100 يوم على حرب السودان
740 ألف لاجئ يعيشون في ظروف مزرية.. وحركة نزوح داخلي واسعة النطاق في الخرطوم ودارفور وكردفان
انتهاكات جسيمة للمدنيين الفارين... ومطالبة أممية بوقف العنف
«مفوضية اللاجئين»: استمرار ارتفاع معدل وفاة الأطفال.. والمساعدات هزيلة وتلقينا 24% فقط من التمويل المطلوب
«جراندي»: حان الوقت لإنهاء الحرب المأساوية على الفور
اليونيسيف: انتهاك يحدث كل ساعة بحق الأطفال
مع مرور حوالي 100 يوم على الأزمة السودانية، أبدت الأمم المتحدة قلقها بشأن آثار القتال بالسودان على الوضع الإنساني، إذ يواجه المدنيون نقصا حادا في إمدادات الغذاء والماء والدواء والوقود بالإضافة لمحدودية الاتصال والكهرباء وعدم الأمن والاستقرار.
ودعت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين إلى إنهاء القتال في السودان في ظل مخاوف جدية بشأن تزايد أعداد النازحين واللاجئين الذين يضطرون للفرار بحثاً عن الأمان.
وقالت المفوضية في بيان لها، أمس الأول الإثنين، إنه مع دخول الصراع في السودان يومه المائة، سُجِل فرار أكثر من 740 ألف لاجئ، بمن فيهم عدد متزايد من العائدين في صفوف اللاجئين، من السودان ووصلوا إلى البلدان المجاورة في ظروف مزرية، ومن بين هذه الدول تشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى ومصر وإثيوبيا وجنوب السودان.
كما اضطر أكثر من 185 ألف لاجئ ممن كان يستضيفهم السودان للانتقال إلى مناطق أكثر أماناً داخل البلاد، وباتوا عالقين "في حلقة لا نهاية لها من النزوح".
وأدى تصاعد النزاع في الخرطوم وفي منطقتي دارفور وكردفان إلى حدوث نزوح داخلي واسع النطاق، وإلى وقوع إصابات ووفيات بين المدنيين.
وأشارت المفوضية إلى تزايد ورود تقارير مثيرة للقلق بشأن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك انتهاكات جنسية ومخاطر أخرى تعتري الحماية أثناء فرار الأشخاص.
وعبرت عن قلقها، بشكل خاص، إزاء الأزمة الصحية والتغذوية الخطيرة التي تتكشف فصولها في ولاية النيل الأبيض، حيث أبلغت فرق المفوضية العاملة هناك عن وفاة ما يقرب من 300 طفل لاجئ من جنوب السودان بسبب الاشتباه بإصابتهم بالحصبة وسوء التغذية منذ بداية الصراع.
وقالت المفوضية: إنه في حال استمر القتال فإننا نخشى أن تستمر هذه الأرقام في الارتفاع لتصل إلى معدل ينذر بالخطر.
ووصف المفوض السامي للأمم المتحدة لشئون اللاجئين، فيليبو جراندي هذه الأرقام بأنها مذهلة، ومن المؤسف أن المدنيين الذين لا علاقة لهم بهذا الصراع ينزحون عن ديارهم ويخسرون سبل عيشهم كل يوم، هذا الأمر يجب أن يتوقف.
وأضاف جراندي: "لقد حان الوقت لأن يضع جميع أطراف هذا الصراع حداً لهذه الحرب المأساوية على الفور، وبانتظار هذا الحوار السلمي الذي تشتد الحاجة إليه، يجب السماح للسكان بمغادرة مناطق النزاع والتماس الأمان، سواء داخل البلاد أو خارجها، وبالحصول على الحماية من كافة أشكال العنف".
وأفادت المفوضية بأن مواقع النزوح داخل البلاد وفي البلدان المجاورة باتت مكتظة على نحو سريع، مع استمرار فرار المزيد من السكان.
كما أن موسم الأمطار على أشده، وهو ما يزيد من خطر تفاقم معاناة السكان ويعقد الترتيبات اللوجستية الخاصة بنقل اللاجئين بعيداً عن المناطق الحدودية. ويفاقم ارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود معاناة العائلات والأفراد المحتاجة أصلاً، في حين أن الخلل الذي يصيب سلسلة التوريد وارتفاع معدلات التضخم يزيد من تكلفة إيصال المساعدات الإنسانية.
وشددت المفوضية على أن المساعدات ما زالت هزيلة على الرغم من فداحة الأزمة، مشيرة إلى أن خطة الاستجابة الإقليمية للاجئين لتقديم المساعدة في البلدان المجاورة للسودان- والبالغة 566 مليون دولار أمريكي- تلقت 24 في المائة فقط من جملة المبلغ المطلوب، كما لم تحصل جهود الاستجابة المشتركة بين الوكالات داخل السودان سوى على نسبة 23 بالمائة فقط.
ودعت المفوضية الجهات المانحة إلى تقديم المزيد من الدعم، على وجه السرعة، لكي تتمكن من تقديم المساعدة للسكان المتضررين من النزاع وحمايتهم، مكررة دعواتها لضمان الوصول الآمن للعاملين في المجال الإنساني حتى تصل المساعدات المنقذة للحياة إلى كل من هم في أمس الحاجة إليها.
وقالت: إنها تبذل كل ما في استطاعتها لتقديم المساعدات الحيوية في أي مكان يمكننا الوصول إليه، حيث تقدم بالتعاون مع شركائها الوجبات الساخنة والمياه النظيفة والرعاية الصحية ومواد الإغاثة الأساسية والمأوى للنازحين حديثاً واللاجئين في السودان والدول المجاورة.
كما توفر المفوضية أوجه الحماية الأساسية، بما في ذلك الخدمات المتخصصة للأطفال اللاجئين، والناجين من العنف القائم على النوع الاجتماعي، والدعم النفسي والاجتماعي، والرعاية الصحية النفسية لمساعدة الأسر على التعافي من الصدمات.
بدورها، قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) إنها تلقت تقارير بشأن وقوع 2,500 انتهاك جسيم لحقوق الأطفال- أي ما يعادل انتهاكا واحدا في كل ساعة.
وأوضحت المنظمة أن حجم الانتهاكات الحقيقي قد يكون أعلى من ذلك، مؤكدة أن هذا الأمر يعد تذكيرا بالتأثير اليومي للأزمة على الأطفال الأكثر هشاشة في بلد يحتاج فيه 14 مليون طفل إلى مساعدة إنسانية.
وقال تيد شيبان، نائب المدير التنفيذي للعمل الإنساني وعمليات الإمداد في اليونيسف والموجود في السودان هذا الأسبوع: "إن حجم تأثير هذا الصراع على الأطفال في السودان خلال المائة يوم الماضي يفوق التصور".
ذكرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف»، أن ما لا يقل عن 435 طفلا قد قتلوا وأصيب 2025 آخرون خلال 100 يوم، التي مرت من النزاع في السودان.
وأشارت المنظمة في تقرير لها إلى أنها تلقت تقارير عن حدوث 2500 انتهاك جسيم لحقوق الأطفال - بمعدل واحد كل ساعة على الأقل - ورجحت المنظمة الدولية أن يكون الرقم الحقيقي أعلى بكثير، وأضافت أن ما يقرب من 14 مليون طفل بحاجة إلى الدعم الإنساني فى السودان.
وأكدت أنها تلقت تقارير مقلقة عن تصاعد الهجمات ضد المرافق الصحية في أجزاء من السودان، منوهة بأن ما يقدر بنحو 68% من المستشفيات في المناطق الأكثر تضررا قد اضطرت إلى تعليق الخدمة فى وقت تعرضت 17 مستشفى على الأقل للقصف، والعديد من المستشفيات الأخرى قد تحولت إلى قواعد عسكرية.
وتابعت أن ما يقرب من 3.8 مليون شخص قد نزحوا داخليا في السودان منهم 1.9 مليون من الأطفال، كما تم طرد 1.7 مليون طفل إضافي من ديارهم، وهم الآن يتنقلون داخل السودان ويعبرون حدوده وهم عرضة للجوع والمرض والعنف والانفصال عن أسرهم، في وقت تتزايد التقارير عن عمليات الاختطاف وتجنيد الأطفال في الجماعات المسلحة والعنف الموجه عرقيا والعنف القائم على النوع الاجتماعي ضد النساء والفتيات، مشيرة إلى أن ما يقرب من 4.2 مليون امرأة وفتاة يتعرضن لخطر العنف القائم على النوع الاجتماعي.
ولفتت إلى أن الحركة تظل مقيدة بسبب الوضع الأمني والحواجز الإدارية والعوائق البيروقراطية ومنع وصول المساعدات الإنسانية، مضيفة أن العقبات أدت إلى تعرض ما لا يقل عن 690 ألف طفل لسوء التغذية الحاد الوخيم، و1.7 مليون طفل دون سن عام واحد يتعرضون لخطر فقدان التطعيمات الحرجة، مما يزيد من خطر تفشي الأمراض.
وقال نائب المدير التنفيذي لليونيسف للعمل الإنساني وعمليات التوريد، تيد شيبان، إن حجم التأثير الذي أحدثه هذا الصراع على الأطفال في السودان خلال المائة يوم الماضية يكاد يتجاوز الفهم، حيث يقتلون ويصابون ويختطفون ويرون المدارس والمستشفيات والبنية التحتية الحيوية والإمدادات المنقذة للحياة التي يعتمدون عليها تتعرض للتلف أو التدمير أو النهب.
وأضاف أن المائة يوم الماضية من النزاع في السودان أظهرت أن الآثار المباشرة وغير المباشرة على الأطفال والأسر مدمرة، وأنه بدون اتخاذ إجراءات متضافرة بما في ذلك التزام أطراف النزاع بوقف القتال ودعم القانون الدولي، فإن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الأطفال ستزداد سوءا.
وحذر صندوق الأمم المتحدة للسكان من تداعيات الصراع على النساء والفتيات في السودان
وقال الصندوق في بيان له: إن النساء والفتيات تُرِكن ليعانين من أجل الحصول على خدمات الصحة الإنجابية والحماية المنقذة للحياة.
وأضافت أن المخاطر التي تحدق بالنساء والفتيات، بما فيها العنف القائم على النوع الاجتماعي والاستغلال والاعتداء الجنسي، ارتفعت في وقت تعطل فيه الحصول على الخدمات والدعم بشكل بالغ.
وأفاد الصندوق بأن خطر التعرض للعنف الجنسي يزيد بشكل خاص عندما تتنقل النساء والفتيات بحثا عن مواقع أكثر أمانا، سواء داخل السودان أو عبر الحدود.
وأكد صندوق الأمم المتحدة للسكان أنه ينسق الجهود مع الحكومات الوطنية وحكومات الولايات والشركاء في المجال الإنساني لتكثيف الدعم والخدمات المطلوبة، بشكل عاجل، في مجال الصحة الإنجابية والوقاية من العنف القائم على النوع الاجتماعي والاستجابة له في المناطق التي يوجد بها أعداد كبيرة من النازحين في السودان، وفي مواقع الاستقبال واللجوء في البلدان المجاورة.
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، إن برنامج الأغذية العالمي قدم مساعدات غذائية لأكثر من 1.4 مليون شخص في أنحاء السودان.
وأشار إلى أن البرنامج يأمل أن يكثّف من حجم المساعدات لتصل إلى 5.9 مليون شخص من المتضررين من الصراع في السودان، بحلول نهاية هذا العام.
وحذر برنامج الأغذية العالمي من أن 40 في المائة من سكان السودان، أي ما يزيد على 19 مليون شخص، يواجهون خطر الجوع بسبب الصراع، وهو أعلى رقم يتم تسجيله في البلاد.