من داخل أحد أحياء القاهرة التراثية القديمة وتحديدا شارع المعز و منطقة الحسين و خان الخليلي ، حيث يتميز بظهور فريد وخاص من نوعه ويتمتع بجذب سياحي وأثري هام من نوعه لبازارات تحتوي علي انتيكات وتحف ومشغولات نحاسية وفضية أصيلة تدل علي حضارة مصرية فرعونية قديمة بالإضافة الي محلات ومطاعم شعبية لأكلات مصرية محببة، كما يتميز بكثرة توافد أعداد السياح اليها من جميع الجنسيات.
مهنة تعبر عن تاريخ مصر ورثها المصريون عن أجدادهم الفراعنة، تمسكوا بها رغم مشقتها وأتقنوها، إنهم صناع النحاس والمشروبات بجميع أنواعها وأشكالها المختلفة.
تعد صناعة الأنتيكات والتحف النحاسية من الصناعات المصرية القديمة التي ظهرت في الأسواق الأمريكية والأوروبية والخليجية لكي تفرض جودتها ومهارة العامل المصري الذي يتميز بتصنيعها يدويا من بين منافسيه في كل دول العالم،ودائما ما يفضل السياح ومحبي اقتناء الأنتيكات في أغلب الدول المنتجات المصنعة بحرفة يدوية وتسمي ب "الهاند ميد".
رصدت "البوابة نيوز" أبرز 5 مهن تتحدى تكنولوجيا العصر، وتواصل الاستمرار والحفاظ على هوية التراث المصرى ، من خلال الصناعات اليدوية، التى انتقلت من المحلية وصولا إلى العالمية بأيادي مصرية أصيلة .
والتقت بعدد من صناع المشغولات النحاسية القديمة من داخل حي الجماليه بـ"وكاله بزرعه" الذين يحولون النحاس إلى إبداعات فنية عالمية تقاوم الاندثار، على بعد أمتار من المبانى وسط أزقة وحارات لتتذوق وتري معني الفن الاسلامي والتراث الفرعوني والزخرفة النحاسية القديمة
ويروي العم يحي السكري، 65عاما ، قصة كفاحه عن حرفته اليدوية وهو من أكبر أسطوات المهنة ، يمارس مهنته فى هدوء فى مكان شعبي قديم داخل ورشته الصغيرة بين جدران عتيقة تخطت عقودا من الزمان.
أن المهنه عانت كثيرا علي مر سنوات نتيجة ارتفاع أسعارخامات النحاس ومستلزماته بالاضافة إلى قلة الأيدي العاملة وضعف الأجور اليومية ، حيث إن المهنة تحتاج للصبر واتقان في العمل وجودة في الصناعه لوقت طويل يحتاج لأيام ومراحل انتاج للخروج بأجمل صوره معبره علي شكل تحفه لأيات قرأنية أو نقوش فرعونية، بالاضافه الي صناعة أشكال متنوعة من صواني وأطقم شاي وعلب ملبس وأطباق نحاسية زاهية بلون الشمس وصواني مزخرفة لملوك فراعنه .
ويضيف قائلا: فى الفترة الأخيرة ترك الكثير من أصحاب المهنة حرفتهم فيما لا يزال العم "يحيي" معتزا بمهنة والده ومتمسك بها ويبدع فيها ويعاونه فى ذلك العم "محمود" مساعد معه.
ومن ناحية أخري هناك الكثير من المناطق الصناعية فى مصر مثل الدويقة وشق الثعبان والصعيد ، تحافظ على هويتها و مورثاتها القديمة، بداية من العادات والتقاليد فى الصناعات القديمة من صناعة الخزف والأرابيسك والفخار والخزف ، وصولا إلى المهن والحرف اليدوية للمنتجات المحلية مثل السبح والحلي والفضه ، والتى لا يزال البعض محتفظا بها باقيا علي مهنته ، رغم تطور الصناعات والاعتماد على المنتج المستورد الصينى، الذى انتشر في الأسواق بشكل كبير ، وتحدت هذه المهن صعوبات رغم قلة انتشارها واستخداماتها تواجه صعوبات الانقراض وتحديات التطورالتكنولوجي الحديث .
ويروى عم طارق، 60 عاما، بحي الجمالية عن قصة حرفته اليدوية، قائلا، صناعة النحاس من أقدم الصناعات اليدوية ، وتعتمد فى الأساس على الإبداع والحس الفني للصانع الذى يظل ساعات طويلة لإنتاج أشكال فنية متنوعة ، لافتا إلى أنه تعلم المهنة أبا عن جد ، حيث كان من أمهر صناع مهنه النحاس في الجمالية ، ومشهور وسط التجاربحرفيته و مهارته العالية وكان التجار يعشقون شراء منتجاته ، نظرا لاتقانه ومهارته الفائقة.
ويضيف قائلا “حيث تمر تلك القطع أو المشغولات بعده مراحل يدوية تحتاج لعده أيام بل أسابيع لتنفيذ المطلوب منا علي أفضل صورة وشكل ابداعي راقي”.
لافتا أن المهنة في حالة من الانقراض نظرا لغلاء كيلو النحاس ومستلزماته ، حيث وصل سعره الي 1200جنيه في فترة زمنية قليلة ، مما يعيق انتاج وصناعه المشغولات النحاسية التي تعتمد في الأساس علي تلك الخامة بالاضافة الي تكلفة الأيدي الماهرة من العمالة والنقل والايجار والكهرباء ، مما ينذر بانقراض واندثار تلك المهنة الأثرية العتيقة ذات الجذب السياحي والأثري من جميع دول العالم .
“ونطالب الدولة ووزارة الصناعة بدعم صناعة الحرف اليدوية من النحاس الخام والفضه والمشغولات اليدوية التي تعتمد علي توافد الأفواج والجذب السياحي من جميع الجنسيات المختلفة”.
وتابع: المهنة حاليا تأثرت كثيرا، عن الماضي كنا قديما نصنع كل شئ من النحاس وكانت الخامات رخيصة وغير مكلفة وكيلو النحاس ب35جنية ، لكن حاليا أصبح الزبون يطلب نوعية خاصة من أشكال مختلفة من النحاس مثل الصواني والأكواب والأطباق المزخرفة والمنقوشة والمشغولات اليدوية ، موضحا أن النحاس أصبح خامه أثرية يطلبها السائح الأجنبي والعربي والمصري لاقتناء المتجر كتحفه و للتزيين داخل البيوت والفيللا .
وعن مراحل التصنيع وأنواعه التى يمر بها النحاس، قال العم "رمضان "، أنواع النحاس المستخدم في تشكيل وصناعة أكثر من نوع ، لابد أن يكون الصنايعي محترف وصاحب خبرة طويلة حيث بدأت أعمل في مجال صناعة الأنتيكات منذ أكثر من 30 عاما تعلمت من خلالها كافة مراحل وخطوات صناعة المشغولات النحاسية، موضحا أن قطعة الأنتيك تحتاج لوقت طويل للانتهاء منها حتي تصل لشكلها النهائي ويتم دهانها على حسب الموديل واللون المراد تنفيذه سواء لون ذهبي، أو فضي، أو أكسيدي ، بينما أنواع النحاس في شكله الخام يكون نوعين الأول يسمى النحاس الأحمر ويتميز بسهولة تشكيله وتطويعه نظرا لأنه مرن وسهل التصنيع ، ويدخل في صناعة الرفايع والمشغولات الخفيفة والحلي والزينة التي تزين الأثاث، بينما النوع الثاني من النحاس الأصفر وهو يعد الأكثر انتشارا واستعمالا، ويتميز بصلابته ويدخل في صناعة هيكل النجف والمشغولات كبيرة الحجم.
ويواصل محمد علي، 70عاما، من داخل ورش تصنيع وتشكيل وصيانة الأنتيكات النحاسية بجميع انواعها واشكالها المتنوعة من النجف والفوانيس والأباليك والشمعدانات والأباريق ومشغولات الأثاث النحاسية، مشيرا إلى أن مراحل التصنيع تشمل عملية تحديد الموديل ، بناء على طلب العميل حيث يتم سبك النحاس وصبه في قوالب، ثم يأتي من المسبك عبارة عن قطع مفصلة ، يتم تنظيفها، بعده مراحل منها إزالة الصنفرة والتثقيب، الرايش والتشكيل على المخرطة، ثم مرحلة تجميع القطعة النحاسية للحام لتعطي الشكل المناسب المطلوب من العميل وأخيرا عملية التشطيب التي تشمل التلميع.
ويحكي أدم ابراهيم، شاب مكافح 20 عاما، ويعمل مساعدا للعم شعبان، إنه تعلم المهنة من الصغر،وتعلم الحرفة أبا عن جد
ويتابع : فهي مهنة شاقة ومتعبة تحتاج لمجهود كبير ووقت طويل لصناعة أي منتج، وتمر أي قطعة حسب نوعها مثل السبرتايه او كنكه القهوة النحاسية والأكواب بأكثر من مرحلة مثل المخرطة والدق واللحام والتصنيع.
وفي الماضي كان حي خان الخليلي مصدر وحي المثقفين والمبدعين في مصر للكثير من الأدباء والكتاب المصريين المشهورين أمثال الكاتب نجيب محفوظ الذي أبدع وكتب إحدى رواياته التي تدور أحداثها بالحي وتحمل اسمه "خان الخليلي" والتي تم تحويلها إلى فيلم سينمائي من بطولة الممثل عماد حمدي.
أيضا تغني المطرب الشعبي القديم محمد عبد المطلب، عن أشهر أغانيه "ساكن في حي السيدة وحبيبي ساكن في الحسين ".