تعتريك الدهشة تجاه هذا المثقف الموسوعي عندما تعرف أنه خبير بترول ومفكر حداثى وليبرالى حتى النخاع، ونصير للمرأة وناقد للفكر الإسلامى المتشدد وعارف بالفكر التنويرى والتاريخ القبطى حق المعرفة.. وفوق كل هذا وذاك، فهو حافظ للشعر وذو ذاكرة حديدية يملك حاسة مرهفة تجاه الفن، وبخاصة التشكيلى منه والحديث، وتربطه ببعض أهم رموزه علاقات صداقة من نوع خاص.. عندما ذهبت إليه لأعوده فى مرضه وجدته صلبًا متقد الذهن متأهبا دائمًا للحوار.. تحاورنا فى كل شيء، وقرأ علينا مما يحفظ من الشعر وجمع بين ما لا يجوز أن يُجمع (المتنبى وأحمد فؤاد نجم).. يدهشك بطريقته فى سرد الحكايا وتاريخ الأشخاص والمدن والبلدان حتى تعتقد أنه مؤرخ، فإذا عرج على الشعر اعتقدت أنه شاعر، وإذا تحدث فى الفلسفة أو الفكر فهو مفكر لا يشق له غبار.. جامعة فكرية تجلس أمامك بكل ما تعنيه الكلمة، مثقف موسوعى وقارئ من الطراز الأول.. تجمعنى به صداقة قديمة ومشتركات عميقة رغم أننا لا نلتقى إلا نادرًا، لذلك كانت جلستنا الأخيرة طويلة، دامت أكثر من ست ساعات ما بين مناقشات وغداء حضره معى إبنى خالد، الذى بدا منبهرًا بشخصية الرجل وطريقته فى الحوار وانتقاله من موضوعٍ إلى آخر برشاقة يحسد عليها.. قال لى خالد بعد هذا اللقاء أنه أهم لقاء حدث له فى العشرية الأخيرة.. وعندما يقول ذلك شاب فى أواسط العشرينات فذلك يعنى أن الرجل لم يؤثر فقط فى جيله أو جيلي، ولكن تأثيره امتد ليشمل هذا الجيل الحديث ولذلك، لا عجب عندما تعرف أسماء عدد من أصدقائه القدامى والجدد منهم فلاديمير بوتين وتونى بلير ورئيس وزراء الهند نارندرا مودى وكذا عدد من أمراء وشيوخ الخليج، بإلاضافة إلى عدد من القادة الراحلين منهم عمر سليمان الذى يعتز الرجل بصداقته جيدًا، ومن الحقل الأدبى والفكرى عشرات الأسماء اللامعة.. والكل يجمع على أن الرجل مفكر استثنائي ضل طريقه إلى إدارة أهم شركة بترول فى العالم «شركة شل».. سعيد بأننى صديقك وفخور بأنك أحد المقربين إلى قلبى.. وواثق أنك ستجتاز محنة المرض وتعود لنا شامخًا كما أنت.
آراء حرة
عبد الرحيم علي يكتب: طارق حجي مفكر من طراز رفيع
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق