السبت 28 سبتمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة ستار

بسام مرتضى ومحمود لطفي "في انتظار العائد من الجبل"

الفيلم الوثائقى القصير
الفيلم الوثائقى القصير «في انتظار العائد من الجبل»
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في صياغة درامية يصنع المخرج بسام مرتضى فيلمه الوثائقى القصير «في انتظار العائد من الجبل» عن عمال المحاجر بإحدى قرى محافظة المنيا بصعيد مصر.
من خلال المعاينة والبحث التقط بسام الفكرة التي يبحث عنها الفيلم عن مخاطر العمل في المحاجر، حيث تأكل ماكينة تقطيع الحجر أذرع وأقدام العمال الذين يعملون في ظروف غير مسموح بها عالميا، يتحركون وسط غبار الأحجار الذي يتصاعد ليحجب الرؤية عن مشغل الماكينة وعن زملائه من العمال أثناء عملهم. يركز بسام على أسرة بعينها.
يلتقى مع الأم التي تنتظر يوميا عودة أبنائها بعد أن أكلت الماكينة قدم وذراع ابنها الأوسط. تحكى كيف أن الابن رغب أن يكون معه مصروف وأن يجد نقودا في جيبه مثل أقرانه ممن يعملون في المحجر ويكسبون رزقهم. وعندما يعود من الحادث يكتب بسام على الشاشة عامل سابق، حيث يصعب على من فقد جزءا من جسده العمل مرة أخرى وخاصة في المحاجر.
لم يغال بسام مرتضى ومعه مدير التصوير محمود لطفى في جماليات الصورة التي لو حدثت لأفقدت المعنى من وراء الفكرة عن صعوبة المناخ الذي يعمل فيه أهل القرية. الجمال يظهر في الحميمية التي صور بها العمال وفى إظهار وجوههم في إضاءة المكان كلوحة شخصية لصبية ورجال يرغبون في تحسين معيشتهم وأسرهم مهما كانت المخاطر المتوقعة. بسام مرتضى لا يقدم الأفلام التسجيلية من أجل كسب العيش بل تشعر أنه يناضل من خلال عرضه لمشاكل الناس، فيهتم بالبحث ويضمن أفلامه وثائق ومعلومات لا يصيغها بشكل مباشر حتى لا يصادر على حرية المتلقى، بل يعرضها بأسلوب فنى يسمح للمتلقى بالمشاركة عبر أسئلة يثيرها شخوص الفيلم وحوادثه.
لا يذكر مثلا أن هذه قرية كذا وتعداد سكانها كذا بالتعليق، بل يترك لنا مساحة للتفاعل واستنتاج بعض المعلومات عن سكان هذه القرية من مسيحيى مصر، وعما يمكن أن يحدث من اتفاق أو خلاف مع السكان الآخرين من المسلمين. يركز بسام على فكرته الأولى «العائدون من الجبل وانتظارهم» ويترك باقى الأفكار مفتوحة لفهم كل مشاهد طبقا لمرجعيته.
الفن وظيفة مجتمعية كما يؤمن بسام مرتضى ومحمود لطفى، يخدمان المجتمع ويحققان أيضا طموحهما الفنى من خلال صورة جمالية مؤثرة وصياغة درامية مستمدة من الواقع، ليحققا نموذجا جيدا من نماذج سينما الحقيقة. لماذا بسام ومحمود معا؟ لأن تعاونهما معا، كمخرج صاحب رؤية فنية وسياسية، ومدير تصوير صاحب رؤية جمالية وإنسانية، أثمر عملا أشد تشويقا من كثير من الأعمال الروائية المعتمدة على التأليف والخيال.
يدفع الفيلم بالمتلقى إلى محاولة التزود بالمعرفة حول عمال مصر وعلاقتهم بأصحاب رأس المال، عن القوانين المنظمة للعمل وحقوق العمال، عن حجم الظلم الذي يعانيه فقراء مصر، كما يدفعنا إلى التفكير في الأساليب الفنية الأمثل للتعبير عن كل هذا، وكلها أفكار وضحت في النقاش الذي دار مع المخرج عقب عرض فيلمه ببرنامج «رؤى» بالجامعة الأمريكية.
فقد جعل الخط الدرامى البعض يتعامل مع الفيلم كعمل روائى، ولم يتدخل المخرج لتصحيح الأمر، بل تجاوب مع السائل وكأنه أيضا يعتمد تصنيف عمله كدراما مؤلفة، والأقرب أنها دراما تسجيلية تعتمد بالكامل على أشخاص طبيعيين يؤدون دورهم في الفيلم كما في الحياة. يلجأ المخرج أحيانا إلى توجيه شخصياته لتصوير لقطة وجدها مناسبة، أو ليربط بين ما صوره بنفسه ومواد وثائقية وجدها عند أهل البلد الذين صورا ثورتهم قبل ثورة ٢٥ يناير للمطالبة بضم نسبة من الأرباح لصالح نقابتهم المستقلة.
من النسخة الورقية