علقت الهند يوم الأربعاء معاهدة تقاسم نهر السند التي مضى عليها ستة عقود مع باكستان، كجزء من مجموعة من الإجراءات عقب هجوم مسلح مميت في كشمير، والذي تقول إن إسلام آباد تقف وراءه.
تورط باكستان في الهجوم
ونفت باكستان تورطها في الهجوم الذي قتل فيه مسلحون 26 رجلاً في موقع سياحي في باهالجام، وهي بلدة ذات مناظر خلابة في منطقة أنانتناج، يوم الثلاثاء في أسوأ هجوم على المدنيين في البلاد منذ ما يقرب من عقدين.
وقالت باكستان يوم الخميس، إن أي محاولات من جانب الهند لوقف أو تحويل مياهها بموجب معاهدة مياه نهر السند ستعتبر “عملاً حربياً”.
وأضاف بيان من مكتب رئيس الوزراء الباكستاني بعد أن ترأس اجتماعًا للجنة الأمن القومي: “المياه مصلحة وطنية حيوية لباكستان، وهي شريان حياة لسكانها البالغ عددهم 240 مليون نسمة، وسيتم حماية توفرها بأي ثمن”.
“إن أي محاولة لوقف أو تحويل تدفق المياه التي تنتمي إلى باكستان وفقًا لمعاهدة مياه نهر السند، واغتصاب حقوق الدول الواقعة في أسفل النهر، ستعتبر بمثابة عمل حربي وسيتم الرد عليها بكل قوة من خلال الطيف الكامل للقوة الوطنية.”
معاهدة مياه نهر السند
تخصص معاهدة مياه نهر السند، التي توسط فيها البنك الدولي عام 1960، أنهار حوض نهر السند الستة بين الهند وباكستان، مع قيام البنك بدور الضامن لها.
دخلت المعاهدة حيز التنفيذ في 1 أبريل 1960، وتم التوقيع عليها رسميًا في 19 سبتمبر 1960، في كراتشي من قبل الرئيس الباكستاني أيوب خان ورئيس الوزراء الهندي جواهر لال نهرو.
لباكستان حقوق في الأنهار الغربية -نهر السند وجيلوم وتشيناب- للري والشرب والاستخدامات غير الاستهلاكية مثل الطاقة الكهرومائية.
تسيطر الهند على الأنهار الشرقية -رافي وبياس وسوتليج- للاستخدام غير المقيد ولكن يجب ألا تغير تدفقها بشكل كبير.
يمكن للهند استخدام الأنهار الغربية لأغراض محدودة مثل توليد الطاقة والري، دون تخزين أو تحويل كميات كبيرة.
يجادل خبراء، مثل حسن ف. خان من جامعة تافتس، بأن الهند تفتقر إلى البنية التحتية لتحويل كميات كبيرة من مياه نهر السند.
كما أنشأت المعاهدة لجنةً دائمةً لنهر السند وإطارًا لتسوية النزاعات. ورغم الحروب وعقودٍ من التوترات بين باكستان والهند،
أكثر اتفاقيات تقاسم المياه صمودًا
لا تزال هذه المعاهدة من أكثر اتفاقيات تقاسم المياه صمودًا في العالم.
ولا تتضمن المعاهدة أي بندٍ يسمح لأيٍّ من البلدين بتعليق أو إنهاء الاتفاقية من جانبٍ واحد،
علمًا بأن المعاهدة تتضمن أنظمةً واضحةً لتسوية النزاعات.
ما المخاوف بشأن المياه؟
لطالما تجادلت الدولتان النوويتان المتجاورتان حول عدة مشاريع على نهر السند وروافده في الهند، وتنازعتا عليها لسنوات.
تعتمد باكستان اعتمادًا كبيرًا على مياه هذا النهر لتلبية احتياجاتها من الطاقة الكهرومائية والري والشرب.
وتقول باكستان إن الهند تحوّل المياه بشكل غير عادل من خلال بناء السدود والحواجز المائية عند المنبع، وهو ما تنفيه الهند.
في حال تعليق المعاهدة، تشعر باكستان بالقلق من أن تُقلل سدود الهند من تدفقات المياه على النهر، الذي يُغذي 80% من زراعتها المروية.
وتخشى باكستان من أن تُقيد الهند تدفقات المياه أو تُحوّلها، خاصةً خلال مواسم الجفاف،
مما قد يلحق الضرر بالمحاصيل، ويقلل من إنتاج الغذاء، ويفاقم ندرة المياه في المناطق المعرّضة للخطر.
وقد طلبت إسلام آباد من خبير محايد، ثم من محكمة تحكيم، التدخل في مشروعين حديثين للطاقة الكهرومائية.
واتهمت الهند باكستان بإطالة أمد إجراءات الشكاوى،
وتقول إن بناء مشروعي كيشانجانجا وراتلي الكهرومائيين مسموح به بموجب المعاهدة، كما سعت إلى تعديل الاتفاق للتغلب على هذه التأخيرات.
ويزيد هذا التعليق من التوترات بين الجارتين النوويتين، ويضغط على باكستان لطلب الدعم الدولي أو البحث عن حلول قانونية أو دبلوماسية أو عسكرية.
كما يفاقم حالة عدم اليقين في المنطقة، محوّلاً المياه إلى بؤرة توتر جديدة في علاقة هشة أصلاً
ما الذي قد يغيره تعليق الاتفاقية؟
من غير المتوقع أن يؤثر تعليق الاتفاقية مباشرةً على تدفق المياه إلى باكستان، إذ لا تملك الهند سعة تخزين كافية.
إلا أن خطوة الهند قد تثير حالة من عدم اليقين في النظام الزراعي الباكستاني.
وصرح مسؤولون هنود بأن تعليق الاتفاقية يعني أن الهند يمكنها التوقف عن مشاركة المعلومات والبيانات المهمة المتعلقة بتصريف المياه من السدود أو الفيضانات،
وأضافوا أن نيودلهي لن تكون ملزمة أيضًا بتصريف كميات محدودة من المياه خلال موسم الجفاف.