حذر مرصد الأزهر، اليوم الأحد، في تقرير له من تأثير الذكاء الاصطناعي على القدرات العقلية للبشر حيث أصبحت التقنيات الحديثة وتطبيقات الذكاء الاصطناعي جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، وصارت برامج الذكاء الاصطناعي (AI) عنصرًا رئيسًا في تسهيل حياتنا وتنفيذ أعمال ومهام كثيرة كان منها ما يصعب على البعض.
ولكن مع كل هذه الفوائد والمحاسن تأتي تساؤلات ملحة بشأن تأثير هذا الاعتماد المتزايد على الذكاء الاصطناعي في قدراتنا العقلية، مثل الذكاء والابتكار والانتباه والإدراك والتذكر والتفكير وغيرها من القدرات العقلية الأخرى، وطرح مرصد الأزهر من خلال وحدة البحوث والدارسات التابعة له عدة تساؤلات منها: هل نحن على وشك مواجهة إعاقة عقلية؛ بسبب عدم استخدام القدرات العقلية الطبيعية، والاعتماد على الذكاء الاصطناعي وتقنياته المتعددة؟
وأكد مرصد الأزهر أن الاعتماد الزائد على التكنولوجيا الذكية وتقنيات الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى تراجع في بعض القدرات العقلية الأساسية، ومن أمثلة ذلك استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في المهام والأعمال الإدارية والأكاديمية، بدلًا من اعتماد الفرد على قدراته العقلية في التفكير وحل المشكلات والإبداع والتذكر؛ حيث إن عدم استخدام هذه القدرات قد يؤدي إلى إضعافها أو الحد منها، ومن الممكن توضيح الآثار السلبية المترتبة على الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي وتعطيل القدرات العقلية في السطور التالية:
- الإفراط في الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي قد يؤدي الاعتماد المفرط الكلي على أنظمة الذكاء الاصطناعي في إنجاز المهام الممكنة بالقدرات البشرية المحضة إلى إضعاف مهاراتنا المعرفية، مثل حل المشكلات والتفكير النقدي والذاكرة، واللغة وغيرها من القدرات العقلية الأخرى.
- ضعف القدرات الابتكارية لدى الفرد تحد أدوات الذكاء الاصطناعي التي تقدم اقتراحات جاهزة من قدرتنا على التفكير المستقل، وتوليد أفكار جديدة، وحلول مبتكرة؛ فتقنيات الذكاء الاصطناعي قادرة على إنتاج أعمال ابتكارية. ومن الممكن أن يثني هذا البشرَ عن الإبداع بأنفسهم، إذ يشعرون بأن ما ينتجه الذكاء الاصطناعي قد يفوق قدراتهم العقلية. ومع مرور الوقت، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تراجع في مستوى الابتكار والإبداع البشري.
التأثير في مهارات التعلم قد يؤدي الاعتماد على أدوات الذكاء الاصطناعي للبحث عن المعلومات واسترجاعها إلى إضعاف مهارات التعلم الذاتي، مثل البحث عن المعلومات وتحليلها وتقييمها.
هل نحن مهددون بالإعاقة العقلية سؤال طرحة مرصد الأزهر بسبب الاعتماد على الذكاء الاصطناعي؟ مصطلح "الإعاقة العقلية" هنا ليس بالضرورة أنه يشير إلى حالة مرضية، بل هو تعبير مجازي عن التراجع في القدرات العقلية والفكرية؛ فالاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي يمكن أن يضعف العقول، مثلما يحدث تمامًا نتيجة التوقف عن ممارسة الرياضة فيحدث ضمور وضعف في عضلات الجسم، وهذا ما يحدث نتيجة عدم استخدام القدرات العقلية، فسرعان ما يصاب الإنسان بالضمور والضعف وعدم القيام بالوظائف العقلية. ولك أن تتخيل الفرق بين إنسان عادي وآخر متخصص في علم الرياضيات، ترى أيهما أسرع وأدق في إجراء العمليات الحسابية؟ المتخصص في علوم الرياضيات أسرع وأدق بالتأكيد، والمشكلة تكمن في أننا غالبًا لا ندرك أن هذا التراجع ضعف في القدرات العقلية إلا بعد فوات الأوان، والأصعب من ذلك أن تقنيات الذكاء الاصطناعي قد تتوقف لأي سبب بعد أن اعتاد الإنسان الاعتمادَ عليها كليًّا.
وقدم مرصد الأزهر مجموعة من التوصيات لتجنب التأثيرات السلبية للاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي، أبرزها:
- التوازن: علينا تحقيق التوازن بين استخدام التكنولوجيا وتنمية مهاراتنا العقلية، ويمكن تحقيق ذلك من خلال ممارسة الأنشطة التي تتطلب تفكيرًا نقديًّا وإبداعيًّا، وقصر استخدام الذكاء الاصطناعي على الحالات الضرورية.
- التعليم والتوعية: لا بد من نشر الوعي عن المخاطر المحتملة للذكاء الاصطناعي على القدرات العقلية، ويمكن أن تساعد البرامج التعليمية في تعزيز التفكير النقدي بين الأفراد.
- التفاعل البشري: لا يمكن للتكنولوجيا أن تحل محل التفاعل البشري، بل يجب الحفاظ على العلاقات الاجتماعية والتواصل الشخصي لتحسين القدرات العقلية.
- التحدي الذاتي: ينبغي لنا تحدي أنفسنا باستمرار لتعلم مهارات جديدة، وتطوير قدراتنا العقلية بعيدًا عن التكنولوجيا، أو على أقل تقدير تحديد دور التكنولوجيا في حياتنا.