الأحد 24 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

بدل السكوت ..أرخص دم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

“,”لا أخوة لك يا أخي.. لا أصدقاء يا صديقي“,” كما يقول الشاعر محمود درويش، فالفقراء دائمًا يدفعون الثمن، والقتلة إلي الأبد يفلتون، ويستبدلون بالإهمال والسهو القضاء والقدر.
قبل يومين اختطف “,”ملك الموت“,” أرواح 19 مجندًا في حادث قطار قادم من الصعيد، وأًصدر رئيس الوزراء بيان عزاء، وقررت وزارة التأمينات الاجتماعية صرف عشرة آلاف جنيه لكل “,”متوفي“,”.
ينسكب الدم المصري راسمًا لفظة وجه، آهة عميقة، علي المعدمين الذين يرحلون دون صخب كما يحيّون بلا معني.. آهة طويلة بلا نهاية اعتادها المصريون في زمن يُقيّم فيه سعر المواطن بعشرة آلاف جنيه.. آهة مخجلة لرءوس باردة جثمت فوق مقاعد القرار في لامبالاة بأرواح الناس، وبطمأنينة اتخاذ القدر حائط صد ضد أي مساءلة أو حساب.
تغيرت مصر بعد ثورة 25 يناير، لكنه تغيير شكلي لم يتجاوز العنوان.. تغيير في الوجه لا في القلب.. في الاسم لا في المضمون.. الحكام الجدد كالسابقين وكالأسبقين، لا يكترثون بدماء الرعايا، ويقدرون سعر المواطن بعشرة آلاف جنيه. تصوروا سعر الروح في مصر لا يتجاوز 1500 دولار وهو متوسط دخل المواطن الأمريكي في أسبوع.
إن الاستخفاف بالدم المصري لدرجة تسعيره بهذا الثمن البخس، والاستهزاء بعقول الناس لدرجة توجيه الاتهام لسائق قطار أو عامل تحويلة يعني أن مصر مازالت كما هي بسوادها وظلمها ورخاوتها وجهلها وفساد حكامها وسلبية محكوميها.
في الأسبوع الماضي، كتبت عن مواطن مصري اسمه عادل عبدالمعبود، عامل بسيط من بني سويف قتل تحت التعذيب في ليبيا لأنه اعترض علي توقيع الكشف الدوري علي المصريين بشكل مهين.. مات عادل عبدالمعبود، ولم يلتفت إليه أحد.. لم تصدر وزارة الخارجية بيانًا، ولم يعقد حزب سياسي اجتماعًا عاجلا، ولم يتفوه أي من شيوخ الزعيق بـ“,”بنت كلمة“,”.. مات هدرًا لأنه عاش في بلد يقدر روح المواطن بعشر الراتب الشهري لرئيس بنك متوسط.
وقبل شهور، دهم قطار الموت أتوبيس مدرسي ليدهس 40 طفلا، وتلي علينا “,”المرسيون“,” وتابعوهم آيات “,”القدر والصبر والابتلاء“,”! ولم يقدم رئيس الوزراء استقالته، ولم يتحمل رئيس الجمهورية مسئوليته.
وقبلها.. مات كثيرون علي الحدود، وفي المظاهرات، وفي الحياة الطبيعية، ولم يتغير شىء.
تقول الشاعرة الجزائرية أحلام مستغانمي، بعد أن اختنقت بنكران الوطن: “,”أيها الوطن.. يا وجعنا الموروث.. لا تطرق الباب كل هذا الطرق، فلم نعد هُنا“,”.
مصطفي عبيد
[email protected]