الجمعة 04 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تقارير وتحقيقات

مدد يا بدوي .. حمص وحلاوة وحَب العزيز تحت قبة "سيدنا الولي".. الملايين في احتفال الليلة الختامية لمولد صاحب الطريقة الأحمدية سيدي أحمد البدوي ابن بلاد فارس الذي سكن طنطا

 مدد يا بدوي ..حمص
مدد يا بدوي ..حمص وحلاوة وحب العزيز تحت قبة "سيدنا الولى "
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

"مدد يا بدوي مداااااد، شي الله يا سيدنا"،هذا هو لسان حال مدينة طنطا اليوم حيث تتزين كعروس، في ذكرى مولد السيد البدوي.. ويبدو المشهد وسط زحام شديد في الأزقة والطرقات وتوافد أصحاب الحاجات والمتبركين بالأضرحة وانتشار المباخر والشعائر الدينية ودق الطبول والمعازف مع وجود بعض الحلوي الفلكلورية مثل الحمص والفول النابت وحب العزيز، فيما يعلق الأهالي بعض الذبائح تبركا وتوددا لروح شيخ المشايخ والولي، خيام في جنبات الطرق ودراويش تجوب الأضرحة مرتدية كل أنواع السبح، والصغار هم الأوفر حظا حيث اللهو واللعب مع المراجيح البدائية بعكس الكبار من زوار النجوع والقرى الذين يتقدمون للعبة النشان بالبنادق الرش وانتظار الهدية عروسة أو حصان يصلح ما أفسدته السياسة بين المتحابين، جو من الخرافات والدجل يرافقه الجهل غير المتعمد الناتج عن الفقر وغياب الوعي التثقيفي، هكذا تبدو الأجواء في مصر المحروسة مع كل مولد.


يعرف "البدوي" بأنه أحمد بن على إبراهيم البدوي، صاحب الطريقة الأحمدية، وهو ينتسب للإمام علي بن أبي طالب، ولُقَّب بـ"البدوي" لأنه كان يتلثم على هيئة سكان بدو شمال إفريقيا، ولد في بلاد فارس، ثم انتقل إلى مصر وسكن في مدينة طنطا، وهناك ازدهرت طريقته، وأصبح له أتباع يرتدون العمم الحمراء، كما أن الصوفيين يحتفلون بميلاد البدوي باعتباره واحدا من آل البيت وأولياء الله الصالحين، كما أن إحدى الطرق الصوفية تحمل اسمه وتعرف بأصحاب " بالطريقة الأحمدية"


ويعد الاحتفال بالأعياد عامة ميراثا مصريا قديم يضرب بجذوره في عمق التاريخ الفرعوني حيث الاحتفال بعيد جلوس الملك على العرش وعيد الحصاد وعيد وفاء النيل،أما عن الاهتمام بالموالد فقد بدأ قديما في المحروسة، مع ظهورالعصر الفاطمي، حيث كان للخلفاء الفاطميين أعياد ومواسم على مدى العام، كان من أبرزها موسم "أول العام الهجرى، ويوم عاشوراء، ومولد النبى صلى الله عليه وسلم".، أما في العصر الحديث فقد ظهرت الاحتفالات بموالد أهل البيت، والتي من أشهرها وأهمها في قاهرة المعز "مولد الحسين" والذي يأتي في آخر ثلاثاء من شهر ربيع الثاني، كما نجد الاحتفال بمولد السيدة زينب، ثم يأتي الاحتفال بمولد "أبو العباس المرسي" في مدينة الإسكندرية، و"إبراهيم الدسوقى" في مدينة دسوق، والسيد البدوى في طنطا، إلى جانب العديد من موالد الأولياء في شتى أنحاء المحروسة.


وعن حقيقة الاستخدام السياسي للموالد، فغنه توجه بدأه نابليون مع حملته الفرنسية بالاحتفال بالمولد النبوي الشريف،لاستمالة قلوب المصريون وكان يرسل وقتها جميع النفقات لمنزل الشيخ البكري، نقيب الأشراف في مصر، لجلب الطبول الضخمة وتعليق القناديل، وشراء الألعاب النارية، ولا يزال هذا الفكر مستمرا حتى اليوم، فكثير من القيادات السياسية العربية والغربية تدعم الاحتفالات الاجتماعية ومن بينها الاحتفال بمولد سيدنا الحسين- رضى الله عنه- إضافة إلى الكثير من الفعاليات والتجمعات الصوفية، وذلك لتمرير الكثير من المطالب السياسية.

 


عن انتشار الخزعبلات والدجل وسر مجيء القاص والداني من كل حدب وصوب، لمدينة طنطا في هذا اليوم نجد الحاجه ثريا التي تأتي من مدينة المنصورة كل عام لزيارة السيد البدوي وتقول: " لازم كل سنه ربنا يحييني فيها آجي المولد واحط اللي يقسم بيه ربنا في ضريح سيدي البدوي، لأجل ما ربنا يحمي ولادي وأحفادي من كل شر.

أما فاطمة التي قطعت أميالا وأميال فقد أعلنت أنها أتت للسيد البدوي ليتشفع لها عند الله حتى يخلف الله عليها بالولد الصالح حيث إنها لم تنجب رغم مرور خمس سنوات على زواجها، معلقة " خايفه جوزي يتجوز عليا ".

الرجال لم يكونوا بمعزل عن حضور المولد، فقد أتي محمد جمال أيضا من القاهرة مصطحبا ابنه ياسر والذي يعاني من ربو شعبي، طالبا الشفاء ببركة سيده البدوي.

الحاجة لواحظ التي انهالت في الدعاء من أجل مصر لم يكن لها أي مطالب شخصية، وإنما جاءت من محافظة الشرقية هي وزوجها الشيخ المسن للدعاء لمصر قائلة " ربنا يعز اللي يعزها ويذل اللي يحاول يذلها".


العنوسة قضية ملحة لذا جاءت من أجلها نجاة موسي والتي بلغت الأربعين دون زواج، راجية من البدوي أن يكشف عنها الغمة وأن يسأل الله لها بأن يمدها بالزوج الصالح.

لذاك كان يجب أن نستمع إلى رجال العلم من أهل الاجتماع فكانت كلمة دكتورة زينب شاهين أستاذة علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية والتي أرجعت ما يحدث من طقوس "الجهل" كما وصفت، إلى الموروث الثقافي الذي ارتبط بأذهان المصريين نتيجة لانتشار الجهل والفقر، موضحة أن ظاهرة التبرك بالأولياء والصالحين لصيقة بالأوساط الدنيا خصوصا في القري والنجوع، كما أنها أيضا ترافق كبار من الشخصيات العامة والسياسية التي لازالت تعتقد في الجن والأعمال.

ودعت زينب إلى ضرورة زيادة الوعي التقيفي ودور وسائل الإعلام في تسليط الضوء على اضرار ومشاكل اعتناق هذا النهج.