في ظلمة ليل قاتم، ساد الصمت أرجاء شقة مستأجرة بمدينة شبرا الخيمة، لم يقطعه سوى أنين طفل يتعرض لأبشع جريمة يمكن تخيلها ففي تلك الليلة، سقطت ضحية لشبكة محكمة من تجارة الأعضاء البشرية، تجارة لا تعرف الرحمة ولا القيم الإنسانية.
خمسة عشر عامًا فقط، قضاها الطفل المجني عليه في هذه الدنيا، لم يدرك يوم حجم الشر الذي يكمن في قلوب بعض البشر، عثر على جثته هامدة، وقد انتزعت أحشاؤه بطريقة وحشية، تاركة وراءها علامات استفهام كبيرة تحير العقول وتفجع القلوب.
البداية عندما كشفت النيابة العامة النقاب عن جريمة بشعة راح ضحيتها طفل صغير لم يتجاوز عمره خمسة عشر عاما، وذلك في القضية رقم 1820 لسنة 2024 إداري قسم أول شبرا الخيمة.
وبدأت فصول الجريمة المأساوية عندما عثر على جثمان الطفل في إحدى الشقق السكنية المستأجرة، وقد فارق الحياة في ظروف غامضة. وسرعان ما كشفت معاينة النيابة العامة للمكان عن حجم الفاجعة، حيث تبين أن أحشاء الضحية قد انتزعت من جسده بوحشية، ووضعت في كيس مجاور له.
لم تتوان النيابة العامة عن اتخاذ خطوات سريعة لكشف ملابسات الجريمة، فقامت بفتح تحقيق معمق شمل إجراء التحريات اللازمة وجمع الأدلة، تمكنت من الوصول إلى الجاني، وهو شاب في مقتبل العمر، اعترف بارتكاب الجريمة البشعة بدافع مادي.
وخلال التحقيقات، كشف الجاني عن تفاصيل صارمة، حيث اعترف بأنه تواصل مع شخص مصري مقيم في دولة الكويت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وعرض عليه هذا الشخص المقيم في الكويت مبلغا ضخما من المال، قدره خمسة ملايين جنيه مصري، مقابل سرقة أعضاء طفل وقتله.
لم يتردد الشاب الجاني في قبول هذا العرض الشيطاني، فقام باختيار ضحيته من بين الأطفال، وعرضه على الشخص المقيم في الكويت عبر تقنية "فيديو كول"، وبحسب اعترافه، طلب منه الشخص في الكويت إزهاق روح الضحية، تمهيدا لسرقة أعضائه، على أن يتم نقل عملية انتزاع الأعضاء أيضا عبر "فيديو كول".
وبالفعل، نفذ الشاب الجاني طلبه، وقام بقتل الطفل بطريقة وحشية، قبل أن ينتزع أحشاءه ويضعها في كيس، إلا أن الجريمة لم تتوقف عند هذا الحد، فقد طلب منه الشخص في الكويت تكرار فعلته مع طفل آخر، للحصول على المبلغ المتفق عليه.
ولحسن الحظ، تمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط الجاني قبل أن يقوم بجريمته الثانية، وعند معاينة جثة الضحية، لم تعثر النيابة على أي تجهيزات طبية تدل على نية انتزاع الأعضاء، مما أثار المزيد من الشكوك حول دوافع الجريمة.
وبعد التحقيقات المكثفة، تمكنت السلطات المصرية من تحديد هوية الشخص المقيم في الكويت، والذي تبين أنه استخدم هاتفا محمولا مزودا بشريحة اتصال يملكها والده للتواصل مع الجاني، وبناء على تعليمات النائب العام، قامت إدارة التعاون الدولي بمكتب النائب العام بالاتصال بالجهات المختصة في دولة الكويت، والإنتربول الدولي، مما أدى إلى ضبط المتهم ووالده، وما بحوزتهما من أجهزة إلكترونية.
وبعد ترحيلهما إلى مصر، باشرت النيابة العامة التحقيقات معهما، لكشف خيوط الجريمة ودوافعها. واعترف المتهم الأول، وهو شاب في أواخر العشرينيات من عمره، بأنه هو من حرض الجاني على ارتكاب الجريمة، وذلك بهدف الحصول على مقاطع فيديو لعملية القتل والتمثيل بالجثة، لبيعها ونشرها على المواقع الإلكترونية مقابل مبالغ مالية كبيرة.
كما اعترف المتهم الأول بأنه سبق له وأن قام بمثل هذه الأفعال في مرات سابقة، وهو ما تخضع حاليا للتحقيق من خلال فحص الأجهزة الإلكترونية الخاصة بهما، وإلى الآن، لا تزال التحقيقات جارية لكشف المزيد من التفاصيل حول هذه الجريمة المروعة، ومعرفة ما إذا كان هناك شركاء آخرون متورطون فيها.