السبت 28 سبتمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة القبطية

ويصا واصف

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ولد ويصا واصف ميخائيل الببلاوي في مدينة طهطا، مديرية سوهاج، في الثاني عشر من مايو سنة 1873. سافر إلى فرنسا بعد أن أنهى دراسته الثانوية، وعاد سنة 1894 ليعمل مدرسًا في مدرسة رأس التين الثانوية، ثم سافر من جديد وحصل على ليسانس الحقوق من جامعة إكس سنة 1902.
بعد عودته، استقال من التدريس ليعمل في مكتب المحامي أنطون سلامة بالإسكندرية، وانتقل بعد فترة قصيرة إلى مكتب مرقس حنا بالقاهرة، وخلال رحلته الطويلة مع المحاماة، التي تجاورت مع نشاطه السياسي الوطني، انتُخب نقيبًا لنقابة المحامين المختلطة.
بدأ ويصا واصف كفاحه السياسي عضوًا في الحزب الوطني، وفي السابع عشر من ديسمبر سنة 1907 انتخبته الجمعية العمومية الأولى للحزب ضمن ثلاثين عضوًا يمثلون الهيئة العليا. كان ويصا في طليعة من هاجموا تقرير اللورد كرومر، الذي اتهم الحركة الوطنية بالتوجه الديني المتعصب، وقال في إحدى خطبه معلقًا على الاتهام: “,”هل توجد أمة في العالم أسعدها الحظ لأن تبني وطنيتها على قواعد متينة كالتي تُبنى عليها الوطنية المصرية، التي يشترك أفرادها في الجنس واللغة والعوائد والقانون والماضي والتاريخ؟“,”.
بعد رحيل الزعيم مصطفى كامل، تراجع نشاط ويصا واصف في الحزب الوطني، واستقال في أغسطس 1908. كان اعتراضه منصبًّا على صعود وتنامي نفوذ الاتجاه ذي التوجه الإسلامي، ممثلاً في الشيخ عبد العزيز جاويش، وهو الاتجاه الذي يتحمس للارتباط بالدولة العثمانية، ويرفض التمسك بالهوية المصرية الخالصة.
من ناحية أخرى، عارض ويصا واصف قيام الحزب القبطي الذي أسسه أخنوخ فانوس، ورأى فيه دعوة تمهد للانقسام والتشرذم والصراع الطائفي، كما اتخذ موقفًا رافضًا للمؤتمر القبطي، وهو ما دعا بعض المتطرفين المسيحيين إلى وصفه ومن يشبهونه بأنهم جماعة يهوذا الأسخربوطي.
مع اشتعال ثورة 1919، كان ويصا واصف واحدًا من أنشط وأبرز قادتها، وانحاز إلى الزعيم سعد زغلول في صراعه العنيف مع معارضيه، وعند تشكيل لجنة الثلاثين لصياغة الدستور، التي قاطعها الوفد وأطلق عليها سعد اسم “,”لجنة الأشقياء“,”، رفض ويصا بإصرار فكرة التمثيل الطائفي في المجالس التشريعية، وأدلى بحديث صحفي قال فيه: “,”إن مصر لا تعرف أكثرية وأقلية، والقول بأن القبط أقلية حكم عليهم بأنهم أجانب، ولن يكون في البرلمان إلا أحزاب سياسية بمعناها العصري، يكون القبط مبعثرين في هذه الأحزاب. ولم يكن القبط في أي وقت موضعًا لتشريع استثنائي، بل عوملوا دائمًا كمصريين يتمتعون بكافة الحقوق، وليس في مصر إلا جنس واحد تكوّن على مر القرون المتعاقبة، وامتزجت الدماء بفعل التوارث بما يقوى على أي فارق ديني، وإذا تكون البرلمان من أحزاب سياسية فلا ضير ألا يكون فيه قبطي واحد“,”.
انتصر الاتجاه الوطني الذي يمثله ويصا واصف، وصدر دستور سنة 1923 خاليًا من النص على التمثيل النسبي، وكان ويصا واصف نفسه وكيلاً لمجلس النواب في عهد سعد زغلول، ثم رئيسًا للمجلس في عهد خليفته مصطفى النحاس. وعندما أمر رئيس الوزراء إسماعيل صدقي بإغلاق أبواب البرلمان بالسلاسل، في انقلاب سافر على الشرعية الدستورية، أصدر ويصا واصف تعليماته إلى حرس المجلس بتحطيم الأبواب وفتح السلاسل، ومن هنا شاع عنه وانتشر اللقب الشعبي: “,”ويصا واصف محطم السلاسل“,”.
في مدينة الإسكندرية، وبعد أن ترافع ويصا في إحدى قضاياه، تناول وجبة غداء من الأسماك، قيل فيما بعد إنها فاسدة أو مسممة. عاد إلى منزله في القاهرة مصابًا بإعياء شديد، ورحل متأثرًا بمرضه في السابع والعشرين من مايو سنة 1931، وسرت الشائعات بأن الملك فؤاد هو من يقف وراء الوجبة المسمومة التي أودت بحياته.
كانت جنازته الشعبية الحاشدة، التي علت فيها الهتافات الوطنية المدوية، خير تتويج لحياة حافلة بالعطاء والإخلاص، والتجسيد العملي لمعنى الانتماء الذي لا يعرف التعصب الطائفي ضيق الأفق.