الأحد 22 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة لايت

بين الواقع والخيال| «كمبيوتر حي» من الأدمغة البشرية.. هل يحقق مستقبلا جديدا في عصر التكنولوجيا؟

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

لا شك أن الخيال العلمي يلهم العلماء بشكل كبير، حيث أن العديد من التقنيات والتكنولوجيا ظهرت لأول مرة في أفلام ومسلسلات الخيال العلمي قبل أن تصبح واقعًا ملموسًا، مثل الروبوتات واتصالات الفيديو والهواتف الذكية والأجهزة المحمولة (تابلت) وغيرها.

ومع ذلك، فإن الأمر الأكثر إثارة هو ما ابتكره علماء سويديون مؤخرًا، وهو "أول كمبيوتر حي"، حيث قاموا بتطوير جهاز كمبيوتر مصنوع من أنسجة المخ البشري، وهو الابتكار الذي ظهر في العديد من الأفلام والمسلسلات والرسوم المتحركة والكتب المصورة.

,نشرت صحيفة “ديلي ميل” البريطانية مؤخرًا تحقيقًا خاصًا حول أول "كمبيوتر حي" في العالم، والذي تم تصنيعه من أنسجة المخ البشري.

ووفقًا للصحيفة، فإن الكمبيوتر الحي يتكون من 16 جزءًا عضويًا، أو كتل من خلايا الدماغ المزروعة في المختبر، التي تتواصل فيما بينها، وتعمل بطريقة تشبه إلى حد كبير شريحة الكمبيوتر التقليدية، حيث ترسل وتستقبل الإشارات عبر خلاياها العصبية التي تعمل مثل الدوائر.

ما يميز هذا الابتكار هو أن "الآلة الحية" تستخدم طاقة أقل بكثير، حيث يمكن للخلايا العصبية الحية استخدام طاقة أقل بمليون مرة مقارنة بالمعالجات الرقمية الحالية.

وعند مقارنته بأفضل أجهزة الكمبيوتر في العالم، مثل "هيوليت باكرد إنتربرايز فرونتير"، وجد العلماء أنه بنفس السرعة ولكنه يتمتع بذاكرة أكبر بمقدار 1000 مرة.

يُذكر أن الدماغ البشري يستخدم ما بين 10 إلى 20 واط، بينما يستخدم جهاز الكمبيوتر 21 ميغاوات.

كيف يلهم الخيال العلمي الابتكار في مجال الروبوتات الحية:

وأشارت الصحيفة إلى أن "الكمبيوتر الحي" تم تطويره من قبل علماء في شركة "فينال سبارك"، التي تركز على إيجاد حلول باستخدام الشبكات العصبية البيولوجية.

وأوضح الدكتور فريد جوردان، الرئيس التنفيذي المشارك لشركة "فينال سبارك"، وهي شركة ناشئة تركز على تطوير الشبكات العصبية البيولوجية، لموقع ديلي ميل: "رغم أن هذه الفكرة مستوحاة من الخيال العلمي، إلا أن الأبحاث الجادة حولها كانت محدودة للغاية".

وفقًا للتقرير، يقوم العلماء بزراعة الخلايا الجذعية لتكوين "العضوانيات" (الأجزاء الصغيرة أو البسيطة للأعضاء) على مدى شهر تقريبًا، حتى تبدأ هذه العضوانيات في تطوير ميزات تشبه الخلايا العصبية.

لإنتاج الكمبيوتر الحي، تم استخدام حوالي 10,000 خلية عصبية حية بقطر يبلغ نحو 0.5 ملم. تتلقى هذه الكائنات العضوية جرعات من الدوبامين كمكافأة عند تنفيذ المهام بشكل صحيح، مما يساعد في تدريبها.

يقوم العلماء بإدارة الدوبامين عن طريق تسليط الضوء على منطقة محددة من العضوانيات، مشابهين بذلك عملية تنشيط مناطق معينة في الدماغ البشري. تُحاط هذه الأدمغة الصغيرة بثمانية أقطاب كهربائية تقيس نشاط العضوانيات، وتُمكّن الباحثين من إرسال تيارات كهربائية للتأثير على العصبونات.

تلعب هذه الأقطاب الكهربائية دورًا مزدوجًا، فهي تعمل على تحفيز العضوانيات وتسجيل البيانات التي تعالجها. تُوضع الكائنات العضوية داخل حاضنة ميكروفلويدية، التي تعمل كنظام سباكة دقيق لتوفير كميات صغيرة من السوائل المغذية، مما يحافظ على حياة الخلايا.

تُبقي الحاضنة العضوانيات في درجة حرارة الجسم، وتُؤتمت تدفق وصيانة الوسائط الخلوية، مما يخلق بيئة مستقرة خالية من البكتيريا والفيروسات، لضمان بقاء هذه العضوانيات في أفضل حالاتها.

تحديات الزمن: مدى استدامة خلايا الكمبيوتر الحية

في عالم الإبداع العلمي، تتلاقى الخيال والواقع لتخلق أفكاراً تتحدى حدود الفهم، تعيش خلايا "الكمبيوتر الحي" في عالمٍ متقلب، حيث تنبض بالحياة لمدة قصيرة تقدر بـ100 يوم قبل أن تختمر وتتحول إلى ذكريات في أدمغة الباحثين، وتشكل هذه الخلايا العصبية الحية بنيةً ثلاثية الأبعاد تشبه أجهزة الكمبيوتر التقليدية، لكنها تنبض بالحياة بنشاط كهربائي يشبه تلك الموجودة في أعماق أدمغتنا.

في معركة بين الواقع والخيال، يرى العلماء أنهم ليسوا بمستوى طبيعة الإنسان في الحفاظ على حياة هذه الخلايا لفترة طويلة، فتمضي هذه الكائنات العضوية على وتيرتها الخاصة، تتحدى الزمن وتعيش لمدة محدودة، ومع نهاية دورها، يتم استبدالها بعضويات جديدة تتولى المهمة.

وهكذا، يحمل "الكمبيوتر الحي" لقب "البرمجيات الرطبة"، فهو يترنح بين عالمين: عالم الأجهزة التقليدية وعالم البرمجيات، حيث يعتمد على تدفق الحياة وتغييرات الاتصالات العصبية لتحقيق تعلم متجدد، في هذا العالم المتشابك بين الإلهام الإنساني والتكنولوجيا، يصطف الباحثون في سعيهم لإنجازات تحدث ثورة في فهمنا للعالم، وتحقيق مزيد من الابتكار والإبداع.