاع على حدة لمعرفة أسباب المشكلة وتحليل المشكلة وإرجاعها إلى أصلها وهل هي مشكلة إدارة أم مشكلة موارد أم مشكلة اقتصادية أم أنها مشكلة قوانين وتشريعات، فلكل قطاع مشاكله المختلفة.
وعن مشكلة الديون، أكدت الشيخ أنه ينبغي أن نعرف أسباب هذه الديون المتراكمة، هل هي مشكلة إنتاج أم جودة أم أنها مشكلة في التسويق، سواء بالسوق المحلي أو الخارجي أم أنها مشكلة في عدم توفر الموارد، ما يضطر المصانع لاستيراد هذه الموارد، وهل منتجات المصانع مطابقة للمواصفات العالمية المعروفة.
وشددت الشيخ على أن أزمة الصناعة المصرية تكمن في كيفية إدارة الأزمات لمعرفة العقبات التي تعرقل تقدم الصناعة وتطوير جودتها لتكون صالحة للتصدير وقادرة على المنافسة العالمية، وهو ما يتطلب تطبيق معايير الجودة والمواصفات، وقطاع الصناعة في مصر بأزماته الكثيرة يحتاج على الأقل من 5 إلى 10 سنوات للخروج من هذه الأزمات.
الفوضى السياسية
في رأي الدكتور سليمان عبد الفتاح، أستاذ القانون الدستوري: إن الأزمة الراهنة تحتاج إلى مخرج، يلزمه اعتماد سياسة الحوار، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، فالقضية ليست فقط في تنحي الرئيس، وإنما في الخطوات التالية التي يجب أن تحظى بتوافق عام من الجميع، والبلاد مقدمة على مرحلة صعبة.
الكهرباء والطاقة
تقع مصر في الترتيب 30 بقائمة الدول المستهلكة للطاقة الكهربية، حيث يبلغ نصيب الفرد من الطاقة الكهربائية 1782 كيلو وات في الساعة، بينما المتوسط العالمي 2730 كيلو وات في الساعة.
قال د.علاء السيسي، رئيس شعبة الكهرباء بنقابة المهندسين: إن أول خطوة في طريق التخلص من أزمة الكهرباء والطاقة في مصر هي الترشيد، فلا بد أن نأخذ موضوع الترشيد على محمل الجد، وأن يكون هناك حماس وتوعية على مستوى الشعب كله لترشيد الطاقة، وهذا الترشيد ينبغي أن يتم بالطرق والأساليب العلمية.
وأضاف السيسي أنه بعد الترشيد علينا أن نبحث عن مصادر بديلة للطاقة ولا نكتفي بالمصادر الموجودة أو نعتمد على البترول والغاز، فما هي إلا سنوات معدودة وسينتهي البترول والغاز، فلا بد من التركيز في البحث عن المصادر البديلة، مشيرا إلى أن الطاقة النووية حل أو بالأحرى شر لا بد منه، لكن التركيز يجب أن يكون على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
وذكر السيسي أن المشكلة تكمن في أن استهلاك الطاقة الكهربية في مصر معدل تزايده كبير جدا، والتغلب على المشكلة لن يتم قبل 10 سنوات حيث نكون جهزنا عددا من المحطات النووية وعدد من المحطات الشمسية.
الانفلات الأمني
تعاني مصر من حالة من انهيار المنظومة الأمنية بعد الثورة، وإن كان هذا الانفلات في طريقه إلى الانخفاض، لكن هذا لا ينكر أن مصر بها أكثر من 13 ألف سيارة مسروقة في 6 أشهر، وأن أكثر من 20 ألف مسجل خطر هربوا من السجون أثناء الثورة، بالإضافة إلى الكميات الهائلة من الأسلحة والذخيرة التي دخلت مصر في أعقاب الثورة الليبية، وهو ما يؤكد حاجة مصر لخارطة طريق لعودة الأمن بمفهوم جديد يتماشى مع كرامة المواطنين التي دعت إليها ثورة يناير.
من جانبه، يرى اللواء نشأت الهلالي، رئيس أكاديمية الشرطة الأسبق، أن الأمن ظاهرة مجتمعية تشمل أبعادا اقتصادية وسياسية واجتماعية، وعلى مستوى دول كثيرة لم تعد مسئولية الأمن مقصورة على أجهزة الأمن فحسب، بل أصبح مسئولية مشتركة تقوم بها العديد من الأجهزة والهيئات الحكومية والأمنية في الدولة، إلا أننا في مصر لا نزال نلقي بأعباء كثيرة على جهاز الأمن، ما جعل العبء يتزايد يوما بعد يوم، وجعل جهاز الأمن أحيانا يتحمل مسئوليات تباعد بينه وبين دوره الرئيسي.
وأكد الهلالي أن الأمن لن يعود إلا باحترام القانون؛ لأن المنظومة ثلاثية: هيبة قانون تؤدي إلى هيبة شرطة تؤدي إلى هيبة دولة، وإذا فقدنا واحدة من هذه المنظومة يضيع الباقي؛ لأنها سلسلة، أهمها هيبة القانون الذي يجب أن يحترم من قبل جميع التيارات والحاكم والمحكوم.
وأضاف الهلالي أن الشرطة المجتمعية تمثل نوعا من تطور الشرطة التقليدية حيث يحدث انفتاح على المجتمع الاقتصادي في القيام بأداء دور هام بصدق وإخلاص انطلاقا من أن الأمن هو حق وواجب على جميع أفراد المجتمع بأكمله، فلكل فرد من أفراد المجتمع أن يختار من أنشطة الشرطة المجتمعية بمختلف الوسائل المقررة والوسيلة بأسلوب مناسب، مع ملاحظة أن مفهوم الشرطة المجتمعية يتميز أنه مفهوم متغير حسب الدولة التي تصدقه والآليات التي تعتمد له إلا أن في مجمله يعتمد على تفتيح المجتمع بالوعي الأمني والمعارك الأمنية والمصالح المشتركة التي يجب الحفاظ عليها، ومن ثم يتولى المجتمع ككل مسئولية الأمن الداخلي بصورة مباشرة، إلى جانب الأجهزة الأمنية ومشاركتها في أعمال الوقاية من الفساد.
تدهور الزراعة
قطاع الزراعة يعاني من العديد من المشكلات التي تحتاج إلى تدخل عاجل وحلول ضرورية، فمصر تستورد 9 ملايين طن قمح سنويا، بما يقارب 16 مليار جنيه وهي على رأس الدول المستوردة للقمح، بالإضافة إلى مشكلات التعدي على الأراضي التي تخطت 500 ألف حالة، وأزمة ديون الفلاحين لبنك التنمية، وأزمة ارتفاع أسعار الأسمدة، كل هذه المشاكل طرحناها على أبي القمح المصري.
وأكد أبو القمح المصري، مدير جمعة، نقيب الزراعيين، أن مصر ليست لديها مساحة كافية تساعدها في تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح؛ لأن تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح يتطلب زراعة 5 ملايين فدان، ومصر لا تملك هذه المساحة، والحل يكمن في تحقيق توازن وتكامل بين مجموعة الحبوب الأرز والذرة والشعير، وأن نرفع مساحة الذرة المزروعة من 1.6 مليون فدان إلى 3.5 مليون فدان، ما بين ذرة صفراء وبيضاء ورفيعة، وهو ما يساهم في حل مشاكل مصر الزراعية بشكل كبير.
وقال جمعة: إن هناك 40 ألف فدان من الأراضي القديمة تتعرض للتعدي سنويا، وهي من أخصب وأجود الأراضي، لهذا طالب بأن تعامل الأرض القديمة على أنها محمية طبيعية، كما طالب بتجريم التعدي عليها، وأكد أن أبرز الحلول هو نقل الناس إلى أراض جديدة، ما يوسع الرقعة العمرانية في الصحراء.
ويرى “,”جمعه“,” أن بنك التنمية والائتمان الزراعي لم يعد يقوم بدوره الحقيقي المنوط به، وهو تسليف المزارعين والفلاحين الأموال التي تساعدهم في تعمير الأراضي بقروض ذات أرباح معقولة، كما أن أزمة ارتفاع أسعار الأسمدة لن تنتهي طالما أن هناك سوق سوداء، والحل هو أن يتم توزيع الأسمدة على الحيازة الزراعية وأن يكون التوزيع عن طريق الجمعيات الزراعية وأن تكون هي المسئولة عن توزيع الأسمدة بالعدل بين الفلاحين.
انتشار البطالة
البطالة أصبحت سببا في تهديد استقرار العديد من الأنظمة والحكومات في ظل المعدلات المتزايدة للنمو السكاني في هذه البلدان وزيادة الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك، ما تزداد معه المطالبة بأهمية خلق حوالي 8 ملايين وظيفة جديدة خلال الـ12 عاما المقبلة في دول جنوب الصحراء الإفريقية.
يقول الدكتور خميس الهلباوي، أستاذ الاقتصاد: إن توفر الأراضي المطلوبة للمشروعات الصناعية والخدمية المختلفة بتكاليف رمزية نسبياً تجعلها في مقدمة الدول الواجب الاستثمار فيها، وكذلك لتوفر الأيدي العاملة الرخيصة التي تقل تكلفتها عن الأيدي العاملة في الصين والهند ودول شرق آسيا حالياً.
وأضاف أن موقع مصر الجغرافي في القلب من القارات الثلاث، إفريقيا وأوربا وآسيا، علماً بأن السوق المصرية نتيجة الكثافة السكانية، والأسواق الأوروبية تعتبر الهدف الرئيسي للشركات التي ترغب في الاستثمار، وهذا العنصر يمثل ميزة نسبية لمصر، نتيجة انخفاض تكلفة النقل من مصر عنه في دول شرق آسيا، وقرب المسافة بين مصر والدول الأوربية.
الاقتصاد/ المرحلة الانتقالية /