الأحد 06 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

قدماء موحدون.. تحوتمس الثالث.. عصر التوحيد ما بعد الهكسوس الوثنيين

تحوتمس الثالث.. عصر
تحوتمس الثالث.. عصر التوحيد ما بعد الهكسوس الوثنيين
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
على مدار أيام الشهر الفضيل نصطحبكم فى رحلة عطرة، نغوص خلالها فى تاريخ الأسرات المصرية القديمة.. لنرصد كيف بدأت عبادة التوحيد، وكيف آمن الفراعنة بالإله الواحد، فالمراجع تعددت والكتب سُطرت فى إيمان الفراعنة، ولكن بين أيدينا وعلى مدار الشهر كتاب «قدماء المصريين أول الموحدين» للدكتور نديم السيار، والذى بحث ودقق ليصل إلى حقيقة ثابتة، وهى أن قدماء المصريين أول من قال «لا إله إلا الله».
اشتهر عصر الملك تحوتمس الثالث أحد ملوك الأسرة الـ١٨، والذى عاش فى الفترة من ١٤٩٠ إلى ١٤٣٦ ق. م، بالتقوى والورع، حيث خرج فى هذا العصر مجموعة كبيرة من الحكماء، ومن بينهم الوزير «رخميرع»، والذى ذكر فرانسوا دوماس فى كتابه «آلة مصر»، قوله أمام الملك: «لقد كنت صادق القول أمام الله»، ومن أقواله أيضًا والتى وردت فى موسوعة مصر القديمة لسليم حين: «اسمعوا أنتم يا من فى الوجود، إن الله يعلم ما فى الأنفس، ومل ما فيها من أعضاء منشورة أمامه»، ويتضح لنا من أقواله أنه ذكر اسم الله مفردًا، وهو دلاله على أنه كان على مذهب التوحيد.
وخلال الحلقات السابقة رصدنا نماذج للتعاليم والأناشيد التى تدل على انتشار عبادة التوحيد فى عصر الأسرة الـ١٨، والأسرة الـ٢٠، وهو ما يطلق عليه عصر الدولة الحديثة، ولكن التوحيد فى مصر الفرعونية كان أقدم من عصر الأسرتين سابقتى الذكر، فبالعودة قليلًا إلى عصر الهكسوس، ويشمل الأسرات «١٧، ١٦، ١٥» نجد أن مصر شهدت عصر الأنبياء الذين جاءوا لدعوة الهكسوس الوثنيين إلى عبادة الله الواحد الأحد.
ورغم ندرة الوثائق المصرية التى تؤرخ لهذه الفترة من عصر الهكسوس وحكمهم لمصر، إلا أنه العصر الذى شهد تواجد سلسلة من أنبياء الله فى مصر ومنهم «إبراهيم، إسماعيل، يعقوب، يوسف». وتشير المصادر إلى أن الهكسوس هم أقوام من البدو الرعاة، وكلمة «هكسوس» تعنى حكام البدو أو الملوك الرعاة، ولم يكن الهكسوس من جنس واحد وإنما كانوا خليطًا من قبائل متعددة الجنسيات، ويقول الدكتور لويس عوض فى كتاب «مقدمة فى فقه اللغة العربية»، القبائل البدوية كانت تُسمى «عمو»، وكانوا شعبين أحدهما «الآراميون»، ودخل الـ«عمو» ومنهم الآراميون مع غزو الهكسوس لمصر. وهو ما يؤكده الدكتور عزة دروزة بقوله: «يتفق معظم الباحثين على أن العنصر العالب فى الهكسوس هو العنصر الذى كان يقطن فى بلاد الشام من «آراميين» وكنعانيين، ويذكر الدكتور أحمد سوسة فى كتاب «تاريخ حضارة وادى الرافدين» أن المؤرخين يؤكدون أن القبائل الآرامية ترجع إلى الأصل العربى، فهم العرب البائدة، أو العرب العارية، وهم من أصل واحد. ومن هنا يتضح لنا أن الهكسوس كانوا خليطًا من أجناس عديدة، ومن بينهم الأعراب الأراميون وكلهم كانوا من قبائل البدو الرعاة، والذين كانوا فى أحط دركات البدائية والهمجية والوحشية، خاطفين وسفاحين وهادمين، وكفرة مشركين وثنيين، واجتمعت فيهم كل مساويء وشرور البشرية، وشاء الله أن يُطهر مصر من دنسهم وشركهم، ويُهذب نفوسهم ويُشذب طباعهم وأخلاقهم، ويُطهر قلوبهم وأرواحهم، لإخراجهم من الظلمات إلى النور، وكانت سنة الله أن لا يبعث رسولا إلى قوم إلا وهو من نفس جنسهم، لذلك أرسل الله سبحانه إلى إلى الهكسوس الآراميين وأشباههم رسولا من بنى جنسهم متحدثًا لغتهم، وكان هذا الرسول الذى اختاره الله لرسالته العظيمة هو ذلك الشاب الأرامى البدوى «إبراهيم»، الذى ينتمى إلى إحدى تلك القبائل الآرامية التى شاركت فيما بعد فى تكوين جحافل الهكسوس. فما علاقة إبراهيم بمصر، وكيف دعا إلى عبادة التوحيد بها هذا ما سنتطرق إليه فى الحلقة المقبلة.