انطلقت صباح اليوم الأحد، في القاهرة، جولة جديدة من مفاوضات سد النهضة، بمشاركة وفود التفاوض من مصر والسودان وإثيوبيا، على ضوء البيان الصادر في 13 يوليو الماضى عن لقاء القيادتين المصرية والإثيوبية بالقاهرة على هامش قمة دول جوار السودان، والتنسيق مع جمهورية السودان الشقيق.
أكد وزير الموارد المائية والري المصري، الدكتور هاني سويلم، أهمية التوصل إلي اتفاق قانوني ملزم بشأن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، يراعى مصالح وشواغل الدول الثلاث، مشددًا على أهمية التوقف عن أية خطوات أحادية في هذا الشأن، وأن استمرار ملء وتشغيل السد في غياب اتفاق ُيعد انتهاكًا لاتفاق إعلان المبادئ الموقع عام 2015.
وشدد «سويلم»، على استمرار مصر في بذل أقصى الجهود لإنجاح العملية التفاوضية، مؤكدًا على إيمان مصر بوجود العديد من الحلول الفنية والقانونية التي تتيح تلبية مصالح الدول الثلاث، والتوصل للاتفاق المنشود.
اتفاق عودة المفاوضات
واستضافت مصر، في يوليو الماضي، مؤتمر قمة دول جوار السودان، للبحث في سبل إنهاء الصراع الحالي والتداعيات السلبية له على دول الجوار، ووضع آليات فاعلة بمشاركة دول الجوار لتسوية الأزمة في السودان بصورة سلمية، بالتنسيق مع المسارات الإقليمية والدولية الأخرى لتسوية الأزمة.
اتفقت مصر وإثيوبيا خلال هذه القمة على تجاوز الجمود في مفاوضات سد النهضة، وبدء محادثات جديدة خلال 4 أشهر، توضح فيها أديس أبابا التزامها، أثناء الملء بعدم إلحاق ضرر ذي شأن بالقاهرة والخرطوم، بما يوفر الاحتياجات المائية لكلا البلدين.
ووفقًا لبيان مشترك بين البلدين، جدد الزعيمان الرئيس عبد الفتاح السيسي وآبي أحمد رئيس وزراء إثيوبيا، تأكيد إرادتهما السياسية المتبادلة لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، سياسيًا واقتصاديًا وثقافيًا، انطلاقًا من الرغبة المشتركة في تحقيق مصالحهما المشتركة وازدهار الشعبين الشقيقين، بما يسهم أيضًا بشكل فعال في تحقيق الاستقرار والسلام والأمن في المنطقة، وقدرة الدولتين على التعامل مع التحديات المشتركة.
وناقش الزعيمان سبل تجاوز الجمود الحالي في مفاوضات سد النهضة الأثيوبي، حيث اتفقا على النقاط التالية في هذا الصدد: «الشروع في مفاوضات عاجلة للانتهاء من الاتفاق بين مصر وإثيوبيا والسودان لملء سد النهضة وقواعد تشغيله، واتفقا على بذل جميع الجهود الضرورية للانتهاء منه خلال أربعة أشهر- خلال فترة هذه المفاوضات، أوضحت إثيوبيا التزامها، أثناء ملء السد خلال العام الهيدرولوجي 2023-2024، بعدم إلحاق ضرر ذي شأن بمصر والسودان، بما يوفر الاحتياجات المائية لكلا البلدين».
وعن عودة المفاوضات، قال الدكتور هاني سويلم، وزير الري والموارد المائية، إنه متفائل ولكن بحذر، وذلك بعد توقفها منذ عام 2021، مؤكدًا أن الأربعة شهور المقبلة ستحكم هذه المسألة، مضيفًا أن مصر لديها فريق تم اختياره بعناية من الناحية السياسية والقانونية والفنية، وعلى علم بالإطار الذين يتحرك فيه ويعرف كيفية التفاوض مع الجانب الإثيوبي جيدًا، مؤكدًا أن الحقوق المائية خط أحمر بالنسبة لمصر.
وفيما يتعلق بالسودان، أكد أن مصر حريصة على مصلحة السودان واحتياجاته من المياه، مشيرًا إلى أنه لم تذكر مصر وإثيوبيا وإلا وكان السودان عضو رئيسي في التفاوض معهما، وأفاد بأن التواصل يجري مع إثيوبيا والسدوان لبدء مفاوضات ثلاثية بينهما، منوهًا بأن السودان مهتم بالتعامل اليومي مع سد النهضة لأن أي زيادات مفاجئة تسبب خطرا، وأي نقص يسبب خطرا؛ نظرًا لقرب المسافة مع إثيوبيا.
وعن سبب التغيير الجذري في موقف إثيوبيا في التفاوض، أوضح أن التعامل بشكل أحادي لا يمكن أن يحدث استقرار في المنطقة، لذلك أديس أبابا أدركت هذا الأمر مؤخرًا، مؤكدًا أن البعد التنموي والمستقبل يتطلب العمل سويًا في هذه القضية، والتوصل لاتفاق قانوني ملزم للجميع يحمي حقوق المصريين والتنمية في المنطقة.
كما يعتقد صلاح حليمة، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، أن هناك حديثًا بأن يكون الاتفاق مكتوبًا فيما يتعلق بعملية الملء والتشغيل، وهذا كان من المطالب الرئيسية لمصر والسودان، وكان هناك نوع من التوافق الدولي، ومن المنظمات الإقليمية، على هذا المطلب.
وقال «حليمة»، في تصريحات صحفية، إن دور بعض الدول والمنظمات ضروري في التفاهمات حتى لا تكون هناك أي أضرار جسيمة، وأيضًا حتى تتوقف الممارسات الأحادية وسياسة فرض الأمر الواقع على دولتي المصب (مصر والسودان)، مؤكدًا أن الأمر يقتضي سرعة التوافق على عملية الملء والتشغيل، بما يحقق ويطمئن مصر والسودان، خاصة فيما يتعلق بعملية الملء والتشغيل في فترات الجفاف.
60 مليار متر مكعب موارد مصر المائية سنويًا
تقدر موارد مصر المائية بحوالي 60 مليار متر مكعب سنويا من المياه منها 55 مليار متر مكعب تأتي من مياه نهر النيل، بالإضافة إلى كميات من مياه الأمطار، والمياه الجوفية العميقة غير المتجددة بالصحاري، وفي المقابل يصل إجمالي الاحتياجات المائية في مصر لحوالي 114 مليار متر مكعب سنويا من المياه، ويتم تعويض هذه الفجوة من خلال إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي والمياه الجوفية السطحية بالوادي والدلتا، فضلا عن استيراد منتجات غذائية من الخارج تقابل 34 مليار متر مكعب سنويا من المياه.