تسعى محافظة الأقصر، جاهدة إلى استغلال مقوماتها التاريخية باعتبارها مهد الحضارات والعراقة، وذلك من خلال استقطاب الفعاليات الهامة لتقام على أرضها، لجذب المزيد من السائحين حول العالم.
وكان آخر تلك الفعاليات البطولة الدولية للبرمجة، The International Collegiate Programming Contest (ICPC)، وهى البطولة الأكبر للبرمجيات فى العالم، فى دورتيها السادسة والأربعين والسابعة والأربعين، والتى أقيمت فعاليات على أرض الأقصر داخل عدد من المناطق السياحية، على مدار ٦ أيام، تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، وبحضور نخبة من قيادات التكنولوجيا والبرمجة فى العالم.
تأتى أهمية هذا الحدث، كون أن مسابقة ICPC تعد أكبر وأقدم مسابقة برمجة للجامعات على مستوى العالم، حيث تقام منذ عام ١٩٧٧ ومقرها الرئيسى فى ولاية تكساس بالولايات المتحدة الأمريكية.
ويشارك فيها كل عام ما يقرب من 75 ألفا من طلاب الجامعات والمعاهد والأكاديميات المتخصصة فى مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، من 111 دولة مختلفة وتمت التصفيات على عدة مراحل للوصول إلى التصفيات النهائية.
شهدت المسابقة مشاركة 2500 فرد من 111 دولة عربية وأجنبية
واختيار أفضل 300 فريق تنافسوا بين 20 ألف فريق تقدموا للمشاركة هذا العام، والذين توجهوا إلى الأقصر، وتم تنظيم العديد من الرحلات السياحية الترفيهية والثقافية لهم، بالإضافة إلى تنظيم زيارات للمزارات السياحية المختلفة.
وضمت النسخة الحالية، نخبة من العقول المتميزة من مختلف جامعات العالم، حيث تعد المسابقة الأكبر من نوعها من حيث الحضور، إذ شهدت مشاركة ما يقرب من 2500 فرد من 111 دولة عربية وأجنبية يمثلون 2000 جامعة حول العالم، وشاركت 10 فرق من الجامعات المصرية بالمسابقة، مثلتها فرق من جامعات الإسكندرية وعين شمس والأزهر وأسيوط.
وخلال الفعاليات، حظيت البطولة الدولية للبرمجة بتمثيل حكومى رفيع المستوى فى حفلى الافتتاح بمعبد الأقصر وحفل الختام الأسطورى بمعبد حتشبسوت، على رأسهم الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والدكتور أشرف صبحى وزير الشباب والرياضة، والمستشار مصطفى ألهم محافظ الأقصر، ومحمد عبد القادر خيرى نائب المحافظة، والوزير المفوض للشئون الثقافية والإعلامية بالسفارة الأمريكية روبن هاريتونيان، والدكتور حمدى حسين، رئيس جامعة الأقصر، وسفراء الأردن، واليمن و جيبوتى وموريتانيا وفلسطين وأرمينيا.
وحول المسابقة، قال الدكتور وليام بيل باوتشر المدير التنفيذى للمسابقة الدولية للبرمجة (ICPC) ، إن المسابقة منذ انطلاق فعالياتها نجحت فى جذب أفضل وأمهر الطلاب المتميزين فى مجال البرمجة من كافة أنحاء العالم للمنافسة على البطولة، ويضم مجتمع رابطة خريجى الـ ICPC نحو 400 ألف خريج من مختلف دول العالم على مدار 50 عاما مضت منذ تأسيسها، موضحا أن أفضل 100 خريج أصبح لديهم شركات ناشئة خاصة بهم.
وأشار باوتشر، إلى أن فكرة المسابقة اعتمدت على تنمية قدرات الطلاب لاستخدام طرق الحل المنهجى وخوارزميات الحاسب لحل المشكلات الصناعية عن طريق كتابة برنامج لحل المشكلات بأفضل طريقة فى أقل وقت ممكن، ويتكون كل فريق من ثلاثة طلاب ومدرب.
ويعمل الطلاب بشكل جماعى لحل أكبر عدد من المسائل فى أقل وقت ممكن خلال فترة المسابقة والتى تستمر لمدة خمس ساعات متواصلة، لافتاً إلى أن مستويات للمسابقة انقسمت إلى ثلاثة مستويات أولها المسابقة الوطنية وثانيها المسابقة الإقليمية والمستوى الأخير المسابقة العالمية.
وقدم الحفل الختامي، فقرات فنية للفرقة القومية للفنون الشعبية، ثم تكريم اللجنة المنظمة والإعلان عن أسماء الفرق الفائزة فى المسابقة، حيث قام الدكتور عمرو طلعت بتسليم الميداليات والجوائز للفرق.
وحصدت كلية حاسبات ومعلومات عين شمس المركز الأول عربيا وأفريقياً وعالميا، فاز فريق من المدرسة العليا للاقتصاد بجامعة الأبحاث الوطنية الروسية، بالمركز الأول، وحصل على المركز الثانى جامعة بكين الصينية، وفى المركز الثالث فاز طلاب معهد موسكو للفيزياء والتكنولوجيا.
من جانبه، قال الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، "يسعدنى أن أشارككم حفل ختام البطولة الدولية للبرمجيات نيابة عن الرئيس عبد الفتاح السيسي، والتى تعد أحد أبرز المسابقات المعنية بالتبارى بين طلاب الجامعات على مستوى العالم فى مجال البرمجيات، كما يسعدنى أن أكون بين كوكبة من أفضل العقول الشابة من مختلف دول العالم على أرض الأقصر تلك المدينة ذات الجذور الضاربة فى أعماق التاريخ".
وأكد طلعت، أن استراتيجية وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات تعتمد على بناء الكوادر البشرية والاستثمار فى العقل البشرى من خلال تأهيل الفكر الخلاق والعمل الابتكارى والتوسع فى قاعدة المتدربين.
وأشار إلى أن البطولة تضم جامعات عالمية على أعلى مستوى من حيث المنزلة الأكاديمية، كما أن جميع المشاركين فى المسابقة هم فائزون باكتساب المعرفة والخبرات والصداقات وزيارة هذا المكان التاريخى الفريد، داعيا المشاركين فى البطولة الدولية للبرمجيات إلى تطوير قدراتهم وبذل المزيد من الجهد لتطوير حلول تكنولوجية مبتكرة للتحديات التى تواجه المجتمعات فى مختلف القطاعات.
وتابع الدكتور عمرو طلعت، أن صناعة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات هى صناعة قائمة على المعرفة والابتكار ومن هنا تأتى أهمية هذه المسابقة التى يتشارك فيها شباب من مختلف أنحاء العالم لإطلاق العنان لإبداعاتهم.
وأوضح الوزير، أن التطور التكنولوجى الحالى خاصة مع ظهور تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى التوليدى والنمو المتسارع فى صناعة البرمجيات وبناء منظوماتها يكرس فكرة أن قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات هو القاسم المشترك لتحقيق أى نهضة حقيقية فى مختلف المجالات.
وأشار طلعت، إلى أن قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فى مصر هو الأعلى نموا بين قطاعات الدولة على مدار ٥ سنوات بمعدلات نمو تزيد على ١٦٪، مؤكداً استمرار وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فى إتاحة برامج بناء القدرات الرقمية لتعزيز القدرات التنافسية للشباب فى سوق العمل المحلى والعالمى وتمكينهم من تطويع التكنولوجيا لتحقيق التنمية؛ موضحا زيادة الأعداد المستهدفة فى التدريب فى برامج الوزارة ١٠٠ ضعف خلال ٥ سنوات لترتفع من ٤ آلاف متدرب فى العام إلى ٤٠٠ ألف متدرب فى العام.
ومن جانبه أكد الدكتور أشرف صبحى وزير الشباب والرياضة، أهمية تعزيز الروابط بين التعليم والبحث العلمى والتنمية حتى تصبح مصر واحدة من البلاد الرائدة فى مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعى فى منطقة الشرق الأوسط.
كما شدد صبحي، على الجوانب التى تعمل بها الوزارة فى خططها ومناهجها لتطوير الشباب المصري، والاستثمار فى رأس المال البشرى وبناء قدرات الشباب العلمية والإبداعية وخاصة فى المجال التكنولوجى، بالإضافة إلى دعم وتحفيز الشباب على الابتكار والإبداع ونشر ثقافة الوعى التكنولوجي فى مجال الروبوت والبرمجة والذكاء الاصطناعى ودعم البحث العلمى والاستثمار فى قدرات الشباب وطاقاتهم ووضعهم فى مقدمة الاولويات.
أما محافظ الأقصر، فقد أشاد بدور الدولة المصرية فى هذا المجال لما تملكه من ميزات تنافسية تؤهلها لتكون الوجهة الرائدة فى مجال البرمجيات، وخاصة بعد إنشاء مدينة المعرفة بالعاصمة الإدارية الجديدة لتكون مجتمعا متخصصا فى هذا المجال.
فيما أكد محمد عبد القادر خيرى نائب محافظ الأقصر، أن المسابقة فرصة هامة لتطوير وتعزيز قدرات الطلاب فى مجال البرمجة بما يسهم فى دعم مفهوم بناء الإنسان من خلال التنافس مع أفضل العقول فى العالم.
وأضاف خيري، أن إقامة تلك المسابقة بمصر هذا العام يبرهن على استمرار نهج القيادة السياسية الداعم للشباب، وإيمانا بدورها المحورى فى دعم العقول الواعدة فى مجال البرمجة وتكنولوجيا المعلومات، حيث يتم العمل فى المسابقة فى مجموعات صغيرة الأمر الذى يسهم فى الوصول إلى مجتمع أفضل حيث يقدم الطلاب حلولا لحل مشاكل مجتمعاتهم.
وختاماً، أشار الدكتور حمدى محمد حسين، رئيس جامعة الأقصر إلى أن هذه البطولة أثبتت أن مصر قادرة على تنظيم واستضافة كبرى الفعاليات الدولية فى ظل التحديات الراهنة بالمنطقة.