السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

إسرائيل والتكالب على أفريقيا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تعددت كتابات الباحثين والمهتمين فى الشأن الأفريقى، وكانت ذات قيمة جيدة، ولكن نجد أنها كتابات شبه منفصلة، وهذا ليس لتقصير الباحثيـن، ولكن نتيجـة هيمنـة وقـرصنة الجهات الأمنية على البيانات وعدم تداولها، وهـا نحـن اليـوم فى ظل رئاسة مصر للاتحاد الأفريقى وإيماءً منا بناءً على توجهات القيـادة السياسية بتنمية وتوعية الفكر الأفريقى من الجانب المجتمعى والاقتصادى سوف أقوم بكتابة مجموعة مقالات عن التكالب الدولى على مقدرات أفريقيا وأول هذه المقالات هى مقالة (إسرائيل والتكالب على أفريقيا).
ونفتتح المقالات بسرد مراحل التكالب الإسرائيلى على أفريقيا منذ البدايات إلى أخطر المراحل وهى دعم ومساندة المؤسسات الدولية للتغلغل والتكالب الإسرائيلى الرسمى لمقدرات الشعوب الأفريقية.
حيث كان لإسرائيل اختراقات وحشية لاتزال مستمرة حتى يومنا هذا لدول القارة السمراء وخاصة دول حوض النيل والقرن الأفريقى، حيث كان لها وجود ودور مهم فى القرن الأفريقى وزائير وكينيا وإريتريا وجنوب السودان وإثيوبيا سواء فى المجال الاقتصادى أو السياسى، حيث يعـد التغلغل الإسرائيلى من أهم وأخطر ما يهدد مستقبل التعاون والتكامل الإقليمى الأفريقى الذى نسعى جميعا جـاهـديـن للوصول إليه من أجل التعاون والتكامل وتحقيق التنمية لشعوبنا، وكذلك خلق مجتمعات أفريقية قادرة على تلبية الاحتياجات الحالية والحفاظ على حقوق الأجيال القادمة وذلك بناءً على مواثيق الأمم المتحـدة وأهـداف التنمية المستدامة.
لقد مرت العلاقات الإسرائيلية بأفريقيا بمراحل ثلاث، تمثل فى ذاتها مراحل تطور علاقاتها بالقارة الأفريقىة ككل، وذلك بناء على ما تم سرده من قبل الدبلوماسى الإسرائيلى (آريه عوديد) فى كتابة (إسرائيل وأفريقيا) وهى مراحل (شهر العسل والقطيعة وعودة إسرائيل إلى أفريقيا) مع إضافتى إلى مرحلة رابعة ذات أهمية بالغة وهى مرحلة (تقنين الأوضاع) وهى كالتالى:
(1) المرحلة الأولى: (من عام 1948 إلى عام 1972):
أطلق عليها مرحلة الاستطلاع والتغلغل والانتشار، واشتملت على ثلاث فترات فرعية كالتالى: 
المرحلة الفرعية الأولى (مرحلة الاستطلاع والبحث عن الطريق من عام 1948- 1956):
حيث اقتصرت على علاقة إسرائيل مع ليبيريا وأثيوبيا وفقاً لاستراتيجية إسرائيلية خططت لبناء علاقاتها مع دولتين ساحليتين، إحداهما فى شرق أفريقيا والأخرى فى غربها لتكون قاعدة لتوسيع شبكة العلاقات مع باقى الدول الأفريقية.
المرحلة الفرعية الثانية (مرحلة التغلغل والتوسع من عام 1957 – 1962):
استغلت إسرائيل استقلال دول أفريقيا عام 1960 واعترفت بها وتبادلت معها التمثيل الدبلوماسى وتبلورت هذه المرحلة شكل زيارات متبادلة بين إسرائيل والجابون ومدغشقر وبنين وأفريقيا الوسطى وليبيريا وأوغندا وجامبيا لتكون مناطق ارتكاز لتنمية علاقاتها مع دول مجاورة لتلك الدول. 
المرحلة الفرعية الثالثة (مرحلة الانتشار من عام 1962 – 1973):
أقامت خلالها علاقات دبلوماسية مع ثلاثة وثلاثين دولة أفريقية ووقعت عشرين اتفاقية تعاون .
(2) المرحلة الثانية: (من عام 1973 – إلى عام 1984):
وهى التى أطلق عليها مرحلة (التدهور والانهيار ثم العودة) وقد مرت بمرحلتين فرعيتين:
المرحلة الفرعية الأولى (مرحلة التدهور والانهيار الإسرائيلى بأفريقيا 1973 – 1979):
لقد كانت من أفضل المراحل التى أثبتت فيها الدول الأفريقية منظومة (الصوت الواحد) للقارة بأكمالها والتى جاءت نتيجة لقيام حرب أكتوبر عام 1973، حيث تم خلالها قطع علاقات دول أفريقيا لعلاقاتها مع إسرائيل وكانت أثيوبيا من بين تلك الدول التى قطعت علاقاتها مع إسرائيل.
المرحلة الفرعية الثانية (مرحلة العودة مرة أخرى 1979 – 1983):
وهى المرحلة التى تم بها إعادة بعض الدول الأفريقية علاقاتها بإسرائيل نتيجة لتوقيع معاهدة السلام مع مصر، حيث بدأت زائير ثم ليبيريا ثم ساحل العاج ومالاوى وتوجو ثم سوازيلاند ليسوتو، وكذلك بتسوانا وقد بذلت إسرائيل جهودا كثيفة لإعادة علاقاتها مع دول أخرى مستغلة علاقاتها مع الدول الغربية وأمريكا لمساندة مساعيها الدبلوماسية فى إعادة العلاقات . 
(3) المرحلة الثالثة:  (ما بعد عام 1983 – وحتى2011):
لقد كانت هذه المرحلة تمثل إعادة تطبيع العلاقات الإسرائيلية وتفعيلها منذ بدء غياب الدور المصرى فى الحفاظ على (البدنة الأفريقية) حيث استهدفت إسرائيل خلالها إلى تطوير علاقاتها مع دول أفريقيا وقد تمت أول زيارة من رئيس أفريقى رئيس ليبيريا إلى إسرائيل فى أغسطس عام 1983، ثم تلتها زيارة إسحاق شامير إلى توجو كما أوفدت إسرائيل عدداً من خبرائها فى المجال الاقتصادى خاصة الزراعة وقدمت مساعداتها المالية بهدف إغراء باقى الدول الأفريقية لإعادة علاقاتها معها، والجدير بالذكر أن إثيوبيا أعادت علاقاتها مع إسرائيل عام 1990 وشهدت الحكومات المتعاقبة في إسرائيل إلى اللجوء إلى استثمار المعطيات المرتبطة بصورة العربي لدى الأفارقة على مستوى النخب الحاكمة وعلى مستوى الرأي العام الإفريقي، وذلك من خلال الإعلام الإسرائيلى وسعيه لتجديد وتكريس صورة سلبية للعرب لدى عموم الأفارقة في بلورة صورة العربي (تاجر العاج والرقيق في أذهان الأفريقيين) وخاصة بعد حادثة أديس أبابا فى محاولة الاغتيال المفتعلة والمتعمدة للقيادة السياسية المصرية حين ذاك والتى ما زالت حتى الآن حدثا وحادثا بيد خفية لم يتم إدراكها دوليا حتى الآن، الأمر الذى أدى إلى الانسحاب والغياب الكامل للدور والريادة المصرية تجاه أشقائها الأفارقة وفى نفس الوقت الأمر الذى عــزز مـوقف إسرائيل فى هذه المرحلة بشكل ملحوظ بالإضافة الى استخدامها الثالوث الإسرائيلى من أنشطة الموساد (إشعال وتصعيد الصراعات الداخلية - تجارة السلاح والماس- المساعدات الاقتصادية) حتى أصبحت تحرك الدول الأفريقية فى أى وقت تشاء حتى وصلت إسرائيل فى هذه المرحلة ليس للتغلغل بل إلى التوغل والتوحش داخل القارة البكر. 
(4) المرحلة الرابعة : (ما بعد عام 2010 – وحتى اليوم) :-
وهى التى أطلق عليها مرحلة (تقنين الأوضاع) والتحدى الأصعب لمجتمعات أفريقيا 
حيث تمثلت هذه المرحلة عقب اندلاع ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 فى مصر والربيع العربى، حيث بدأت إسرائيل فى إدراك الموقف مبكرا ووضعها غير الشرعي تجاه أفريقيا فى غفلة أغلب الدول الأفريقية والعربية إبان توترات هذه الفترة فى تقنين أوضاعها فى أفريقيا والتى ساعدها فيها المجتمع والمؤسسات الدولية وهو الخطر الجديد والتحدى الأصعب تجاه المجتمعات الأفريقية والأهم وغير المدرك لعواقبه المستقبلية، حيث يعتبر بمثابة الطريق الدولى الشرعى فى التغلغل والتكالب الإسرائيلى لأفريقيا والذى يتمثل فى توقيـع إسرائيـل متمثـلة بمركز التعـاون الدولى التابـع لـوزارة الخارجيـة الإسرائيلية (ماشاف) اتفــاقيـة فى 14 مايو ( 2012) مع منظمة الأمم المتحدة متمثلة فى (UNDO) (لإدارة المياه والموارد الاقتصادية فى أفريقيا) والتى تقوم بموجبها بتطوير منظومة الأمن الغذائى وإدارة المياه وتمكين المرأة والتنمية الصناعية وبناء القدرات في مجالات التكنولوجيات ذات الصلة بالزراعة والتكنولوجيا الحيوية ودعم المشاريع الصناعية الصغيرة والمتوسطة والبيئة والاستدامة في أفريقيا وأقل البلدان نمواً. 
ونص الاتفاقية كالتالى باللغة الإنجليزية:
JERUSALEM, 14 May 2012 - Israel's National Agency for International Development Cooperation in the Ministry of Foreign Affairs (MASHAV) and the United Nations Industrial Development Organization (UNIDO) have signed an agreement today to increase cooperation on food security, water management, the empowerment of women and industrial development in Africa and in Least Developed Countries.
The cooperation between MASHAV and UNIDO builds on the two organizations’ mutual and complementary capabilities and will focus on capacity building in such areas as agriculture-related technologies and biotechnology; support to small and medium industrial enterprises; women's empowerment; women's entrepreneurship development; rural entrepreneurship development; and environment and sustainability(*)
( * )- المصدر، موقع اليونيدو – مركز الأحداث 
https://www.unido.org/news/israels-development-agency-teams-unido-food-security-industrial-development-africa