لأنَّ أَحدًا لا يأتي في موعده. ولأنَّ
الانتظار يشبه الجلوس على صفيح ساخن...
أَعاد عقارب ساعته اليدوية عشرين دقيقة
إلى الوراء. هكذا خفَّف عن نفسه عذاب
الانتظار، ونسي الأَمر. لكنه، ومنذ
غشَّ الوقت، لم يصل إلى أيّ موعد. يجلس
على حقيبته في المحطة منتظرًا قطارًا لا يصل
أبدًا، دون أن ينتبه إلى أن القطار مَرَّ
في موعده الدقيق، وإلى أنه هو الذي تأخر.
يعود إلى بيته خائبًا. يفتح حقيبة السفر
ويعيد محتوياتها إلى الأدراج ككُل عائدٍ من
سفر. ثم يتساءل غاضبًا: لماذا لا يحترمون
الوقت ؟ وحين دقَّ الموتُ على بابه
مستأذنًا بالدخول، وبَّخه قائلًا: لماذا
وصلت قبل الموعد بعشرين دقيقة ؟
اختبأ في الحمام. ولم يفتح له الباب ،
كأنه مات في الحمَّام !
محمود درويش