بين ذاك النمر الشرس في المشفى وأتوبيس الإيجازات الذي وصل على غفلة، ثمة نصل لسيف خفي يحمي ولا يؤذي.. يطمئن ولا يخيف.. يضع دلالات وآيات وعلامات للنجاة وللنجوى.. هنا وفي كل مكان الله فبالقلب أبصر لتعبر..واعتبر لتصل..
كيف أعرف يا مولانا أن الله يحبني؟
إذا كنت تسير بقلبك لا بقدمك.. إذا كان الله على كثرة عباده يرتب لك اللقاءات..أنت ترتدي ساعتك وهو وحده يحدد الموعد.
كنت في مركز الدراسات بباريس وكنت أنا في الزاوية.. وها نحن تلاقينا على بعد المسافات، فسبحان من طوى الأرض وحدد الوقت رغم زحام الطرق واللقاءات.
أتدري يا عبد الرحيم أن "بنك السعد" في الحمد فإذا جرى على اللسان من القلب بات حساب الأمان جاري وكلما صرفت زاد، فالله من يودع فيه بفيض.
كان لي شرف الجلوس في جلسة ود بين الشيخ صلاح التيجاني شيخ الطريقة التيجانية والدكتور عبد الرحيم علي.. تلك الجلسة التي كان فيها حديث القلوب أسبق من حديث الألسنة.. فطبيب العظام الذي كان الأول على دفعته طوع مشرط الجراح، ليكون مسبحة تضئ في ملتقى المحبين في زاوية عكف على إنشائها ورعايتها في "إمبابة" لتكون قبلة لإصحاء القلوب ومنهلا للعلوم فبات الطبيب الشيخ يصرف دواء الروح مجانا، موقنا أن القلب إذا تعافى فلا شكوى من علل الأبدان..
لم يكن بينهما سابق معرفة سوى صورة للشيخ على صفحات التواصل الاجتماعي وقعت موقعها في قلب "علي" فبادر بالزيارة ثم بات المضيف ضيفا لتأويل رؤى السيف.. وكنت أنا الفائز فالله يوزع قسمته بالعدل على المحبين وإن لم يشاركوا في الزرع لا ينساهم حين الحصد مادام هو الغاية والقصد.
أما عن السيف فكان في معركة غير متكافئة لكن به كان النصر هكذا قال الشيخ، شريطة ألا تظن أنك قد أوتيته عن علم لكنه وهب إليك من الوهاب ليكون لك سترا يوم الجمع، فكن معه يكن معك وبادر بالصفح.
وأما العمامات فكانت علامات بأن بابك بات محطة وصول لمن أراد أن يلج إلى القلوب قبل العقول.
أقول لنفسي وقد كانت صباحا بها حسرات على فرص ضائعة، أبعد هذا فتح! أهناك جبر أكثر من هذا الاستدعاء لأصل دون ترتيب في موعد هذا اللقاء فأدونه بجانب ما دونت على سطر آخر من سطور النور فيفيض قلبي بكل هذا الحب..
أما عن الشيخ فذو وجه محمدي تتلألأ منه الأنوار، هادئ الطبع، وقور إلى أبعد حد يحتلي بابتسامة وحمرة رضا وعلم سلسل المنهل كمن يبسط كفيه بالماء للظمأى فيشربون دون نقص.
وأما عن عبد الرحيم فلا وصف أبلغ من أنه علا حتى سكن موضع الأب.