الدكتور صلاح عبد العاطي رئيس الهيئة الدولية لدعم فلسطين في حواره مع «البوابة نيوز»:
- إسرائيل تتعمد استهداف الفئات المحمية بمُوجب القانون الدولي
- الاحتلال قصف غزة بأكثر من 100 ألف طن متفجرات بما يعادل 7 قنابل ذرية
- الاحتلال دمر 80% من المنشآت.. وحول غزة لمنطقة غير صالحة للحياة نهائيًا
- الدعم الأمريكي اللامحدود جعل إسرائيل دولة فوق القانون تُمارس الإبادة الجماعية في غزة
- شكلنا فريق حقوقي دولي من 65 دولة يضم أكثر من 600 مُحامي لمُلاحقة جرائم الاحتلال
- الاحتلال يُكرس "التجويع والتعطيش" كسلاح حرب ضد المدنيين
- ما يصل من مساعدات يكفي 8% فقط من الاحتياجات الإنسانية المُلحة
- العدوان خلف فظائع إنسانية كارثية في غزة.. والأمراض والأوبئة طالت أكثر من مليون و200 ألف فلسطيني
- المجتمع الدولي عاجزًا عن وقف العدوان وإبادة غزة.. وإسرائيل دولة تمارس الإرهاب المنظم
- مصر لعبت دورًا محوريًا كبيرًا برفضها تصفية القضية الفلسطينية والتهجير ووقف العدوان وإيصال المساعدات
يواصل العدوان الإسرائيلي البربري الغاشم عدوانه على غزة للشهر الثامن على التوالي؛ مُخلفًا أكثر من 35 ألف شهيدًا و79 ألف إصابة من المدنيين؛ فيما تواصل المنظمات والحكومات الدولية مساعيها القانونية والدبلوماسية لوقف العدوان الغاشم الذي طال الأخضر واليابس وأباد الحياة عن بكرة أبيها في غزة.
وذلك جراء عوانٍ مُتغطرس يُمارس الإبادة الجماعية ضد الملايين من المدنيين العٌزل؛ بقصف غزة بأكثر من 100 ألف طن من المتفجرات أي ما يُعادل 7 قنابل ذرية منذ السابع من أكتوبر الماضي؛ حسبما كشف الدكتور صلاح عبد العاطي، رئيس الهيئة الدولية لدعم فلسطين في حواره مع "البوابة".
مزيد من التفاصيل في نص الحوار التالي:
* بعد أكثر من 225 على العدوان الإسرائيلي على غزة.. هل لديكم معطيات حول تفاصيل الوضع الإنساني في القطاع؟
* منذ السابع من أكتوبر الماضي؛ يواصل العدوان الإسرائيلي العدوان البربري المتوحش يرقى إلى مستوى جريمة الإبادة الجماعية على المدنيين والأهالي في قطاع غزة؛ ومنذ اللحظة من العدوان فرض الاحتلال عقوبات جماعية أبرزها قطع إمدادات الكهرباء والمياه وإغلاق المعبر ومنع تدفع السلع والبضائع الأساسية الضرورية والملحة للسكان المدنيين.
أضف إلى ذلك ارتكاب جرائم ترقى إلى مستوى جرائم حرب عبر تعمدها استهداف منازل المدنيين الآمنين على رؤوس قاطنيها وارتكاب أكثر من 3500 مجزرة بحق العائلات الفلسطينية كنمط ثابت لإبادة أهالي القطاع ومنهم عائلات أبيدت بأكملها وخرجت من قوائم السجل المدني؛ إلى جانب بعضها العائلات التي فقدت بحد أدنى من 5 إلى 7 من الشهداء؛ وهو الأمر الذي يؤكد ألف مرة على أن إسرائيل تقوم بإبادة أهالي غزة وإجراء تطهير عرقي بحق العوائل الفلسطينية.
إضافة إلى جرائم الاحتلال بحق مراكز الإيواء التي قصفتها فوق روس نازحيها والمستشفيات فوق رؤوس مرضاها إلى جانب قصف المدارس والمنشآت المدنية وتدمير ما يزيد عن 80% من المنشآت محولة قطاع غزة لمنطقة غير صالحة للحياة.
وحسب الإحصائيات الرسمية والمجتمعية؛ فإن الاحتلال قتل ما يزيد عن 6% من التركيب السكاني في غزة بحصيلة تزيد عن 35 ألف شهيد وصلوا المستشفيات؛ وما يقرب من 15 ألف شهيد لا يزالوا تحت ركام المنازل بسبب القصف المستمر وانعدم المعدات لاستخراج جثامين الشهداء؛ إلى جانب عدد كبير من الجثامين في الشوارع والمقابر الجماعية التي جرى اكتشاف بعضها لاحقًا في محيط المستشفيات وعلى رأسها مستشفى الشفاء وناصر.
يأتي ذلك إلى جانب جرح من يزيد عن 80 ألف من المدنيين؛ فيما بلغ 72% من إجمالي الشهداء والجرحى من الأطفال والنساء؛ فأكثر من 15.500 طفل شهيد و1100 امرأة شهيدة" إضافة إلى استشهاد 147 صحفي وقرابة 500 شهيد من الأطقم الطبية و300 من المعلمين ونحو 179 شهيد من الرياضيين و87 شهيد من الفنانين والكتاب وأكثر من 69 شهيد من أطقم الدفاع المدني واستشهاد 197 من العاملين في الفرق الطبية.
كل هذه الإحصائية من الشهداء والجرحى يُؤكد أن إسرائيل تتعمد استهداف الفئات المحمية بمُوجب القانون الدولي والاستخدام المفرط للعدوان بكثافة باستخدام أكثر من 100 ألف طن من المتفجرات أي ما يعادل 7 قنابل ذرية سقطت على قطاع غزة ذات المساحة الصغيرة والتي يعيش به نحو 2.300 مليون نسمة في مساحة لا تزيد عن 360 كيلو متر مربع.
ما أدى إلى نزوح ما يقرب من كل سكان قطاع غزة وآخرها اجتياح الجزء الشرق لرفح وقصف وسط وجنوب رفح ما أدى إلى نزوح قرابة 800 ألف من أصل مليون موان من المدينة التي كانت تعتبر الملاذ الآمن الأخير لكل أهالي القطاع.
إلى جانب احتلال معبر رفح من الجانب الفلسطيني واستمرار تكريس "التجويع والتعطيش" كسلاح حرب في مواجهة المدنيين مما أدى لوفاة العشرات من المرضى وكبار السن والأطفال والنساء جراء المجاعة التي تضرب في المدنيين حيث تستمر إسرائيل في عرقلة دخول المساعدات والتي تصل لـ 8% فقط من الاحتياجات الانسانية الملحة للأهالي.
فأهالي قطاع غزة يعيشون منذ أكثر من 225 يومًا نزوح مُتكرر من منطقة لأخرى تحت القصف المتواصل؛ وأصبح لا يوجد مكان آمن في القطاع بأكمله ويعيشون فظائع إنسانية كارثية وتخلف أضرار واسعة في البنى التحتية الزراعية والاجتماعية وشبكات المياه والصرف الصحي وعدم القدرة على جمع القمامة مما رفع منسوب انتشار الأمراض والأوبئة بين أكثر من مليون و200 ألف فلسطيني بالكوليرا والسحايا والتهاب الكبد "فئة أ" والأمراض الصدرية.
* لماذا يصر ويتعمد الاحتلال على مواصلة ارتكاب المجازر وإبادة الحياة في غزة رافضًا الهدنة ووقف إطلاق النار رغم الغضب الداخلي الإسرائيلي؟
** رغم الإدانات العربية والدولية والغضب الداخلي الإسرائيلي ورغم أيضًا تدابير محكمة العدل الدولية التي فرضت حماية الفلسطينيين من جريمة الإبادة الجماعية وضمان تدفق المساعدات الإنسانية ورغم قرارات مجلس الأمن التي صدرت بوقف إطلاق النار وضمان تدفق المساعدات الإنسانية وقرار الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان ورؤساء الدول.
إلا أن كل هذا لم يُفلح في وقف العدوان الإسرائيلي على غزة ليقف المجتمع الدولي عاجزًا عن وقف العدوان وجريمة الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني وهذا يرجع إلى عدد من العوامل أبرزها؛ الدعم الأمريكي اللا محدود لإسرائيل بـ"السلاح والدعم السياسي والدعم المالي"؛ مما جعل إسرائيل دولة فوق القانون باستخدام حق "الفيتو" 5 مرات لقطع الطريق على المجتمع الدولي بشأن وقف العدوان الإسرائيلي وحماية المدنيين.
إضافة إلى أن دولة الاحتلال منذ الأصل هي دولة مارقة تمارس الإرهاب المنظم وقيادتها الآن هي الأكثر فاشية في حكومات دولة الاحتلال الإسرائيلي ومن مصلحة " نتنياهو" استثمار الحرب لبقائه في السلطة وبقاء اليمين الحاكم؛ كما أن استثمار الحرب جزء من خطة البقاء.
فإسرائيل تعتقد أن انشغال العالم في الحرب الروسية الأوكرانية واستمرار الانقسام الفلسطيني يمكنها من القضاء على القضية الفلسطينية وإبادة الشعب الغزاوي؛ وما يؤكد ذلك هي "خريطة نتنياهو" التي رفعها قبل السابع من أكتوبر في الأمم المتحدة دون وجود لفلسطين ولا غزة ولا الضفة فهو يطرح التهجير والإبادة والقتل من البداية قبل السابع من أكتوبر.
فإسرائيل ماضية في تنفيذ مخططاتها رغم كل الإدانات والتدابير التي قضت بها محكمة العدول الدولية؛ وعجز الأمم المتحدة بكل مكوناتها على وقف العدوان وحتى صيغة "متحدون من أجل السلام" لدعم دولة الاحتلال على استكمال جرائمها ودعم الدول الاستعمارية لكيان المحتل.
وفي النهاية؛ فإن أحرار العالم لعبوا دور كبير في كشف تزييف الرواية الإسرائيلية وكشف ألعيب الاحتلال وإظهار إسرائيل كقوة استعمارية لا تقيم وزنًا للقانون الدولي والإنساني.
لعبت عدد من الدول دورًا محوريًا في كشف ألاعيب الكيان المحتل؛ قمنا برفع عددًا من الدعاوى القضائية في عدد من الدول تستهدف وقف تصدير أمريكا السلاح لإسرائيل وضمان إدانة جرائم الاحتلال الإسرائيلي والعودة مرة أخرى لتحريك التمويل لوكالة تشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا؛ ولكن هذه الإجراءات ستكون ضعيفة إذا لم يتوقف هذا العدوان.
كما أن مصر لعبت دورًا محوريًا كبيرًا برفضها تصفية القضية الفلسطينية وتهجير الفلسطينيين والضغط على الاحتلال لإدخال المساعدات الإنسانية لغزة عبر معبر رفح إضافة إلى دورها الدبلوماسي الكبير ودور الوساطة بين كل الأطراف لإنهاء العدوان والتي كادت أن تفلح لولا رفض اليمين الإسرائيلي الفاشي ونتنياهو لوقف العدوان وتدفق المساعدات الإنسانية وتبادل الأسرى؛ وهو الأمر الذي جعل مصر تصعد من خطواتها بعد التعنت الإسرائيلي وعدم احترام إسرائيل للقانون الدولي وحق الحوار.
ورغم الإدانات التي تمت في القمة الإسلامية والعربية بالسعودية ثم قمة المنامة في البحرين؛ يجب أن يتم تسييد هذه القرارات وتفعيلها بقوة؛ فرغم التحرك العربي القوي ولكنه غير كافي فيجب دعم الجهود المصرية التي تفتح أفق لمسار سياسي تفضي إلى دولة فلسطينية وتطبيق الشرعية الدولية.
وإلى أن يتم ذلك على الجانب الفلسطيني يجب التحرك بجدية لإنهاء حالة الانقسام وضمان الاتفاق على قيادة وحكومة موحدة والعمل على إنهاء العدوان الإسرائيلي ولا سيقوم العدوان بتثبيت وضع جديد داخل قطاع غزة ومن بينها المساعي الإسرائيلي الأمريكية حول بناء الرصيف المائي وإغلاق معبر رفح والتغيير الديمغرافي في قطاع غزة.
ورغم المأزق الذي تعيشه حكومة نتنياهو بشأن استثمار العدوان على غزة والمخاوف من الذهاب لحرب استنزاف وتصاعد الاحتجاجات الداخلية في اسرائيل وانقسام مجلس الحرب الإسرائيلي بشأن وقف الحرب واستثمارها لبقاء نتنياهو في الحكم ومنع مُسائلته والضغوط الشعبية الإسرائيلية لإتمام اتفاق بإعادة الأسرى لدى المقاومة.
ولكن رغم كل عوامل الضغط على الحكومة الإسرائيلية إلى أن الفلسطينيون فقط هم من يدفعون ثمن المأزق الإسرائيلي الذي يتركون لجازر تلو المجازر ولعمليات وسياسات منهجية تقوم على تصفية القضية الفلسطينية وتهجير الفلسطينيين فيما تتواصل الانتهاكات في الضفة الغربية وفي القدس وتهويده والاعتداء على الأماكن المقدسة واستمرار التمييز العنصري ونزع الملكية وضم الأراضي لدولة الاحتلال.
* ما هي جرائم الاحتلال التى وثقتها الهيئة الدولية لدعم فلسطين؟ وكيف سيقومون باستخدامها ضد إسرائيل؟
* وثق فريق الهيئة الدولية لدعم فلسطين معظم جرائم الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين في غزة؛ ولكن حسبما سمحت الظروف الميدانية؛ فأيضًا فريقنا تعرض لجملة من الانتهاكات مثل بقية الأهالي والسكان في قطاع غزة؛ من بينها تدمير مقر الهيئة الدولية لدعم فلسطين وتعرض فريقها والنشطاء الإنسانيين للانتهاكات من قبل العدوان الإسرائيلي واستهداف منازلنا واستشهاد 57 مُحامي وناشط فلسطيني.
إضافة إلى استشهاد 7 من أفراد عائلتي وإصابة العشرات من العائلة جراء العدوان الإسرائيلي؛ ورغم الانتهاكات التي مورست بحقنا تمكنا من توثيق الآلاف من جرائم الاحتلال الإسرائيلي وأصدرنا بشكل يومي الرسائل والإحاطات وكشف ألاعيب ومنع إسرائيل إدخال لجنة تقصي الحقائق الدولية والعاملين في الأمم المتحدة وفريق تحقيق محكمة الجنايات الدولية إلى غزة.
وكنا عامل أساسي في إيصال هذه المعلومات للمؤسسات الدولية والعربية وكل دول العالم وكشف حقيقة ما يحدث في الأراضي الفلسطينية بشكل موثق ومهني يظهر حقيقة ما يُمارس من قبل الاحتلال الإسرائيلي؛ بالإضافة إلى إرسال التقارير النوعية وترجمتها بعدة لغات وإيصالها لمحكمة الجنايات الدولية.
إضافة إلى تشكيل فريق حقوقي دولي والتحالف من 65 دولة بالعالم يضم أكثر من 600 محامي وحقوقي حول العالم يعملون من أجل ضمان ملاحقة الاحتلال الإسرائيلي.
وقد ساهمنا في رفع الدعاوى القضائية في 6 دول حول العالم بينما فيها دعوى قضائية سيكون جلستها يوم 25 مايو الجاري وهي دعوى فردية رفعتها نيابة عن عائلتي التي استشهد 7 من أفرادها وأصيب العشرات بسبب العدوان الإسرائيلي ولا زال جزء من عائلتي يعيش فصول جريمة الإبادة الجماعية داخل قطاع غزة ويتنقل وينزح من مكان إلى آخر وبعضهم مصاب ومريض ولا يجد الحد الأدنى للعيش وحالهم كحال كل الفلسطينيين في غزة.
وفي إيطاليا رفعنا دعوى قضائية نطالب فيها بوقف تصدير السلاح لإسرائيل وإعادة التمويل لوكالة غوث؛ ووقف مُساهمتها في جريمة الإبادة الجماعية وضمن تحركها وفق الالتزامات الأخلاقية والقانونية؛ ومثلها في ألمانيا وهولندا وعدد من دول العالم؛ وأيضًا لعبنا دورًا أساسيًا بشأن تسليم معظم الحقوقيين في العالم بما فيها جنوب أفريقيا كل الوثائق والإثباتات التي تؤكد وتثبت جرائم إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني.
يأتي ذلك إلى حشد الهيئة الدولية لدعم فلسطين إلى أكثر من 186 سفيرًا للنوايا الحسنة في 80 دولة حول العالم لكشف جرائم العدوان الإسرائيلي وفضح الانتهاكات والإجرام الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني.
أما عن دورنا القانوني أيضًا؛ سلمنا محكمة الجنايات الدولية وفريق التحقيق بها كل الإثباتات والوثائق التي تكشف جرائم الاحتلال وتلاحق قادة العدوان والاحتلال الإسرائيلي بشأن جرائم الحرب والعدوان والإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني؛ أعددناها بكل مهنية وموضوعية وفندناها لـ 13 محور تشمل "القتل – الإبادة – واستهداف المدنيين – واستهداف المقرات الحكومية والخدمية – واستهداف التراث الفلسطيني – وتدمير الاقتصاد الفلسطيني – حرب التجويع والتعطيش – استهداف الأسرى والمعتقلين – القتل الميداني والاختفاء القسري – والمقابر الجماعية".
كل ما جرى على يد الاحتلال الإسرائيلي وثقناه في لوحة مُتكاملة تظهر حقيقة ما يحدث وكشف حقيقة أهداف العدوان لنضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته سواء كان مجلس حقوق الإنسان أو المفاوضية السامية لحقوق الإنسان والاتحادات البرلمانية والمنظمات الإقليمية والجمعية العامة للأمم المتحدة والمؤسسات الحقوقية على المستوى الدولي.
وأكد أن الهيئة الدولية لدعم فلسطين تتابع جيدًا الملف أمام كل هذه المنظمات لأنها تدرك تمامًا خطورة بقاء إسرائيل مُفلتة من العقاب وهو الأمر الذي يدفع للعمل بشكل مهني رغم كل التحديات العصبة والمعقدة التي تواجه فريقها.