الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

القارة السمراء تطلق "جرس إنذار" وتواجه تنظيم "داعش" (ملف)

تنظيم داعش الأرهابي
تنظيم داعش الأرهابي في افريقيا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تحذيرات من اتساع نفوذ التنظيم الإرهابي في الحدود الجنوبية لـ«الوطن العربي» 13 دولة إفريقية تواجه
83 هجومًا لتنظيمات موالية لـ«داعش» في 2018
رفيق الدياسطي: اتساع نفوذ التنظيم في غرب ووسط القارة السمراء يمثل تهديدًا واضحًا للأمن القومي العربي
عمرو فاروق: غرب ووسط إفريقيا بيئة خصبة وصالحة لاحتضان الإرهابيين
هشام النجار: «داعش» يطمع في وراثة نفوذ تنظيم القاعدة في إفريقيا وآسيا
إبراهيم ناصر: البيئة المضطربة أمنيًا في دول وسط وجنوب إفريقيا تسمح بانتشار التنظيم


يبدو أن تنظيم داعش الإرهابي لم ينته إلى غير رجعة، كما يتوقع بعض المتابعين لهزائمه وخسائره في منطقة الشرق الأوسط، فالمؤشرات على بقاء التنظيم الإرهابى الأخطر، والأكثر دموية في تاريخ جماعات التطرف والإرهاب، حتى الآن، تتوالى بشكل أثار قلق عدد كبير من المراقبين، لا سيما في آسيا، وكذلك إفريقيا.
الهجمات الإرهابية الخطيرة التي نفذت، خلال الأشهر الماضية، على الطريقة الداعشية، في جنوب شرق آسيا، أطلقت جرس إنذار عالى الصوت، أيقظ كل من تصور أن داعش في طريقه للفناء.
إذا وضعنا في الاعتبار، حالة التماهي والتحالفات التي يعقدها التنظيم مع عدد من الجماعات الإرهابية الموجودة فعلا في إفريقيا، في المغرب وليبيا ومالي وتشاد وموريتانيا ونيجيريا، مثل: الإخوان، وبوكو حرام، والقاعدة، بالإضافة إلى اختيار خليفة جديد لأبو بكر البغدادي زعيم التنظيم، وهو العراقي التركماني، عبد الله قرداش، المكني «أبو عمر قرداش»، والملقب بالمدمر، فإننا نكون أمام صورة واضحة، تؤكد أن التنظيم يعيد ترتيب أوراقه للبقاء، خاصة أن جميع الأدلة تؤكد أيضا، أن التنظيم الإرهابى ما زال يتلقى التمويل والدعم المعتادين، من دول مثل: قطر وتركيا.
نظرة إلى الوضع الأفريقي
وإذا كانت القارة السمراء، هي الامتداد الطبيعي، والعمق الاستراتيجي لمصر، وللشطر الغربي من الوطن العربي، فإنه يبدو من الصعوبة تجاهل الأرقام والمؤشرات، التي تشي بوجود تطور ينذر بوجود سيناريوهات، لنقل مركز عمليات التنظيم إلى دول إفريقيا.
ولعل من أهم وأبرز الأرقام، التي يجب الانتباه إلى مدلولها، هو عدد العمليات الإرهابية، التي شهدتها القارة الإفريقية، خلال عام، حيث زاد عدد هذه العمليات، في ٢٠١٨، بمعدل ٣ أضعاف العام السابق عليه، منها ٨٣ هجوما لتنظيمات موالية لداعش في دول غرب إفريقيا وحدها، كما واجهت نحو ١٣ دولة إفريقية، عمليات إرهابية متقاربة التواريخ خلال ٢٠١٨ أيضا، كما تشير الأرقام أيضًا إلى زيادة تصل إلى ٣٠٠٪، بنسبة العمليات الإرهابية، خلال السنوات الثمانى الماضية. 
وتجب أيضا الإشارة إلى أن الهجمات الإرهابية المتصاعدة، خلال ٢٠١٨، راح ضحيتها أكثر من ١١٠٠ شخص، بخلاف الجرحى والمصابين.


تحذير 
يرى الدكتور رفيق الدياسطي، أستاذ الجغرافيا السياسية بجامعة الزقازيق، أن وجود مؤشرات على اتجاه تنظيم داعش إلى إفريقيا، يعد أمرا يستحق الانتباه والحذر، في ظل أن السيناريوهات المتوقعة تشير، إلى أن داعش يعمل بجد على بدء حقبة جديدة من الإرهاب الدموي، سيكون من المزعج جدا أن تنطلق من مكان قريب للحدود الجنوبية للوطن العربى في إفريقيا.
وشدد الدياسطي، في حديث لـ«البوابة»، على أن اتساع نفوذ التنظيم الإرهابي في غرب ووسط القارة السمراء، يمثل تهديدا واضحا وصريحا، للأمن القومي العربي، لأن التنظيم اكتسب خبرات لا بأس بها، منذ نشأته في الشرق الأوسط، ما يجعل حقبته الجديدة أشد دموية وعنفا مما مضى، ما بدا واضحا في خسائر الدول التي شهدت عمليات إرهابية، سواء في آسيا أو إفريقيا، خلال الشهور الماضية. 
ودعا الدياسطي، الدول الإفريقية إلى الانتباه لسيناريوهات وجود داعش في القارة السمراء، وإمكانية أن يعلن عن انطلاقته الفعلية من ليبيا بالتحالف مع الإخوان، أو من تشاد وغيرها من دول الغرب الأفريقي بالتحالف مع عناصر القاعدة، والجماعات الأخرى الموجودة في هذه الدول، خاصة بوكو حرام، التي أعلنت بالفعل ولاءها لداعش.


بيئة مضطربة
من جانبه قال إبراهيم ناصر، الباحث في الشأن الإفريقي، إن أهم عوامل الخطورة في غرب ووسط إفريقيا، والتي تسمح بإيجاد مناخ مناسب لاستعادة تنظيم داعش من جديد، هو البيئة المضطربة أمنيا، في معظم تلك الدول، مشيرا إلى أن اختيار ممولى التنظيم، ومدبري حركته لتلك المنطقة، حتى تكون مقر الولاية الجديدة لداعش، لم يأت من فراغ، وإنما من متابعة دقيقة وشديدة الدهاء.
وقال ناصر في حديثه لـ«البوابة»: «ليس من قبيل الصدفة التشابه في الحالة الأمنية بين المناطق التي ظهر فيها داعش، بآسيا وبأفريقيا، وهو ما يعد دليلا على أن الاختيار وقع على مناطق منتقاة بعناية شديدة، وتشير أيضًا إلى أن الأمر وراءه خطط وسيناريوهات، يسعى أصحابها إلى إشعال العالم من جديد.
وأضاف: «تكاثر التنظيمات الإرهابية في بيئة أمنية مضطربة، وحواضن اجتماعية متخلفة، أوجدت لتنظيم داعش في منطقة غرب إفريقيا، بيئة ملائمة لتوسيع قاعدته، ومد نفوذه، وهو ما بدا واضحا أيضًا في مبايعة زعيم حركة بوكو حرام، أبوبكر شيكاو، لزعيم داعش أبو بكر البغدادي».
وتابع: «إذا تتبعنا خريطة تمركز تنظيم داعش في الجزء الغربي من القارة السمراء، نجده يتخذ من نيجيريا مركزا له، ويتوزع نشاطه في الدول المتاخمة لبحيرة تشاد، كما ضاعف التنظيم من هجماته في منطقة الساحل الإفريقي، كما أعلن مسئوليته عن الهجمات التي شهدتها دول الغرب الإفريقي، خلال الفترة القليلة الماضية، وكان أبرزها هجوم وقع في ١٦ مايو الماضي، وأسفر عن مقتل ٢٠ جنديا من النيجر، وذلك على الحدود مع مالي».
وأشار ناصر، إلى أن تنفيذ تنظيم داعش لهجمات إرهابية، في منطقة الغرب الإفريقي، يأتي في إطار تكتيك استراتيجي يستهدف تشتيت جهود القوى التي تحاربه، في مناطق مختلفة من العالم، بالإضافة إلى تحويل مركزه لهذه المنطقة، مشيرا إلى أن سبب نشاط الحركات الجهادية في منطقة غرب إفريقيا، يرجع إلى هشاشة الحالة الأمنية بتلك الدولة، التي دائما ما تخلق بيئة وحواضن تتكاثر فيها هذه التنظيمات.
وتابع: «تحول مركز تنظيم داعش إلى منطقة غرب إفريقيا، لن يبعد التنظيم الإرهابى عن أهدافه الرئيسية، كما يتوقع البعض، إذ إن وجوده في تلك المنطقة، يجعله قريبا من هدف الرئيسي، وهو المنطقة العربية الإسلامية».


وراثة نفوذ
في غضون ذلك، قال هشام النجار، الباحث في شئون الحركات الإسلامية، إن داعش يطمع في أن يرث نفوذ تنظيم القاعدة بإفريقيا وآسيا، فهو يخطط للاستيلاء على هذه المراكز، وضمها لنفوذه، وتجنيد واستقطاب قادة القاعدة وأعضائها ومقاتليها للانضمام إلى داعش.
وأضاف في تصريح لـ«البوابة»: «التنظيم بذلك يحقق عدة أهداف منها: خلق مراكز نفوذ بديلة لما خسره بالشرق الأوسط، واكتساب قوة في الخارج للعودة من جديد أكثر عنفا من أجل خوض معركته الرئيسية في العراق وسوريا، وحيازة مراكز نفوذ في مناطق جاهزة ومهيأة، ومناخ مواتٍ لأنشطته الإرهابية المسلحة، حيث الصحراء الشاسعة، وضعف سلطة دول غرب إفريقيا أمنيًا، علاوة على الصراعات القبلية والطائفية، ووفرة السلاح خارج سلطة الدولة، ورواج التجارة غير المشروعة لتهريب السلاح والبشر والمخدرات في تلك المناطق».


بدوره أيد عمرو فاروق، الباحث في شئون الحركات الإسلامية، الرأى السابق، قائلا إنه من المحتمل أن تكون إفريقيا هي المحطة الجديدة في تمحور تنظيم داعش حول كيانات تمكنه من استعادة قوته، في ظل وجود فروع منتشرة له بمختلف مناطق الوسط والغرب الإفريقي.
ولفت في تصريح خاص لـ«البوابة»، إلى أن مناطق غرب ووسط إفريقيا تعتبر بيئة خصبة وصالحة، لاحتضان عناصر التنظيم، في ظل الفوضى الأمنية والقبلية، وفي ظل الموارد الاقتصادية المتدفقة على الجماعات الإرهابية، نتيجة التجارة غير المشروعة، التي تمثل موردا ماليا مهما وداعما للتنظيم بعد أن فقد الجغرافية السياسية لوجوده في سوريا والعراق، وأصبح على وشك فقدانها في ليبيا، وبالتالي عجزه عن الاحتفاظ بدولته المزعومة. 
وتابع: «كل ما سبق يشير إلى اتجاه داعش إلى إفريقيا، في ظل وجود بوكو حرام، ومجموعة أبو وليد الصحراوي، وحركة شباب المجاهدين الصومالية، وتأسيس ولاية جديدة لها في وسط إفريقيا، وهذا كله يدفع إلى الاقتناع بأن إفريقيا ستتحول إلى مركز جديد لداعش، ينطلق منه لتنفيذ عملياته داخل منطقة الشرق الأوسط، وفي أوروبا أيضا».


عقيدة نفعية
قدم هشام العلي، الباحث في شئون الحركات الإسلامية، طرحا يميل إلى تأكيد أن تنظيم داعش يعمل على نقل مركز عملياته إلى إفريقيا، وهو أن عقيدة تنظيم داعش تتسم بالنفعية الشديدة، لأنه يستمد أيديولوجيته من النصوص والاجتهادات الفقهية، فيما تنصب أذهان عناصره، في الفنون والاستراتيجيات العسكرية، على استحباب الهجرة والقتال في مساحات واسعة، لذا فإنهم قادرون على التحول من منطقة إلى أخرى، بحسب ما يقتضيه الوضع الميدانى العسكري، حيث من الممكن أن يذوبوا بين السكان ويظهروا حينما تسنح الفرصة، على حد قوله.
وقال لـ«البوابة»: «من الممكن أن تنتقل عناصر داعش من المناطق التى تخضع لسلطة القانون، واستتباب الأمن، لذا يبحثون عن ملاذ آمن، ومناطق تحقق لهم الأمن والعمل بحرية، لذلك فهم يختارون دائما الدول الفاشلة أمنيا، أو التي تعاني من اضطرابات طارئة أو مزمنة».
وأضاف: «ما سبق هو السبب الذي جعل عناصر التنظيم يظهرون في سوريا والعراق بسبب أحداث الربيع العربي بالنسبة للأولى، وانهيار أركان الدولة في الثانية، منذ إزاحة صدام حسين على خلفية احتلاله للكويت، لكن بعد سلسلة عمليات التحرير التي قامت بها القوات المشتركة العراقية، وبعض الفصائل السورية، وتحت غطاء جوي من قبل التحالف الغربي، خسر التنظيم معاقله، لذلك فمن الطبيعي أن تتحول بوصلته إلى مناطق أخرى، ومن أهم البدائل أفربقيا وخصوصا ليبيا التي تعاني اضطرابات أمنية».
وأوضح العلي: «داعش يفكر في التمدد في إفريقيا، لكنني أعتقد أن قيادات التنظيم تنتظر حاليا، ما ستئول إليه الأوضاع في دول شمال الخليج، خصوصا العراق وسوريا بعد التصعيد الأخير بين إيران والغرب، لأنه إذا تفجرت الأوضاع هناك، فمن المؤكد أن هذه المنطقة ستكون ساحة رئيسية للحرب، ما يعيدها أرضا خصبة لاستعادة نشاط التنظيم من جديد.
إعادة تموضع
في المقابل قال الدكتور إياد المجالي، الباحث في العلاقات الدولية والشئون الإيرانية، إن داعش الآن يعيش فترة إعادة تموضع، بعد أن تم تفكيك خلاياه، وانتشر بين سكان المناطق التي كان يسيطر عليها، وهي بيئات حاضنة لفكر التنظيم التشدد.
وأضاف: «أما في جانب إعادة الانتشار وتجدد العمليات، فإن بيئات دول القارة السمراء، بلا شك حاضنة للتطرف والمغالاة في الرؤى الفكرية، وهو ما يبدو واضحا في بوكو حرام، كتنظيم دينى شديد التطرف أعلن ولاءه لتنظيم داعش، وللبغدادى خليفة للدولة الإسلامية المزعومة لديهم».
الرأى ذاته أيده الباحث في الشأن الإفريقي، محمد عز الدين، مشيرا إلى أنه ليس هناك مفر لداعش للإفلات من الملاحقات الأمنية والعسكرية، إلا بالاتجاه إلى إفريقيا، متوقعا أن تصبح أرضا خصبة لإيواء المتشددين من داعش، ومن ثم خلق إمبراطورية للخلافة الداعشية، بإيعاز من الدول الممولة للتنظيم.
وأكد عز الدين في تصريح لـ«البوابة»، أن الإرهاب ينشط سريعا في المناطق التي تشهد اضطرابات وفراغات أمنية كبيرة، مضيفا أن أفرع القاعدة وداعش في إفريقيا تتنافس فيما بينها، على مناطق النفوذ والصراع، إذ تلتقى هذه التنظيمات في الأسلوب الدموى الموحد، وتتصارع فيما بينها على المصالح والزعامة، فكل تنظيم يسعى لفرض نفسه على التنظيم الآخر.
بدورها قالت نهال أحمد، الباحثة في الشأن الإفريقي، إن انهيار البنية المؤسسية لجغرافية تنظيم داعش، في سوريا والعراق، أدى إلى التمدد ناحية إفريقيا، وتحديدا في مالى والنيجر وتشاد وبوركينا فاسو والكونغو وإفريقيا الوسطى ونيجيريا، مشيرة إلى أن التنظيم بدأ، هذا التمدد بشكل ملحوظ خلال عام ٢٠١٨، مدعوما بشبكة من المؤيدين الذين استبدلوا أفكار القاعدة، وبايعوا داعش، بعد دعوة أبو بكر البغدادى زعيم التنظيم لهم في تسجيل مصور تم بثه في أبريل ٢٠١٩ بالانضمام إلى تنظيمه. 
وأوضحت لـ«البوابة» أن خريطة المبايعات لداعش، حتى وقت قريب، توضح أن منطقة غرب إفريقيا ستشهد سجالا بين تنظيمى القاعدة وداعش، للسيطرة على أكبر مساحة ممكنة، لافتة إلى أن داعش من إحداث اختراقات داخل العديد من المجموعات الإرهابية الموالية للقاعدة، وعلى رأسها جماعة جند الخلافة بالجزائر، وعناصر من الجماعة الليبية المقاتلة، وجماعة «المرابطون»، بزعامة أبو الوليد الصحراوي، بالإضافة إلى بعض عناصر من جماعة «عقبة بن نافع» في تونس، والتى يرتكز عناصرها في جبل الشعانبي، كما استطاع تنظيم داعش التمدد في دول غرب إفريقية جديدة بداية من عام ٢٠١٨ حتى الآن، وعلى رأسها الكونغو وبوركينا فاسو ووسط إفريقيا.
وأشارت إلى أن الفترة الأخيرة شهدت تغلغلا واضحا لداعش داخل بنين والكونغو الديمقراطية، وبوركينا فاسو، حيث عمد التنظيم على استخدام نهج مغاير لنهج القاعدة، وذلك عبر استهداف المدنيين والمنظمات غير الحكومية، والمدارس والأسواق والاتجاه إلى إسترايجية تكتيكية على مهاجمة المراكز الأمنية ومعسكرات الجيوش لاستنزافها والتحجيم من قدرتها في السيطرة على الأرض، كما حاول التنظيم استغلال الضعف الذى تعانى منه المؤسسات العسكرية، وذلك عبر تحويل حدود تلك الدول لممرات يتم خلالها الاتجار غير المشروع بالسلاح والمخدرات، ومن ناحية أخرى ساعدت سمعة تنظيم «داعش» الوحشية على جذب المئات من المتطرفين ذوى النزعة الدموية، والذين لا تجذبهم طريقة القاعدة في التأصيل للعمل الإرهابى بينما داعش تتجاوزه بشكل لا محدود.
وأضافت: «كما أن محاولات التنظيم التى لا تتوقف عن استخدام قوته الإعلامية، بنشر أفلام دعائية تساعد في زيادة انتشاره في غرب إفريقيا، وهو الأمر الذى حقق نجاحات كبيرة في الجنوب الليبى وفى وسط الصحراء الكبرى حول بحيرة تشاد وفى شمال نيجيريا، وبوركينا فاسو وبنين، كما تمثل الصحراء الكبرى مجالا واسعا لإرهاب داعش بسبب تضاريسها واتساع رقعتها البالغة ٩ ملايين كيلومتر مربع، وحدودها الواسعة التى يطل عليها عدد من بلدان شمال وغرب القارة الإفريقية».
لا نقل للتمركز
في المقابل أعرب أبو الفضل الإسناوي، الباحث في شئون الحركات الإسلامية، عن عدم اقتناعه بالحديث عن نقل تمركز تنظيم داعش إلى إفريقيا، موضحا ـ بحسب رأيه. 
إنه رغم كون منطقة غرب إفريقيا والساحل والصحراء، وما تشهده من تمركز داعشي، تعتبر على أثره بيئة ملائمة للتنظيم، فإن هذا لا يعنى نقل الخلافة إلى إفريقيا. 
وقال لـ«البوابة»: «الأمر في رأيى لا يعدو مجرد تنشيط لداعش في أماكن جديدة، لأن فكرة نقل التمركز مرتبطة بإحياء الخلافة، ومن المستبعد أن يقبل التنظيم إطلاق خلافته إلا من قلب المنطقة العربية، مهد الإسلام، وأساسه، خاصة أن البغدادى يؤكد دائما أن الخلافة التى يطمح إليها، مقرها العراق.
وأشار إلى أن داعش يسعى لتنفيذ إسترايجية للبقاء، عن طريق الانتشار في إفريقيا محاولا استقطاب أتباع جدد وانتقائهم لصفوف التنظيم، والاستفادة من الطبيعة الصلبة التى ينشأ فيها الأفارقة، وسط المعارك والميليشيات المسلحة، ومدهم بأفكار التنظيم وأدبياته، وهو نوع من التمركز طويل الأمد، بهدف تكوين أجيال جديدة حاملة لجينات التنظيم ومبادئه التكفيرية المتشددة في إفريقيا، بشكل عام.
التاريخ يجيب
قال الدكتور ناجي هدهود، أستاذ التاريخ بجامعة الزقازيق، إن تتبع مسيرة تنظيم داعش منذ نشأته، تؤكد أنه لا يرضى بديلا عن منطقة الشرق الأوسط، مشيرا إلى أن التنظيم يستهدف من الانتقال إلى إفريقيا زيادة رقعة مساحة المواجهة بين التنظيم والجهات التى تحاربه.
وأوضح لـ«البوابة»، أن تنظيم داعش يقنع أتباعه بأن قتالهم، يأتى من أجل هدف سامٍ هو إعادة الخلافة الإسلامية إلى الحياة، وهو ما لا يمكن أن يحدث بعيدا عن الشرق الأوسط، وفق أدبيات هذا الفكر، الذى يعتمد على دغدغة المشاعر الدينية لدى أتباعه، بإقناعهم زورا وبهتانا بأن استعادة أمجاد الإسلام، مرتبط بإعادة إحياء الخلافة الإسلامية.