الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

محمود صلاح يكتب| ضد مجهول.. من قتل نيازي مصطفى؟ (4-1)

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

جثة شيخ المخرجين مسجاة على الفراش.. ويداه مقيدتان من الخلف بواسطة رابطة عنق

الطباخ يكتشف الجريمة.. وشقيقه: أبلغنى شخص تليفونيًا أن نيازى يمر بوعكة صحية.. وعدم وجود آثار للعنف تدل على أن القاتل معروف للمخرج القتيل.. بعد رحيل كوكا عاش الأستاذ وحيدًا فى منزله ورفض حضور حفلات الفنانين

 ترى ماذا كان إحساس رئيس مباحث قسم شرطة الجيزة وهو يقود سيارته عائدًا إلى منزله عند الظهر.. متمنيًا أن ينال قسطًا من الراحة ليعود مرة أخرى إلى عمله فى ملاحقة المجرمين واللصوص؟ بماذا شعر عندما أدار مفتاح جهاز اللاسلكى الصغير الذى لا يفارقه أبدًا.. وجاء صوت ضابط الدورية اللاسلكية عبر الجهاز..

يقول: إشارة لرئيس المباحث.. هناك بلاغ عن العثور على جثة قتيل فى الشقة رقم 12 بالعمارة رقم 1 بشارع قرة ابن شريك..

سأل الضابط عبر اللاسلكى: هل هناك أية معلومات عن شخصية القتيل؟

رد ضابط الدورية: إنه المخرج السينمائى نيازى مصطفى.

 شيخ المخرجين وأشهر من أخرج أفلام الرعب فى السينما المصرية..

تغلب ضابط المباحث على دهشته، وعاد يسأل وماذا عن القاتل؟

ساد الصمت لحظات.. ونظر رئيس المباحث فى حنق إلى جهاز اللاسلكى.

وأخيرًا جاء صوت ضابط الدورية ليقول: القاتل.. مجهول.

انحرف رئيس المباحث بسيارته بسرعة.. نسى أنه جائع ومرهق.. وانطلق نحو مسرح الحادث.. ليبدأ أغرب تحقيق.. فى أغرب قضية قتل.

إحساس

ولم يكن الإحساس الغامض بالقلق الذى ساور رئيس المباحث وهو ينطلق نحو شقة المخرج نيازى مصطفى إحساسًا فى غير محله.. فهو يعلم تمامًا مدى شهرة المخرج القتيل.. وكيف أن هذه القضية ستعامل معاملة غير عادية من وسائل الإعلام.. ولابد أن عشرات من محررى الحوادث والفن ومصورى الجرائد والمجلات سوف يعطلون طريق التحقيقات منذ اللحظة التى يعلن فيها خبر اكتشاف الجريمة.. وهذا هو ما حدث بالفعل فيما بعد.

عندما وصل رئيس المباحث إلى العمارة التى كان نيازى مصطفى يسكن بها لم ينتظر حضور المصعد. وأسرع يصعد ثلاثة طوابق بسرعة حتى توقف وهو يلهث أمام الشقة رقم ١٢ كان باب الشقة مفتوحًا.. ولدهشته اكتشف رئيس المباحث أن هناك أشخاصًا بالداخل يقفون فى ردهة الشقة.. تقدم أحدهم نحوه.

وقال: أنا جلال محمد مصطفى شقيق نيازى.

كانت عينا الضابط تدوران فى المكان بسرعة وتسجلان كل التفاصيل الدقيقة.. وفى لحظات كانت صورة الشقة قد انطبعت تمامًا فى مخيلته.. وجدها مكونة من ثلاث غرف ومطبخ وحمام.. غرفة صالون على يسار المدخل.. ومكتبة تتصدر الجانب الأيمن من مدخل الشقة، ثم جهاز تليفزيون ضخم.. ثم حجرة الطعام وبها منضدة خشبية امتلأ سطحها بالأوراق والدوسيهات المبعثرة (بوفيه) خشبى ملىء بالكتب القديمة.

وتقدم الضابط نحو غرفة نوم المخرج القتيل، كانت غرفة واسعة تقع فى مواجهة الداخل إلى الشقة.. بها بوفيه ومكتب مكدس بالكتب والأوراق، ثم دولاب للملابس وأريكة وتسريحة..

وأخيرًا نظر الضابط إلى الفراش.

 جثة

كانت جثة المخرج العجوز مسجاة على الفراش.. كان يرتدى جلبابًا أبيض اللون.. وبجوار رأسه قطعة قماش خاصة بمفرش المقعد.. أما يداه قد كانتا مقيدتين من الخلف بواسطة رابطة عنق «كرافته».

كانت هناك آثار دماء على أنف وفم المخرج القتيل.. ونظر ضابط المباحث إلى الأرض ليجد أن الدماء كانت تلوث أيضًا السجادة.

والتفت ضابط المباحث إلى شقيق نيازى مصطفى.. ليعرف منه كيف اكتشف الجريمة..

قال شقيق نيازى لرئيس المباحث إنه أثناء قيامه بعمله اليومى فى استديو الأهرام، أبلغه أحد زملائه أن شقيقه نيازى مصطفى يعانى من أزمة مرضية، فأسرع يتصل بمنزله تليفونيًا، حيث أخبره الطباخ بأن الشقة مغلقة وأنه أحضر مفتاحًا من شقيقته، فأسرع إليه ودخلا ليجدا نيازى قتيلًا.. أما الطباخ العجوز محمد عبدالله محمد (٦١ سنة) فقال لضابط المباحث: أنا أعمل فى خدمة الأستاذ نيازى رحمه الله منذ ١٨ سنة، وقد حضرت إليه فى الثامنة من صباح أمس ودخلت الشقة عن طريق باب المطبخ وانصرفت بعد أن قمت بطهى الطعام له. ثم عدت مرة أخرى فى السادسة والنصف من مساء اليوم لإعداد وجبة العشاء وانصرفت فى الثامنة والنصف.. وعندما حضرت صباح اليوم وجدت باب المطبخ مغلقًا، فعدت لأدق باب الشقة لكن أحدًا لم يرد، وهنا شعرت بالريبة وتوجست أن يكون مكروها قد حدث للأستاذ نيازى فاتصلت بالسيدة شقيقته وأحضرت منها مفتاح الشقة، واتصلت بشقيقه الأستاذ جلال فى الاستديو وعندما حضر فتحنا الشقة.

 انفعال

وغلب الانفعال على الطباخ العجوز.. تساقطت دموعه.. وأجهش بالبكاء وهو يقول: ودخلنا لنجد أن الأستاذ نيازى قد مات مقتولًا.

فى خلال الساعة التالية كانت شقة المخرج نيازى مصطفى قد ازدحمت برجال المباحث الذين تصدرهم العميد إبراهيم الراسخ مدير مباحث مديرية أمن الجيزة.. بينما عكف رجال المعمل الجنائى على تصوير جثة نيازى مصطفى ورفع الآثار والبصمات من كل مكان بالشقة.

- وخارج الشقة كان عدد من محررى الحوادث يحاول بإلحاح الدخول والتقاط أية أخبار يمكن نشرها عن الحادث..

- وكان السؤال: لماذا يقتل نيازى مصطفى؟

- هل قتله لص مجهول؟

إن عدم وجود آثار للعنف تدل على أن القاتل معروف للمخرج القتيل.. وأنه فتح له باب الشقة.. أو أن القاتل نفسه كان يمتلك نسخة من المفتاح..

كانت الشقة فى حد ذاتها تمثل فى هذه اللحظة مشهدًا دراميًا مثيرًا..

ربما عجز نيازى مصطفى نفسه بالمائة وخمسين فيلمًا التى أخرجها فى حياته، أن يخرج مشهدًا مثلها..

وكانت قمة المأساة تكمن فى جثته الملقاة فى غرفة نومه.. وفى الكتب المبعثرة فى كل مكان، بالمقاعد.. بالأثاث القديم الذى لم يتغير منه شىء منذ وفاة زوجته الراحلة الفنانة كوكا.. رفض نيازى مصطفى بعد وفاتها أن يغير شيئًا أو يضيف شيئًا إلى الشقة.. بل إنه احتفظ بملابسها الخاصة وملابس التمثيل وباروكات الشعر التى أدت بها أدوارها المعروفة.. كانت كوكا هى كل شىء فى حياة نيازى مصطفى.. كانت من هذا النوع من النساء الذى يتحول إلى بئر من الحنان لا ينضب، تغمر به الرجل الذى أحبته وتزوجته..

ورحلت كوكا

وعاش نيازى مصطفى وحيدًا فى الشقة، فقد كان يهرب من سهرات الفنانين ومجلس أهل الفن.. ورغم ذلك فإن قلب نيازى مصطفى لم يتوقف عن النبض، أو الحب! فهل وقعت الجريمة.. لأسباب غرامية؟

 خبر

فور نشر خبر مصرع نيازى.. أصيب الفنانون والفنانات بصدمة شديدة، الكوميدى الأول فى مصر عادل إمام تجمدت ابتسامته الشهيرة.

أطرق إلى الأرض وهمس، غريب أن يكون نهاية هذا الفنان الكبير!! لقد كان من رواد السينما الأوائل، وهو صاحب فضل فى شهرتى.. قدمنى فى أول فيلم قمت ببطولته: «البحث عن فضيحة» ألف رحمة عليه.

الفنانة برلنتى عبدالحميد مسحت دموعها، وهى تسأل فى ألم: لست أدرى.. كيف تنتهى حياته بهذا الأسلوب الذى لا يستحقه خسارة كبيرة.

أما فاتن حمامة سيدة الشاشة العربية فقد قالت: رغم أننى ـ وللأسف ـ لم أعمل معه.. إلا أننى كنت أتابع أعماله باهتمام.. كان يمتاز بالتكتيك السريع المحبوب.. ولقد فقدت السينما المصرية والعربية برحيله واحدًا من أشهر أعلامها.

وتوالت دموع وكلمات الوسط الفنى على نيازى مصطفى.. السيناريست عبدالحى أديب قال: كان نيازى مصطفى رائدًا لصناعة السينما المصرية، وكان «أبوالعائلة السينمائية».

المخرج المعروف حسن الإمام.. سقط فى ذهول.. وخرجت الكلمات من فمه بصعوبة.. قال: كان أستاذى فمنه تعلمت حرفية السينما وأسرارها.. رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.

وأسرع عدد كبير من الفنانين إلى شقة المخرج الراحل.. فقد انتهى من تصوير آخر لقطات من آخر فيلم فى حياته «القرداتى» بطولة فاروق الفيشاوى وسمية الألفى.. وأحد القرود!

وفى المساء كانت أخبار الجريمة تتصدر الصفحات الأولى من الطبعات الأولى من الجرائد.. من قتل شيخ المخرجين؟ المباحث وجدته مشنوقًا ومقيدًا والشقة مبعثرة.. الجيران يقولون: علاقاته بالجميع حسنة وكان والدًا لأطفال العمارة.. البواب يقول: ليس له خلافات مع أحد.. مخرج أفلام العنف.. قتل فى جريمة غامضة!

 جريمة

وهكذا منذ اليوم الأول لاكتشاف الجريمة.. أحاطت الإثارة والتوتر بالقضية الغريبة..

وكان على رجال المباحث أن يسيروا فى كل الاتجاهات بحثًا عن خيط يقودهم إلى إزالة الغموض والقبض على القاتل المجهول.

وفى ساعة متأخرة من مساء نفس اليوم بدأت النيابة تحقيقات الحادث، وحتى الصباح سهر مدير النيابة واثنان من وكلاء النيابة يستمعون إلى الشهود: فى القضية التى لم يغلق ملف التحقيق فيها حتى اليوم. كانت كل الأسئلة تدور وتلف وتحوم حول سؤال واحد: لماذا قٌتل نيازى مصطفى؟ ومن قتله؟ والغريب أن الاجابة لم تكتب حتى هذه اللحظة.. ومع ذلك.. فإن تحقيقات النيابة كشفت عن حقائق مثيرة.. مثيرة!

 الأستاذ كان بخيلًا

تلقت الشرطة أول بلاغ عن العثور على جثة المخرج نيازى مصطفى فى الساعة الثالثة ظهرًا، وهرع رئيس مباحث قسم شرطة الجيزة إلى شقة المخرج الراحل خلال دقائق، ثم سرعان ما تبعه كبار مفتشى المباحث بمديرية الأمن. أما النيابة العامة فقد بدأت تحقيقها للقضية فى التاسعة من مساء نفس اليوم.. كان مدير نيابة الجيزة فى منزله عندما اتصل به رئيس المباحث ليبلغه باكتشاف الجريمة، وتحرك مدير النيابة فى الحال نحو مسرح الحادث.

أشخاص

كان واضحًا من البداية أن التحقيقات ستشمل عددًا كبيرًا من الأشخاص، أو على الأقل كل من كانت لهم صلة بنيازى مصطفى سواء كانت صلة صداقة أو علاقة عمل..

وكان من الطبيعى أن يبدأ المحقق عمله يرسم صورة لعملية اكتشاف الحادث، والتفاصيل الكبيرة والصغيرة التى سبقت ارتكاب الجريمة، وذلك من خلال سماع أقوال الشهود.. وفى الحال اتجهت الأنظار نحو الرجل الذى كان آخر من شاهد نيازى مصطفى على قيد الحياة.

 الطباخ

وهكذا وقف الطباخ العجوز محمد (٦١ سنة) يرتعد أمام مدير النيابة الذى حاول أن يهدئ من روعه، ليبدأ سماع أقواله التى كانت لها أهمية خاصة.

قال الطباخ العجوز: اسمى محمد عبدالله وأعمل طباخًا لدى الأستاذ نيازى مصطفى منذ أكثر من ١٨ سنة.

المحقق: ما هى معلوماتك عن الحادث؟

- الطباخ: اللى حصل أنا رحت شقة الأستاذ نيازى يوم السبت الساعة ٨ صباحًا، وهو كان متعودًا يفتح ترباس باب سلم الخدم عشان أدخل منه، وأنا متعود كل يوم أشترى الفطار والشاى.. ويومها صحى الأستاذ نيازى لكنه ظل على السرير ونادانى.

وقال لى الأستاذ نيازى: يا أسطى محمد، أنا مش حاتغدى هنا.. أنا عندى تصوير، وسوف أرجع الساعة ٦ مساءً عشان أتناول العشاء.

ومضى الطباخ يكمل حكايته قائلًا: وعلى هذا الأساس أنا مشيت، وبعدين رجعت الساعة ١٢ ودخلت الشقة بالمفتاح من باب المطبخ، فلم أجد الأستاذ نيازى فبدأت أمارس عملى، وقمت بطهى فرخة وشعرية فراخ وشعرية سلطة.. وانتهيت من الطبخ الساعة ثلاثة ونص الظهر.. وبعدين مشيت على بيتى قعدت شوية، وصليت العصر والساعة ٦ مساءً رجعت تانى على شقة الأستاذ نيازى، لكن الأول طلعت سطوح العمارة قابلت ناس من بلدنا وقعدت معاهم شوية.. وبعدين نزلت من على السلم، وقابلت واحدة ست ساكنة فوق.

قالت لى: الأستاذى نيازى جه ودخل شقته.

وأكمل الطباخ روايته قائلًا: دخلت الشقة من الباب الخلفى.. شفت الأستاذ.. خلع البدلة والبنطلون، ثم غسل وجهه واتجه ناحية التليفون عشان يتكلم.

وقال الأستاذ نيازى: يا أسطى محمد، حضر لى العشاء.

وأسرعت بإعداد العشاء وقدمته له فى الصالون. وقام الأستاذ نيازى ناحية الثلاجة وأحضر زجاجة بيرة وجلس يأكل وهو يشاهد التليفزيون، وعندما حان موعد أذان العشاء، نظر الأستاذ نيازى نحوى وقال لى: يا محمد، هات حاجة حلوة.. فأحضرت له كمية من العنب والبلح.. أكل بعضًا منها، ثم قمت بجمع الأطباق، ورفعت زجاجة البيرة التى كان قد شرب نصفها.

سألته: أى خدمة تانى يا أستاذ؟

قال: لا.. شكرًا يا محمد.

سألته: يا ترى سيادتك عندك تصوير بكره زي النهارده؟

قال: يا محمد سيبنى على راحتى.. هات العيش وامشى.

لقاء

هكذا كان آخر لقاء بين المخرج نيازى مصطفى وطباخه العجوز.. الذى كان آخر من شاهده على قيد الحياة.. هذا طبعًا غير القاتل المجهول.

واستطرد الطباخ العجوز قائلًا: هكذا تركت الأستاذ نيازى، ومشيت.. لكنى طلعت فوق سطوح العمارة قعدت مع واحد من بلدى اسمه عبدالعظيم.. قعدت معاه حوالى ربع ساعة، ثم اتخذت بعضى ونزلت من السلم العادى، وكان عبدالحليم معى.. أنا روحت على بيتى، وهو راح بيته فى إمبابة.. وبعدين تانى يوم ـ الأحد ـ الساعة ٨ صباحًا حسب ميعادى رجعت على شقة الأستاذ نيازى، وضعت المفتاح فى الباب بتاع الخدم لقيته لا يفتح.. لفيت على الباب العمومى «البريمو» علشان أحط الجرائد من تحت الباب. قلت لنفسى يمكن الأستاذ تعبان شوية. أسيبه يستريح، وقررت أروح شغلى.. أصلى باشتغل فى مراقبة المحاصيل الزراعية.. المهم قعدت فى الشغل لغاية الساعة ١٢ ظهرًا.. مرة ثانية حاولت أفتح باب الخدم لم يفتح، رجعت إلى باب الشقة الرئيسى.. ضغطت على الجرس لم يرد أحد.

كان وجه الطباخ العجوز، قد تصبب بالعرق وهو يتكلم، ويروى تفاصيل الحادث المؤلم.. واستمر يكمل روايته..

 بحث

قال الطباخ: عندما ضغطت الجرس، ولم يرد الأستاذ.. رحت أضرب جرس شقة جارنا الأستاذ إسماعيل.. فتحت لى المدام، ثم نادت على الأستاذ إسماعيل.

قلت له: الباب متربس يا أفندم.. أنا حضرت الصبح وحضرت دلوقت ومحدش فتح! أنا مشغول قوى على الأستاذ، وخايف يكون جرى له حاجة.

وحاول الأستاذ إسماعيل أن يطمئنى.. لكنى أسرعت جريا إلى حى منيل الروضة حيث تسكن الحاجة زينب شقيقة الأستاذ.. لكنى لم أجدها، نزلت فقابلتها جنب البيت.

قالت لى: خد أنا معى نسخة من مفتاح شقة الأستاذ.. وخذ رقم التليفون ده.. بتاع الأستاذ جلال وكلمه، وخذ أيضًا نمرة تليفونى عشان تطمنونى.

وبصعوبة شديدة استمر الطباخ المسكين يكمل القصة

قال: رجعت بسرعة وكانت الساعة حوالى ٣ ظهرًا، فتحت الشقة، لقيت كل الأنوار مضاءة، مشيت على حجرة النوم.. لقيت الأستاذ مرمى بين الدولاب والسرير على ظهره.. صرخت.. جريت على بره، خبطت على شقة جارنا الأستاذ إسماعيل، وصرخت: الأستاذ مات..

وبعدين طلبنا الأستاذ جلال وأنا قاعد عند الأستاذ إسماعيل جارنا لغاية ما حضر الأستاذ جلال أخو الأستاذ نيازى ومعاه واحد أو اثنان وأخذ منى المفتاح ودخلنا الشقة.

نظر الأستاذ جلال إلى المرحوم، ثم قام بتقبيله، وقال بأسٍ: نيازى، دى موتة تموتها؟

كانت لحظات رهيبة

قال جلال شقيق نيازى لمن حوله: شيلوه.

وأكمل الطباخ قائلًا: شلناه، وحطيناه على السرير، وراح أخوه شايل الفوطة التى كانت فى فمه، ولقيناه مكتفًا مربوطًا بكرافتة، وخرجنا أنا والأستاذ جلال اللى قفل باب حجرة النوم على جثة الأستاذ نيازى، واتصل بالبوليس، وده كل اللى حصل..

كانت ملامح وجه الطباخ قد اكتست بالإرهاق الشديد.. لكن كان على المحقق أن يبدأ دوره التقليدى بالأسئلة والأجوبة، أو كما يقولون: سين، وجيم..