الإثنين 23 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تقارير وتحقيقات

أهالي "أبو دياب" بقنا: “عايزين نشرب مياه من النيل والمحافظ رافض”.. المسئولون لجأوا لـ"ترعة ملوثة" كمصدر مياه لمرشح القرية.. والهواري: خاطبنا "التخطيط" لتحمل التكاليف.. والغول: صحة أهلنا لا تقدر بثمن

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

بعد عشرات الشكاوى والاستغاثات التي استمرت لنحو 5 سنوات في ظل إهمال مسئولي محافظة قنا، جاءت أخيرًا مبادرة "حياة كريمة" لتستجيب لمطالب أهالي قرية أبو دياب، التابعة لمركز دشنا، في تنفيذ "مرشح مياه" خاص بالقرية، يغنيهم عن شح مائي عاشوا فيه سنوات طويلة، ويضمن للأهالي توفير مياه صالحة للاستهلاك الآدمي.

لكن يبدو أن مسئولي محافظة قنا، الذين لم يأخذوا شكاوى المواطنين ومعانتهم على محمل الجد طوال تلك المدة، قد قرروا تحويل "المنحة إلى محنة" وحل الأزمة بأخرى كارثية تهدد صحتهم، حين ارتأوا أن يكون "مأخذ مياه المرشح" من إحدى الترع، بدلًا من نهر النيل.

الأزمة يسردها لـ"البوابة نيوز" أحد أبناء قرية أبو دياب، أحمد أبو زيد، محامي، حيث قال: "5 شهور كاملة، مُنذ بداية مايو وحتى نهاية أغسطس من كل عام، تنقطع فيهم المياه تمامًا عن القرية، نُسمى تلك الشهور بـ"موسم الجراكن" لأن الجراكن تنتشر لتكون السبيل الوحيد لحصول أهالي القرية على المياه من القرى المجاورة لنا".

وتابع أبو زيد: "ضغط المياه في شهور الصيف يكون معدوم، فهي تأتي إلينا من مرشح مياه مدينة دشنا، وقريتنا آخر قرى المركز، ورغم استغاثات أهالي القرية المتكررة للمحافظ والمسئولين، إلا أن الاستجابة كانت دائما بأنه يجري تنفيذ توسيعات بمرشح دشنا لزيادة ضغط المياه، لكن تلك التوسيعات تتم لتكون في صالح أهالي المركز، وليس أبناء القرى، وهو ما جعل الأزمة قائمة لمدة تزيد على 5 سنوات متتالية".

جاءت الانفراجة في شهر مارس الماضي، 2021، حين استجابت مبادرة حياة كريمة لنداءات أهالي القرية، وقررت تنفيذ "مرشح مياه" خاص بالقرية داخل وحدتها المحلية، وهي الخطوة التي يصفها "أبو زيد" بأنها "عظيمة، وهتحل المشكلة بشكل جذري".

وأكمل أبوزيد: "لكن فوجئنا بأن محافظ قنا، أشرف الداودي، قرر أن يكون "مأخذ المرشح" من إحدى الترع، وليس مباشرة من نهر النيل، الذي يبعد عن قريتنا حوالي 4 كيلومتر.. تلك الترعة مياهها غير صالحة للاستهلاك الآدمي أو الحيواني، فهي مكب نفايات، ومستنقع للحيوانات الميتة، كما تستخدمها سيارات الصرف الصحي لإلقاء مخالفاتها يوميًا، لعدم وجود منظومة صرف صحي بالقرية أو القرى المجاورة لنا".

واعترض أهالي القرية على أن يكون مأخذ مياه المرشح من "ترعة الكلابية" وتقدموا بعدة طلبات لمحافظ قنا للنظر في الأمر، وجاء رده بحسب "أبو زيد" بأنه سيتم تحليل المياه للتأكد من سلامتها، فإذا كانت صالحة سيتم استكمال المشروع دون الحاجة لمد خطوط للنيل، أما إذا كانت غير ذلك فسيتم توصيل المرشح بمياه نهر النيل مباشرة.

واستطرد أبو زيد: "أَجرت مديرية الشئون الصحية بقنا، تحليلين للمياه، في 3 و20 مايو 2021، وثبُت من التحليلين أن المياه غير صالحة، لكن كالعادة أصر المحافظ، أشرف الداودي، على أن يكون مأخذ مياه المرشح من ترعة الكلابية، وليس من نهر النيل، متحججًا بالتكاليف المرتفعة لمد الخطوط، ولما اعترضنا قال لنا إن التحاليل أثبتت صلاحية المياه، فطالبنا برؤية تلك التحاليل، فرفض، ثم تقدمنا بطلب إلى الدكتور راجي تواضروس، وكيل وزارة الصحة بالمحافظة، لرؤية نسخة من نتيجة العينات، فرفض أيضًا وبرر بأنها مخاطبات حكومية لا يُمكن للمواطنين الاطلاع عليها".

وفي ظل تعنت مسئولي محافظة قنا، تقدم أهالي قرية أبو دياب بدشنا، بشكوى للرقابة الإدارية، وأخرى لمجلس الوزراء، وثالثة لوزارة الإسكان، بجانب شكوى للهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحي، كما حرروا محضرًا في قسم الشرطة لإثبات احتجاجهم رسميًا ضد تعنت محافظ قنا، فضلًا عن طلب تم تقديمه للنيابة، طالبوا فيه بالإعلان والإفصاح عن نتيجة تحليل عينات مياه الترعة التي زُعم صلاحيتها.

واختتم أبو زيد حديثه قائلًا: "المحافظ بيعترض ويعترض بحجة التكلفة، طيب وصحة الناس؟ صحة أكتر من 40 ألف نسمة أهم من 6 أو 7 مليون جنيه؟ التكلفة اللي شايفها المحافظ كبيرة دلوقتي هتكون أكبر على الدولة لو انتشرت الأمراض بين أهالي القرية أكتر ماهي منتشرة.. مش هنحل مشكلة عجز المياه بمرض وكارثة صحية، ما ينفعش!".

فيما لفت محمد جمال، أحد أهالي قرية أبو دياب، إلى جانب آخر من الأزمة، حيث يقول موجهًا سؤاله للمحافظ: "مرشح مياه الزهنات بقرية السمطا، وهي قرية مجاورة لنا، مأخذه من النيل مباشرة، رغم قربه الشديد من ترعة الكلابية، فكيف يكون حرام لنا وحلال لغيرنا؟!".

وأضاف جمال لـ"البوابة نيوز": "طالبنا أن تُجري كلية العلوم بجامعة جنوب الوادي تحاليل العينة للتأكد ما إذا كانت مياه تلك الترعة صالحة من عدمه، والمحافظ رفض رغم أن مسئولي مبادرة حياة كريمة القائمين حاليًا على تنفيذ المرشح غير معترضين، ويحاولون الوصول لحل يرضي الأهالي ويكون في صالح الصحة العامة وليس انتشار الأمراض.. ونحن نثق في الجيش، فمن الممكن أن نترك تحليل العينات لهم".

وأشار "جمال" إلى أن النائب أشرف أبو الفضل، عضو مجلس النواب عن دائرة قفط وقوص ونقادة بمحافظة قنا، كان قد طرح تحت قبة البرلمان أزمة مرشحات المياه القديمة التي تأخذ مياهها من ترعة "الكلابية" وطالب بأن يتم تشغيلها عن طريق مياه النيل مباشرة، خاصة بعدما ثبُت أنها تسببت في انتشار الفشل الكلوي نتيجة تلوثها.

أسامة الهواري - عضو مجلس الشيوخ

وتعقيبًا على الأزمة، قال النائب أسامة الهواري، عضو مجلس الشيوخ عن دائرة قنا، إنه كان قد تواصل مع وزارة التخطيط، وقدم طلبًا باستكمال تنفيذ مشروع إنشاء محطة مياه شرب لتغذية قرية أبو دياب على الوجه الصحيح بامتداد خط المرشح وعمل المأخذ على نهر النيل، وليس ترعة، وجاء رد الوزارة بأنه تم مخاطبة رئيس الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي لدراسة الطلب وتدبير الاعتمادات اللازمة للتنفيذ.

وأضاف الهواري لـ"البوابة نيوز": "تواصلت مؤخرًا مع مسئولي مبادرة حياة كريمة، واتفقت معهم على النظر في أن يكون مأخذ مرشح مياه قرية أبو دياب من نهر النيل.. غير أن المحافظ لديه إصرار على الإسراع في إتمام تنفيذ المشروع ليكون مأخذ المياه من ترعة الكلابية"، مشيرًا إلى أن رئيس مجلس مدينة قنا، كان قد أعلن في وقت سابق، أن مرشحات المياه بقريتي أبو دياب وحجازة، سيكون مأخذهما من النيل.

رحاب الغول - عضو مجلس النواب

من جانبها، وعدت النائبة رحاب الغول، عضو مجلس النواب عن دائرة نجع حمادي ودشنا والوقف، ببذل جهودها في تنفيذ مطالب أهالي قرية أبو دياب، قائلة: "الدولة تنفق مليارات الجنيهات لمواجهة الأمراض ومكافحة فيروس سي، ومن غير المعقول أن يتم تنفيذ مشروع في غير صالح الصحة العامة للمواطنين، توفيرًا للقليل من الملايين".

وتابعت الغول لـ"البوابة نيوز": "سنتواصل مع رئيس شركة المياه والصرف الصحي، المهندس رجب عرفة، للوقوف على أسباب الأزمة، ومحاولة حلها، ونتوقع تعاون المحافظ أشرف الداودي والمسئولين في قنا، فرغم بُعد المسافة بين القرية والنيل وارتفاع تكلفة تنفيذ مد خطوط للمرشح إلا أن صحة أهلنا في كل مكان لا تقدر بثمن".