الخميس 02 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مصر تنتخب الرئيس

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

 

اختيار رئيس جديد لمصر يُعَد من الأحداث الهامة في تاريخ هذا البلد العريق، الذي عرف الدولة المركزية منذ فجر التاريخ. تجربة فريدة عشناها هذا الاسبوع، حيث أُجريت انتخابات رئاسة الجمهورية لمدة ٦ سنوات قادمة (٢٠٢٤-٢٠٣٠). وأنا أدلي بصوتي الانتخابي، تذكرت تاريخ مصر مع إنتخابات الرئيس، ثم توقفت أمام صورة كل مرشح من المرشحين الأربعة التي شملتهم ورقة الاختيار. وفي طريق العودة، فكرت في المستقبل القريب والمسؤوليات الجسام التي ينتظرها الرئيس المنتخب خلال السنوات الست القادمة.

أولا: تاريخ مصر مع انتخابات رئيس الجمهورية:

قبل ثورة ١٩٥٢ كانت مصر ملكية، ولذا، لم تعرف مصر انتخابات لاختيار الرئيس، إلا بعد إلغاء الملكية، وإعلان الحكم الجمهوري سنة ١٩٥٢. كان أول رئيس توافق عليه الضباط الأحرار، هو اللواء محمد نجيب، ثم تم عزله وتولي الزعيم جمال عبد الناصر الحكم سنة ١٩٥٦، واستمر في الحكم حتي وفاته رحمه الله يوم ٢٨ سبتمبر ١٩٧٠، وقد تم اختياره عدة مرات بنظام الاستفتاء، خاصةً استفتاء سنة ١٩٦٤، ولكن دون إجراء انتخابات حرة مباشرة بين متنافسين. ثم جاء الرئيس محمد أنور السادات وعمل دستور ١٩٧١، وكانت المادة ٧٦، من الدستور، هي التي تحدد مدة حكم الرئيس، وقد تم تعديل فترات حكم الرئيس بما يسمح ببقائه في الحكم لأكثر من مدتين، كل منهما ٦ سنوات. ولم يستفد من هذا التغيير الرئيس السادات والذي استشهد يوم ٦ اكتوبر ١٩٨١، وأيضا لم تجر أي انتخابات حرة مباشرة بين متنافسين. ثم تولي الرئيس محمد حسني مبارك الحكم بعد استشهاد الرئيس السادات، وكان يتم إعادة انتخابه عن طريق الاستفتاء أيضًا، دون إجراء انتخاب حر بين متنافسين. وفي العام ٢٠٠٥، قام الرئيس مبارك بتعديل المادة ٧٦ لتسمح بالانتخاب الحر المباشر لرئيس الجمهورية، وتم إجراء أول انتخابات حرة مباشرة بين متنافسين سنة ٢٠٠٥، وترشح فيها أيمن نور رئيس حزب الغد ود. نعمان جمعه رئيس حزب الوفد، وفاز فيها الرئيس الراحل محمد حسني مبارك إلي أن تنحي عن الحكم في فبراير ٢٠١١، قبل أشهر قليلة من اختتام مدته الخامسة في الحكم.

وبعد ثورة ٢٠١١، تم إجراء انتخابات حرة مباشرة بين عدة متنافسين، سنة ٢٠١٢، وفاز فيها الدكتور محمد مرسي بعد جولة إعادة بينه وبين الفريق أحمد شفيق. وتم إجراء انتخابات حرة مباشرة في العام ٢٠١٤،  بين الرئيس السيسي وحمدين صباحي رئيس حزب الكرامة، وفي العام ٢٠١٨، بين الرئيس السيسي وموسي مصطفي موسي رئيس حزب الغد، وفاز فيهما الرئيس عبد الفتاح السيسي،  حتي وصلنا إلى هذه الانتخابات في ٢٠٢٣.

ثانيًا: لحظة الادلاء بالصوت الانتخابي:

دخلت اللجنه الانتخابية وتسلمت ورقة الانتخاب وذهبت خلف الستارة، وتوقفت للحظات أنظر إلى صور المرشحين الأربعة ولمدة ثوانٍ، نظرت إلى كل مرشح، واسترجعت تاريخه وخبراته.

الأول، الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، إبن المؤسسة العسكرية المصرية العريقة، والذي عرفناه منذ أحداث يناير ٢٠١١، وأدى دورًا بطوليًا لاينكره أحد في حماية هذا الوطن. ولقد أثبتت أحداث غزة الأخيرة أنه رجل دولة متمرس، قادر علي مواجهة الشدائد بقوة واقتدار.

وعلي النقيض من ذلك، جاء المرشحون الآخرون، وهم حديثو العهد بالعمل العام، عدا السيد فريد زهران مرشح الحزب المصري الديموقراطي الاجتماعي، الذي كان يمارس السياسة من أيام مبارك.. الشئ الإيجابي، أن ثلاثتهم قد جاءوا بترشيح من أحزاب لها تمثيل في البرلمان المصري، وهي الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي (فريد زهران)، وحزب الوفد (د عبد السند يمامه)، وحزب الشعب  الجمهوري (حازم عمر). وهي خطوة هامة وتبشر بتطور التجربة الديموقراطية، وتؤهل للانتخابات الرئاسية القادمة.

ثالثا: بعد الانتهاء من الإدلاء بالصوت الانتخابي:

فكرت في التحديات الجسام التي تواجه الرئيس المنتخب، في هذه الحقبة المفصلية في تاريخ مصر. حقبة تشهد فيها الدولة المصرية تهديدًا مباشرًا علي حدودها الخارجية، خاصة الحدود الشمالية الشرقية، والغربية والجنوبية. وداخليًا تواجه مصر تحديات كبيرة تتمثل في ديون ثقيلة، وأعباء توفير حياة كريمة لأكثر من ١٠٥ مليون مصري،  يعيشون بالداخل، وحوالي ١٠ ملايين مصري يعيشون بالخارج، وقلبهم معلق بالداخل، وقرابة ١٠ ملايين لاجئ من البلدان العربية، يعيشون بيننا ويشاركوننا أحلامنا وآمالنا بمستقبل أفضل.

فكرت فى مدي المسؤولية الملقاه علي عاتق الرئيس المنتخب، وأشفقت عليه وهو  يحمل هذه المسؤولية الصعبة جدًا، وقلت لنفسي، كان الله في عونك، إنها مهمة لا يقوم بها إلا أولو العزم من الرجال.

مع أطيب التمنيات لمصر وأهلها الطيبين بكل الخير والرفعة والتوفيق.

*رئيس جامعة حورس