منذ بدايتها فى العشرينات من القرن الماضى، لم تعرف السينما المصرية قديما النعرات الطائفية التى فرقت بين ممثل مسلم، وآخر مسيحى، وثالث يهودى، ولا أحد ينكر دور اليهود المصريين فى نشأة السينما المصرية، فالفن وقتها لم يعرف اختلافا بين الأعراق والديانات المختلفة.
فنجد مثلا فى مشهد شهير من فيلم "غزل البنات"، يجتمع نجيب الريحانى، أنور وجدى، ليلى مراد، كثلاثة فنانين يمثلون أطياف الشعب المصرى وقتها، لأن الطبيعة المصرية كانت هى التى صنعتهم وجعلت منهم هؤلاء المشاهير، ولكن المؤكد أن الفن لا دين له.
أشهر الأشقاء الممثلين المصريين من أصل يهودى
صالحة قاسين وجراسيا قاسين
هى أول ممثلة تقوم بأداء شخصية الرجل على المسرح، مثلت فى عدد من الأفلام منها "قلبى دليلى"، "حلال عليك"، "بنات حواء"، وتوفيت بالقاهرة.
جراسيا قاسين
هى الشقيقة الكبرى لصالحة قاصين، ولها عدد كبير من الأفلام، أهمها "فاطمة وماريكا وراشيل"، "أحمر شفايف"، "لعبة الست"، وهاجرت جراسيا لإسرائيل فى فترة الخمسينيات، ولم تفلح فى إقناع شقيقتها بالهجرة، وتوفيت بإسرائيل.
نجمة إبراهيم وشقيقتها سيرينا إبراهيم
واحدة من أشهر الفنانات اللاتى أتقن أدوار الشر، فقد اشتهرت بدور "ريا"، فى رائعة صلاح أبو سيف "ريا وسكينة"، بدأت عملها كمطربة، حتى ارتبطت بالتمثيل والعمل المسرحى، واتجهت للسينما، وقدمت من خلالها عددا كبيرا من الأفلام، وقد رجح البعض إسلامها بعد انتشار وثيقة يقال غنها تثبت أنها أشهرت إسلامها، إلا أن البعض أشار إلا أنها ماتت وهى يهودية.
بعد نكسة 67، قدمت عددا من العروض المسرحية، وتبرعت بكامل إيرادات المسرحية لصالح الجيش المصرى، ولم تفعل كما فعلت شقيقتها "سيرينا إبراهيم" وتغادر لإسرائيل، بل فضلت أن تظل مقيمة على أرض مصر.
سيرينا إبراهيم
هى الشقيقة الكبرى للفنانة نجمة إبراهيم، وقد بدأت عملها كممثلة وشاركت فى عدد من الأفلام، منها "ليلى"، "طاقية الإخفاء"، وفور إعلان قيام إسرائيل، هاجرت "سيرينا " مع عدد كبير من اليهود الذين هاجروا، ولم تفلح فى إقناع شقيقتها نجمة إبراهيم بالهجرة.
راقية إبراهيم
اسمها الحقيقى راشيل ابراهام ليفى من أشهر الممثلات اليهود التى دعمت إسرائيل، وقيل إنها تعاونت مع الموساد الإسرائيلى فى اغتيال العالمة المصرية سميرة موسى، الرواية أكدتها تقارير صحفية على لسان حفيدتها، التى قالت إن جدتها ذكرت الأمر فى مذكرات كانت تخفيها.
غادرت مصر عام 1956 إلى الولايات المتحدة الأمريكية، اختارتها إسرائيل كذلك كسفيرة للنوايا الحسنة، وبعد خروجها من مصر تضاربت الأقوال حول سفرها لإسرائيل، أو أنها عاشت فى الولايات المتحدة حتى وفاتها، ومن أشهر أفلامها "سلامة فى خير"، "رصاصة فى القلب".
نجوم عشقهم المصريون من أصول يهودية
كاميليا
ولدت بالإسكندرية لأبوين مسيحيين، إلا أن زوج والدتها اليهودى تبناها وحملت اسمه وديانته لتصبح "ليليان ليفى كوهين"، شاركت فى عدد من الأفلام منها "قمر 14"، "آخر كدبة"، "المليونير"، "بابا عريس"، وفارقت كاميليا الحياة بعد تعرضها لحادث سقوط طائرة، وقيل وقتها إن الحادث مدبر حيث كانت تتعاون مع الموساد الإسرائيلى، وهو ما أودى بحياتها.
ستيفان روستى
ولد لأم إيطالية وأب نمساوى، كان يعمل سفيرا للنمسا فى القاهرة، وعلى الرغم من ذلك إلا أنه عشق تراب مصر، ورفض مغادرتها ضمن صفوف اليهود الذين سافروا لإسرائيل عقب إعلانها كدولة فى 1948، وقدم "استيفان" عددا من الأفلام الهامة منها "تمر حنة"، "قلبى دليلى"، "عنبر"، "حرام عليك"، وتميز بتقديم شخصية الشرير خفيف الظل، فكان يتمتع بأسلوب فريد، وطريقة نطق مميزة، جعلته ممثلا لا يشبه أحد.
نجوى سالم
هى "نظيرة سالم"، ولدت لأب لبنانى وأم إسبانية يهودية الديانه، وأشهرت إسلامها عام 1960، بعد زواجها من الناقد الكبير عبدالفتاح البارودى، وكانت من ضمن صفوف الممثلين الذين شاركوا بعروضهم المسرحية وجمع تبرعات لتسليح الجيش المصرى، ومن أشهر أفلامها "السبع بنات"، "ملك البترول"، "إسماعيل يس فى دمشق".
توجو مزراحى.. أشهر مخرجى السينما منذ بدايتها
هو أحد أعمدة السينما المصرية يهودى الديانة، وهو مصرى من أصل إيطالى، ولد بالإسكندرية، حيث قدم نفسه للفن كمخرج باسم "أحمد المشرقى"، أنتج "مزراحى" وأخرج عددا من الأفلام السينمائية الهامة، كما قام بتأسيس أول نقابة للسينمائيين فى مصر مع المخرج أحمد بدرخان، وأسهم فى اكتشاف عددا من المواهب الفنية أهمها الفنانة ليلى مراد، كما أنشأ استوديو سينمائى جهزه بأحدث الأجهزة وقتها، وأسس شركة "الأفلام المصرية" بالإسكندرية، وقام مرزاحى بإخراج عدد من الأفلام أهمها "سلفنى 3 جنيه"، "الساعة 7"، "شالوم الرياضى"، وغيرها من الأفلام.
شالوم
هو ممثل كوميدى مصرى، أراد به المخرج توجو مزراحى يهودى الديانة، أن يكشف الجانب الفكاهى من خلال حياة شاب يهودى، وإثبات أن اليهودى إنسان عادى، لا تلتصق به صفة البخل، أو أنه يتحدث بطريقة غريبة، وكان شالوم أول ممثل يقوم ببطولة أفلام تحمل اسمه مثل "شالوم الرياضى"، "شالوم الترجمان"، ورفض شالوم الهجرة لإسرائيل، وسافر إلى روما، ومن المفارقات أنه توفى يوم إعلان قيام دولة إسرائيل فى 1948.
إلياس مؤدب
هو إيليا مهدب ساسون، ولد لأبوين مصريين، وكان والده من أصول سورية، وعاش فى حارة اليهود، وعمل "ساعاتى"، وهى مهنة والده، ومهنة معظم اليهود فى ذلك الوقت، عمل كمنولوجست فى الأفراح واشتهر بإتقانه اللهجة الشامية، وهو أيضا مكتشف الطفلة المعجزة "فيروز"، وله عدد من الأفلام أهمها "عنبر"، "حلال عليك"، "حبيب العمر"، وتوفى عن عمر يناهز 36 عاما.
سلامة إلياس
من أصول يهودية فنان كوميدى، اشتهر بأداء خفيف الظل، حيث شارك مع الفنان فؤاد المهندس فى عدد من الأفلام منها "إنت اللى قتلت بابايا"، "سفاح النساء"، "العتبة جزاز"، ورفض إلياس مغادرة مصر بعد النكسة، وقدم بعدها عددا كبيرا من الأفلام والمسرحيات، وتوفى بالقاهرة عام 1994، عن عمر يناهز 83 عاما.
هؤلاء فضلوا البقاء حتى النهاية
وبعد قيام العدو الصهيونى باحتلال فلسطين فى عام 1948 القليل جدا منهم الذين هاجروا إلى أرض فلسطين المحتلة وهم اثنتان فقـط هما سـرينا إبراهيـم أخت الممثلـة نجمـة إبراهيـم، وجراسـيا قاصيـن شـقيقة الممثلة صالحة قاصين، وقـد تبرأت كل مـن نجمة وصالحة من أختيهما ولم تفضلا الحديـث عنهما بعـد هـذه الخطـوة، بالإضافة إلـى ممثلـة ومطربة مغمورة ثالثة اسـمها سعاد زكى ظهـرت فى فيلـم "سلامة" أمام أم كلثوم، أمـا توجو مزراحى فقـد شـد الرحال إلـى مسـقط رأس عائلتـه فى إيطاليـا.
بينمـا هاجـرت ملـك وسـميحة مراد وراقية إبراهيـم وجمـال وميمو رمسـيس إلـى الولايات المتحـدة الأمريكية، مـا يشـير إلى أن الممثليـن اليهـود المصريين لـم يكونـوا مؤمنيـن بالفكـر الصهيونى والمشـجعين لتوجهاتـه ربمـا باسـتثناء راقيـة إبراهيـم، وتحـول غالبيـة الممثليـن اليهـود عـن اليهوديـة إلـى ديانـة أخـرى، وكانـت وجهتهـم دائمـا إلـى الإسلام، و فضل الكثير منهم أن يبقوا طوال حياتهم فى مصر لعشقهم لترابها حتى النهاية، وأشهر مثالين على ذلك هما منير مراد وشقيقته ليلى مراد.
والفنان منير مراد هو واحد من أعظم الملحنين المصريين، وما زالت ألحانه تعيش فى وجدان المصريين بنفس رونقها حتى الآن، فقد لحن عددا من أشهر الأغانى، وهى "يا دبلة الخطوبة"، "بأمر الحب"، "وحياة قلبى وأفراحه"، اسمه الحقيقى "موريس زكى مراد"، وهو شقيق الفنانة ليلى مراد، وأشهر إسلامه فى 1966، ليتزوج من الفنانة سهير البابلى، وتوفى عام 1981.
أما الفنانة ليلى مراد فقد أشهرت إسلامها عام 1946، بعد زواجها بعدة سنوات من الفنان أنور وجدى، ولاحقتها تهمة التعاون مع الكيان الصهيونى، عقب حرب 1948، إلا أنها نفت هذه الشائعة، التى روج لها طليقها فى هذا الوقت أنور وجدى، وتبرعت للجيش المصرى عقب عودته من حرب فلسطين، وتوفيت عام 1995، وهى والدة الفنان زكى فطين عبد الوهاب.