على ما يبدو أن مجموعة الساحل الإفريقي تنهار يوما تلو الآخر ، ففي وقت سابق أعلنت بوركينافاسو والنيجر انسحابهما من المجموعة، وهذا التحالف يضم أيضا مالي وموريتانيا وتشاد، وتم تأسيسه عام 2014 لمواجهة التهديدات الأمنية في المنطقة، خاصة الجماعات المتطرفة المنتشرة في الصحراء الكبرى والساحل الإفريقي.
ومن المفترض أن قرار الانسحاب جاء بعد أشهر من توتر العلاقات بين الدول الأعضاء وفرنسا، وهو الشريك الرئيسي في الحرب على الإرهاب في أفريقيا، والتي قررت تقليص عدد قواتها في عملية برخان، التي تقودها في الساحل منذ عام 2013.
أسباب الانسحاب؟
وبالنظر لتقرير نشرته " دويتشه فيله "، لم تكشف بوركينافاسو والنيجر عن الأسباب الرسمية وراء قرارهما، لكن بعد قراءة المشهد الحالي وتحليله، تم استنتاج تلك الأسباب.
الاستياء من الدور الفرنسي في المنطقة، والشعور بعدم الاحترام والتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأفريقية. ففي الأشهر الأخيرة، شهدت مالي وبوركينافاسو والنيجر احتجاجات شعبية ضد الوجود العسكري الفرنسي، ومطالبة برحيل القوات الأجنبية، وتعزيز السيادة الوطنية.
كما أن بعض القادة العسكريين الذين تولوا السلطة في انقلابات في مالي وبوركينافاسو، يعتبرون أن فرنسا تحاول عرقلة عملية الانتقال الديمقراطي، وتفضل التعاون مع الحكومات المدنية السابقة.
الأمر الثاني الشكوك حول فعالية مجموعة الساحل الخمسة في تحقيق أهدافها الأمنية، والتخوف من تحمل عبء إضافي في مواجهة الإرهاب.
فرغم توفر موارد مالية ولوجستية من الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والولايات المتحدة وفرنسا، إلا أن المجموعة لم تتمكن من تنفيذ عمليات مشتركة كبيرة ضد الجماعات الجهادية، ولم تتمكن من توحيد قيادتها وتنسيق استراتيجيتها.
وبعض الدول الأعضاء، مثل بوركينافاسو والنيجر، تعاني من تدهور أمني ملحوظ في أراضيها، وتشعر بعدم الدعم الكافي من الشركاء الإقليميين.
ومن ضمن الأمور البحث عن بدائل أخرى للتعاون الأمني، والاستفادة من الفرص الجديدة التي تقدمها القوى الدولية الأخرى، مثل روسيا والصين وتركيا والإمارات العربية المتحدة، التي تسعى إلى توسيع نفوذها في أفريقيا، وتقديم دعم عسكري واقتصادي وسياسي للدول الأفريقية، دون شروط أو تدخل في شؤونها الداخلية.
خاصة أنه في السنوات الأخيرة، شهدت القارة الإفريقية تزايدا في الوجود العسكري الروسي، خاصة في الساحل والصحراء، حيث تقوم شركات أمنية خاصة، مثل فاغنر، بتدريب وتسليح ودعم القوات الأفريقية، وتنفيذ عمليات ضد الجماعات الجماعات المتطرفة، مقابل حصول روسيا على امتيازات في استغلال الموارد الطبيعية والنفوذ السياسي.
التداعيات المحتملة للانسحاب
يثير قرار انسحاب بوركينا فاسو والنيجر من مجموعة الساحل الخمسة، تساؤلات حول مستقبل التحالف الإقليمي، ومصير الحرب على الإرهاب في أفريقيا، والتحديات التي تواجهها الدول الأفريقية والشركاء الدوليين في هذا المجال.
ومن بين التداعيات المحتملة للانسحاب، بحسب وكالة “ فرانس برس"..
- ضعف التعاون والتنسيق الأمني بين دول المجموعة المتبقية (موريتانيا ومالي وتشاد) في مواجهة التهديدات الإرهابية المشتركة.
- وكذلك تفاقم الأزمة الإنسانية في المنطقة التي تعاني من الفقر والجفاف والنزاعات المسلحة، وزيادة عدد النازحين واللاجئين.
- و تزايد النفوذ والتوسع الجغرافي للجماعات الجهادية مثل تنظيم القاعدة وتنظيم داعش ، واستغلالها للفراغ الأمني والسياسي.
- كذلك تراجع الدور والنفوذ الفرنسي في المنطقة، وزيادة الاحتمالات لتدخلات خارجية أخرى من قبل دول أو جهات مختلفة.