ظل يحارب لمدة ثماني ساعات، وساقه مبتورة ورفض الاستسلام.، وهو صاحب كتاب "رحلة الساق المعلق" الذي نشره، بعد شفائه من الإصابة وروى فيه قصص من بطولات الجنود والضباط في حرب الكرامة، هو من أبطال حرب أكتوبر المجيدة، أنه اللواء عادل يسرى، قائد اللواء 112 مشاة وصاحب الساق المعلقة.
كان اللواء يسرى من أول الحاصلين على وسام نجمة سيناء من الطبقة الأولى، وهو بطل معركة رأس العش الشهيرة، ومحرر جزيرة بيت الملاح في قطاع ميدان الجيش الثاني، كما أنه كان مدير البحوث بالقوات المسلحة، وصاحب رحلة الساق المعلقة من رأس العش إلى رأس الجسر، شارك في مفاوضات الهدنة، وشارك في حرب ٥٦، وكان أحد ضباط الجيش الأول في الإقليم الشمالي في سوريا أثناء الوحدة، وعاصر الانفصال، وبعد نكسة ٦٧ تمكنت قوة عسكرية مصرية من صد هجوم مضاد إسرائيلي أراد أن يستولى على آخر نقطة تحت سيطرة القوات المصرية على أرض سيناء هي منطقة رأس العش.
في عام ١٩٦٩ كان اللواء عادل يسرى سليمان قائدا للكتيبة السابعة مشاة، كما عمل في الحرس الجمهوري في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وفي حرب أكتوبر كان قائدا للواء ١٢٢ مشاة ميكانيكي، واستطاع أن يستولى على جزيرة الملاح التي تقع في منتصف القطاع الشمالي من قناة السويس، ولم يستطيع العدو من الاقتراب منها، وكان اللواء ١١٢ أكبر تشكيلا في القوات المسلحة.
عرفه العسكريون باسم لواء النصر، إذ استطاع أن يحقق أعمق توغلا داخل أراضي سيناء، كما استطاع أن يقتحم قناة السويس ويحقق الأهداف المطلوبة منه يوم ٨ أكتوبر رغم أنه كانت هناك منطقة كسبب الخير أبو وقفة، وكانت أصعب منطقة في الجبهة على الإطلاق حيث الرمال الناعمة التي تغوص فيها الأقدام بسهولة، وتحول دون الحركة السريعة، إلا أن يسري ورجاله مضوا فوقها بسهولة، وكانت طائرات العدو فوق رؤوسهم، والمدافع تصيب جحيمها من الاتجاهين، وكان يسرى آنذاك برتبة عقيد أركان حرب، وكان في مقدمة رجاله يشرف على إدارة أعمال القتال، وكانت هناك مجموعة من دبابات العدو تحاول اختراق القوات الأمامية للواء ١١٢ وأطلقت قذيفة على عربة القيادة التي كان يسري بداخلها.
يصف يسرى هذه اللحظة في كتابه «رحلة الساق المعلقة» بقوله إنه رأى وميضا من نور باهر جدا، وأطاحت القذيفة بساقه، فظل يكتم الجرح بالرمال ويواصل قيادة قواته لأكثر من ٨ ساعات، ويستعيد يسرى هذا الموقف العصيب الذي كاد يودي بحياته، في لقاء تليفزيوني بروح مرحة، عندما قال: «الناس مقامات، طلقة صغيرة بتقتل راجل قوى، ودانة دبابة من مسافة متر ونصف المتر لم تنجح إلا في بتر ساق».
ويصل إلى اللحظة التي أطاحت فيها القذيفة بساقه: «بقوة منحنى الله إياها ورغم شدة الإصابة، ابتدأت أوقف بالرمال نزيف الدم اللي كان في رجلي إنما كان عندي هدوء شديد وكان عندي تمالك لنفسي، وأنا أذكر إن أنا كنت بهذا الصفاء الذهني في يوم من الأيام، أنا حين أصابتني القذيفة لقيت نفسي طاير في الهواء وبعدين واقع على الأرض ، تبينت بعد كده إن رجلي طارت فابتديت أوقف النزيف، وأسرع الضباط والعساكر اللى كانوا قريبين منى وهم يصيحون سيادة القائد عادل، فقلت لهم محدش يستنى جنبى اللى بيحبنى ياخد بتارى، فانطلقوا، وفعلا كانت أول إصابة بتاخد بتارى من الدبابة اللى ضربتنى، وخرج منها الضباط والجنود الإسرائيليون، وأنا معايا صورة للدبابة بعد أن صارت خردة».
وأضاف يسرى قائلا: «المشير الجمسي زارني في المستشفى، وقال لي أنا عايز أسألك سؤال، أنت إزاى خليت عساكرك وضباطك يحبوك هذا الحب الشديد رغم إصابتك كلهم يدافعوا عنك، فقلت كل واحد فيهم كان بطل وكان عندي عبد العاطي، صائد الدبابات، وكان عندي شهداء أنا أذكر واحد منهم كان من أسوان، وكان أتنقل من عندي أترقى بعد ما كان عندي قائد سرية بقي قائد مدرسة المعركة، فجاء لي وقال أرجوك رجعني تأنى أنا عاير أشتغل تحت قيادتك، إحنا داخلين حرب وأنا عايز أحارب تحت قيادتك، فقلت له إنت حاليا بقيت فى مركز أكبر، إنت بقيت قائد مدرسة المعركة، فقال لى لأ، أنا عايز أرجع قائد سرية أحارب تحت قيادتك، وفعلا اتحايلت على الفريق عبدربه حافظ، رئيس أركان حرب القوات المسلحة الأسبق، فوافق على أن يعيده، وحارب واستشهد».
قال عنه اللواء عبد الجابر أحمد علي- قائد الكتيبة 35 مدرعات أثناء حرب أكتوبر، “إنه لا ينسى بطل تأثر به خلال معارك أكتوبر وقبلها، وهو ”اللواء عادل يسري قائد اللواء 112 مشاة في الفرقة 16"، الذي حقق أكبر عمق عندما عبرنا في سيناء وأحدث أكبر خسائر في العدو، ولكن خلال إحدى المعارك بترت ساقه وسقط خارج السيارة، وأصر وقتها على رؤية ساقه المقطوعة ورفعها ووقف يهتف" تحيا مصر "، فكان بطلا تاريخيا يستحق التكريم". توفى اللواء عادل يسرى يوم الإثنين الموافق 15 أكتوبر 2013، وكان آخر عمل مدني تولاه هو رئاسة الشركة العامة للصوامع والتخزين.