الجمعة 03 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

عم محمد عن بضاعته: مسابيح بلا مسبحين.. "هرس"

عم محمد _ بائع سبح
عم محمد _ بائع سبح
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

ككل شيء الآن، تاهت براجم الأصابع في بئر التواصل الاجتماعي، لم يعد هناك ذكر ولا ذاكرين، بات بائعو المسابيح كغرباء أتوا من زمنِِ آخر ببضائع لا يعرفها أهل هذا الزمان حتى من كانوا يبتاعونها من أجل الوجاهة صارت ثقيلة على أياديهم..

منذ 5000 عاما حلت تلك المسابيح رفيقًا رقيقًا يلازم اليد، انتقلت من حضارة إلى حضارة ومن قلب لقلب لم ينازعها شيء قط ولم تكن حكرًا على دين، فكما استخدمها المسلمون بعدد حبات وصل تسعة وتسعين، استخدمها المسيحيون بعدد حبات يماثل عمر السيد المسيح.


حاربها كثيرون وألصقوا بها تهمة البدعة لكنها نجت من كل محاولات الإقصاء ولم يستطع أحد تهميشها ولا التقليل من قدرها.. كانت طوعًا لصانيعها وتعددت صنوفها فمن كل شيء صنعت من الخشب ومن اللؤلؤ فرق في السعر ومساواة في أجر الذكر، وكفاف للبائعين من زاد البطون والقلوب.

ماذا تغير؟
سؤال ليس له إجابة ثابتة حول مقامات الأولياء، فمن الباعة من يقول أن الكساد ورائه المسابيح الإلكترونية، لكن بعضهم ينفي انتشارها ويرجع بوار تجارتها إلى غفلة القلوب وصراع الحياة، ومنهم من علق خفوت وهجها إلى "مارك" وأعوانه وانشغال مريديه عن حلقات الذكر، بينما علل البعض بأن الناس قد تاهوا في حسبة الأيام فباتوا يخطأوون في العد وأن أصابع الذكر سكنتها الشياطين فانحرفت عن القصد.

«عم محمد» مازال يبحث عن نفحات من البيع تأت على استحياء لمن بقى يتحرى الذكر، فلم يعد لديه متسعًا من العمر ليغير صنعته ومهنته، يعيش على أمل أن يأت الغد بكثير من الاستغفار والتسبيح، وأن يكف العالم عن اللغو ويضع في كفه مسبحة حتى ولو من باب خداع النفس أنه ما زال هناك خير.

أظن أن لوحة الدراجة البخارية وصفت حالة الحياة الآن "هرس".