مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية، التخصص مطلوب والتركيز على سينما قارتنا هام جدا، أربع مسابقات في عروض لأربعة أيام من يمكنه أن يتابع كل هذا!
بدراسة البرنامج وجدت أننى سأركز على السينما القصيرة، ثم أكمل باقى العروض للروائى الطويل والتسجيلي، سأستبعد نظرية المؤامرة وأتصور أن الأمر محاولة للتجديد وإرضاء أكبر عدد من صناع الأفلام ومريديها.
عن نفسى وبترشيح من أصدقاء شاهدت الفيلم الرائع «المطلوبين ١٨» المصنف في مسابقة الحريات تحت (فلسطين/ فرنسا/ كندا) ليس هناك أي مشاركة أفريقية به، وكذا فيلمان لم أشاهدهما (بعد ١١ سبتمبر) من كندا، وسيدات التل (فرنسا)، ثلاثة أفلام من ١١ فيلما عن الحريات كان لابد من استبعادها من المهرجان وضم كل أفلام الحريات مع الأفلام الأخرى مع الروائى والتسجيلى وتصفية الجميع، أفلام أقل بجودة أعلى وبمعايير واضحة أفضل من التكدس غير المنطقى الذي يهدد خصوصية المهرجان في مقتل.
الفيلم الآخر الذي تمكنت من مشاهدته فيلم «حلم شهرزاد» بدعوة مشددة استجبت لها عندما وجدت أن الفيلم الذي يعرض بالتوازى معه سيعاد وسأتمكن من مشاهدته، ذلك أن الأفلام تعرض لمرة واحدة باستثناءت قليلة، وهذه أيضا إحدى المشاكل التي نتجت عن ضغط البرنامج لأربعة أيام بدلا من ستة. والسبب في ذلك الرغبة في التفاخر بعدد الدول والأفلام المشاركة.
«حلم شهرزاد» للمخرج فرنسوا فيرستر من جنوب أفريقيا، يقدم فكرة الحكى بادئا من ألف ليلة وليلة المعبرة عن الثقافة العربية الإسلامية مازجا الحكاية مع سيمفونية شهرزاد للمؤلف الموسيقى الروسى النابغة رمسى كورساكوف، يحضر بروفاتها في تركيا، وينقل بينها وبين مصر حيث ورشة حسن الجريتلى والحكاءة المعاصرة عارفة عبد الرسول، ومشاهد خاطفة من الثورة المصرية بينها أم شهيد تتقمص عارفة دورها وتجعل الأم تتطهر من حزنها على ابنها. مدينة في صعيد مصر القريبة من الجيزة حيث أهرامات مصر وعاصمتها القديمة منف.
شملنا الفيلم بحداثته وأجبر المجموعة القليلة التي حضرته على اتباع منهج حداثى أيضا في التلقى، أن نشاهد بنصف وعى بينما نصف وعينا الآخر يحاول إيجاد الروابط بين عناصر الفيلم التي يربطها كورساكوف العظيم بسيمفونيته.
رغم إعجابى تسيطر علىّ رغبة أن ينجح المخرج في الخروج من دائرة مثقفى وسط البلد واللجوء للشعب، يفعلها في لمحات قليلة ولكنه يعود لحسن وورشته، وللفنان التشكيلى هانى الذي يرسم من وحى ألف ليلة وليلة ويصمم خلفية مشهد الحكى الذي ستعيد فيه عارفة قصة أم الشهيد ووجعها. الفيلم يعتمد بشكل كبير على المونتاج في صياغته وأتصور أنه أخذ وقتا طويلا لكى لا يفلت منه الإيقاع، ولكى يحقق فكرته عن ثقافة الحكى الممتدة من ألف ليلة وليلة حتى حكاية الثورة والشهداء.
في الندوة سألت فرنسوا فيرستر عن العلاقة بين قائد الأوركسترا السيمفونى في تركيا وميدان تقسيم وبين مصر التي احتلت أغلب مشاهد الفيلم، قال إنه كان يريد أن يصور في إيران ولكن تعذر ذلك وقابل من يدعوه إلى مصر والتصوير بها.
المخرج حقق نجاحات عدة في أفلامه السابقة، يطور أسلوبه ويجرب بعين محبة للبشر من مواطنيه أو من أي مكان في العالم. منحته لجنة تحكيم مسابقة أفلام الحريات الجائزة الذهبية وهو يستحقها بكل جدارة.
من النسخة الورقية
