الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

التجربة الألمانية فى مواجهة كورونا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عادت الحياة لطبيعتها فى برلين، بعد أن بدأت اليوم فتح الحدود الألمانية مع دول الاتحاد الأوروبي، فى الوقت الذى لا تزال فيه تحذيرات السفر لخارج دول الاتحاد الأوروبي مستمرة حتى نهاية أغسطس المقبل، بالرغم من رغبة كثير من الألمان قضاء عطلة الصيف خارج البلاد، ومنهم من رفع دعاوى قضائية ضد القرارات الحكومية، إلا أن هايكو ماس وزير الخارجية الألمانى أوضح أنه فى حال رغبة بعض الألمان السفر للخارج رغم التدابير الحالية، لا ينتظر من حكومته إعادته للبلاد مرة ثانية فى حال حدوث شيء بسبب كورونا، فلن تقدم الحكومة أى مساعدة لمن يخالف هذه القرارات، بعد أن نجحت وزارته فى إعادة أكثر من 280 ألف مواطن ألمانى خلال فترة انتشار الجائحة. 
التجربة الألمانية أثبتت كفاءتها فى تخطى الأزمة من خلال تدابير اتخذتها الحكومة ساهمت فى زيادة شعبية المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تسمح لها بإنهاء حقبتها فى الحكم بشكل لائق، حيث منتظر تغادر منصبها العام المقبل.
شددت الحكومة الألمانية على قواعد التباعد الاجتماعى بين المواطنين مع غلق دور العبادة والمدارس والجامعات ودور الحضانة، ومراكز اللياقة البدنية والأندية وغيرها، توفير حزمة مساعدات اقتصادية بقيمة 130 مليار يورو، ووفرت قروضا بفائدة 1% للشركات الصغيرة وأصحاب الأعمال الخاصة، مع التوقف عن جمع الضرائب للأفراد وإعفاء المستأجرين من دفع إيجار الوحدات السكنية، بل عملت على منح اللاجئين حق الحصول على مساعدات مالية لتأجير شقق سكنية دون التقيد بالحد الأقصى المسموح من قبل، وهى كلها عوامل ساعدت على تخفيف الأعباء الاقتصادية عن المواطنين والأجانب.
أقرت الحكومة أيضا مساعدات للطلاب الألمان والأجانب من خلال قروض ميسرة يتم تسديدها 2022، وفق القدرات المتاحة لكل حالة على حدة، مع منح كل الموظفين مساعدات اقتصادية ساهمت فى التخفيف من الكارثة، مع الوضع فى الاعتبار مراقبة أوجه إنفاق الحاصلين على هذه المساعدات وملاحقتهم إذا ثبت إنفاقها فى غير محلها، وهو ما ترتب عليه تفتيش عدد من الوحدات السكنية لعدد من المواطنين محسوبين على التيار السلفي وخاصة فى برلين، بعد كشف حصولهم على مساعدات مخصصة أزمة كورونا، ولكن تم استغلالها بشكل سيء فى تمويل جماعات وشخصيات مدرجة على لائحة التنظيمات المتطرفة وفقا لتقارير المكتب الاتحادى لحماية الدستور " جهاز الاستخبارات الداخلية".
ألمانيا أقرت أيضا تخفيضا من 19% إلى 16 % بالنسبة للضريبة العالية ومن 7% إلى 5 % بالنسبة للضريبة المخفضة التي تُفرض على سلع ضرورية كالأغذية .
على المستوى الصحي اعتمدت على بيانات وأرقام معهد روبرت كوخ، الذى يعد وكالة اتحادية مستقلة معنى بالأمراض المعدية ويعد من المؤسسات البحثية الرئيسية، ومقره برلين، ويعد تابعا لوزارة الصحة وتم تسميته نسبة لعالم الميكروبيولوجيا الألماني روبرت كوخ
كما ساهمت المنظومة الصحية الألمانية فى العبور بأقل الخسائر، حيث جاءت فى المرتبة التاسعة عالميا من حيث عدد الإصابات نتيجة توفر تأمين صحي لكل مواطن ألمانى، أو حتى الأجانب يشترط فى توفر تأمين صحي لهم ( خاص أو حكومى) بموجب تصاريح الإقامة التى يحصلون عليها ويتم تجديدها سنويا، كما تحتل ألمانيا المركز الثالث عالميا والأول أوروبيا فى عدد أسرة الرعاية المركزة، حيث يتوفر 602 سرير لكل 100 ألف مواطن (وفقا لبيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ومقرها باريس)، على عكس دول أوروبية أخري انهارت لعدم قدرة منظومتها الصحية على احتواء الموقف مثل إيطاليا وإسبانيا.
عادت الحياة لطبيعتها فى ألمانيا، مع تحذير المستشارة أنجيلا ميركل بعودة الإغلاق الجزئي إذا زاد معدل الإصابة عن 50 لكل 100 ألف مواطن، مع مد ساعات فتح المطاعم والكافيهات، وإحتمالية حضور بعض الجماهير لمباريات كرة القدم، خاصة مع السماح للتجمعات الجماهيرية الأقل من ألف مواطن بنهاية يونيو الجاري، وهى خطوة جيدة تبعث الأمل لكل دول العالم فى استعادة الأنشطة من جديد، بعد أن نجحت من قبل فى إعادة الأمل لكرة القدم عالميا، من خلال مباريات البوندسليجا "الدوري الألمانى"، التى عادت مبكرا ومنحت الضوء الأخضر لعودة الدوريات الأوروبية تباعا، بعد أن سجل الدورى الألمانى أكبر نسبة مشاهدة فى السنوات الأخيرة.