تناولت صحيفة واشنطن بوست فى تحليل لها تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل، والذى وصل إلى ذروته بتبادل الضربات بين البلدين، والتى بلغت ذروتها بانفجارات فى أصفهان، أدت إلى تصعيدًا نوويًا يضاف إلى التداعيات الإقليمية للحرب فى غزة.
وبحسب الصحيفة تحدث المدير التنفيذى لجمعية الحد من الأسلحة، ومقرها واشنطن، لى داريل كيمبال، بالقول: "الوضع مقلق للغاية، ونكتشف بعض الحقائق الصعبة حول السبب الذى يجعل الأسلحة النووية تشكل عائقًا أكثر من أى نوع من أصول الأمن القومي"، فى إشارة إلى الهجمات المتبادلة التى شهدت غارة إسرائيلية على قنصلية إيرانية فى سوريا، بالإضافة إلى إطلاق مئات الطائرات بدون طيار والصواريخ من الأراضى الإيرانية ردًا على ذلك.
بعد ساعات فقط من الهجوم الإيرانى على إسرائيل، هزت الانفجارات عدة مواقع فى جميع أنحاء إيران، بما فى ذلك مقاطعة أصفهان، موطن المختبرات النووية الرئيسية، وشعر خبراء نزع السلاح النووى بالارتياح، عندما تبين أن الضربات كانت محدودة النطاق، ولم تضرب المواقع النووية، وهو على ما يبدو إشارة من إسرائيل بشأن ما يمكنها فعله فى أصفهان، وغيرها من المواقع النووية الإيرانية.
وبحسب الصحيفة، يعد ذلك بمثابة تذكير بالمخاوف النووية التى تلوح فى الأفق، وتأتى بعد مرور أكثر من نصف قرن على بدء تطوير الأسلحة النووية الإسرائيلية، التى باتت أمرًا واقعًا، كون تل أبيب هى القوة الوحيدة المسلحة نوويًا فى الشرق الأوسط، وهو سر مكشوف، حتى لو لم تعترف به تل أبيب، ولا تحكمه الاتفاقيات الدولية.
وما يثير القلق أن المعايير تبدو وكأنها تتغير وكانت الضربة الإيرانية على إسرائيل هى المرة الأولى التى تضرب فيها إيران البلاد من أراضيها، وحذر مسئول إيرانى من أنه إذا قامت إسرائيل بضرب مواقعها النووية، فإنها قد تعيد النظر فى موقفها الرسمى بشأن تطوير الأسلحة النووية، وربما تستهدف المنشآت النووية الإسرائيلية.
وقال الرئيس الإيرانى إبراهيم رئيسي، إنه إذا هاجمت إسرائيل إيران مرة أخرى، فإن الوضع سيكون مختلفًا، وقال رئيسى أمام جمهور فى باكستان، فى إشارة إلى إسرائيل، بحسب وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية: "ليس من الواضح ما إذا كان سيبقى أى شيء من هذا النظام (دولة إسرائيل).
إسرائيل تمتلك 90 رأسًا نوويًا
ويقول الخبراء إن إسرائيل تمتلك ٩٠ رأسًا نوويًا أو أكثر، مع البلوتونيوم اللازم لتصنيع المئات، فى حين أن هذه الأرقام أقل من تلك التى تحتفظ بها دول مثل روسيا والولايات المتحدة، إلا أنه لا يوجد سوى ٩ دول مسلحة نوويًا فى المجموع، وتعد إسرائيل جزءًا من النخبة، التى تمتلك تلك الأسلحة.
وأوضحت "واشنطن بوست"، حتى عند الحد الأدنى من المقياس فإن هذا العدد من الأسلحة النووية الإسرائيلية سيشكل "تهديدًا كبيرًا" لطهران، وبحسب خبير الأسلحة النووية السابق فى وزارة الطاقة الأمريكية روبرت كيلي، "إسرائيل تمتلك قنابل أكثر من الأهداف المطلوب تدميرها فى إيران".
وما زالت إسرائيل تحتفظ بالسرية النووية إلى حد كبير، مع عدم وجود اختبارات عامة وعمليات تفتيش دولية، إلا أن هناك تسريبات لبعض التفاصيل حول كيفية عمل الأسلحة الإسرائيلية عمليًا ويُعرف موقع ديمونة الآن باسم مركز شمعون بيريز للأبحاث النووية فى النقب، وهو رسميًا منشأة بحثية.
كما ذكرت بعض المصادر أن الأسلحة النووية الإسرائيلية ربما تكون موجودة فى قواعد جوية عسكرية، بالقرب من الصواريخ أو الطائرات التى ستحملها، ولا يخفى أن إسرائيل تمتلك صواريخ وغواصات وطائرات، بما فى ذلك طائرات إف٣٥ الأمريكية الصنع، القادرة على إطلاق أسلحة نووية.
على الجانب الآخر، قال المدير التنفيذى لمركز الشرق الأوسط فى جامعة بنسلفانيا جون غازفينيان، إن "طهران حافظت على موقف غامض استراتيجيًا بشأن الأسلحة النووية منذ البداية.. وتحوطت فى رهاناتها، وتواصل الاعتماد على استراتيجية التحوط لتطوير القدرة النووية، وتتمركز فى وضع يمكّنها من السباق للحصول على قنبلة نووية، إذا لزم الأمر".
وتزعم إسرائيل، إلى جانب بعض حلفائها، أن إيران تخفى طموحاتها فى مجال الأسلحة النووية، وقبل الضربات الإسرائيلية أعرب خبراء الأسلحة النووية عن قلقهم بشأن الهجوم الإسرائيلى المباشر المحتمل على المنشآت النووية الإيرانية.
فى الوقت نفسه، تواجه الهياكل الدولية لنزع السلاح صعوبات، لا يزال الاتفاق النووى الإيرانى لعام ٢٠١٥ المعروف رسميًا باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، والذى تفاوضت عليه الولايات المتحدة و٥ قوى عالمية أخرى، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي، سارى المفعول من الناحية الفنية، ولكن تم تحييده بسبب قرار إدارة الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب بالانسحاب منه فى عام ٢٠١٨.