لشهر رمضان المبارك في عهد الملك فؤاد الأول، طقوس شديدة التميز ذات طابع عثماني خاص، الزينة في كل مكان تتجلى والمساجد وشوارع المحروسة تتزين وتتأهب احتفالًا بمجيء الزائر الطيب شهر رمضان الكريم.
وما إن يبدأ الشهر الفضيل، حتى يصدر الملك فؤاد الأول أوامره بمنع بيع الكحوليات في المحلات العامة وأن تشغل وزارة الأوقاف أجهزة الراديو، لإذاعة القرآن الكريم طوال شهر رمضان، وكانت القصور الملكية تستخدم مكبرات الصوت لإذاعة القرآن الكريم وتقام السرادقات فى الميادين الكبيرة والمتنزهات لتلاوة آيات الذكر الحكيم والتواشيح الدينية خاصة في ميدان قصر عابدين، ليصدح القرآن الكريم فى كل مكان بالمحروسة احتفالًا بالشهر الكريم.
ويأمر الملك فؤاد بإقامة الموائد الرمضانية العامرة بكل ما لذ وطاب في شوارع وميادين القاهرة وسائر مدن المملكة المصرية وأرجائها لإطعام الفقراء والدعوة مفتوحة للجميع لا يستثنى منها أحد.
هذا ومن المواقف التى لا تنسى للملك فؤاد الأول، حين طالع رحمه الله صورة فى إحدى الصحف لوزير المعارف مراد سيد أحمد باشا فى ميدان السباق بمصر الجديدة وهو يدخن «سيجارة» علانية فى نهار رمضان، فغضب رحمه الله غضبا شديدا وأمر بخروج مراد سيد أحمد باشا من الوزارة وإقالته فورا.
عادات الخديو إسماعيل فى رمضان
كان من عادات الخديو إسماعيل رحمه الله أن يجامل جيرانه فى حي عابدين، فيذكر عبد المنعم شميس فى كتاب «القاهرة قصص وحكايات» أن صوانى الأطعمة الفاخرة كانت تخرج من قصر عابدين وترسل إلى بعض البيوت المعروفة من عائلات أبناء البلد وكانت تلك البيوت تخص الأعيان وكبار التجار والحرفيين والصناع من أبناء البلد وكانت تلك العائلات ترد على تحية إسماعيل باشا، فيذكر أنه خلال موسم عاشوراء كان من عادة أحد كبار التجار أن يرسل إلى قصر عابدين كل عام ١٢ إردبًا من القمح قبل موسم عاشوراء.
وكان الخديو إسماعيل يقبل تلك الهدية وكان يردها إلى أهالى الحى على هيئة أطباق من العاشوراء مطبوخة فى مطابخ القصر مخلوطة بالمكسرات فى أطباق مستديرة والتى يبلغ قطر الواحد منها أكثر خمسين سنتيمتر والمصنوعة من الصيني الفاخر وكانت تغطى بمناديل الحرير ولا تسترد من المهدى إليه وكان أهالى الحى يسعدون سعادة غامرة ومع تعدد المواسم كان الأعيان من أولاد البلد يحتفظون بتلك الأطباق ويتوارثونها.
ومن عادات الخديو إسماعيل أنه كان حريصًا فى غرة شهر رمضان وفي ليلة القدر على إهداء الأطعمة الفاخرة، إلى جيران القصر من أولاد البلد المصريين من الأعيان والتجار، وفى عيد الفطر كانت هدايا الخديو الحلويات الفاخرة وأنواع الشيكولاتة والملبس باللوز وأقفاص الفاكهة فى بشائرها من حدائق أنشاص والخيار مغلفا بالورق الأبيض الرقيق، هذا وكان للفقراء نصيبا وفيرا من تلك العطايا، فكانت توزع عليهم الأموال والحلوى لإدخال السرور والفرحة فى نفوسهم مع قدوم العيد.
رمضان في عهد الملك فاروق
فى عهد الملك فاروق الأول، كانت القصور الملكية طوال شهر رمضان تستخدم مكبرات الصوت لإذاعة القرآن الكريم، وتقام السرادقات فى الميادين الكبيرة والمتنزهات لتلاوة آيات الذكر الحكيم والتواشيح الدينية، خاصة فى ميدان قصر عابدين، وكان الملك فاروق، يؤكد على ضرورة إذاعة أصحاب المحلات المجهزة بأجهزة الراديو القرآن الكريم طوال أيام رمضان، ليصدح القرآن فى كل مكان بالمحروسة احتفالًا بالشهر الكريم.