يموت البعض مرتين؛ مرة بالموت الطبيعي، ومرة بأسعار قاسية لا ترحم ذويه، تبدأ من غلاء أسعار الأكفان، حتى المقابر ومراسم الدفن وسرادق العزاء.
ووصلت أسعار الأكفان لما يتجاوز 2000 وربما 3 آلاف جنيه، والمتر في المقابر تجاوز سعره المتر في الشقق السكنية، وأصبحت أسعار المقابر تختلف باختلاف تجهيزاتها، فهذه لوكس وتلك سوبر لوكس، وأخرى دوبلكس، ومقابر بها إنترلوك وواي فاي لدرجة أنه يمكن أن يكون هناك تصنيف فندقي للمقابر من نجمة إلى 5 نجوم.
في بر مصر، اختلفت فاتورة الموت، فهناك جنازات شاملة من غسل وتكفين ودفن وعزاء تصل إلى نصف مليون جنيه، فهناك أيضًا جنازات مجانية، لكن يبرز هنا الشركات التي أصبحت تتولى مهمة الرحلة إلى الدار الآخرة كاملة وأصبحت تقدم باقات بأسعار مختلفة، ورغم شهرة هذه الشركات، إلا أن خبيرا قانونيا تحدث لـ«البوابة» وشدد على ضرورة التأكد من قانونية هذه الشركات خاصة في جزئية شراء المقابر.
«البوابة» تفتح ملف هذا البيزنس لنعرف لماذا توحشت أسعاره؟ ومن المتحكم فيه؟ خاصة أن الرحلة إلى الدار الآخرة أصبحت أغلى من الحياة، فهل يكون الموت لمن استطاع إليه سبيلا.
قدماء المصريين.. إكرام الميت تحنيطه
«الأربعين» عادة فرعونية مستمرة حتى الآن.. والمقابر تطورت إلى الأهرامات والحفر فى الصخور
مثّلت الحياة بالنسبة لعقيدة المصري القديم، بوابة عبور للدار الآخرة، لذلك نجد الآثار الباقية لقدماء المصريين، عبارة عن مقابر ملكية ضخمة مثل الأهرامات، ومقابر الملوك والملكات في البر الغربي، أو دور عبادة مُتمثلة في المعابد المصرية الممتدة من أقصى جنوب مصر إلى أقصى شمالها، الأمر الذي يُبرهن على أهمية المُعتقد المصري القديم في البعث والخلود والحياة الأخرى.
قدماء المصريون كرّموا أجساد ملوكهم وذويهم، وحافظوا عليها من التحلّل الذي يؤدي لفناء الإنسان - وفق معتقداتهم - ومن أبرز مظاهر تكريمهم لأسلافهم، الحفاظ على أجسادهم بعد الموت، ليضمنوا لهم الخلود في الحياة الأخرى، ومن هنا جاءت فكرة "التحنيط" التي أضحت أمرًا مُقدسًا، وتكريمًا للمتوفى قبل دفنه.
في كتابه "مصر أصل الحضارة" يُشير المفكّر المصري سلامة موسى، إلى أن عملية التحنيط بدأت قبل أن يعرف المصريون بناء القبور، ومن المعتقدات المُقدّسة في الثقافة المصرية القديمة أنهم كانوا يُحافظون على تخليد جثّة الميت العظيم، خاصة إن كان كاهنًا أو ملكًا؛ لأنهم يعتقدون أنه هو الذي يزيد المحصول، ويحقق الخصوبة للأرض والنماء للزرع، وما دام جسده باقيًا؛ لن يكون هناك خطر مُتمثّل في نقص الطعام.
التكفين والتحنيط
تأثر الأحفاد بعادات وتقاليد الأجداد التي ألقت بظلالها على حاضرنا، لذا نجد مجموعة كبيرة من العادات ما زالت ممتدة حتى الآن، ومنها إحياء مرور أربعين يومًا على وفاة الميت، وهذه الأيام الأربعون كانت تقضيها الجثة قديمًا مغمورة في الماء والملح ثم تخرج بعدها لكي تُعالج وتُحنّط بأنواع أخرى من العقاقير، والراتينجات (تركيبات نباتية عطرية) وتلفف بالأقمشة الكتان قبل أن تُدفن، هكذا قال عالم الآثار أحمد صالح، في كتابه "التحنيط". مضيفًا: رُغم هذا الحفظ لجثّة المُتوفّى لم يثق المصريون القُدماء كل الثقة بأن الروح ستتعرّف على الجثة، لذلك صنعوا صورة تُشبه الأصل بالألوان ووضعوها فوق لفائف المومياء، ولكن هذه الصورة لم تكن كافية بالنسبة لهم؛ فنحتوا تماثيل من الخشب والحجر لتوضع داخل التابوت، ولم يتوقف الأمر عند دفن الميت مع تمثال وصورة لوجهه، لتتعرف الروح على الجسد في الحياة الأبدية، فكان يوضع مع المتوفى مقدار من الذهب اعتقادًا بأن هذا المعدن يُطيل الحياة ويمنع عنه الفساد.
العمارة الجنائزية
اعتمدت العمارة الجنائزية في مصر القديمة، منذ عصور ما قبل الأسرات على مواد أولية، مثل سيقان البردي وأعواد البوص وجذوع الأشجار، وسرعان ما استعمل طمي النيل في تغطية جدران المباني الجنائزية، وصولًا إلى عام ٢٧٠٠ ق.م تقريبًا، حيث بدأ استخدام الحجر عن طريق المهندس "إيم حتب" مهندس الملك "زوسر" الأسرة الثالثة بسقارة.
احتفظ البناء بالحجر بنفس طرز العمارة اللبنية بالطين، واستمرت العمارة الجنائزية الحجرية في تقدمها مع نهاية الأسرة الثالثة وبداية الرابعة ببناء الأهرامات لسنفر وخوفو وخفرع ومنكاورع وكانت قمة عمارة الأهرامات تتركز في الهرم الأكبر للملك خوفو، وقد احتفظ البناء بالحجر بنفس طرز العمارة اللبنية بالطين، واستمرت العمارة الحجرية في تقدمها مع نهاية الأسرة الثالثة وبداية الرابعة ببناء الأهرامات لسنفر وخوفو وخفرع ومنكاورع.
تطور بناء المقابر
ورث المصريون عن أجدادهم إكرام موتاهم في بيوتهم الأبدية، حيث برع القدماء في تطوير الهندسة المعمارية الضخمة التي تناقلها الصناع والحرفيون عبر الزمن، لتطوير أشكال وأحجام وطرق بناء المقابر بما يليق بملوك ووجهاء وأعيان مصر القديمة. "مرت المقبرة الملكية بالعديد من مراحل التطور من الحفرة البسيطة إلي أن وصلت إلي الهرم الكامل، ثم عادت من جديد لتحفر في الصخر بعيدا عن أعين القوم"، هكذا يقول الدكتور عبدالباسط رياض، في بحث بعنوان "تطور عمارة القبر الملكي في مصر القديمة". مضيفًا: أن مقابر عصور ما قبل التاريخ وكانت عبارة عن حفر بيضاوية أو مستطيلة، وكان المُتوفى يُدفن في وضع القرفصاء ومعه متاعه الجنزي، ويتم تغطية هذه الحُفرات بركام من الحصي والأحجار بهدف الإشارة إلي مكان القبر وحمايته من العوامل الجوية والحيوانات الضارة، وتضمنت المقبرة متاع المُتوفى أدوات زينة وقدور تحوي طعامًا وبعض الأدوات التي كانت تستخدم في عمله، بالإضافة لدفن بعض الحيوانات معه مثل الثور والشاة والكلب والماعز وغيرها، وكان المصري القديم في مصر العليا يدفن موتاه في أرض خاصة بالدفن خارج أماكن السكن، أما في الوجه البحري فكان يدفن أسفل منازلهم أو بين طرقات قريتهم حتى يواصلوا حياتهم معه.
تطورت طريقة الدفن في الأسرتين الأولى والثانية، ليتحول المصري لنظام المصطبة في الدفن، وتحديدًا في مدينتي أبيدوس في جنوب مصر، وسقارة في الشمال، ويرجع ذلك إلى طبيعة مصر السياسية بعد توحيد القطرين، فكان على الملك أن يصنع لنفسه قبرين، أحدهما في الشمال والآخر في الجنوب، باعتباره ملك الشمال والجنوب، وكانت المصطبة عبارة عن بناء ضخم مستطيل الشكل تنحدر جوانبه بعض الشيء بما يجعل قاعدته أكبر من قمّته، وغالبًا نشأ من كومة التراب التي كانت فوق الحفرة المستطيلة الشكل المعروفة في حضارة البداري. مع مرور الوقت انتقلت المصاطب من شكلها التقليدي، وتحولت إلى مصاطب تحوي أسفلها بئر دفن على طريقة اللحد المعروفة حاليًا، وسرعان ما تطورت لتصبح مقبرة ذات سلّم يؤدي إليها من الأعلى إلى باطن الأرض، مثل مقبرة الملك أوديمو بسقارة، وأبيدوس، وهي إحدى مقابر الأسرة الأولى في مصر القديمة. ومع تطور المعمار الجنائزي ظهرت الأحجار بدلًا من الطوب اللبن المُستخدم في بناء المصاطب، ويعود استخدام الأحجار في أول قبر ملكي إلى الملك "خع سخموي" من الأسرة الثانية، حيث قام بتبطين حجرة الدفن بالكامل بكتل من الحجر الجيري، ثم تطور البناء الحجري للمقابر الملكية على شكل الهرم المُدرج والذي يمثله هرم سقارة المدرّج، ثم تطور الأمر ليصل إلى الشكل الذي ظهرت عليه أهرامات الجيزة.
لم يتوقف تطوير المقابر الملكية عند بناء الأهرامات، ففي العصور المُتقدّمة، شيّد قدماء المصريين مجموعة من المقابر الملكية المنحوتة في الصخور مثل مقابر وادي الملوك بالبر الغربي، والتي تعد شاهدًا حيًا على تقديس المصري القديم للحياة الأخرى نظرًا لبراعة تصميمها وقيمة المتاع والأثاث المدفون بداخلها مع المتوف، ولعل مقبرة الملك توت عنخ آمون أكبر وأبرز مثال على ذلك.
شركات التكريم.. الموت 5 نجوم وبالتقسيط
عروض وباقات أسعار تبدأ من 8 آلاف حتى 50 ألف جنيه
مظاهر البذخ في تشييع الموتى وعزاءاتهم كانت فرصة للبعض لإنشاء شركات تتولى عمليات ما بعد الموت، إذ ظهرت خلال الفترة الأخيرة شركات تقدم جميع الخدمات لأهل الميت من الغسل إلى التكفين والانتقال إلى المقابر والدفن وصولًا إلى حجز دار المناسبات.
وفي السنوات الأخيرة، شهدت شركات الجنازات نموًا ملحوظًا، إذ يلجأ إليها كثيرون باعتبار قدرتها على الأمور التنظيمية، كما أنها تُضفى رونقًا رسميًا على مراسم الدفن والعزاء.
وتقدم هذه الشركات، باقات مختلفة، وتتدرج باقات الشركات -على سبيل المثال لا الحصر- من ٨ آلاف جنيه حتى أعلى باقة والتي تقترب من ٥٠ ألف جنيه، وهي بالتأكيد باقة ٥ نجوم.
كما تختلف باقات الأسعار في الانتقال إلى المحافظات، فالأسعار داخل القاهرة تختلف عن داخلها، كما أن جودة الخدمة نفسها تختلف من حيث دار العزاء والمقرئ وعدد السيارات المنتقلة إلى المقابر وتوفير المقرئ في العزاء أو عند المقابر، أو القس بالنسبة للمسيحيين، كما توفر الشركات خدمة إعادة المتوفين بالخارج.
كثير من العائلات وجدت ملاذها في هذه الشركات، باعتبار أنها تقدم خدماتها من اللحظة الأولى لوفاة الشخص وحتى مراسم التأبين النهائية، ما يخفف العبء عنها، كما أن كثيرا من العائلات تجد بُغيتها في تنفيذ طلباتها المتخصصة مثل إقامة جنازات ذات طابع ديني أو ثقافي معين، وتوفر شركات الجنازات خيارات متعددة منها خدمات التقسيط.
وفي ظل انتشار هذه الشركات بقوة، يتساءل البعض عن قانونية إنشائها، وهو ما دفعنا بالتوجه بالسؤال إلى الخبير القانوني صلاح الطحاوي، الذي قال إن الشركات الخاصة ببناء وبيع المقابر والمدافن، انتشرت في السنوات الأخيرة، لكن يجب الحذر عند التعامل معها، لأن وجود بطاقة ضريبية وسجل تجاري، ليس دليلًا كافيًا على أنها شركة شرعية في مجالها.
وأوضح أنه إذا كان هناك من سيشتري مقبرة أو مدفن من إحدى هذه الشركات فعليه التأكد من أن الشركة اشترت هذه الأراضي سواء حق انتفاع أو حق رقبة من هيئة المجتمعات العمرانية لأنها هي الجهاز الخاص بتلك الأراضي التابع لوزارة الإسكان، والتأكد من وجود تصاريح خاصة ببناء المقابر.
وقدم الطحاوي، روشتة للمواطنين حتى لا يقعوا ضحية للشركات الوهمية، قائلًا إنه في حالة الشراء بسجل تجاري وبطاقة ضريبية فقط للشركة بدون استصدار التراخيص اللازمة فهذا العقد غير قانوني لافتقاده شرط التوثيق للأرض التي بنيت عليها المقابر وهو يعد في صحيح القانون مكونًا لجريمة النصب طبقا للمادة ٣٣٦ من قانون العقوبات والتي تنص على أن أي شخص يتسبب في الاستيلاء على أموال أو عروض أو سندات دين أو متاع منقول بواسطة الاحتيال، بهدف سلب ثروة الآخرين أو جزء منها، يعاقب بالحبس.
كما يُعاقب أيضًا من يستخدم طرقا احتيالية لإيهام الأشخاص بوجود مشروع كاذب أو واقعة مزورة أو إثارة الأمل بحصول ربح وهمي، أو تسديد المبالغ المأخوذة بواسطة الاحتيال، أو إيهامهم بوجود سند دين غير صحيح أو سند مخالصة مزورة، أو التصرف في ممتلكات ليست ملكه، أو استخدام اسم مزيف أو صفة غير صحيحة.
وإذا بدأ الشخص في ارتكاب جريمة النصب ولم يتممها، يعاقب بالحبس لمدة تصل إلى سنة، ويمكن وضعه تحت ملاحظة الشرطة لفترة تتراوح بين سنة وسنتين.
وقال أستاذ القانون الدستوري الدكتور صلاح فوزي، إن الأصل أن أراضى الجبانات هي من الأموال العامة التي يجوز أن تخصص للمواطنين لاستخدامها كمقابل لدفن الموتى فيها، وتظل هذه الأراضى محتفظة بصفة المال العام حتى بعد إبطال الدفن فيها لمدة ١٠ سنوات أو إلى أن يتم نقل رفات الموتى فيها، مؤكدًا أنه ما دام أنها من الأموال العامة فإن للمواطنين حق الانتفاع بها، ويتم ذلك بقرار من جهات الإدارة المحلية المختصة (إدارة الجبانات بأملاك المحافظات) ومعتمد هذا التخصيص – والذي هو بالأمر المباشر – من المحافظ المختص.
وأضاف فوزي لـ''البوابة'' أنه يلتزم المرخص له بقطعة أرض لبناء مقبرة فردية بأن يشرع في البناء في مدة لا تجاوز ٣ أشهر من تاريخ إخطاره باستلام الموقع، ويجوز للجهة الإدارية المشرفة على الجبانات ''إدارة الجبانات بأملاك المحافظة''، إن تجدد هذه المدة لمدة أخرى مماثلة.
حرمة الموتى «تراخيص الجبانات».. أمواتنا فى حماية القانون
مرت عملية تنظيم المقابر بعدد من القوانين، وضعها المشرع لحماية حرمة الموتى، وحماية المقابر من الانتهاكات وجرائم السرقة أو بيعها دون علم أصحابها، بل وصل الأمر إلى تنظيم أوضاع العاملين على إدارة "الجبانات"، وكذلك عمليات الدفن والترميم. وتستعرض "البوابة" مراحل القوانين المنظمة للمقابر:
فأول تشريع جنائي يواجه جرائم "نبش القبور" وانتهاك حرمات الموتى، كان القانون رقم ٥ لسنة ١٩٦٦ الصادر بشأن الجبانات، واعتبر أول تشريع قانوني ينظم عملية إنشاء وبناء وتملك القبور في مصر. ونصت المادة ١٦٠ على: "يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تزيد على خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من انتهك حرمة القبور أو الجبانات أو دنسها، وتكون العقوبة السجن الذى لا تزيد مدته على خمس سنوات إذا ارتكب أيا من الجرائم المنصوص عليها فى المادة ١٦٠ تنفيذًا لغرض إرهابى.
تم إدخال تعديلات أخرى على مشروع القانون، لتغليظ العقوبات بما يتوافق مع تطور الجريمة، وجاءت كالآتي: "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة أو بغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تزيد على مائتي ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، من انتهك عمدًا حرمة جثة أو أي جزء منها أو أي رفات آدمية وتكون العقوبة الحبس الذي لا يقل عن سنتين ولا يزيد على خمس سنوات، إذا تم ذلك الفعل من خلال إحدى وسائل التواصل الاجتماعي". وفي أبريل الماضي، عقدت لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، برئاسة النائب أحمد السجيني، اجتماعًا لمناقشة مشروع القانون المقدم من النائب محمد جبريل وأكثر من ٦٠ نائبًا، بشأن تعديل بعض أحكام القانون رقم ٥ لسنة ١٩٦٦ في شأن الجبانات.
وتضمن مشروع قانون الجبانات، إجراءات جديدة لتراخيص الجبانات، وتحديد الحيز العمراني، خاصة بعد أن أظهرت المناقشات مع المختصين بالحكومة عن أن ٩٠٪ من الجبانات في مصر أُنشئت دون ترخيص.
وتضمن مشروع قانون الجبانات الجديد نظامًا جديدًا للتصالح على مخالفات الجبانات "المقابر" بهدف تقنين وضع المقابر، وتوسيع الحيز العمراني داخل المدن والقرى، ووفقًا لمشروع القانون الجديد سيتم تحديد قيمة التصالح على مخالفة الجبانة أو المقبرة وفقًا للمناطق السكنية أو القرى والنجوع.
ونص مشروع القانون على الآتي: "لا يجوز لأي شخص أن يزاول مهنة حانوتي أو تربي أو مساعد لأيهما إلا بترخيص من المجلس المحلي المختص، وتحدد اللائحة التنفيذية الشروط الواجب توافرها فيهم، وواجباتهم والإجراءات الخاصة بتعيينهم وفصلهم، والجزاءات التي توقع عليهم، والجهة التي تقوم بتوقيعها، وكذلك الرسوم المقررة للحصول على الترخيص المشار إليه، على ألا يجاوز هذا الرسم ١٥ ألف جنيه.
ويستمر الحانوتي والتربي والمساعدون المرخص لهم في مزاولة المهنة وقت العمل بهذا القانون، في القيام بأعمالهم، ويجوز إلغاء التراخيص الممنوحة لهم إذا لم تتوفر في شأنهم الشروط التي تتطلبها اللائحة التنفيذية.
يستهدف التعديل عدم تعرض أهالي المتوفين لأي مغالاة في الأسعار أو سوء معاملة عند القيام بأعمال الترميمات التي تتم داخل الجبانات، وكذلك لمنع سيطرة مافيا الجبانات، سواء في الأحياء أو في المدافن نفسها، ووقوع الأهالي فريسة للسماسرة. وقد أكد النائب محمد جبريل، عضو مجلس النواب، ومقدم مشروع القانون، في تصريحات له، أن قانون الجبانات الجديد جاء في أعقاب إهمال هذا الملف طوال الفترات الماضية، وأنه كان لا بد من وضع آلية لمواكبة المتغيرات ووضع تراخيص للجبانات الجديدة وتقنين أوضاع الجبانات القديمة ومواجهة التصرفات الهمجية، مثل: نبش القبور أو إخفاء جثة أو حرق الجثث أو الاستيلاء على مقابر الآخرين.
وأوضح أيضًا، أن القانون الجديد سيلغي مفهوم "الجبانات" وسيكون اسمه قانون المقابر، وسيتم من خلاله التصالح على الجبانات القائمة وتقنينها وتقنين المقابر الجديدة.
فاتورة الموت فى بر مصر
فى الشرقية.. أقل سرادق عزاء بـ20 ألف جنيه.. وعزاء العائلات الكبيرة يصل لنصف مليون بالفيوم
الأهالى اضطروا لبناء «تُرب» دورين فى بنى سويف.. ومقابر شمال سيناء لا تباع ولا تشترى.. والأكفان مجانية
الإنترلوك والواى فاى يحددان سعر المقبرة بالمنوفية.. وأجر المقرئ من 5 آلاف إلى 40 ألف جنيه فى كفر الشيخ.. والدفن فى فيلات بالمنيا
تختلف مظاهر توديع الموتى من محافظة لأخرى، ولكلٍ فيها طريقته، لكن الشيء المؤكد في كل المحافظات أن الأسعار أصبحت جنونية، إذ إن متر المقابر يكاد يقترب من متر الشقق السكنية، ويحتار البعض بين شراء مقبرة له وبين شراء شقة لابنه.
ففي الشرقية، يبحث الأهالي عن أراضٍ لإقامة مقابر عليها، خاصة في مدن مثل الزقازيق والعاشر وبلبيس وههيا وأبوكبير وفاقوس، وبما أن الشرقية محافظة زراعية، سعى البعض لتبوير قطع من الأراضي، واستخراج التراخيص اللازمة وتحويلها إلي مقابر مقسمة بمساحات مختلفة، ويبدأ سعر البيع من ١٥ لـ٢٠ ألف جنيه للمتر.
كما أدى ارتفاع أسعار المقابر في بعض الأماكن بالمحافظة إلى لجوء الأهالي لبناء دورين وتقسيم المقابر الكبيرة إلي مقبرتين، بعدما تزاحمت أماكن المقابر في جميع المراكز والقرى وضاقت الطرق بينها بسبب وجودها داخل الكتل السكانية لدرجة أن البعض يسير فوق الموتي.
الفيوم
أما في الفيوم، فكشف محمد ميزار، عامل بناء لوحدات المقابر بالفيوم، عن أن أسعار بناء المقبرة الواحدة تتكلف من ٥ إلى ٦ آلاف جنيه، وذلك في المقابر التي توارثها الأهالي وتحديدًا في قرى مراكز يوسف الصديق والشواشنة وأبشواي، ومع تزايد التعداد السكاني أصبحت مقابر العائلات في الفيوم لا تسع الموتى، ما اضطر كثير من العائلات إلى التوسع في شراء أرض مجاورة للمقابر لبناء جبانات بها، ويصل سعر القيراط من الأرض الزراعية إلى ٢٥٠ ألف جنيه، وحينما يقسم إلى مقابر تتفاوت الأسعار.
وأضاف عامل بناء المقابر، أن العائلات في قرى ونجوع الفيوم، اتجهوا خلال الآونة الأخيرة إلى شراء ربع قيراط بنحو ٥٠ ألف جنيه وهذه المساحة تسع لبناء ٤ عيون، ويتكلف بناء العين الواحدة ٦ آلاف جنيه لتصبح تكلفة العين الواحدة بين الأرض والبناء ما يصل إلى ٢٠ ألف جنيه، وهناك من يبيعها بعد ذلك بأرقامٍ فلكية.
وتابع: في مدينة الفيوم قد يصل سعر المتر الواحد إلى أكثر من ٢٠٠٠ جنيه للمقبرة الواحدة وخاصة في مقابر كيمان فارس بمدينة الفيوم التي تعد من أقدم المقابر في المحافظة.
أما عن الأكفان، فقال عامر الدهشوري، ترزي، إنه يقوم بحياكة أكفان الموتى مجانًا، ويتكلف ثمن شراء قماش الكفن من ١٠٠٠ إلى ١٢٠٠ جنيه وأكثر للقادرين والسخاء من حيث نوع القماش وخامته.
بني سويف
وفي بني سويف، أصبح الحصول على مقبرة أصعب بكثير من الحصول على شقة، فبسبب فوضى وعشوائية وتحكم السماسرة "الترابية"، أصبحت المقابر في بعض القرى متلاصقة بالمنازل، بسبب العشوائية في البناء، وبعضها يغلق الشوارع المارة بين المقابر. وأدت العشوائية إلى لجوء البعض إلى بناء مقبرة دورين، دور سفلى يمتد إلى باطن الأرض يجمعوا فيه عظام الموتى ويستغلونه أيضًا في دفن موتاهم، ودور إضافي علوي أيضًا له باب على واجهة المقبرة، وذلك بعد أن أصبحت بعض المنازل ملاصقة لحوائط المقابر. وقال أحمد الشاويش، تُربي، من قرية العلالمة بمدينة بني سويف الجديدة، إن أهالي قرى المحافظة بجميع المراكز نزحوا إلى الشرق لشراء مقابر "حوش" بقرية العلالمة بسبب قلة المقابر لديهم، حتى أصبح الآن الحصول على أرض لبناء "حوش" أمرًا صعبًا، وهو ما كان سببًا في أن يصبح سعر الحوش يبدأ من ٦٠ ألف جنيه، أما في حالة وجود أرض فضاء فتبنى عليها عيون، ويتم الاتفاق مع صاحب الحوش على البناء والحساب بالطوبة، ووصل سعر الطوبة الواحدة الآن في البناء إلى ٤ جنيهات.
شمال سيناء
وفي شمال سيناء، تعتبر المقابر عامة منذ قديم الأزل، إذ اعتبرت الدولة المقابر ممنوحة لأهالي المحافظة دون مقابل ولا تباع ولا تشتري خاصة.
والمقابر الموجودة بمدن محافظة شمال سيناء أثرية وقديمة ومخصصة لدفن أي متوفى، لكن مؤخرًا بدأت العائلات والقبائل يصبح لها مدافن خاصة بها، وهناك مقابر عامة ليس لها صاحب، ويُدفن فيها أي متوف من خارج سيناء كالمواطنين من المحافظات خارج سيناء والفلسطينيين الوافدين وأي جثة مجهولة. ولا يختلف الوضع كثيرًا في الأكفان، فهي مجانية ووهبة من متبرعين بها كصدقات، كما أن المساجد بها أكفان مجانية والجمعيات الأهلية بها أكفان مجانية تتبرع بها لأي متوفى بالمحافظة. أما المقابر العمومية بمدينة العريش فتقع بجوار قلعة العريش الأثرية وهي الأثر الوحيد الباقي بمدينة العريش مساحتها ٧٥×٨٥ م وهي بحاجة لاستكمال أعمال الحفائر وبدء أعمال الترميم، وهي من عصر السلطان سليمان القانوني.
المنوفية
وشهدت أسعار المقابر في المنوفية ارتفاعًا كبيرًا، وخاصة فى المدن مثل مدينة السادات، ويتراوح سعر المقبرة الواحدة بين ٥٠ ألفًا إلى ١٥٠ ألف جنيه، ويتحدد السعر بناءً على عدة عوامل منها الموقع والمساحة والتجهيزات، فالمقابر القريبة من المدن الرئيسية والمراكز الحضرية عادة ما تكون أغلى مقارنة بالمقابر في المناطق الريفية أو النائية.
والمقابر فى القرى لم تكن كسابق عهدها تحوى القمامة بل أصبحت الآن مزودة بالإنارة، وأصبح يُركب فيها بلاط الإنترلوك، بل فى بعض القرى تم تزويد المقابر بالواى فاى والكاميرات لمنع السرقة.
الوادي الجديد
وفي الوادي الجديد، تعكس مقابر الموتى وعمليات الدفن تاريخًا طويلًا من التقاليد والعادات التي تميز هذه المنطقة، من خلال تعزيز التعاون والتوعية وتحسين البنية التحتية، تتم عمليات الدفن وفقًا لتقاليد وعادات متوارثة عبر الأجيال، يلتزم السكان بإجراءات محددة تبدأ بتغسيل المتوفى وتكفينه وفقًا للشريعة الإسلامية، ثم أداء صلاة الجنازة، وأخيرًا دفن الجثمان في المقابر المخصصة للعائلات أو القبائل.
تشرف الجهات المحلية على إدارة وتنظيم المقابر في المحافظة، وتعمل الأجهزة المعنية على تخصيص أراضٍ جديدة للمقابر كلما دعت الحاجة، لضمان توفر مساحة كافية لعمليات الدفن المستقبلية، كما يتم تنظيم المقابر وتوفير خدمات الصيانة والنظافة لضمان الحفاظ على كرامة الموتى.
واعتاد أهالي محافظة الوادي الجديد، على دفن موتاهم في مدافن مطابقة للشريعة الإسلامية، ووسط الكتل السكنية خاصة في العاصمة مدينة الخارجة، حيث تتواجد علي مساحة تصل إلي ٣ فدادين بحي المروة جنوب المدينة علي الطريق الواصل مع واحة باريس.
كفر الشيخ
وتعد كفر الشيخ، من المحافظات التي لا يوجد فيها ظهير صحراوي، ومعظم أراضيها زراعية باستثناء مركز البرلس الذي يوجد فيه أراضي رملية، لذا فأسعار الأراضي فيها مرتفعة باهظة الثمن، وبالأخص أرض المقابر، ويختلف سعر المقابر في مدن كفرالشيخ عن القري، فسعرالمقابر في المدن يصل ضعفي سعر القرى أو يزيد.
ويقول محمد فهمي موظف يقطن بمدينة كفرالشيخ، إنه لم يتم تخصيص أراض جديدة في المدن لبناء المقابر منذ فترة طويلة، وعدد المناطق المخصصة للمقابر في مدينة كفر الشيخ محدودة، وهي مقابر التنعيم الجديدة بجوار سوق الجملة ومقابر الرحمة بغرب مدينة كفرالشيخ، ومقابر ميت علوان ومقابر الصوالحة شرق مدينة كفرالشيخ، مضيفًا أنه علم أن العين الواحدة عبارة عن ٢* ١.٥ متر وتباع بـ١٠٠ ألف جنيه.
أسيوط
وتختلف أسعار المقابر في أسيوط بالمراكز والقري مقارنة بالمدينة، ويصل سعر المدفن بمدينة أسيوط الـ٥٠ مترا لـ٣٠٠ ألف جنيه بعرب المدابغ، وبطريق المطار يصل سعر المدفن الـ٥٠ مترا لـ٢٠ ألف جنيه، فيما يصل سعر الكفن إلى ١٥٠٠ جنيه بالأسواق.
وقال علي مصطفي، بمنطقة مدافن عرب المدابغ: الأمور أصبحت مكلفة أيضًا للموتى، إذ تصل مصاريف الجنازة وحالات الوفاة لقرابة ٢٠ ألف جنيه، نتيجة الارتفاع الجنوني للأسعار، وأجر المقرئ ١٥٠٠، وتقوم العزاءات على أقل شيء مقرئين اثنين، ووصل سعر قاعة المناسبات لإقامة العزاء من ١٠٠٠ لـ٤ آلاف جنيه، وتغسيل الموتى ١٥٠٠ جنيه وفي حال عمل سرادق بفراشة يتكلف قرابة ٦ آلاف جنيه للفراشة فقط.
المنيا
واشتعلت أسعار المقابر بالمنيا، إذ تحولت إلى بيزنس هدفه الثراء الفاحش، وخصوصًا عندما اعتبر البعض الموت وسيلة للتفاخر والتباهي بالثراء والحسب والنسب، فذهبوا إلى تشييد قبور موتاهم بكل أنواع الترف والزخارف، فانتشرت ظاهرة الغلو في بناء المقابر وتزيينها حتى أصبحت "سوبر لوكس".
وبسبب الارتفاع المبالغ في أسعار المقابر، أطلق البعض على سماسرتها لقب "مافيا المقابر"، وتجاوز سعر المدفن بالمقابر ما بين ٢٠ لـ١٠٠ ألف جنيه أو أكثر تبعًا لموقعها وشكلها، ما دفع الكثير من المواطنين ممن لا تملك عائلاتهم مقابر إلى الاعتماد على الجيران والأصدقاء والمعارف، وتوصيتهم بدفنهم في مقابرهم الخاصة لعدم قدرتهم على شراء مدافن لهم.
ويلجأ عدد من الفقراء ممن يسكنون بالقرب من المناطق الجبلية بالظهيرين الصحراوي الشرقي والغربي إلى بناء مدافن موتاهم باستخدام الطوب الحجري "الطوب الأبيض"، والذي يعد من أسهل وأرخص الخامات الحجرية المتاحة في محيط معيشتهم.
وتعتبر الظاهرة الجديدة التي ظهرت بمحافظة المنيا هي تصميم منازل مشيدة تشبه في صنعها الفيلات التي تصنع للأحياء، لكنها صنعت هذه المرة لمدافن الأغنياء بمختلف القرى والمراكز بالمحافظة، وتحولت المدافن إلى قسمين واحد للفقراء مشيدا من الطوب اللبن، وآخر للأغنياء.
الحانوتى فى السينما.. يموّت من الضحك
حسن آتلة أفضل من قدم الشخصية.. ونجاح الموجى النموذج الأكثر جدية
برع عدد من الفنانين في تقديم شخصية الحانوتى، وأبرزهم على الإطلاق والذى لا يمكن نسيانه الفنان حسن آتلة فى فيلم حماتى ملاك، حينما قدم صبى حانوتى مع الفنان الراحل إسماعيل ياسين واشتهر بجملة" كلت الميت يا غزال" فيرد غزال "إن شالله اطفحه.. دى مربه يا معنمى مربه."
كما قدم شخصية الحانوتي، كل من نجاح الموجي وعبدالفتاح القصرى وفريد شوقي وأحمد زكى وأمين الهنيدى وغيرهم.
وأكد الناقد الفنى محمود قاسم، أن النجمين "حسن آتلة ونجاح الموجى" أفضل من قدما دور الحانوتى فى السينما المصرية، مشيرًا إلى أن "آتلة" قدم الحانوتى بشكل مختلف تمامًا وهو الشكل الكوميدي دون مبالغة، ولم يسبقه أحد فيه، في فيلم حماتى ملاك.
وأضاف "قاسم"، أن الفنان الراحل نجاح الموجى جسد شخصية الحانوتى بشكل قوى جدًا، مشيرًا إلى أن ملامح وجهه وهيئته وشكله ساعدوه كثيرا، فجعلنا نشعر أنه فعلًا حانوتى، وقدمه بجدارة من خلال فيلم مدافن مفروشة للإيجار.
وتابع: السينما المصرية قدمت مجموعة من الأعمال التى تناولت شخصية الحانوتى والمقابر فى العديد من الأفلام منها شخصية الحانوتى عبدالفتاح القصرى الذى أحب فاتن حمامة فى فيلم "القلب له أحكام"، بالإضافة إلى فيلم السقا مات الذي يتناول الواقع المصري خلال العشرينيات والثلاثينيات.
وأشار قاسم، إلى أن هناك العديد من الأعمال فى السينما طرحت المقابر وفكرة العيش فيها ووجود حياة بداخلها منها فيلم أنا لا أكذب ولكنى أتجمل لأحمد زكى وآثار الحكيم، وفيلم كراكون فى الشارع عندما اضطر النجم عادل إمام هو وزوجته يسرا وأولاده للذهاب إلى الحوش المدفون فيه والده للسكن فيه بعد سقوط منزلهم وأصبحوا فى الشارع ليتعاملوا مع الفنان على الشريف الذى احتل حوش والده، وأيضا فيلم الشقة من حق الزوجة عندما لجأ الفنان محمود عبدالعزيز للسكن فى المقابر بعدما طلبت زوجته معالى زايد الطلاق.
وأردف قاسم، أن الحانوتى أصبح بطلًا فى عدد من الأفلام منها الراقصة والحانوتى وتدور أحداثه حول الحانوتي محروس الذي يتسلم نعشًا يختفي في المطار، وذلك في نفس الوقت الذي تبحث فيه عصابة عن نعش به دولارات مهربة، وتتابع الشرطة الاثنين في رحلة بحثهما عن النعش.
وأوضح أن الفنان أمين الهنيدي، أدى دور الحانوتي بشكل جيد في مسرحية (أصل وصورة)، بالإضافة إلى حسن الدوينى "الذى بدأ نشاطه الفنى فى نهاية الخمسينيات وأدى أدوارا ثانوية مساعدة غالبا دور الحانوتى والعامل الكادح.
موت وخراب ديار... حكايات تجار الأحزان والكنيسة
التابوت القبطى من ٤ آلاف إلى ٣٥ ألف جنيه.. والاستانلس يبدأ من ٨٥ ألف جنيه
تجارة الأكفان ومراسم الدفن.. مغالاة بعيدة عن التدين
عندما يتلقى المسيحي فاجعة موت أحد أحبائه؛ فإنه يمر تقريبًا بنفس مراسم ومراحل أخيه المسلم، حيث يتم تغسيل وتكفين المتوفى ومن ثم الصلاة عليه ودفنه، وربما الخلاف الوحيد أن المسيحي يُدفن بالصندوق الذي نُقل به، بينما يدفن المسلم في التراب، وكلاهما يضع المتوفى في اتجاه صلاتهم؛ فالمسلم يوضع في اتجاه القبلة بينما المسيحي يوضع في اتجاه الشرق.
وتُعد أول مرحلة بعد معرفة أهل المتوفي بموت قريبهم، هي أن يسعوا إلى الحصول على تصريح الدفن الذي حيث يتم التأكد من موت المتوفي إذا كان راكِد فراش أو مريضًا في مشفى، وهناك أمران متاحان في حالة الوفاة فهو إما أن ذوي المتوفي يقومون بعمليات التجهيز أو يستعينون بالكنيسة، وهي ترسل متخصصين في إنهاء الإجراءات، ثم يذهب أهل المتوفى إلى شركات متخصصة لبيع التوابيت، إذ لا بد أن يكون التابوت يدل على الهوية العقدية فلا بد أن تحاوطه الصلبان، والأمر كذلك للكفن.
ويقول جورج عزت، مدير إحدى الشركات التي توفر التوابيت، إن التوابيت الخشبية تبدأ من ٤ آلاف وتصل إلى ٣٥ ألف جنيه، أما التوابيت الإستانلس فأسعارها أغلى كثيرًا وتبدأ من ٨٥ ألف جنيه، وأقل سعر في سيارات دفن الموتى ٢٠٠٠ جنيه.
أما بالنسبة للأكفان، فتوجهنا بالسؤال لأحد الحانوتية وهو "هاني" بمنطقة شبرا، فقال إن هناك فوارق عديدة بين كفن الرجل والمرأة، فكفن الرجل مكون من ٣ طبقات على الأقل من القماش الأبيض، بطول مترين ونصف وعرض ١٨٥ سم، أما كفن المرأة فيكون خمس طبقات على الأقل من القماش الأبيض، بنفس طول وعرض كفن الرجال.
وأوضح أنه قد يطلب ذوو المتوفي أن يكون عدد الطبقات أكثر من الحد الأدنى، فهناك من يريد أن يتأكد من أن جثمان المتوفي سيكون في أمان عن الأعين أو يشعر بالاطمئنان أن الكفن يخفي الجسد تمامًا، وبجانب الكفن هناك مستلزمات أخرى من عطور وورود ومستلزمات أخرى نُطيب بها المتوفي.
وتابع "هاني"، أن الشركات تخصص أكفانًا بهوية مسيحية فقد تحمل صلبانًا أو صورًا للقديسيين، مشددًا على أن هذا الأمر يكون للمسيحيين العاديين أما أصحاب الرتب الكنسية، فالكاهن، والراهب، والشمامسة، والمكرسات، والأسقف، وبطريرك الكنيسة، جميعهم يدفنون بملابس خدمتهم.
وبعد ذلك ينتقل أهل المتوفي إلى الكنيسة لصلاة التجنيز على روحه؛ وتكون هذه الصلاة عملًا بوصايا الإنجيل "صلوا بعضكم لأجل بعض" (يع ٥: ١٦)، وقول يشوع بن سيراخ "لا تمنع معروفك عن الميت" (سي ٧: ٣٣).
أما بالنسبة للمدافن، فيقول ماهر السيد: نحن نوفر مدافن مسيحية وإسلامية في محيط القاهرة الكبرى كلها، وبمساحات مختلفة على حسب رغبة العميل، وهناك من يطلب قطعة أرض ليبني عليها المدفن بالشكل الذي يرغبه.
وأوضح أن “العين” تبدأ بـ١٠٠ ألف جنيه بحد أدني ومساحته ٤ أمتار، ويزيد على حسب المساحة والتشطيب والمكان، وهناك مقابر كاملة تبدأ من مساحة ٢٠ مترا، وبها عينان، واحدة للسيدات وأخرى للرجال، وكل عين تتسع لـ٦ صناديق، وبجانب العينان يوجد بها "حوش"، وهذه تكلفتها ٢٣٥ ألف جنيه على طريق القاهرة الفيوم، بينما يوجد هناك مدافن تصل مساحتها لـ ١٠٠ متر، وذلك على حسب رغبتك وهذه سعرها «مليون وشوية"!» وهناك حالات لا تستطيع أن تتحمل هذه التكلفة؛ فتسعى الكنيسة بالتكفل بأولئك حيث إن غالبية كنائس مصر تخصص مدافن تحت مسمى "مدافن لأخوة الرب".
وبالنسبة للعزاء، يستقبل أهل المتوفي واجب العزاء في محيط مسكنهم عن طريق تدشين «صوان»، وهناك خيار آخر وهو أن يتجه للكنيسة، إذ تؤجر الكنيسة قاعة لاستقبال العزاء، وتبدأ بحد أدنى عدة آلاف جنيه ويزيد على حسب المكان والمنطقة فأسعار كنائس الصعيد تختلف عن كنائس التجمع، وهناك الكثير من الكنائس ترفض ذلك ضمنيًا وتعتبر ذلك نوعا من أنواع المشاركة الرعوية.