السبت 19 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ملفات خاصة

نعي "الترابي".. شهادة انتحار القرضاوي في المرعى القطري

 القرضاوي
القرضاوي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
هل يقف الكهل يوسف القرضاوى أمام صورته فى المرآة؟.. هل يرى العفن الذى يغطى وجهه؟
أشك، يقف الرجل دائمًا فى النقطة السوداء، لا نور يضىء وجهه كما يقولون عن عباد الله المؤمنين، ورجاله الصالحين، ولا يقترب من سماحة أهل الدين، الوجه غبى، ومتجهم، وقبيح، وملىء عن آخره بالبثور التى تكشفه، فهو رجل بلا أنصار، لا يحمل كتاب الله فى قلبه، ولا يحب سنة الرسول، وهل يعرف القرضاوى الله ورسوله؟ أغلب الظن، أنه يستخدمهما لكى يربح، يعتبرهما تجارة تزيد من رصيده فى البنك، وتعزّز دوره فى «المرعى القطرى»، باسم الرسول ذهب إلى هناك، وأصبح «مفتى موزة». ما الذى فعله الرجل الآن؟ 
نصائح "إمام الإرهاب" لـ"الترابي"
وسط نعى القرضاوى للسودانى حسن الترابي، إمام الإرهاب السياسي، الذى توفى قبل أيام، ومن حيث يريد أن يكرِّمه، كرَّم نفسه، فالرجل الذى يعتبر نفسه «دينًا ودولة وجماعة» - ثلاثة فى واحد – مفتى الإسلام وحامى حماه الأول، ذكر كلمتين أو بضع كلمات عن الرجل، ثم تفرَّغ لرواية مغامراته وتدخلاته ونصائحه للرجل، والمناصب التى نالها فجعلته محور العالم كله لا العالم الإسلامى وحده – القرضاوى يتحدّث هنا عن نفسه – فقال: «كانت هناك أنشطة كثيرة تجعلنى أتردد على السودان، منها أنهم اختارونى فى المنظمةالخيرية الإفريقية الإسلامية.
ولها أعمالها فى السودان، وفى إفريقيا عامة، وأحيانا نلتقى فى الخرطوم أو فى بلد آخر، وقد أُدعى لجامعة إفريقيا، أو لجامعة الخرطوم، أو لجامعة أم درمان، أو جامعة القرآن، أو للحركة الإسلامية، أو لبنك فيصل الإسلامي، أو لغيره من الهيئات، وهذا ما جعلنى ألتقى به كثيرا فى الخرطوم، أو فى مناسبات شتى».
وأضاف عن ذاته وليس عن «الترابي»: «التقيت الشيخ الترابى من قديم، ووجدته رجلا يتمتع بفهم دقيق، وحِسٍّ رقيق، وإيمان عميق، وعلم وثيق. ما ذهبت للسودان، أو لبلد عربي، أو لقيته فى قطر وغيرها، إلا تحدثنا عن ثقافة الأمة وهموم الأمة، وكيفية علاجها، وحال المسلمين، ووسائل النهوض بهم، وكيف ننهض بالدعوة، وكيف نطورها».
ويروى نصائحه لـ«إمام الإرهاب السياسي»: «أول ما لقيت الترابى فى لبنان سنة ١٩٨٥م، وكان فى قمة الشباب، وكان يزور بيروت فى ذلك الوقت، وقد قاد الحركة الشعبية الجامعية، التى انتهت بإسقاط الحكم العسكرى برئاسة عبود، وعودة الحكم المدنى إلى السودان. وأذكر مما جرى بينى وبينه من حديث أنى قلت له: لعلكم تلتفتون إلى الجيش ونشر الدعوة فيه، حتى لا يقوم بانقلاب آخر ضدكم، فقال لي: نحن فى الواقع لا نهتم بالجيش، وإنما نهتم بالشعب، وعندنا أن نكسب معلمًا فى مدرسة خير من أن نكسب ضابطًا فى الجيش، قلت: ولكن الجيوش الآن كثيرًا ما تنقلب على الحكم المدني، وتسيطر على مقدرات الشعوب، قال: لتنقلب، ونحن سنسقطها».
القرضاوي: يكذب.. ويأخون "الترابي"
يواصل «القرضاوي» رواية أكاذيبه من حيث أراد أن يمدح الترابي، يقول: «حسن الترابى هو الحسن الثالث فى الإسلاميين، بعد حسن البنا الأول، وحسن الهضيبى الثاني، هو سودانى قح، تعلم القرآن الكريم وحفظه وجوده فى صباه، وتعلم اللغة العربية والشريعة، ولم يتغير فكره الإسلامى الأصيل عن أصله، رغم أنه حصل على قمة الدراسات العليا فى الغرب: الماجستير من جامعة أكسفورد، ثم الدكتوراه من جامعة السوربون، وأتقن رحمه الله عدة لغات بفصاحة: الإنجليزية والفرنسية والألمانية، ولكنه بقى سودانيا عربيا مسلما، يقول:
«أبى الإسلام لا أب لى سواه إذا افتخروا بقيس أو تميم!». 
يحاول الشيخ العجوز ربط «الترابي» بجماعة الإخوان الإرهابية، بتشبيهه بالحسنين، البنا والهضيبي، ثم فى قوله خلال النعي: «الدكتور الترابى أحد إخوانى – وإن اختلفت معه فى بعض الأمور- وليس من أخلاقى أن أخاصم إخواني، اختلف الترابى وإخوانه فى عدد من القضايا الفكرية والسياسية، وساءنى ذلك كما ساء كثيرا من الإخوان المسلمين فى أنحاء العالم العربي». 
ويضيف: «تزوج أخت الصادق المهدي، فكانت نعم الزوجة له، ونعم الرفيق له فى دربه، لم يتزوج غيرها، واختلف مع الإخوان اختلافا فى الطرق؛ لأن له فلسفة فى الحركة لا تتفق تماما مع المسيرة العامة لحركة الإخوان، ولذلك قالوا للتنظيم العالمى للإخوان: اعذرونا فيما قد نتخذه من خطوات أو قرارات، ربما لا توافق ظروفكم المحلية والإقليمية والسياسية على إقرارها أو تلبيتها، أو الموافقة عليها، وظلوا سنوات على هذا الوضع حينما كنت لا أزال ملتزما بالارتباط التنظيمى مع الإخوان».
يلمح «القرضاوي» إلى خلاف الرجل مع الإخوان، إلا أنه رسم طريقه، خلاف من الداخل، وفى داخل الجماعة، خلاف على الطريقة لا الطريق، صوَّره خلال النعى كإخوانى ضلّ طريق القرضاوى الذى حاول الإصلاح وتقريب وجهات النظر فى عدة مناسبات، لكنه ظلّ إخوانيًا، ورغم أنه ليس فضلاً على أحد أن ينتمى إمام الإرهاب السودانى إلى الإخوان، أو إلى أى جماعة، لكن القرضاوى كذب، وسيظلّ يكذب حتى يكتب عند الله كذابًا، فالترابى أعلن فى أكثر من مرة، آخرها فى برنامج «مراجعات»، المذاع على قناة «الحوار» - موجود على يوتيوب – أن حركته فى السودان لا علاقة لها بالإخوان عامة، أو التنظيم الدولي، أو إخوان مصر، وإنهم كانوا يقرأون لمالك بن نبى كما كانوا يقرأون لحسن البنا، نوع من الثقافة والاطلاع على اتجاهات مختلفة لا أكثر. 
"شبح" محمد حسنين هيكل
من باب ذكر محاسن الموتى، أهال «القرضاوي» التراب على محمد حسنين هيكل، عدو الحركات الإسلامية الأول، فالإخوان يعتبرونه ليس مجرد عدو، إنما أحد الآلهة الذين خسفوا الأرض بـ«الإخوان» فى زمن عبدالناصر، وكان مرشدًا لـ«السيسي» فى إبادة اعتصامى الجماعة المسلحين فى رابعة والنهضة. 
هيكل بالنسبة إلى الإخوان ليس مجرد مفكر أو كاتب سياسى يحمل وجهة نظر مختلفة.. إنما جنرال حرب أباد ميليشيات الجماعة!
يقفز «القرضاوي» إلى حرم هيكل: «ساءنى أن أحد الإخوة قال عنه: إنه ليس منا !! وشبهه آخر بهيكل مصر، وأنا أرى ذلك من الغلو المجافى للإسلام. فالدكتور حسن الترابى رجل لا ننكر فضله وجهوده فى الدعوة الإسلامية، وفى الحركة الإسلامية فى السودان، وفى مقاومة الصهاينة والصليبية، والعِلمانية واللادينية، ولكنه ليس معصومًا، ولديه شطحات فى بعض الأمور، ننكرها عليه جميعًا».
تشبيه «الترابي» بـ«هيكل» ليس منطقيًا لاختلاف مسارات الرجلين، ربما تسخر منه، أو تفنّده، لكن السؤال الآن: ما الذى يجافى الإسلام فى تشبيه الترابى بهيكل؟
هل يعتبر «القرضاوي» محمد حسنين هيكل كافرًا؟
فى هذه الحالة فقط، يصبح ما يدّعيه، ويقوله، منطقيًا، إذ إن الرجل يرى هيكل كافرًا، وبالتالى فتشبيهه بمسلم ضد الإسلام، حسب وجهات نظر إسلامية متشدّدة تؤمن بالموت أكثر ممّا تؤمن بالحياة.. لكن الرجل أراد أن يثبت إيمان الترابى من حيث أهال التراب على هيكل، وخرج عن الإسلام. وجهة النظر الإسلامية تقول: «من كفر مسلمًا بغير حق فهو كافر»، حسب السنة النبوية، وفى حديث آخر: «من كفر مسلما فقد باء بها أحدهما». 
فليبحث «القرضاوي» من الآن عن مقعده فى النار، فـ«هيكل» أوصى بصلاة الجنازة عليه فى مسجد الحسين، مات موحّدًا، وكانت لديه عدة اجتهادات إنسانية، وأعمال خيرية تضعه فى الجنة، حتى لو مرّ أولًا على النار. 
تخبّط القرضاوى كثيرًا فى النعي، دافع عن صديقه الترابى أمام جيوش جرارة تهاجمه كاتمًا اختلافه الجذريّ معه، فقال إنه مجتهد حتى لو اختلفنا معه والمجتهد وإن اخطأ له أجر ثم فى آخر النعى قال: نسأل الله لأخينا الحبيب حسن الترابى أن يغفر له أخطاءه فى الاجتهاد. 
خادم موزة على حافة جهنم
يجلس القرضاوى على حافة جهنم، رجل فى الدنيا ورجل فى القبر، وقبره به عينة ضخمة من أشكال الثعبان الأقرع، والشياطين، وملائكة الحساب، التى تنتظره بفارغ الصبر لتنصب له محاكمة عادلة، لم يجد مثلها فى الدنيا. 
هل نقترب من تناقضاته أكثر؟
يذم القرضاوى نفسه من حيث لا يدري، يمدح الترابي، يتحدث عن فقره وزهده، يقول: «لا يريد أن يسكن القصور الشامخة، ولا أن يركب السيارات الفارهة، ولا أن يعيش الحياة الناعمة، يريد أن يعيش كما يعيش الناس، ويتعب كما يتعب الناس، ولهذا رحب بأن يعارض، وأن يقول الحق كما يراه، وأن يغالب الباطل، وإن أداه ذلك إلى الدخول فى صراع مع كثير من إخوانه وتلاميذه الذين نقلهم من الكوخ إلى القصر، ومن الأسفل إلى الأعلى».
ويضيف عن حب «الترابي» للسجن فى سبيل الله: «ظل ينتقل من معتقل إلى سجن، ومن سجن إلى معتقل، حتى لا يكاد يهنأ له عيش فى بيته، وقد دعيتُ إلى أحد المنتديات فى السودان، للمشاركة فى الاجتماع الثامن لمؤسسة القدس العالمية بالخرطوم، منذ سنوات، لكنى رفضت المشاركة حتى تفرج الحكومة السودانية عن زعيم المؤتمر الشعبي: حسن الترابي، فلما أبى المسئولون، رفضت أن أحضر مثل هذا المؤتمر فى بلد يُسجن فيه رجل فى مكانة الترابى وتضحياته وعمره! فقد بلغ الثمانين، ولا يزال يحمل إلى السجن!! ومن أتباعه». أين وقف القرضاوى من كل هذا؟ 
كان فى «الدوحة»، ينام فى قصور موزة الشامخة، يفترش الحرير، يركب السيارات الفارهة، يعيش الحياة الناعمة، يجمع عقارات باسمه وثروات، ويكنز الأموال والأرصدة الضخمة فى البنوك، ولا يتعب كما يتعب الناس. كان القرضاوى يفعل كل ما حُرِم منه الترابى لأجل الله، والجهاد، ويملك ما سلبه الجهاد من الترابي.
السؤال الآن: إذا كان زهد وفقر الترابى حسنة عند الله.. فلماذا يعيش القرضاوى فى أعالى قطر؟
والإجابة عند مرشد الإخوان الراحل عمر التلمساني، حين سئل لماذا عاد كل إخوان الخليج إلى مصر خلال حكم «السادات» ولم يعد القرضاوي، فقال: «يوسف استحلى المرعى القطرى ومش هيرجع».