منذ نعومة أظافرها، وهي في الثامنة من عمرها تخرج من بيتها في رحلة شاقة طوال اليوم لكي تساعد والدها في الإنفاق على أسرتها. تكافح من أجل لقمة العيش، حاملةً على كتفيها مسؤولية إخوتها السبعة وأبنائها آدم وجمال. تحكي مي جمال، فتاة تبلغ من العمر 26 عامًا وتقيم بمدينة العبور، قصتها لـ "البوابة نيوز": "ورثت عن والدي مهنة السباكة، منذ صغري وأنا في الثامنة من عمري وأنا أحب التعلق بوالدي عند ذهابه للعمل حبًا فيه. بعد نزولي مرةً ومرتين، أحببت العمل مع والدي وبدأت أناول المفاتيح والعدة قبل أي شخص يعمل معه. بدأ يحس أنني مهتمة وأني أساعده، ولكن كان يخاف عليّ فحاول أن يقعدني من العمل مرةً ومرتين وثلاثًا، ولكنني كنت متعلقة بالشغل، فقرر أن يعلمني الصنعة حتى وصلت إلى السابعة عشرة من عمري وبدأت أعتمد على نفسي وأعمل بيدي كأني "أسطي صغير". تعلمت منه كل صغيرة وكبيرة وبدأت أخرج للعمل وحدي وأنا واثقة من نفسي، وهناك من يطلبني بالاسم.
أضافت: "أول مرة وضعت يدي في البلاعة كنت مضايقة وقرفانة وأريد أن أمشي، ولكن والدي شجعني وكان يدعمني ويعطيني يومية ويقول لي: 'الفلوس دي من شغلك'. ومن وقتها، وأنا أدخل حمام أي زبون وأقوم بسلك أكبر البلاعات، وأنا أتشرف بمهنتي، وزوجي يحترمني ويحترم شغلي ولا يقصر معي في البيت. البعض ظن أنه مجرد وقت وسأترك المهنة، ولكن كان لدي موقف لإثبات نفسي وتحقيق ذاتي. وبعد وفاة والدي أصبت بصدمة وأصبحت أواجه صعوبات كبيرة لكي نكفي البيت.
وأشارت إلى أنها تعلمت كل خبايا الصنعة، وكان من أصعب المواقف في مهنة السباكة هي تسلق مواسير الصرف، وحمل الرمل ومواد البناء للدور الخامس مقابل 50 جنيهًا، بالإضافة إلى حمل الأدوات والعدة من هيلتي وشنيور ومفاتيح. بصراحة، مهنة السباكة صعبة وشاقة، ولكنني أحب دائمًا أن أعمل بمفردي لأن والدي كان لا يعتمد على أحد غيري.
وقالت: "أنا متزوجة ولدي طفلان جمال عمره 5 سنوات، وهو على اسم والدها، وآدم 3 سنوات، وزوجي أيضًا يدعمني ويساعدني في العمل. حماسي لم يقف عند هذا الحد، بل أنا أواصل إتمام تعليمي الأساسي، وأنا الآن في الصف الأول الإعدادي بفصول محو الأمية".