الإثنين 21 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

بروفايل

الشعراوي.. إمام العصر

الشيخ محمد متولى
الشيخ محمد متولى الشعراوى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عَلَم بارز من أعلام الدعوة الإسلامية، وإمام فرض نفسه، وحفر لها في ذاكرة التاريخ مكانًا بارزًا كواحد من كبار المفسرين، وصاحب أول تفسير شفوي كامل للقرآن الكريم، وأول مَن قدم علم الرازي والطبري والقرطبي وابن كثير وغيرهم سهلًا ميسورًا تتسابق إلى سماعه العوام قبل العلماء، والعلماء قبل العوام.
إنه الإمام الشيخ محمد متولي الشعراوي، يُعد أعظم من فسّر القرآن الكريم في العصر الحديث، واتفق الكثيرون على كونه إمام هذا العصر، حيث لُقب بإمام الدعاة لقدرته على تفسير أي مسألة دينية بمنتهى السهولة والبساطة، علاوة على مجهوداته في مجال الدعوة الإسلامية، وقد كان تركيزه على النقاط الإيمانية في تفسيره ما جعله يقترب من قلوب الناس، خاصة أن أسلوبه يناسب جميع المستويات والثقافات.. فكان أشهر مَن فسّر القرآن في عصرنا.
**نشأته وتعلمه:
محمد متولي الشعراوي أو كما لُقب بإمام الدعاة، تعجز الكلمات عن وصفه فكان عَلَمًا من أعلام الدعوة الإسلامية، كان يتحدث فيصمت أمامه الكثير، يتساءلون كيف يستطيع أن يخطف القلوب والأذهان إلى عالم آخر، عالم تتجلى فيه الروح وتتعلق بأحبال الإيمان، ولد الشيخ الشعراوي في 15 أبريل عام 1911م بقرية دقادوس مركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية بمصر، هو من أسرة يمتد نسبها إلى الإمام علي زين العابدين بن الحسين، التحق بمعهد الزقازيق الابتدائي الأزهري وحفظ القرآن الكريم في الحادية عشرة من عمره، في عام 1922 أظهر مهارته منذ طفولته في مدى اتساع عقله وذهنه للعلم.
تزوج الشعراوي وهو في الثانوية بناء على رغبة والده الذي اختار له زوجته، ووافق الشيخ على اختياره، لينجب ثلاثة أولاد وبنتين، الأولاد: سامي وعبد الرحيم وأحمد، والبنتان فاطمة وصالحة، وكان الشيخ يرى أن أول عوامل نجاح الزواج هو الاختيار والقبول من الطرفين والمحبة بينهما.
** مهاراته:
اشتهر بمهارته في حفظه للشعر والمأثور من القول، واختير ليكون رئيسًا لاتحاد الطلبة أثناء دراسته بالمعهد الثانوي الأزهري نظرًا لتميزه وحب الطلبه والمعلمين له، كما اختير رئيسًا لجمعية الأدباء بالزقازيق، كان "الشعراوي" يريد أن يبقى مع والده وإخوته لزراعة الأرض فكان سفره للقاهرة والتحاقه بالأزهر الشريف نقطة تحول في حياته، اشترط على والده أن يشتري له كميات من أمهات الكتب في التراث واللغة وعلوم القرآن والتفاسير وكتب الحديث النبوي الشريف، كنوع من التعجيز حتى يرضى والده بعودته إلى القرية، لكن والده فطن إلى تلك الحيلة، واشترى له كل ما طلب قائلًا له: أنا أعلم يا بني أن جميع هذه الكتب ليست مقررة عليك، ولكني آثرت شراءها لتزويدك بها كي تنهل من العلم.
التحق الشعراوي بكلية اللغة العربية سنة 1937م، وانشغل بالحركة الوطنية والأزهرية، وحركة مقاومة المحتلين الإنجليز سنة 1919م التى اندلعت من الأزهر الشريف.
**التدرج الوظيفي:
تخرج عام 1940م، وحصل على العالمية مع إجازة التدريس عام 1943م، بعد تخرجه عُين الشعراوي في المعهد الديني بطنطا، ثم انتقل بعد ذلك إلى المعهد الديني بالزقازيق ثم المعهد الديني بالإسكندرية وبعد فترة خبرة طويلة انتقل الشيخ الشعراوي إلى العمل في السعودية عام 1950 ليعمل أستاذًا للشريعة في جامعة أم القرى.
تولى الشعراوي العديد من الوظائف، بداية من مدرس بمعهد طنطا الأزهري، ثم نُقل إلى معهد الإسكندرية، ثم معهد الزقازيق، وأعير للعمل بالسعودية سنة 1950 وعمل مدرسًا بكلية الشريعة بجامعة الملك عبد العزيز بجدة ثم وكيلًا لمعهد طنطا الأزهري سنة 1960 ومديرًا للدعوة الإسلامية بوزارة الأوقاف سنة 1961 ومفتشًا للعلوم العربية بالأزهر الشريف 1962 وفي عام 1964 عُين مديرًا لمكتب الإمام الأكبر شيخ الأزهر حسن مأمون، وكان رئيسًا لبعثة الأزهر في الجزائر 1966 وأستاذًا زائرًا بجامعة الملك عبد العزيز بكلية الشريعة بمكة المكرمة 1970 ورئيس قسم الدراسات العليا بجامعة الملك عبد العزيز 1972 ووزيرًا للأوقاف وشئون الأزهر بجمهورية مصر العربية 1976 وأخيرًا عضوًا بمجمع البحوث الإسلامية 1980، اختير عضوًا بمجلس الشورى بجمهورية مصر العربية 1980 وعُرضت عليه مشيخة الأزهر وكذا منصب في عدد من الدول الإسلامية لكنه رفض وقرر التفرغ للدعوة الإسلامية.
**الجوائز والأوسمة:
حصل الشعراوي على العديد من الجوائز، حيث وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى بمناسبة بلوغه سن التقاعد في الخامس عشر من أبريل عام 1976، وسام الجمهورية من الطبقة الأولى عام 1983، ووسام في يوم الدعاة، وحصل على الدكتوراه الفخرية في الآداب من جامعتي المنصورة والمنوفية ثم اختارته رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة عضوًا بالهيئة التأسيسية لمؤتمر الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية، الذي تنظمه الرابطة، جعلته محافظة الدقهلية شخصية المهرجان الثقافي لعام 1989م والذي تعقده كل عام لتكريم أحد أبنائها البارزين، وأعلنت المحافظة عن مسابقة لنيل جوائز تقديرية وتشجيعية، عن حياته وأعماله ودوره في الدعوة الإسلامية محليًا، ودوليًا، ورصدت لها جوائز مالية ضخمة، اختارته جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم كشخصية العام الإسلامية في دورتها الأولى عام 1418 هجري الموافق 1998 ميلادي.
**مؤلفاته:
قام عدد من محبيه بجمع مؤلفاته وإعدادها للنشر، وأشهر هذه المؤلفات وأعظمها تفسير الشعراوي للقرآن الكريم، ومن هذه المؤلفات: الإسراء والمعراج، الإسلام والفكر المعاصر، الإسلام والمرأة، عقيدة ومنهج، الإنسان الكامل محمد صلى الله عليه وسلم، الأحاديث القدسية، الأدلة المادية على وجود الله، الآيات الكونية ودلالتها على وجود الله تعالى، البعث والميزان والجزاء، التوبة، الخير والشر، الحصن الحصين، الجنة وعد الصدق، الحياة والموت، الجهاد في الإسلام، الشيطان والإنسان، الصلاة وأركان الإسلام وغيرها الكثير من المؤلفات الدينية، وتوفى الشيخ محمد متولي الشعراوي في السابع عشر من شهر يونيو عام 1998 ليترك وراءه علمًا يملأ الأرض نورًا ومعرفة.
** مصر في نظر الشعراوي
قال في حب مصر: "مصر التي قال عنها رسول الله إن أهلها في رباط إلى يوم القيامة، مَن يقول عن مصر أنها أمّة كافرة؟ إذًا فمَن المسلمون؟ مَن المؤمنون؟، مصر التي صدرت علم الإسلام إلى الدنيا كلها صدرته حتى إلى البلد الذي نزل فيه الإسلام، هي التي صدرت لعلماء الدنيا كلها علم الإسلام ذلك هو تحقيق العلم في أزهرها الشريف وأما دفاعًا عن الإسلام فانظروا إلى التاريخ مَن الذي رد همجية التتار؟ إنها مصر، مَن الذي صد ظلم الصليبيين عن الإسلام والمسلمين؟ إنها مصر، وستظل مصر دائمًا رغم أنف كل حاقد أو حاسد أو مستغل أو مدفوع من خصوم الإسلام هنا أو خارجها، إنها مصر وستظل مصر".
جهاده في الدعوة إلى الله:
شارك في عام 1934 في حركة تمرد طلاب الأزهر التي طالبت بإعادة الشيخ المراغي إلى مشيخة الأزهر، كما أودع السجن الانفرادي في سجن الزقازيق بتهمة العيب في الذات الملكية بعد نشره مقالًا يهاجم فيه الملك لمواقفه من الأزهر.
ماذا قال عن الإخوان؟
ماذا قال الشيخ الشعراوي، وأنقل كلامه كما قاله تحت عنوان "لماذا لا أنتمي لجماعة الإخوان؟" قال الشعراوي: أنا مسلم قبل أن أعرف الإخوان أو غيرهم، وأنا مسلم قبل أن يكونوا حزبًا، وأنا مسلم بعد زوالهم ولن يزول إسلامي بدونهم، لأننا كلنا مسلمون وليسوا هم وحدهم من أسلموا لأنني أرفض أن يتلخص ديني في صندوق انتخاب، وديني هو صلة بيني وبين خالقي عز وجل؛ لأنني أرفض أن أرشح حزبًا يستطغي مستندًا على وازع الدين قبل أن يخاطب عقلي هو حزب يستعطفني وليس له علاقة بالدين، وهو يشمل الكيان السياسي لأصحابه ولا يمثل المسلمين، لهذا أتمنى أن يصل الدين إلى أهل السياسة ولا أن يرحل أهل الدين إلى السياسة، وأقول يصل "إن كنتم أهل دين فلا جواره لكم بالسياسة، وإن كنتم أهل سياسة فمن حقي إلا اختاركم ولا جناح على ديني".
وفاة الشيخ:
وفي صباح الأربعاء 22 صفر 1419هـ الموافق 1998/6/17 انتقلت الروح إلى بارئها، عن سبع وثمانين عامًا وشهرين وستة عشر يومًا ودُفن في قريته دقادوس، وفقدت الأمة علمًا آخر من أعلامها البارزين.
رحم الله الشعراوي، وعفا عنه، وجازاه عن القرآن خيرًا، وعوّض المسلمين خيرًا منه.