الأحد 30 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

بروفايل

لطيفة.. بركة بخور "عبدالوهاب"

الفنانة التونسية
الفنانة التونسية " لطيفة "
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
حصلت على مباركة موسيقار الأجيال وبليغ حمدى في الانطلاق.. ومن أكثر سيدات جيلها «احترافية» وتجديدا ودراية بالتطورات الموسيقية
مشروع لطيفة الغنائي، منذ بدايته إلى الآن، من أكثر المشاريع ثراء وتنوعا، وكذلك تطورا وجهدا، ربما كان ذلك بسبب صفات شخصيتها، وهو المشروع الأكثر بحثا عن الجديد والمزيد من الاحترافية والإخلاص للموسيقى دون الأشياء الأخرى، ويظهر ذلك بوضوح سواء في ألبوماتها الغنائية والأسماء التي تتعاون معها كشركاء في العمل، أو في التفاصيل الأخرى المصاحبة لعملها الموسيقي، مثل الدراسة -درست في المعهد العالى للموسيقى وأنجزت دراسة عن الموال الشعبى في المشرق العربى والمغرب العربي- والتدريب والتسويق والإنتاج، وأشكال عرض أغانيها للجمهور بكل جنسياته.
صوتها وحده كان كفيلا بأن يضعها في المقدمة لفترة ما، ولكن ماذا لو لم يكن لديها ذلك الصوت بالدراسة والعمل والاحترافية؟ قد ينتهى مشروعها سريعا، مثل باقى النماذج الأخرى التي ظهرت بقوة واختفت سريعا، ولكنها لم تكتف بذلك، ربما إلى الآن، وهى من أكثر المميزات التي تجعلنى أنحاز إلى مشروعها الغنائي، قد يكون ذلك طبيعيا لأى مطرب، ولكن بالنظر إلى باقى منافسيها وزملائها تجده أمرا نادرا.
في عام ٨٣ كانت أسرتها في زيارة سريعة للقاهرة، وشاءت الصدف أن يسمع صوتها بليغ حمدي الذي استعدى فور سماعه صوتها الناشئ الشاعر عبدالوهاب محمد، كى يتسلم مهمة رعاية الموهبة، والذي ظل منذ تلك الزيارة إلى وفاته شريكا أساسيا في مشروعها الغنائي، بكلماته، وبمباركة بليغ بدأت لطيفة الغناء من ألحانه، في نهاية الثمانينيات بألبوم «يا مسا الجمال»، في أغانى «مسا الجمال»، «ملقتش مثالك»، إضافة إلى «عندك شك في إيه»، لسيد مكاوى.
ولم تفلت المراهقة التونسية من مباركة محمد عبد الوهاب الذي كان له دور في رسم ملامح مسيرتها من القاهرة، قبل أن تتجه السيدة القادمة إلى الانطلاق في مشروعها بمحطاته المختلفة، الذي كان أول منعطفاته تعاونها مع عمار الشريعي الذي ترجم إيمانه بموهبتها إلى ألحان وموسيقى، بجانب كلمات عبد الوهاب محمد وصوت لطيفة، لتظل تجاربهم المشتركة الأكثر انتشارا واستمرارا في ذاكرة جمهورها، خاصة المصري، في ألبومات «أكتر من روحى بحبك»، «بالعقل كده»، «حبك هادى»، مع دخول أسماء جديدة في مشروعها مثل صلاح الشرنوبى، وحسن دنيا، وغيرهما، في هذه الفترة أطلقت لطيفة عدة أغان مصورة، شكلت ملامح فترة التسعينيات الغنائية، مثل «بحب في غرامك»، «اوعى تغير»، «حبك هادى»، «أصالحلك وماله»، «الدنيا بتضحك»، «أخيرا».
بعد هذه الفترة، بدأت لطيفة في التسعينيات أيضا تحويل مشروعها الغنائى تجاه الثقافات الأخرى، وبدأت لأول مرة في الاستعانة بثقافتها التونسية ومزجها بالمصرية، وكذلك العراقية في تعاونها مع كاظم الساهر، وتسبب ذلك في انتشارها بشكل أوسع، وخلق كاريزما خاصة لها، كمطربة عربية ذات خلفية تونسية، إضافة إلى الوصول إلى أكثر من فئة جماهيرية، بأغانيها المتنوعة الموسيقى واللهجات، وفى الكلمات التي ضم معجمها عددا من المصطلحات والكلمات والموضوعات الجديدة والجريئة، سواء في الحب أو الأوطان على الساحة في ذلك الوقت.
ألبومات: «واضح»، «أنا متنسيش»، «ماوحشتكش»، «الغنوة»، «تلومونى الدنيا»، و«حبيبى ماتروحش بعيد»، تعتبر عمود مشروعها الغنائي، ونتاج جهدها وانتشارها وتجريبها، بعد إبراز إمكانياتها في الغناء بكل الألوان: المصري، الطربي، الجاز، الروك، العراقي، الفلكلور التونسي، وكذلك باللهجات المختلفة، سواء عامية مصرية أو تونسية وعربية فصحى، والأجنبية كالفرنسية، كما في «إن شالله»، إلى أن تلخص ذلك في النجاح الجماهيرى الفريد لـ«حبيبى ماتروحش بعيد»، في نهاية هذه الفترة.
حققت لطيفة انتصارا جانبيا في ذلك الوقت بالانتشار أوربيا، عن طريق هذه الأغانى بنسخها المختلفة، وشركة «يونيفرسال»، وبحصولها على «ميوزيك أوورد»، وغيرها، وكان من الإمكان أن تستمر لطيفة في ذلك المزيج الخاص للألوان المختلفة، لضمان الاستمرار والنجاح، إلى أن دخلت في محطة جديدة، مع نهاية التسعينيات وبداية الألفية، بعد ألبوم «ماتروحش بعيد»، بتجربة «معلومات أكيدة»، «في الكام يوم اللى فاتو»، و«أتحدى».
مع زياد رحباني، تعود لطيفة بمحطة جديدة، بتعاونهما الكامل في «معلومات أكيدة»، مزيج الجاز والنكهة الرحبانية لأول مرة مع المطربة التونسية، لقاء موسيقى أثبت حقيقة هوس لطيفة بالتجديد والمغامرة، والإخلاص للموسيقى، وكذلك نحو مزيد من الاحترافية، تجربتها مع زياد جاءت في وقت تتجه في السوق نحو الموسيقى الإلكترونية بكل أشكالها، في غياب للموسيقى الحية والكلمات الجديدة، ومع ذلك جاء المشروع الخاص شبه مغامرة ضد السائد، كلمات ذات معنى وأكثر عمقا، كما في «امنلى بيت» و«عشقانة»، وموسيقى مستقلة وشريكة لكل ذلك.
بعد ذلك عادت لطيفة إلى المعاصرة والتجارية، في «في الكام يوم اللى فاتو»، بتعاونها مع الجيل الجديد من الموسيقيين، مثل وليد سعد، وتميم، وأحمد إبراهيم، رغم ذلك ظلت محافظة على مبدأ الإتقان والجودة، وظل صوتها الطربى المميز على رأس عناصر الأغنية، وأتبعت ذلك بفترة من الغناء بالخليجية، قبل أن تعود مرة أخرى العام الماضي، بألبوم «أحلى حاجة فيا»، الأكثر حيوية وشبابا.
جيل جديد من الموسيقيين تتعاون معه لطيفة في ألبومها الأخير، ما بين الروح الشعبية والحفاظ على النكهة الطربية والتونسية، إلى الكلمات الخفيفة والموسيقى الإلكترونية بجانب الشرقية.
بجانب كل ذلك، تعتبر لطيفة من أذكى الأصوات النسائية في التعامل مع قواعد السوق، فعرفت مبكرا أهمية الاستقلال في الإنتاج وأهمية الصورة في انتشار الموسيقى، والاحترافية في الظهور والاختفاء، والحفلات واللقاءات الدائمة، فمنذ بدايتها تولى اهتماما خاصا بالفيديو كليب، وأماكن التصوير والمخرجين والصورة السينمائية، وإبراز الألوان والرقصات والمشاهد التمثيلية، بجانب حرصها على تصوير أكثر من أغنية في كل ألبوم.
وعبر شركتها تنطلق تجاربها منذ بدايتها إلى الآن، رغم المحاولات القليلة في التعاون مع جهات إنتاجية أخرى، إلا أن «لاتسيول» أو «لارين» هما الضمان والحافظ لحقوقها الفكرية والمادية طوال الوقت، وضمنا لها حرية الاختيار والتجريب والمغامرة والاستمرار، بعيدا عن الاحتكار أو التحكم الإنتاجي الذي يعتبر أكبر معوقات الموسيقيين في الفترة الحالية.
لطيفة التونسية، هكذا لقبت في بدايتها الفنية، خاصة مع بداية إقامتها في مصر كمراهقة من تونس تسعى لتدريب موهبتها، قبل احتراف الغناء، بعد تشجيع عدد من إعلام الموسيقى لها ولأسرتها بضرورة ذلك، مثل بليغ حمدى ومحمد عبدالوهاب، بعد أن رأيا فيها مشروع «أسمهان الجديدة».
من النسخة الورقية