السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

نحو استراتيجية لتأمين الجامعات المصرية (2)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إن الذي يُجدي في التعاملِ مع تظاهراتِ الإخوان على المدى القصير والمتوسط والطويل وضعَ استراتيجيةٍ متكاملةٍ لتأمينِ الجامعات، على أن تتبنى هذه الاستراتيجيةُ الآلياتِ الآتية:
الآلية الأولى: تجنب العنف قبل وقوعه وليس محاولة التخلص من آثاره:
إن إحدى المقولاتِ الأمنيةِ الشهيرة التي كنا نرددُها عند مشاهدةِ اللقطاتِ الخاصةِ بالشرطة في الأفلامِ المصرية: "منع الجريمة قبل وقوعها"، وهى عبارةٌ تعكسُ عقيدةً أمنية راسخة لدى أجهزةِ الشرطة في عديدٍ من دولِ العالم، إلا أن هذه العقيدةَ لم يتم تطبيقُها في التعاملِ مع مظاهراتِ الإخوان المتوقعة في بداية العام الجامعي الحالي؛ حيث تُركتُ الأمورُ لمنظومةٍ أمنية جامعية يديرُها هواةٌ من الأمنِ الإداري وشركةٍ أمنية غيرُ متخصصة، وكان يجب أن تكونَ الشرطةُ المهنية والمحترفة موجودةً لمساندةِ المنظومةِ الأمنية الجامعية التي لم يتم تجريبُها بعد، ولم نختبر مدى صمودِها مع أولِ مواجهةٍ مع طلابِ الإخوان.
وفي هذا الصدد، يمكن اقتراحُ آليةٍ جديدة لدعمِ المنظومة الأمنية الجديدة في الجامعات من قِبَلِ الشرطة، وتقضي هذه الآلية بتمركزِ بعضِ قواتِ الشرطة في بعض الأماكن الحيوية داخلَ الحرمِ الجامعي وعلى أسطحِ بعضِ الكلياتِ لمراقبةِ الوضع الأمني داخلَ الحرمِ الجامعي ومراقبةِ أسوارِ الجامعة لضمانِ عدمِ القفزِ فوقَها وتمريرِ المتفجرات والشماريخ والمولوتوف من فوقها علاوةً على التواجدِ بالقربِ من بواباتِ الجامعة، ويمكن أن يستمرَ هذا الوضعُ في الأسبوعينْ الأولييْن من بدايةِ كلِ فصلٍ دراسي، على ألا تنسحب هذه القواتُ فجأةً بل تنسحب بالتدريج خلالَ الأسبوعِ الثالثِ من الدراسة بعدَ ضمانِ استقرارِ العمليةِ التعليمية وانشغالِ الطلابِ في تحصيلِ العِلمِ وانتظامِ المحاضرات.
إن هذه الآلية سوف تضمن التدخلَ السريع من قِبَلِ قواتِ الشرطة والأمنِ الإداري حالَ حدوثِ أية خروقاتٍ من قِبَلِ طلابِ الإخوان في بداياتها وقبلَ أن تستفحلَ ويصعب التعاملَ معها بهدوء مما يؤدي إلى إلصاقِ تهمةَ العُنفِ في التعامل مع الطلاب بالشرطة والأمنِ الإداري.
الآلية الثانية: تدريب الأمن الإداري وتأهيله للتعامل مع الأفعال العنيفة:
وتستلزم هذه الآلية تدعيمَ فِرَقِ الأمنِ الإداري بالجامعات بكوادرَ جديدةٍ ذاتَ مواصفاتٍ خاصة ولياقةِ بدنيةٍ عالية، ويُمكنُ الاعتمادُ على طلابِ وطالباتِ التربيةِ الرياضية في هذه السبيل، على أن يخضعَ من يتمُ اختيارُه للعملِ ضمن الأمنِ الإداري لفترةِ تدريبٍ مُدتُها 45 يومًا كاملة دونَ إجازاتٍ على يدِ متخصصين من الشرطة لتدريبهم على فنونِ القتال والمواجهة والاشتباك واستخدامِ وسائل الحماية والوقاية.
الآلية الثالثة: دعه يتظاهر مادام سلميًا ويلتزم بالقانون:
إن مصرَ بلدٌ يؤمنُ بحريةِ التعبير وينصُ دستورُها على حقِ التظاهر الذي ينظمه القانون، ومن هنا فإن هذه الآلية تتيحُ للطلابِ سواءَ كانوا إخواناً أو غيرَ ذلك التظاهرَ في حدودِ القانون، وبالتالي ما تسمح به الدولة في خارجِ الجامعات يجب أيضاً أن يكونَ مسموحاً به داخلَ حرمِ الجامعات. ووفقاً لهذه الآلية يمكن أن يتقدم منظمو المظاهرة بطلبِ تصريحٍ للتظاهرِ يتضمن الزمانَ والمكان والسبب والمدة التي تستغرقها المظاهرة لمكتبِ الأمنِ الإداري للجامعة المختص بإصدارِ التصاريح للمظاهرات.
وتتيحُ هذه الآلية توفيرَ مُناخٍ صحي لتعبيرِ الطلابِ عن آرائهم بحريةٍ ما دامت مظاهراتهم تتسم بالسلميةِ الحقيقية، وما دامت هذه المظاهرات تلتزم بالقانون، ولا تؤدي إلى تعطيلِ الدراسةِ أو التشويش عليها باستخدامِ مكبراتِ الصوت والطبول والفوفوزيلا، وما شابه ذلك، ومادام المتظاهرون سلميين لا يحملون مولوتوفاً ولا صواريخَ وألعاباً نارية ولا شماريخَ ولا باراشوتات.
الآلية الرابعة: عدم تأخير التسكين في المدن الجامعية:
إن تأخيرَ التسكينِ في المدنِ الجامعية يؤدي إلى مزيدٍ من السَخَطِ سواء بين طلابِ الإخوان أو غيرهم من الطلابِ الغتربين بصفةٍ عامة، وهو ما يؤدي إلى ردِ فعلٍ عكسي حيث تكتسبُ التظاهراتُ زخماً وحشداً للتعبيرِ عن الغضبِ من تأخرِ السكنِ بالمدنِ الجامعية لأسبابٍ واهيةٍ مُعلنة وأسبابٍ أمنيةٍ مستترة. إن تسكينَ الطلابِ بالمُدنِ الجامعية مع أولِ يومٍ للدراسة ودونَ إجراءاتٍ مُعقدةٍ وبسلاسة يصبُ في مصلحةٍ المنظومةٍ الأمنية للجامعات وليس ضدَها، وهنا يمكن أن يتمَ تنفيذُ الآليةَ الأولى التي أشرنا إليها سلفًا داخلَ المدن الجامعية.
ويمكنُ ضمنَ الآلية الرابعة تحسينُ الخدمة داخلَ المدينة الجامعية في غُرفِ الطلاب وتخصيص أماكنَ مجهزة لمذاكرةِ الطلاب وتخصيص أماكنَ لمشاهدةِ التليفزيون والدخولِ إلى الإنترنت وممارسةِ الرياضاتِ المختلفة وتحسينِ مستوى الوجباتِ الغذائية في مطاعمِ المدينة، وتنظيمِ موسمٍ ثقافي لطلابٍ المدنٍ الجامعية يلتقي خلالَه الطلابُ بكبارِ المثقفين والكتابِ والشعراءِ ورجالِ الدين والفنانين والرياضيين.
الآلية الخامسة: إظهار تسامح الدولة في التعامل مع الطلاب:
ويمكنُ ضِمنَ هذه الآلية فحصُ ملفاتِ الطلابِ المحبوسين على ذمةِ قضايا بسرعةِ إنهاء التحقيقات معهم، ومن ارتكب جنايةً يُحالُ إلى القضاء، أما من لم يثبت في حقه شيئاً فيتمُ إخلاء سبيله ليعودَ إلى جامعته ودراسته ، وكذلك بحثُ حالاتِ الطلابِ المرضى بالسجونِ أو الحبس ممن لا تسمح حالاتهم بالاحتجاز لأسبابٍ صحية ليتمَ الإفراجُ الصحي عنهم وهو أمرٌ ينظمه القانون، وكذلك إعادةُ النظرِ في التماساتِ الطلابِ المفصولين فصلاً نهائياً من الجامعات وإعادةُ من لم يرتكب فعلاً يستحقُ الفصلَ النهائي لدراسته أو توقيعُ عقوبةٍ أخف عليه تضمن إمكانيةَ عودتِه للدراسة بالجامعة والحفاظِ على مستقبله. إن رؤيةَ الطلابِ لبعضِ زملائِهم وهم يعودون للدراسةِ معهم مرةً أخرى سيكونُ له مفعولُ السحرِ في نزعِ فتيلِ الأزمةِ الأمنية بالجامعات، وسيؤدي إلى الحدِ من السَخَطِ الطُلابي الذي يصبُ بلا شك في صالحِ تنظيمِ الإخوان.
الآلية السادسة: فتح قنوات للحوار مع طلاب وأعضاء هيئة التدريس الإخوان:
ويمكنُ من خلالِ هذه الآلية فتحُ قناةٍ للحوارِ مع طلابِ الإخوان في كلِ كليةٍ من خلال اتحادِ طلابِ هذه الكلية للتوصلِ إلى حلولٍ لمواجهةِ ظاهرةِ العنف في المظاهرات، وكذلك قيامُ عميدِ كلِ كليةٍ بفتحِ قناةٍ أخرى للحوار مع أعضاءِ هيئةِ التدريس والمدرسين المساعدين والمعيدين الإخوان لمنعِ التحريضِ على المظاهرات والعنف داخلَ الجامعة، وعدمِ استغلالِ المحاضراتِ في بثِ السَخَطِ من النظام لدى الطلاب من خلالِ خطابِ عاطفي أو تحرضي يستثيرُ حماسَهم لنُصرةِ زملائِهم المحبوسين أو المفصولين.
الآلية السابعة: تحديث محتوى المساقات الدراسية في جامعة الأزهر وكلية دار العلوم:
إن نظرةً واحدةً متعمقةً إلى ما يحدثُ في جامعتي الأزهر والقاهرة على سبيل المثال يجد أن هاتين الجامعتين من أكثرِ الجامعاتِ المصرية التي تعرضت للعنفِ طِوالَ الفترةِ الماضية، وهو ما يستلزمُ البحثَ في الأسبابِ الكامنة وراءَ ذلك. ولعله من المُرجحِ أن محتوى الموادِ الدراسية في كلياتِ جامعةِ الأزهر - ولاسيما الدينية منها- علاوةً على محتوى مقرراتِ كليةِ دارِ العلوم بجامعةِ القاهرة تفسرُ في جزءٍ كبيرٍ منها أسبابَ هذا العنف نظرًا للنزعةِ الأصولية في هذه المقررات، لذا يجبُ تحديثُ هذه المقررات لكى تناسبَ العصرَ الذي نعيشُ فيه، ولكي لا تؤدي إلى تفريخِ أجيالٍ جديدةٍ من الأُصوليين والذين يتعاطفون مع فكرِ حركاتِ الإسلامِ السياسي اعتقادًا منهم أنهم سيقيمون دولةَ الخِلافَةِ المفقودة..!.
الآلية الثامنة: التوسع في إنشاء الجامعات في الأقاليم وتخفيض الأعداد في الجامعات الموجودة في القاهرة ومدنها الجامعية:
إن التعاطفَ مع الإخوانِ والتربةَ الصالحة لانتشارِ فكرهم عبرَ الزمان كان –ولايزال- في المناطقِ الفقيرة أكثر من الغنية والقرى أكثر من المدن والمناطق التي تزيد فيها الأميةُ أكثر من المتعلمة، وبالتالي فإن وجودَ كلياتٍ في الجامعاتِ القاهرية لا يوجد لها نظيرٌ في الجامعاتِ الإقليمية يؤدي إلى نزوحِ أعدادٍ كبيرة من الطلاب من الأقاليم إلى المدينة، وهؤلاء هم وقودُ المظاهرات في الجامعات، وقد اتضح ذلك جليًا طيلةَ العامِ الجامعي الماضي من خلال كمِ التظاهرات والاضطرابات التي شهدتها المدنُ الجامعية في الجامعات القاهرية.
لذلك فإن آليةَ التوسعِ في إنشاءِ الجامعاتِ الإقليمية أو إنشاءِ كلياتٍ مُناظرة للكلياتِ الموجودة بالجامعاتِ القاهرية مع تفعيلِ القبول وفقًا للتوزيع الجغرافي في الجامعاتِ والكلياتِ الوليدة سيؤدي حتمًا إلى تقليلِ الاغتراب بالنسبةِ للطلاب والطالبات وهذا سيكون مفيدًا لهم من جهة، ومن جهةٍ أخرى سيؤدي إلى تخفيض عددِ الطلابِ النازحين إلى العاصمة من الأقاليمِ وتخفيضِ عددِ الطلابِ المغتربين بالمدنِ الجامعية بالجامعاتِ القاهرية، وهو ما سيؤدي على المدى الطويل إلى تجفيفِ المصدرِ الرئيس للحشدِ في المظاهرات، والذي تعتمد عليه جماعة الإخوان اعتمادًا يكاد يكون كليًا.