فى المقال السابق توقفت عندما وصل الأستاذ "محمد حسنين هيكل" إلى دلهى قادما من الشرق بعد أن زار كوريا واليابان وتايوان والهند الصينية وهونج كونج وتايلاند وبورما حيث نزل في فندق "سويس كوتيج"-وكانت بعض غرفه مقرًّا للسفارة المصرية وقتها - وقال انه وجد نفسه على غير موعد وجها لوجه أمام السياسي والكاتب والمؤرخ الأشهر الدكتور "محمد حسين هيكل "باشا والسيده قرينته ولم يستطع ان يخفي دهشته مما دعى "هيكل باشا" يغرق فى الضحك من دهشته ووصف الكاتب ضحكته بانها كانت واحدة طويلة كعادته...
روى له الدكتور "هيكل" باشا له بانه آثر ان يبتعد بعض الوقت بعد ان كان رئيسا لحزب الاحرار الدستوريين وقال عن سبب تواجده في الهند بانه كان لديه دعوة قديمة من مركز الدراسات الإسلامية في الهند بوصفه مؤلف الكتاب الشهير "حياه محمد "وقرر قبولها فجاء الى الهند قبله بيوم واحد مع قرينته وصحبهم صديق آخر من مصر وهو أستاذ القانون الشهير الدكتور "وايت ابراهيم"وقرينته وأنهم ينوون قضاء أسبوع اوعشرة ايام في الهند يتعرفون فيها بقدر الجهد على بعض مناحي حضارتها العريقة وعرض عليه ان كان لديه وقت ان ينضم اليهم في زيارة المعابد والمتاحف والجامعات خاصة وان السفارة متواجدة في الفندق ومن يريد الاتصال به سوف يتصل به وتستطيع السفارة أن تحفظ رسائله وتبلغها له فوافق الاستاذ" محمد حسنين هيكل" على هذه الدعوة وقد رافقهم أستاذ الديانات الهندية الاكبر "رادا كريشنان "والذي أصبح فيما بعد رئيسًا لجمهورية الهند...
تَوَجَّهُوا إلى معبد
" بيرلا" وشرح أستاذ الديانات الهندية عند بدء زيارة المعبد:
"بأن كل الاديان السماوية وغير السماوية بما فيها الديانة الهندوكية تلتقي في اهدافها العظمى،فهى جميعًا تسعى الى تأسيس العلاقة بين الفرد والكون وبين حياته على الأرض وما بعدها وأن سلك كل منها بعقائده مسلكًا واتخذ طريقًا ومنهجًا وَصُوَرًا تختلف باختلاف تقاليدهم ومواريث وشخصيات الأمم" ثم اضاف بأن يكفينا قبل أن ندخل المعبد أن نذكر بعض بضعة أسماء ونستوعب معانيها، واذا فعلنا فان الشرح داخل المعبد سوف يكون أسهل وأقرب الى الفهم"
وكانت الكلمه الأولى هي "البراهمان" أى "روح الكون"، ثم كلمه "الأتمان"وهي "روح الفرد"، ثم كلمة "كارما" وهي الصراع بين الخير والشر" وأَخِيرًا كلمة "موكشا" وهي نتيجة العمل الصالح...
وشرح أستاذ الديانات الهندية الاكبر العلاقة بين الكلمات الاربعة فقال انها متصلة "البراهمان" أى روح الوجود خالدة لا تتغير و"الأتمان"روح الانسان وهي باقية ولكنها تتغير بالتناسخ الأبدى للأرواح، ثم أن
" الكارما"وهي صراع الخير والشرو هي نضال الإنسان من خلال المعرفة والعمل والجهد
والإخلاص للوصول إلى "الموكشا"التي تحقق ارتقاء الروح وتخليصها من أسر الجسد والميلاد والموت وتصلها بروح الكون لترفعها إلى "النيرفانا" أى النعيم المقيم والحياة الخالدة...
وقال الكاتب انه بعد ذلك مَشَوْا جميعا إلى داخل معبد " بيرلا" باضوائه الخافتة وروائحه الصارخة من البخور إلى العرق،وأصواته الغريبة تختلط فيها دقات الطبول مع أصوات أدعية الصلاة والأناشيد والترانيم...
"الأسبوع القادم باذن الله أَكْمَلُ لك باقى تفاصيل الزيارة داخل المعابد الهندوكية والتى جاءت فى الكتاب الشيق "زيارة جديدة للتاريخ…"