الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

كانط.. مهابة العقل

الفيلسوف الألماني
الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عبَّر الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط عن الارتباط الذي رآه بين النظام الطبيعي والقانون الأخلاقي في الإنسان، أو الضمير بقوله: شيئان اثنان يملآن العقل بإعجاب ومهابة متجددان ومتزايدان، كلما كرَّرنا النظر فيهما، الأفلاك المرصَّعة بالنجوم فوقنا، والقانون الأخلاقي فينا؛ وكأنما أراد بكلمته أن يردُّهما إلى مصدر واحد. ليؤكد إيمانه المطلق بالأخلاق وأسبقيتها على التجربة الإنسانية.
ولد كانط ففى كونجسبرج، لأسرة متديِّنة تعاني الفقر والحرمان والحاجة، ثم تلقى تعليمه الثانوي بمدارس المدينة، قبل أن يكمل دراسته بجامعة كونجسبرج كطالب للاهوت في كلية الفلسفة؛ وقد أراد أبواه أن يكون لاهوتيا، لكن إقباله على دروس الفلسفة العامة كان أكثر من إقباله على دروس اللاهوت -وربما يكون ذلك مرجعه إلى التعليم الذي تلقاه في طفولته والذى أورثه مقتًا لشكليات التدين حتى أنه امتنع طوال سنين نضجه عن حضور الصلاة العامة في الكنيسة- وكان يبغض تغليب الجانب الدينى على الجانب العقلى في تعليمه.
كان "كانط" يُحاضر في مواضيع كثيرة التباين، وبلغة واضحة ليجتذب عددا أكبر من الطلاب، وكان إعجاب الطلبة بفصاحته عظيمًا، ولكنه اشتهر كمؤلف بالغموض، وكانت كتبه غير واضحة بشكل كاف، وفي سنة 1780 أصبح عضوًا في مجلس الشيوخ الأكاديمي، وبعد ذلك أصبح عضوًا في الملكية للعلوم في برلين؛ رغم كرهه التعليم بصورة الجدل الذى لا ينتهى، والمراسم الشكلية، والساعات الطويلة التى تنفق في تعليم الدين والصلوات المتصلة من ساعة الإفطار حتى ساعة النوم، وقد عانى من الفقر الشديد وصعوبة العيش طوال فترة دراسته بالجامعة، لكنه تغلب على بعض المعاناة بأنه كان يعلم المتخلفين من زملائه حتى تتوفر له نفقات تعليمه ومعيشته، وتدرج في المناصب الجامعية، فتولى عمادة كلية الآداب خمس مرات، وكان مديرًا للجامعة مرتين، وفي هذه الفترة أصدر أهم الأعمال الفلسفية في عصره كـ"نقد العقل الخالص، ونقد العقل العملي".
استمر كانط في إلقاء المحاضرات في الجامعة، وكتابة البحوث، والمشاركة في المؤتمرات، حتى بلغ سن الشيخوخة، وقد كرس حياته المديدة كلها للفكر والفلسفة، ولم يتزوج ولم يخطر في باله موضوع الزواج إلا مرتين، ولم يبلغ منهما حد المكاشفة، والسبب في ذلك أنه كان فقيرًا، فوقف في المرتين عند التفكير والتردد والموازنة بين دخله ونفقات الزواج ومسئولية العائلة، وبعد ذلك لم يفكر في الزواج، وحين يطرح عليه السؤال في هذا الموضوع كان يغير مجرى الحديث ولا يتقبله بقبول حسن ويعتبر ذلك تدخلًا في شئونه الخاصة.