"بيانًا رئاسيًا وليس قرارًا لمجلس الأمن، الأمر الذى يجعله غير ملزم للجانب الإثيوبى الذى سارع بإعلانه بعدم الالتزام بأية نتائج لتبعاته، مع غياب دخول وسيط دولى مثل الولايات المتحدة لرعاية المفاوضات".. هذة كانت أبرز نقاط ضعف الموقف الأخير لمجلس الأمن حيال أزمة سد النهضة بحسب خبراء الشئون الإفريقية، والتى اعتبروها خطوة رغم ما بها من مناطق ضعف، لكنها إيجابية حول دعوة لاستئناف المفاوضات خلال فترة “معقولة”، مشيرين إلى أنه فى حالة فشل الاتحاد الإفريقى للوصول لاتفاق قانونى ملزم، فمن المفترض أن يقوم بدورة ويحيل الملف لمجلس الأمن مرة أخرى.
يقول عطية عيسوى، خبير الشئون الإفريقية: بيان مجلس الأمن جاء حلًا وسطًا بين مشروع القرار الذى تقدمت به تونس والموقف الاثيوبى المُتعنت والرافض للمفاوضات، فدعى البيان إلى التوصل لاتفاق قانونى ملزم خلال فترة معقولة وهذا ما تُصر عليه مصر والسودان للحفاظ على حقوق دول المصب والأمن المائى للبلدين، وقد أبدتا ترحيبًا بالبيان لمطالبته فى استئناف المفاوضات فى أقرب وقت.
ويُضيف "العيسوى": كما دعا البيان لحضور المراقبيين الدوليين الذين حضروا المفاوضات سابقًا ولكن لم يطالب بإشراف دولى ودعا للعودة لمظلة الإتحاد الإفريقى متماشيًا مع القانون الدولى الذى يعطى الأولوية للمنظمات الإقليمة فى حل المشاكل الواقعة بين أعضائها إلا إذا عجزت تلك المنظمات عن حل المشكلات وطالبت بدخول مجلس الأمن، وقد فشل الاتحاد الافريقى خلال السنيتين الماضيتين خلال تولى كلًا من "جنوب افريقيا والكونغو الديمقراطية" رئاسة المجلس ولو لم تغير "اثوبيا" مواقفها المتعنتة ستكون نتائج المفاوضات غير مجدية.
ويواصل "عيسوى": صدور بين رئاسى وليس قرارًا لمجلس الأمن يمثل نقطة ضعف ويكون نتائجة غير ملزمة للدول ما دفع "إثيوبيا" للإعلان بعدم إلتزامها لأية نتائج لهذا القرار، ومن المتوقع أن تقدم -الكونغو الديمقراطية باعتبارها رئيس مجلس الإتحاد الإفريقى- مشروع لاستئناف المفاوضات وفى حالة التعنت الاثيوبى ستعمل كلًا من مصر والسودان على زيادة الحملة الدبلوماسية والإعلامية لتحميل اثيوبيا أى تبعات أمام المجتمع الدولى.
الجدير بالذكر فقد أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بيانا محايدا بشأن النزاع حول سد النهضة الإثيوبي، وحث إثيوبيا ومصر والسودان على العودة إلى طاولة المفاوضات تحت رعاية الاتحاد الأفريقي. ويعبتر البيان هو تكرار إلى حد ما لما قاله المجلس عندما اتخذ موقفا محايدا من الصراع ودعم سبيل الاتحاد الأفريقي في يوليو، على الرغم من الضغط المنسق من قبل مصر والسودان لاتخاذ موقف أقوى ضد إثيوبيا، والتي انتهت في الصيف من الملء ثاني لخزان السد.
ويقول خبير القانون الدولى حسن عمر، إن موقف مجلس الأمن المحايد للأطراف الثلاثة كان متوقعًا لاسيما أن قرارت وتحركات المجلس تأتى بخصوص تهديد الأمن والسلم الدوليين فيما اعتبروا أن مماطلة وتعنت الجانب الاثيوبى يمثل تهديدًا للأمن والسلم الدوليين لذلك تمت إحالة القضية إلى الإتحاد الافريقى.
ويضيف "عمر"، الموقف الحالى بين الدول الثلاث "مصر والسودان واثيوبيا" لا يتعدى المناوشات الكلامية وتصريحات تقابلها أخرى ولكننا يجب الأخذ فى الحسبان أن قضية سد النهضة مفاتيح حلها مع الدول التى تدير الأزمة من خلف الكواليس وتساهم فى تمويل السد.
ويواصل "عمر": الفترة القادمة تستلزم عودة قوة مصر بقوة فى القارة السمراء عن طريق مد يد العون للدول الإفريقية عبر مشروعات تنموية وفتح مدارس ومستشفيات وإقامة مشروعات البنية التحتية ومن هنا تستعيد مصر قوتها الناعة فى افريقيا وتستطيع أن يكون لها الكلمة العليا بالقارة السمراء.
وحتى الأن لا تزال محادثات سد النهضة متوقفة خاصة أن لم تعد ثقة كلا من –مصروالسودان- عالية فى الاتحاد الأفريقي كوسيط ويحاولون إقناع وسيط جديد بالدخول في الأزمة الأمرالذى قوبل بالرفض الاثيوب وتريد الاستمرار بالصيغة الحالية. ويمكننا اعتبار هذه آخر تعليقات مجلس الأمن حول هذا الموضوع ما لم يتغير الوضع بشكل جذري: كما قال ممثل الهند في المجلس، "كقاعدة عامة، لا تدخل قضايا المياه العابرة للحدود على جدول أعمال المجلس".